تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.. أين يكمن الخلل؟
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
أظهر تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لعام «2023» -نسخة المجتمع- تميزا بالشفافـية وفـي تطبيق المعايير العالمية لهيئات الرقابة. تضمن التقرير الكثير من الملحوظات والمخالفات التي تم ضبطها أثناء مراجعة مصروفات وإيرادات الوحدات الحكومية والهيئات والشركات. لم يكتف جهاز الرقابة بفحص الجوانب المالية المتمثلة فـي اكتشاف الاختلاسات التي طالت الأموال العامة وتجاوز الصلاحيات، بل شمل مراجعة الأداء والاستثمارات المالية للشركات الحكومية ومدى تطبيق مبادئ الحوكمة فـي اتخاذ القرارات ومنح الصلاحيات للموظفـين.
أين يكمن الخلل؟ وقلّما يندر اجتماع لمجلس الوزراء، إلا وتتم مطالبة الجهات الحكومية بتطبيق مبدأ التكامل المؤسسي للخدمات المقدمة للأفراد والمستفـيدين، إلا أن ذلك التكامل لم يصل للأهداف المرجوة منه كما أن منظومة الإجادة الفردية والمؤسسية اللتين تم تطبيقها قبل مدة بهدف رفع مستوى الأداء وتعظيم العائد على الإنفاق ورفع الإنتاجية، أيضًا لم تعطِ مؤشرات حقيقية على أرض الواقع، حيث أغلب ملحوظات جهاز الرقابة المتعلقة بالوحدات الحكومية، تشير إلى استمرار عدم التكامل بين الأنظمة الإلكترونية وبطء فـي تقديم الخدمات، ومن ذلك ما ورد بالملحوظات الخاصة بوزارة التراث والسياحة أن «14» تصريحًا للحصول على الموافقة المبدئية لمنشآت إيوائية وسياحية أخذت خمسة أشهر تقريبا تتداول بين المستويات التنظيمية بالوزارة.
وقد يلوم البعض الوحدات الحكومية بأن أعمالها ليست ذات كفاءة فـي استخدام الموارد المالية وفـي تنفـيذ الخطط الاستراتيجية والتشغيلية لأنها وحدات لا تهدف للربح ولا تطبق المعايير المحاسبية فـي الرقابة على موازنتها المالية، حتى وصل الأمر بتوجه الوحدات الحكومية انتداب بعض من الكفاءات من الشركات للعمل معها للاستفادة من خبراتها. بيد أن واقع الحال نفسه فـي الشركات التي وصل فـي بعضها العمل دون اعتماد خطط سنوية لتنفـيذ الخطط الاستراتيجية للشركة -كما هو الحال- فـي مجموعة عمران. وبالتالي، مثل هذه الملحوظات وغيرها يعطي مؤشرا بمدى فاعلية مجالس الإدارة التي من المفترض أن تتشكل من تلك المجالس لجان متخصصة، منها على سبيل، لجان للتدقيق تتبع مجالس إدارة الشركات، مهمتها متابعة مدى التقيد بالأنظمة والمعايير المحاسبية التي تطبقها الشركات الحكومية. وإن كانت تلك اللجان يتم تشكيلها من قبل مجالس الإدارات بالشركات الحكومية، فإن السؤال عن مدى فاعليتها مقارنة بالملحوظات المالية والمحاسبية الواردة بتقرير الجهاز، تبقى محل تساؤل.
أين يكمن الخلل؟ هناك شركات ذات مكانة مالية واقتصادية عالية ولكن لا تفصح عن بياناتها المالية حسب ما تطلبه المعايير المحاسبية الدولية. تلك البيانات التي هي بمكانة أداة لمدى كفاءة وفاعلية الإدارة التنفـيذية. كما أن ما كشفه تقرير الجهاز خلال السنوات الماضية بأن هناك غيابا فـي آليات موحدة لتعيين الرؤساء التنفـيذيين ومديري العموم فـي الشركات الحكومية التي يشرف عليها جهاز الاستثمار العماني، حيث تجاوب جهاز الاستثمار مع تلك الملحوظة بإعداد دليل استرشادي موحد من شأنه المساهمة فـي العمل على الاختيار السليم للكفاءات القيادية التي تدير الشركات الحكومية، وأن يكون تقييم تلك الكفاءات بناء على معايير الأداء والجودة والتنافسية على المستويين المحلي والدولي.
