جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-19@05:19:01 GMT

رحل السنوار.. قائد "طوفان الأقصى"

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

رحل السنوار.. قائد 'طوفان الأقصى'

 

 

 

عادل بن رمضان مستهيل

adel.ramadan@outlook.com

 

 

يحيى السنوار، أحد أبرز رموز المُقاومة الفلسطينية، رحل بجسده لكنه ترك بصمة لا تمحى في تاريخ النضال الفلسطيني. عرف السنوار بكونه القائد الفذ الذي استطاع بذكاء وحنكة أن يقود حركة حماس والجناح العسكري، كتائب عز الدين القسام، في مُواجهة الكيان الإسرائيلي، محققًا إنجازات كبيرة أبرزها التخطيط لعملية 7 أكتوبر، التي تُعتبر إحدى أعقد وأجرأ العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السنوات الأخيرة.

ولد يحيى السنوار في عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة، حيث عاش سنوات شبابه في ظل الاحتلال الإسرائيلي والحصار الخانق على الشعب الفلسطيني. نشأ في بيئة تعج بالمقاومة والتحرر، وهو ما أسهم في تشكيل وعيه النضالي. درس في جامعة بيرزيت، حيث انخرط في الحركة الإسلامية، ليصبح لاحقًا أحد مؤسسي حركة حماس عام 1987. اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1988، ليقضي 22 عامًا في السجون، حيث نال خلالها لقب "الجنرال" نظرًا لقيادته الحكيمة داخل السجن وقدرته على تنظيم المُعتقلين وتأطيرهم.

بعد خروجه من السجن في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، صعد السنوار بسرعة داخل هرم القيادة في حماس. وفي عام 2017، تم انتخابه قائدًا للحركة في قطاع غزة، ليصبح العقل المدبر لعمليات المقاومة التي تهدف إلى كسر الحصار المفروض على القطاع ورفع تكلفة الاحتلال الإسرائيلي. قاد السنوار المقاومة في عدة معارك مع إسرائيل، حيث كانت معركة "سيف القدس" في 2021 من أبرز تلك المعارك، وقد أثبتت فيها حماس قدرتها على توجيه ضربات نوعية داخل الأراضي المحتلة.

ويعتبر يوم 7 أكتوبر من أكثر الأيام التي ستظل محفورة في ذاكرة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. في هذا اليوم، أطلق السنوار شرارة عملية نوعية معقدة، نجحت فيها المقاومة الفلسطينية في التسلل إلى عمق المستوطنات الإسرائيلية وشن سلسلة من العمليات المنسقة بدقة عالية. لم تكن هذه العملية مجرد ضربة عسكرية فحسب، بل كانت ضربة معنوية لإسرائيل، التي لطالما اعتمدت على تفوقها العسكري والاستخباراتي.

إنَّ تنفيذ هذه العملية لم يكن وليد اللحظة؛ بل جاء نتيجة سنوات من التحضير والتخطيط؛ حيث استطاع السنوار أن يبني شبكة مقاومة تمتد عبر الأنفاق، البحر، وحتى السلاح الجوي البدائي. وكان هدفه الأكبر من العملية هو إيصال رسالة للعالم بأنَّ القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما كانت التضحيات.

على الرغم من أنَّ السنوار قاد حركة حماس بعد استشهاد القائد "أبو العبد" إسماعيل هنية لفترة وجيزة، إلا أنه كان يدرك جيدًا أهمية السياسة والدبلوماسية في تحقيق أهداف المقاومة. كان يحيى السنوار معروفًا ببراجماتيته وقدرته على التحاور مع مختلف الفصائل الفلسطينية؛ بل وحتى مع الدول الإقليمية. كان يؤمن أنَّ المقاومة ليست فقط بالكفاح المسلح؛ بل تشمل أيضًا إدارة اللعبة السياسية بحنكة، وقد سعى دائمًا إلى توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام الداخلي بين حركتي فتح وحماس.

كان السنوار يرى أنَّ الحل يكمن في مزيج من القوة العسكرية والدبلوماسية، وقد عمل على تحسين علاقات حماس مع مختلف القوى الإقليمية، مثل إيران وقطر وتركيا، بهدف دعم المقاومة وتمويلها. كما كان يدرك أهمية توجيه رسائل إيجابية للعالم الخارجي، وكان يقول دائمًا إن المقاومة الفلسطينية ليست موجهة ضد اليهود كديانة، بل هي ضد الاحتلال.

