بعد الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة عام 2021، ظهر يحيى السنوار جالساً على أريكة في الهواء الطلق، محاطاً بالأنقاض ومبتسماً، وأصبحت تلك الصورة، أيقونة مميزة للمقاومة بالنسبة للعديد من أنصار حماس، ولكن هذه المرة انتهت القصة بشكل مختلف، وفق ما يرويه تقرير نشرته مجلة "إيكونوميست".

ففي مقطع فيديو نشره الجيش الإسرائيلي، شوهد السنوار مصاباً على كرسي بذراعين داخل مبنى وهو يطلق عصا ضعيفة على طائرة بدون طيار تحلق في الجو، ليُقتل بعدها بصاروخ إسرائيلي.



في 18 أكتوبر (تشرين الأول) قالت حماس إن وفاة السنوار لن تؤدي إلا إلى زيادة قوة الحركة وقدرتها على الصمود.
ووفق التقرير، فالواقع أن وفاة السنوار ستترك حماس محطمة ومنقسمة، ومن المرجح الآن أن تتنافس الفصائل المتنافسة على السيطرة على مواردها المتبقية وأهدافها الإيديولوجية.
ولفهم هذه المنافسة، يتعين علينا أن ندرك كيف ركز السنوار السلطة في يديه، مما أدى إلى نتائج كارثية، بحسب التقرير. السنوار بين الأنصار والخصوم بالنسبة لأنصاره، كان مهندس هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) سبباً في زعزعة شعور إسرائيل بأنها لا تقهر ودفع قضية متراجعة إلى عناوين الأخبار العالمية.
أما بالنسبة لخصومه، فقد جلب نار جهنم على غزة وتسبب في الموت والدمار هناك، وكان صعوده تتويجاً لعقود من التخطيط والمناورة ضد المعارضين، وتحويل الحركة إلى عرض من عروض السنوار.

Hamas says the death of its leader will only increase its strength and resilience. In fact it leaves the group shattered and divided https://t.co/zYNlEiTw6a

Photo: Getty Images pic.twitter.com/evmKkMiY4L

— The Economist (@TheEconomist) October 19, 2024 وفي السجن في إسرائيل، أصبح هذا الرجل العنيف، أكثر منهجية في تفكيره، بينما حقق منصباً قيادياً داخل دائرة حماس المؤثرة.
قال خالد زواوي، الذي سُجن مع السنوار: "كان لديه هذه العقلية العسكرية".
ووفقاً ليوفال بيتون، طبيب أسنان السجن الذي أصبح عميلاً للمخابرات الإسرائيلية، "لقد درسنا من خلال عيون العدو، بحث عن الضعف، عن نقطة يمكنه عندها أن يقول، هذا هو الوقت المناسب للهجوم".

وبعد إطلاق سراحه في صفقة تبادل أسرى ساعد في التفاوض عليها في عام 2011، عُيِّن السنوار في البداية في مكتب حماس في غزة، وبحلول عام 2017 انتُخِب لقيادته.
وارتقى معه مساعدوه من السجن، وأصبح روحي مشتهى رئيس وزراء غزة بحكم الأمر الواقع، وأسس توفيق أبو نعيم والسنوار جهاز أمن داخلي مخيف معاً.
كما عزز السنوار الجناح العسكري ـ كتائب القسام، وكان شقيقه محمد قائداً، واستقطب السنوار الذين يتبنون آراء لا تقبل المساومة. تهميش الآخرين لقد تم تهميش الجهات الفاعلة الأقل تطرفاً في حماس، بما في ذلك خالد مشعل، الذي وضع ميثاقاً جديداً للمنظمة في عام 2017 بدا وكأنه يعطي إشارة نحو حل الدولتين، على عكس الميثاق التأسيسي للمجموعة من عام 1988 والذي يلتزم "بمحو" إسرائيل.
ومن بين العديد من الذين أجبروا على الخروج كان فتحي حماد، وزير الداخلية السابق الذي تم دفعه إلى منصب عاجز في مكتب المجموعة في إسطنبول.

