عمالقة التكنولوجيا يشترون مفاعلات نووية.. ما السبب
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
مع الطفرة التي يشهدها الذكاء الاصطناعي فإن مراكز البيانات التي يعتمد عليها تحتاج للكثير من الكهرباء، حيث تستهلك مراكز البيانات التي تدعم روبوتات الدرشة العاملة بالذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT حوالي 2% من استهلاك الكهرباء على مستوى العالم، وفقًا لما ذكره "أمي باداني" كبير مسؤولي التسويق بشركة تصميم الرقائق البريطانية "آرم" في أبريل الماضي.
ووفقا لما ذكره موقع صحيفة “theguardian” البريطانية، أبرمت شركة جوجل اتفاقية "الأولى من نوعها على مستوى العالم" لشراء الطاقة من مجموعة من المفاعلات النووية الصغيرة بهدف تلبية متطلبات الطاقة المتزايدة لاستخداماتها في الذكاء الاصطناعي.
خبر سار.. سامسونج تدمج بعض ميزات الذكاء الاصطناعي في هواتف Galaxy عصابة هاكرز تخفي البرامج الضارة في مواقع الذكاء الاصطناعي.. ماذا يحدث؟
عمالقة التكنولوجيا يشترون مفاعلات نووية
تسعى الشركة الأمريكية للحصول على ستة أو سبعة مفاعلات نووية صغيرة من شركة كايروس للطاقة في كاليفورنيا، حيث يتوقع أن يُنهي العمل على المفاعل الأول بحلول عام 2030، والباقي بحلول عام 2035.
تهدف جوجل من خلال هذه الصفقة إلى توفير مصدر طاقة منخفض الكربون لتشغيل مراكز البيانات التي تتطلب كميات كبيرة من الكهرباء. وأوضحت الشركة، التي تتبع لألفابيت، أن الطاقة النووية تمثل "مصدر طاقة نظيف ومتواصل، مما يساعدنا في تلبية احتياجات الكهرباء بشكل موثوق".
شهدت شركات التكنولوجيا، نتيجة للنمو الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي والتخزين السحابي، زيادة ملحوظة في الطلب على الكهرباء. وقد أبرمت مايكروسوفت مؤخراً اتفاقاً لتوريد الطاقة من جزيرة ثري مايل، حيث تم تفعيل المحطة النووية هناك للمرة الأولى منذ خمسة أعوام. يُذكر أن هذا الموقع في ولاية بنسلفانيا شهد إحدى أخطر حوادث المفاعلات في تاريخ الولايات المتحدة في مارس 1979.
كما قامت أمازون بشراء مركز بيانات يعمل بالطاقة النووية في مارس، في ولاية بنسلفانيا أيضاً، من شركة Talen Energy.
لم يجر الكشف عن مواقع المفاعلات الجديدة لجوجل أو التفاصيل المالية لهذه الاتفاقية، لكن الشركة وافقت على شراء 500 ميجاوات من الطاقة من شركة كايروس، التي تم تأسيسها في عام 2016 وتعمل على بناء مفاعل تجريبي في ولاية تينيسي، من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2027.
وأشار مايكل تيريل، المدير الأول للطاقة والمناخ في جوجل، إلى ضرورة توفر مصادر جديدة للكهرباء لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تدفع التقدم العلمي وتعزز الخدمات والقدرة التنافسية الوطنية. وأكد أن هذه الاتفاقية ستساعد في تعزيز تطوير تكنولوجيا جديدة لتلبية احتياجات الطاقة بطرق نظيفة وموثوقة.
من جانبه، أفاد مايك لوفر، الرئيس التنفيذي لشركة كايروس، بأنهم واثقون من أن هذا النهج الجديد سيزيد من فرص تسليم مشاريعهم في الوقت المحدد وبالتكلفة المناسبة.
تحتاج هذه الصفقة، التي تخضع الآن لموافقات تنظيمية، إلى دعم تقنيات المفاعلات النووية الصغيرة (SMR). تم تصميم هذه المحطات الأصغر لتقليل التكاليف والتأخيرات المرتبطة ببناء المحطات الأكبر. ومع ذلك، يعبّر النقاد عن مخاوف من أنها قد تكون مكلفة بسبب عدم قدرتها على تحقيق وفورات الحجم كما في المحطات الكبرى.
تعرف المفاعلات النووية الصغيرة والمتوسطة بأنها تلك التي تصل قدرتها الإنتاجية القصوى إلى 300 ميجاوات، ويمكنها إنتاج أكثر من 7 ملايين كيلووات في الساعة يومياً، مع العلم أن بعض التصاميم قد تكون أكبر. عادةً ما ينتج المفاعل الأكبر أكثر من جيجاوات، ومن المتوقع أن تنتج محطة هينكلي بوينت سي في المملكة المتحدة 3.2 جيجاوات، أي ما يكفي لتلبية احتياجات ستة ملايين منزل.
وفي المملكة المتحدة، تتنافس الشركات للحصول على عطاءات من الحكومة لتطوير تقنيات SMR الخاصة بها في إطار مساعي الحكومة لإعادة إحياء صناعة الطاقة النووية. وقد حققت شركة Rolls-Royce SMR تقدماً كبيراً بعد أن اختارتها الحكومة التشيكية لبناء أسطول من المفاعلات.
يُعتقد أن المفاعلات صغيرة ومتوسطة الحجم يمكن أن تكمل إنتاج المفاعلات الكبرى في الوقت الذي تسعى فيه الدول للابتعاد عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. يدعم المؤيدون لهذه التكنولوجيا اعتبارها أكثر قابلية للمرونة في بناء المحطات النووية الجديدة، نظرًا لمتطلباتها الأقل من حيث المياه ومساحة الأرض.
ومع ذلك، يوجد معارضون لهذه التكنولوجيا من نشطاء البيئة والأكاديميين، الذين يشيرون إلى عدم وجود تاريخ حافل لها في المملكة المتحدة ويقترحون تخصيص الموارد نحو مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح البحرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الكهرباء مفاعلات نووية عمالقة التكنولوجيا شركة جوجل الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصر