جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-25@18:40:43 GMT

رحل السنوار.. قائد "طوفان الأقصى"

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

رحل السنوار.. قائد 'طوفان الأقصى'

 

 

 

عادل بن رمضان مستهيل

adel.ramadan@outlook.com

 

 

يحيى السنوار، أحد أبرز رموز المُقاومة الفلسطينية، رحل بجسده لكنه ترك بصمة لا تمحى في تاريخ النضال الفلسطيني. عرف السنوار بكونه القائد الفذ الذي استطاع بذكاء وحنكة أن يقود حركة حماس والجناح العسكري، كتائب عز الدين القسام، في مُواجهة الكيان الإسرائيلي، محققًا إنجازات كبيرة أبرزها التخطيط لعملية 7 أكتوبر، التي تُعتبر إحدى أعقد وأجرأ العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السنوات الأخيرة.

ولد يحيى السنوار في عام 1962 في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة، حيث عاش سنوات شبابه في ظل الاحتلال الإسرائيلي والحصار الخانق على الشعب الفلسطيني. نشأ في بيئة تعج بالمقاومة والتحرر، وهو ما أسهم في تشكيل وعيه النضالي. درس في جامعة بيرزيت، حيث انخرط في الحركة الإسلامية، ليصبح لاحقًا أحد مؤسسي حركة حماس عام 1987. اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1988، ليقضي 22 عامًا في السجون، حيث نال خلالها لقب "الجنرال" نظرًا لقيادته الحكيمة داخل السجن وقدرته على تنظيم المُعتقلين وتأطيرهم.

بعد خروجه من السجن في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، صعد السنوار بسرعة داخل هرم القيادة في حماس. وفي عام 2017، تم انتخابه قائدًا للحركة في قطاع غزة، ليصبح العقل المدبر لعمليات المقاومة التي تهدف إلى كسر الحصار المفروض على القطاع ورفع تكلفة الاحتلال الإسرائيلي. قاد السنوار المقاومة في عدة معارك مع إسرائيل، حيث كانت معركة "سيف القدس" في 2021 من أبرز تلك المعارك، وقد أثبتت فيها حماس قدرتها على توجيه ضربات نوعية داخل الأراضي المحتلة.

ويعتبر يوم 7 أكتوبر من أكثر الأيام التي ستظل محفورة في ذاكرة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. في هذا اليوم، أطلق السنوار شرارة عملية نوعية معقدة، نجحت فيها المقاومة الفلسطينية في التسلل إلى عمق المستوطنات الإسرائيلية وشن سلسلة من العمليات المنسقة بدقة عالية. لم تكن هذه العملية مجرد ضربة عسكرية فحسب، بل كانت ضربة معنوية لإسرائيل، التي لطالما اعتمدت على تفوقها العسكري والاستخباراتي.

إنَّ تنفيذ هذه العملية لم يكن وليد اللحظة؛ بل جاء نتيجة سنوات من التحضير والتخطيط؛ حيث استطاع السنوار أن يبني شبكة مقاومة تمتد عبر الأنفاق، البحر، وحتى السلاح الجوي البدائي. وكان هدفه الأكبر من العملية هو إيصال رسالة للعالم بأنَّ القضية الفلسطينية ما زالت حية، وأن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه مهما كانت التضحيات.

على الرغم من أنَّ السنوار قاد حركة حماس بعد استشهاد القائد "أبو العبد" إسماعيل هنية لفترة وجيزة، إلا أنه كان يدرك جيدًا أهمية السياسة والدبلوماسية في تحقيق أهداف المقاومة. كان يحيى السنوار معروفًا ببراجماتيته وقدرته على التحاور مع مختلف الفصائل الفلسطينية؛ بل وحتى مع الدول الإقليمية. كان يؤمن أنَّ المقاومة ليست فقط بالكفاح المسلح؛ بل تشمل أيضًا إدارة اللعبة السياسية بحنكة، وقد سعى دائمًا إلى توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام الداخلي بين حركتي فتح وحماس.

كان السنوار يرى أنَّ الحل يكمن في مزيج من القوة العسكرية والدبلوماسية، وقد عمل على تحسين علاقات حماس مع مختلف القوى الإقليمية، مثل إيران وقطر وتركيا، بهدف دعم المقاومة وتمويلها. كما كان يدرك أهمية توجيه رسائل إيجابية للعالم الخارجي، وكان يقول دائمًا إن المقاومة الفلسطينية ليست موجهة ضد اليهود كديانة، بل هي ضد الاحتلال.