World leaders demanded the swift release of Israeli hostages just hours after the Israeli military said it killed Hamas leader Yahya Sinwar who was the mastermind of the Oct. 7, 2023, attack https://t.co/eDagKeQo0G

— Reuters (@Reuters) October 18, 2024 وبحلول عام 2021، أصبح القطاع "إقطاعية" للسنوار وكان واثقاً بما يكفي لإعدام قادة حماس المخضرمين.
بدأ السنوار يتجاهل مجلس الشورى القوي للجماعة، وأبقى القادة المنفيين في الدوحة على الأقل جزئياً في الظلام بشأن خططه. وفي النهاية كانت لحظة قوته المطلقة انتصاراً باهظ الثمن.
في يوليو (تموز)، أدى هجوم إسرائيلي في إيران إلى اغتيال إسماعيل هنية، الزعيم الأعلى المفترض للجماعة. وتولى السنوار رسمياً قيادة حماس بأكملها، منتهكاً بذلك قواعد الخلافة الداخلية.
ووفق التقرير، كان السنوار يركز على البقاء على قيد الحياة ومفاوضات وقف إطلاق النار التي بالغ فيها في التعامل مع الأمور، ولم يتبق له سوى بضعة أسابيع ليعيشها.

وتقول الصحيفة إن تراكم السلطة المطلقة يعني حتماً أنه سيخلف وراءه فراغاً كبيراً، إذ إن قدرة حماس على الصمود على مدى العقود ترجع إلى حقيقة مفادها أنها وجدت سبلاً لإضفاء الطابع المؤسسي على السلطة.
ولكن الآن تم تهميش هيكلها التنظيمي الرسمي ــ مجلس الشورى، الذي يمثل الأعضاء على الأقل نظرياً، ومكتبها السياسي ــ بسبب مزيج من الاغتيالات وتركيز السيد السنوار على صنع القرار. مركز صنع القرار أحد الصراعات سيكون حول الموقع الجغرافي لمركز قوة حماس، بحسب ما أفاد تقرير "إيكونوميست".
ورغم أن الآلاف من المقاتلين وقِلة من القادة ما زالوا في القطاع، بما في ذلك شقيق السنوار، فإن إرهاقهم وضعفهم قد يسمحان لمراكز قوة أخرى بانتزاع السلطة من غزة.
وربما يحلم المتشددون الآن بالتفاوض على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين والاعتراف بحكم الأمر الواقع بسلطة حماس في أجزاء من غزة، ولكن من غير المرجح أن تعرض إسرائيل نفس الشروط التي رفضها السنوار عندما كانت حركته أقوى في وقت سابق من هذا العام.

Hamas recognises death of leader Yahya Sinwar but vows to keep fighting https://t.co/Df4uGsbPeI

— The Guardian (@guardian) October 19, 2024 ولكن إسرائيل قد تسعى بدلاً من ذلك إلى استسلام الحركة، مع المطالبة بأن يتخذ أي من قادة حماس الباقين على قيد الحياة طريقاً آمناً للخروج من القطاع وحل الدور الرسمي لحماس في حكم غزة.
وإذا رفضت حماس ذلك، فقد تختار إسرائيل مواصلة القتال، مما يؤدي إلى تقليص القوة البشرية للحركة بشكل أكبر.
ومع تلاشي قاعدة القوة لحماس في غزة، فقد تواجه تحديات من جانب جماعات محلية أخرى. سياسة القوة أحد القادة المحتملين هو خليل الحية الذي كان الأقرب إلى السنوار ويدعم العلاقات الوثيقة مع إيران. خيار آخر هو خالد مشعل، الذي ترأس الحركة حتى عام 2017، والذي قد يرغب في أن تندرج حماس تحت منظمة التحرير الفلسطينية، المظلة الوطنية، حتى لو كان عليها قبول اتفاقياتها السابقة التي تعترف بإسرائيل.
في الماضي، دعا مشعل إلى الانفصال عن إيران وحزب الله، وفي عام 2012، قطع علاقات الجماعة مع سوريا.
ووفقًا للتقرير، فإن من سيفوز قد يحدد إلى أين ستتجه حماس في المرحلة التالية، ومن بين التطورات المحتملة في هذا السياق تبني المزيد من العنف والتطرف، بدعم من إيران؛ بهدف إعادة تسليح وتجنيد المقاتلين في غزة والضفة الغربية في السنوات والعقود المقبلة استعداداً لشن هجوم آخر على إسرائيل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية السنوار حماس إيران السنوار حماس غزة وإسرائيل إيران حماس فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