رحيل يحيى السنوار يترك فراغًا كبيرًا في صفوف المقاومة الفلسطينية وحركة حماس. فقد كان قائدًا يتمتع بكاريزما خاصة ورؤية استراتيجية جعلته واحدًا من أهم القادة في تاريخ الحركة. إلا أن إرثه لن يختفي بسهولة، فحماس حركة مؤسسية، تعتمد على بنية تحتية قوية، وقد أعد السنوار ومن قبله قادة آخرين جيلًا من المقاومين الذين سيواصلون النضال على نفس النهج.

اليوم، وعلى رغم رحيل السنوار، لا تزال المقاومة الفلسطينية مستمرة في مواجهة الاحتلال. وتظل حماس، التي أسسها وقادها السنوار وآخرون، حركة مقاومة عنيدة ترفض الخضوع أو الاستسلام. إن الشعب الفلسطيني الذي عاش سنوات طويلة من الاضطهاد والحصار، لا يزال يتطلع إلى الحرية والكرامة، وهو ما يجعل من المقاومة الخيار الاستراتيجي لكثيرين.

في الختام.. رحل السنوار بجسده، لكنه ترك خلفه إرثًا كبيرًا وتجربة مقاومة ستظل حاضرة في ذاكرة الفلسطينيين. ما زالت حركة حماس، رغم كل التحديات، قادرة على الاستمرار في نضالها لتحقيق أهدافها. ولعل أهم ما تركه السنوار هو روح المقاومة، التي لن تنطفئ بغياب الأشخاص؛ بل ستستمر طالما ظل الاحتلال قائمًا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حماس تدعو لحماية المقاومة في جنين والحشد في فعاليات “يوم الغضب”

#سواليف

دعا القيادي في حركة المقاومة الإسلامية #حماس عبد الرحمن شديد، إلى #حماية وإسناد #المقاومة في #جنين، والحشد الواسع في فعاليات ” #يوم_الغضب “، نصرة للمخيم الذي يتعرض لحصار من قبل أجهزة السلطة وممارسات قمعية تستهدف أبناء شعبنا الصامد ومقاومته الباسلة.

وأكد شديد اليوم الأربعاء على ضرورة دعم المقاومين وتعزيز قوتهم لمواجهة اقتحامات الاحتلال الصهيوني، وصد جرائم المستوطنين في الضفة الغربية، وليس استهدافهم وضرب مشروعهم عبر عمليات أمنية تنسجم بشكل كامل مع أهداف الاحتلال ومخططاته لتصفية القضية الفلسطينية.

وقال: “ينبغي لنا إسناد المقاومين وتوفير الحماية الكاملة لهم بدلا من ملاحقتهم والاشتباك معهم”، مضيفا أن “البوصلة يجب أن تكون دائما نحو الاحتلال”.

مقالات ذات صلة في غزة.. كيس الطحين مفقود ويساوي الدم / شاهد 2024/12/18

وذكر أن استمرار أجهزة السلطة في عمليتها الأمنية في جنين، يتطلب تواصل الفعاليات الشعبية والفصائلية لحماية المقاومة وثني السلطة عن ممارساتها القمعية والإجرامية، والتي تهدد النسيج الوطني لشعبنا المقاوم.

مقالات مشابهة

  • طوفان الأقصى ومستقبل المنطقة ووضع الفصائل الفلسطينية: متغيرات جيو-استراتيجية
  • لجنة نصرة الأقصى تشيد بعمليات الردع وتدعو الشعب اليمني لمواصلة دعم القضية الفلسطينية
  • المقاومة الفلسطينية تواصل عملياتها ضد قوات الاحتلال على مختلف محاور القتال في غزة
  • حماس تدعو لحماية المقاومة في جنين والحشد في فعاليات “يوم الغضب”
  • حركة حماس تعلن امكانية وقف اطلاق النار بغزة
  • أبرز النقاط: إعلام العدو يتحدث عن صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية نهاية الشهر الجاري
  • حماس: الحملة الأمنية في جنين تعزز المقاومة ولا تقضي عليها
  • حماس : الحملة الأمنية في جنين لن تنهي المقاومة
  • المقاومة الفلسطينية تكثّف عملياتها ضد قوات الاحتلال شمال وجنوب غزة 
  • حماس: هدم العدو منازل المقدسيين لن يفلح في تهجيرهم