رحيل يحيى السنوار يترك فراغًا كبيرًا في صفوف المقاومة الفلسطينية وحركة حماس. فقد كان قائدًا يتمتع بكاريزما خاصة ورؤية استراتيجية جعلته واحدًا من أهم القادة في تاريخ الحركة. إلا أن إرثه لن يختفي بسهولة، فحماس حركة مؤسسية، تعتمد على بنية تحتية قوية، وقد أعد السنوار ومن قبله قادة آخرين جيلًا من المقاومين الذين سيواصلون النضال على نفس النهج.

اليوم، وعلى رغم رحيل السنوار، لا تزال المقاومة الفلسطينية مستمرة في مواجهة الاحتلال. وتظل حماس، التي أسسها وقادها السنوار وآخرون، حركة مقاومة عنيدة ترفض الخضوع أو الاستسلام. إن الشعب الفلسطيني الذي عاش سنوات طويلة من الاضطهاد والحصار، لا يزال يتطلع إلى الحرية والكرامة، وهو ما يجعل من المقاومة الخيار الاستراتيجي لكثيرين.

في الختام.. رحل السنوار بجسده، لكنه ترك خلفه إرثًا كبيرًا وتجربة مقاومة ستظل حاضرة في ذاكرة الفلسطينيين. ما زالت حركة حماس، رغم كل التحديات، قادرة على الاستمرار في نضالها لتحقيق أهدافها. ولعل أهم ما تركه السنوار هو روح المقاومة، التي لن تنطفئ بغياب الأشخاص؛ بل ستستمر طالما ظل الاحتلال قائمًا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عمليات الاغتيال الإسرائيلية لقادة حماس بغزة!

عمليات الاغتيال

بدا لافتا بالآونة الأخيرة، نجاح الاحتلال الإسرائيلي باغتيال عدد من قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة.

فقد اغتال في اليومين الماضيين عضو المكتب السياسي للحركة، النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني صلاح البردويل، الذي استشهد في غارة على خيمته ليلة الأحد، خلال أدائه صلاة قيام الليل، فارتقى مع زوجته على الفور، كما استشهد عضو مكتبها السياسي بغزة إسماعيل برهوم، بغارة إسرائيلية غادرة استهدفت غرفة الجـراحة داخل مسـتشفى ناصر الذي يتلقى فيه العـلاج، بعد إصابته بجروح حرجة في العـدوان الغادر قبل أسبوع.

وقد جاءت هاتان العمليتان بعد اغتيال أبرز قيادات العمل الحكومي بقطاع غزة، يوم الثلاثاء الماضي، وهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووكيل وزارة العدل في قطاع غزة المستشار أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي اللواء بهجت أبو سلطان.

لماذا تزايدت الاغتيالات بحق قيادات "حماس" والحكومة في غزة مؤخرا!؟

والجواب على ذلك بسيط جدا:

أولا: فارق التكنولوجيا وقدرات التجسس لدى الاحتلال الإسرائيلي، والدعم الأمريكي المطلق من كافة الاستخبارات في العالم الذين يسعون بشكل مباشر أو غير مباشر إضعاف أو التخلص من المقاومة وحركة حماس تحديدا!!

يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي استثمر التهدئة في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، لجمع المعلومات، وتغذية بنك أهدافه، وربما تجنيد العملاء والمستعربين داخل غزة، وربما زرع مئات الكاميرات التي تمسح وجوه الغزيين فتمكن من تحديد هوياتهم ورصد أماكنهم، ما سهل عملية الاغتيال لاحقا
ثانيا: أن قيادات حركة "حماس" تأخذ الاحتياطات اللازمة لسلامتها؛ لكنها بالتزامن مع ذلك تنخرط في الأعمال والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، رغم ظروف الحرب والمخاطر الكبيرة التي تهدد حياة قادتها!.. وأبرز النماذج الحية على ذلك الطريقة التي استشهد بها رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار الذي استشهد في الخطوط القتالية المتقدمة في مواجهة قوات الاحتلال، وكذلك القيادي في الحركة صلاح البردويل الذي ارتقى في خيمة النزوح وحاله كحال شعبه من النازحين، والحال ذاته للشهيد إسماعيل برهوم الذي ارتقى الليلة الماضية.