بيت شعر شهير لـ«أحمد شوقي» يتصدر رسائل الفصائل خلال تسليم الدفعة الـ7 من المحتجزين الإسرائيليين| عاجل

شهدت منصة تسليم المحتجزين الإسرائيليين ضمن الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى بين حماس وإسرائيل، رسائل جديدة كعادة دفعات التسليم السابقة، فكتب على لافتات المنصة «نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد»، في إشارة إلى عملية «طوفان الأقصى».

وجاء في لافتات المنصة أيضًا صورة قبة الصخرة بالقدس المحُتلة، وصور السهم الأحمر المقلوب الشهير، الذي استخدمته عناصر «حماس» أثناء استهدافها الدبابات الإسرائيلية وجنود الاحتلال الإسرائيلي، وأيضًا الصورة التي نشرتها مؤخرًا ليحيى السنوار أثناء المعارك.

نستطيع أن نغير مجرى التاريخ

وعلى يمين اللافتة الكبرى، ظهرت صورة قائد كتائب القسام الراحل، محمد الضيف، وكتب عليها: «نستطيع أن نغير مجرى التاريخ»، وعلى اليسار، صورة قادة كتائب القسام وحماس، الذين استهدوا خلال المعارك من بينهم قائد كتيبة تل السلطان محمود حمدان الذي استشهد برفقة يحيى السنوار في رفح الفلسطينية.

وفي لافتة أخرى خلال ساحة تسليم المحتجزين الإسرائيليين، كتبت لافتة بها علم فلسطين وقبضة يد: «اخلع حذاءك فكل شبر من هذه الأرض روي بدماء الشهداء».

وفي اللافتة السفلى، كتبت جملة مقتبسة من بيت شعر للشاعر أحمد شوقي: «بكل يد مضرجة يدق»، والتي طالما رددها يحيي السنوار.

الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين

ويشهد اليوم السبت الدفعة السابعة من صفقة تبادل المحتجزين والأسرى، وستفرج «حماس» عن 6 محتجزين إسرائيليين، في مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

تسليم جثمان 4 محتجزين إسرائيليين

ويوم الخميس الماضي، شهد تسليم حماس لجثمان 4 محتجزين إسرائيليين في يوم استثنائي، وأثارت جدلًا واسعًا بعد أن سلمت جثة لا تعود لأي محتجز إسرائيلي، وقالت تل أبيب حينها أن الجثة تعود لسيدة فلسطينية، وأمس الجمعة، سلمت حماس جثة المحتجزة شيري بيباس، والتي قالت إنه تم تبديلها بالخطأ مع جثة سيدة من قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • بين كابل وقندهار.. ما الذي يجري داخل حكومة طالبان؟
  • قياديان في حماس: السنوار رفض لقاء كوشنر وهكذا موه على طوفان الأقصى
  • بيت شعر شهير لـ«أحمد شوقي» يتصدر رسائل الفصائل خلال تسليم الدفعة الـ7 من المحتجزين الإسرائيليين| عاجل
  • إعلام عبري: السنوار يفي بوعده للأسرى بعد 12 عاما
  • إعلام عبري: نتائج مثيرة كشفها تشريح جثة السنوار
  • هيئة البث الإسرائيلية: نتائج مثيرة للاهتمام كشفها تشريح جثمان السنوار
  • تفاصيل التقرير الطبي لتشريح جثمان السنوار
  • تفاصيل التقرير النهائي لفحص جثة السنوار
  • الكشف عن نتائج الفحص الطبي لـ السنوار.. إسرائيل ستساوم على الجثمان
  • الاحتلال يكشف بعض تفاصيل التقرير النهائي لتشريح جثة السنوار