عند قراءة تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية، وخاصة الملحوظات المتعلقة بشركتي تنمية نفط عُمان ومجموعة أوكيو، فـيما يخص فحص العمليات المالية، فإن الشركتين تمثلان نموذجا متميزا فـي القيادة وفـي التخطيط الاستراتيجي والأداء المؤسسي. وأيضا تدير عمليات تشغيلية تصل قيمتها لمليارات الدولارات، فإن واقع الحال بأن الملحوظات والمخالفات قد تكون واردة شأنها شأن الشركات العالمية العاملة فـي المجال نفسه. بيد أن بعضًا من تلك المخالفات، منها ما يتعلق بأخطاء فـي التوجيه المحاسبي للأصول المالية، وعدم التحكم فـي المخزون الاستراتيجي للمواد، وعدم وجود مستندات مؤيدة للصرف، وتخفـيض المبالغ المخصصة للمحتوى المحلي مع تقليل نسبة المبالغ المخصصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. هذه الملحوظات من الممكن تفاديها فـي حال فاعلية العمليات التشغيلية مع التسارع فـي استخدام الأنظمة الإلكترونية وفـي ظل استخدام منهجية «لين» التي تم تدشينها بشركة تنمية نفط عُمان منذ عام «2016». تلك المنهجية من أهدافها الأساسية تقليل الضياع والهدر فـي العمليات للحصول على أعلى كفاءة إنتاجية مع تكاليف مالية أقل.
نختم القول بما ذكره منظمو جائزة نوبل فـي الاقتصاد لعام «2024»، والتي كانت عن دراسة تشكيل المؤسسات وتأثيرها على الازدهار، بأن «المجتمعات التي تقدم أداء ضعيفا فـيما يتعلق بسيادة القانون والمؤسسات وتستغل السكان لا تحقق أي نمو أو تغيير نحو الأفضل». عليه فإن تقرير جهاز الرقابة المالية للدولة لعام «2023» جاء شاملًا يعطي خارطة طريق مفاده بأن الجميع ينبغي أن يتقيد بمعايير الرقابة الداخلية وبتفعيل مبادئ الحوكمة حسب منطلقات «رؤية عُمان 2040» المتمثلة فـي تحقيق مبادئ العدالة والمحاسبة والمساءلة فـي جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية فـي ظل سيادة القانون على الجميع لتحقيق بيئة عمل منتجة بكفاءة عالية وبمعايير تنافسية.
• د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الوحدات الحکومیة الشرکات الحکومیة
إقرأ أيضاً:
مدير محاكم دبي يكرّم الكوادر القضائية والإدارية
دبي: «الخليج»
كرّم الأستاذ الدكتور سيف غانم السويدي، مدير محاكم دبي، أعضاء الهيئة القضائية والإدارية الذين أنهوا فترة عملهم في المحاكم، إضافة إلى أعضاء الهيئة القضائية الذين تمت ترقيتهم.
حضر حفل التكريم القاضي عبد القادر موسى، رئيس محكمة التمييز، والقاضي عمر عتيق المري، نائب مدير محاكم دبي، إلى جانب رؤساء المحاكم ومديري القطاعات والإدارات ورؤساء الأقسام.
وأعرب السويدي، عن اعتزازه بالمكرّمين، مشيداً بجهودهم التي أسهمت في ترسيخ قيم العدالة وتحقيق رؤية محاكم دبي الرامية إلى تقديم منظومة قضائية رائدة عالمياً تدعم الاستدامة والابتكار، وأكد أن هذا الحفل يعكس حرص محاكم دبي على تنفيذ رسالتها المتمثلة في تقديم خدمات قضائية متميزة ومتطورة تعزز من ثقة المجتمع وتعكس القيم المؤسسية التي تتبناها الدائرة
وقال: إن تكريم الزملاء المنتهية أعمالهم هو انعكاس لرؤية محاكم دبي التي تركز على الاستثمار في رأس المال البشري، وتقدير الجهود المخلصة التي بذلها الجميع.