ثالثا: أن قطاع غزة أضحى سجنا كبيرا بفعل الحصار المفروض عليه منذ سنوات، وهو ضمن مساحة محدودة واكتظاظ بشري هائل، وكل شبر في غزة مراقب، فأن تصمد المقاومة وقيادتها في هذه الظروف بعد عام ونحو خمسة أشهر من معركة غير متكافئة؛ فهو إنجاز وإعجاز عظيم.

رابعا: يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي استثمر التهدئة في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، لجمع المعلومات، وتغذية بنك أهدافه، وربما تجنيد العملاء والمستعربين داخل غزة، وربما زرع مئات الكاميرات التي تمسح وجوه الغزيين فتمكن من تحديد هوياتهم ورصد أماكنهم، ما سهل عملية الاغتيال لاحقا، وهو ما يتطلب من المقاومة استخلاص العبر والعمل تحت الأرض في الأنفاق التي تعد أكثر سلامة وأمنا رغم ظروفها القاسية.

هل يؤثر غياب القادة على سير المعركة؟

- بالتأكيد استشهاد قيادات المقاومة عموما يؤثر مرحليا فقط في سير المعركة، لكنه غير مؤثر استراتيجيا على المدى البعيد، فغياب قائد يخلفه ألف قائد.

- الاحتلال جرّب عمليات الاغتيال للقيادات منذ عقود، والنتيجة واحدة: قوة المقاومة، واتساع تأييدها.

المطلوب حيال عمليات الاغتيال:

المطلوب من أبناء الشعب الفلسطيني وأبناء الأمة العربية والإسلامية عموما، تعزيز الثقة بقدرة المقاومة على امتصاص الضربة والضغوطات الناتجة عن عمليات الاغتيال، وأنها ستتجاوزها وستواصل الطريق حتى التحرير.

حملة الاغتيالات لقيادات المقاومة ليست جديدة وليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد اغتال الاحتلال عشرات القيادات من حركة حماس خلال معركة "طوفان الأقصى"، التي انطلقت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، وعلى رأسهم رئيس الحركة إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، والسنوار، والضيف، ومروان عيسى، وغيرهم، وقبلهم الشيخ الياسين، والرنتيسي، والمقادمة، وصلاح شحاده، والعياش.. والنتيجة أن الحركة لم تمت وواصلت مسيرتها بقوة وعنفوان.
التنبه لحملات "الذباب الإلكتروني" النشطة على مواقع التواصل، والتي تبث الإحباط والتشكيك بالمقاومة وتسعى لضرب الروح المعنوية لشعبها وحاضنتها الشعبية داخل فلسطين وخارجها!

الخلاصة:

عمليات الاغتيال لقادة "حماس" والمقاومة لا تزيدها إلا قوة وعنفوانا وتجذرا في الأرض، وهو ما أثبته التاريخ عبر مراحل تأسيس الحركة، التي قدمت المئات من قياداتها في قطاع غزة والضفة الغربية وخارج فلسطين المحتلة.

فاغتيال الاحتلال الإسرائيلي لقائد يخلفه ألف قائد، ويدفع الشعب الفلسطيني للالتفاف أكثر حول المقاومة، التي تترسخ مكانتها في قلوب الملايين، فكرة لا يمكن انتزاعها؛ تكبر وتتمدد مع مرور الزمن، ليأتي اليوم الذي تجتث فيه الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • نداءات عاجلة من حركة حماس للدفاع عن غزة والقدس
  • عمليات الاغتيال الإسرائيلية لقادة حماس بغزة!
  • جريمة صهيونية جديدة.. أول تعليق من حركة حماس علي إغتيال إسماعيل برهوم
  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى بمدينة المحويت
  • مسير لخريجي دورات طوفان الأقصى في المحويت
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ "طوفان الأقصى".. و50% يعانون من أعراض نفسية
  • كيف ردّت حماس على مقترح نزع سلاح المقاومة ؟
  • مسيران ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في وضرة وريف حجة
  • ممثل حركة حماس “أبو شمالة”: اليمن هو الأنموذج الحي للأمة
  • حركة حماس: الشعب ومقاومته الضامن لإفشال هذا العدوان