تعتبر مصر اليوم واحدة من الدول الواعدة فى المنطقة العربية للاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، مع سعى الحكومة إلى تعزيز هذا القطاع الحيوى بسياسات وطنية أطلقتها لدفع عجلة الابتكار، وخلق فرص استثمارية جديدة، ورفع الكفاءة فى مختلف القطاعات، بل وبطموح أن تصبح مركزًا إقليميًا لهذه التكنولوجيا المتقدمة.
وفقاً للمنتدى الاقتصادى العالمى، يشهد الاستثمار فى الذكاء الاصطناعى على مستوى العالم نمواً كبيراً، حيث يُتوقع أن يصل الإنفاق العالمى على هذه التكنولوجيا إلى أكثر من 300 مليار دولار بحلول عام 2026.
فى مصر، يشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات نمواً مطرداً، حيث بلغ حجم الاستثمارات فى هذا المجال نحو 3.5 مليار دولار فى 2022، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم فى السنوات القادمة. ويعكس هذا النمو إيمان الحكومة بأهمية تطوير الذكاء الاصطناعى لدعم التنمية الاقتصادية وتعزيز التحول الرقمي.
على الصعيد الدولى، كانت مصر من بين الدول التى شاركت فى صياغة وثيقة التوصيات المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعى بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (OECD). هذه الوثيقة، التى تركز على الاستخدام المسؤول والأخلاقى للذكاء الاصطناعى، تعزز من المكانة الريادية لمصر فى هذا المجال، حيث أصبحت أول دولة عربية وإفريقية تتبنى هذه المبادئ التوجيهية.
ومن بين المجالات التى يتوقع أن تشهد نمواً سريعاً بفضل الذكاء الاصطناعى فى مصر، تبرز التطبيقات الصناعية فى مجالات مثل الزراعة، والطاقة، والرعاية الصحية. يمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهم بشكل كبير فى تحسين الإنتاجية والكفاءة فى هذه القطاعات الحيوية، مع تقليل التكاليف وتحسين جودة الخدمات. فعلى سبيل المثال، فى قطاع الرعاية الصحية، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الطبية وتطوير الحلول المُخصصة، مما يسهم فى تحسين مستوى الرعاية الصحية وتخفيض التكاليف. وفى القطاع الزراعى، تلعب تكنولوجيا الزراعة الذكية دوراً متزايد الأهمية، مع إمكاناتها فى تحسين الإنتاجية والتنبؤ بالأحوال الجوية والتحكم فى الأمراض والآفات والتقليل من هدر الموارد.
وعلى الرغم من هذه الفرص إلا أن تطبيقات واستثمارات الذكاء الاصطناعى فى مصر تواجه عدة تحديات، أبرزها نقص الخبرات المتخصصة والبنية التحتية الرقمية. وذلك يتطلب التركيز على الاستثمار فى البنية التحتية الرقمية، وبناء المهارات الرقمية لدى الشباب وتوفير فرص التعليم والتدريب اللازمة لتطوير هذه القدرات، إلى جانب تطوير الأطر التشريعية والتنظيمية المناسبة لتشجيع الاستثمار وضمان الحماية القانونية لمطورى التكنولوجيا المتقدمة.
فى هذا السياق، تُقدم الحكومة المصرية حوافز عديدة للمستثمرين، بما فى ذلك التسهيلات الضريبية والدعم المالى للمشاريع الصغيرة والمتوسطة فى قطاع التكنولوجيا، وإنشاء المناطق التكنولوجية الحرة وتوفير التسهيلات الاستثمارية، وحاضنات الأعمال لدعم الشركات الناشئة، إلى جانب التعاون الدولى مع الشركات العالمية والمؤسسات الأكاديمية لتبادل المعرفة والخبرات، بهدف تسريع وتيرة التحول الرقمى وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
يمثل الذكاء الاصطناعى بلا شك فرصة كبيرة لمصر لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية فى قطاع التكنولوجيا. ومن الضرورى أن تكون لمصر استراتيجيات واضحة لا تعتمد فقط على تبنى التكنولوجيا، بل تشمل أيضاً تطوير أطر قانونية وتنظيمية تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات، مع تزايد التأثير العالمى للذكاء الاصطناعى على سوق العمل ومستوى الأمان الرقمى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر والذكاء الاصطناعي مصر عجلة الابتكار مختلف القطاعات الذکاء الاصطناعى
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل
أحمد بن خلفان الزعابي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أهم ما قام بتطويره الإنسان لخدمة مصالحه واستجابة للتطور والنمو الهائل الذي يشهدهُ العالم في مجال ذكاء الآلة حتى الآن، ويأتي احتفال دول العالم هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية 28-4-2025 ليوظف هذه التقنيات في مجال العمل بهدف توفير بيئة أكثر أمانًا.
ومع التطور الهائل الذي يشهده العالم في مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي والرقمنة في قطاع الأعمال تحتفل منظمة العمل الدولية ILO هذا العام تحت شعار "إحداث ثورة في الصحة والسلامة دورة الذكاء الاصطناعي والرقمنة في العمل" بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، ولا شك أن الجميع على اطلاع لما وصل إليه الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من تقدم هائل في شتى المجالات لذلك فإنه من الأولى تطويع كل هذه التقنيات والتطبيقات والنماذج لخدمة سلامة الإنسان والحفاظ على بقائه آمنًا مطمئنًا.
لا شك أن الإنسان قام بتطوير أنظمة سلامة تحدّ من المخاطر في بيئات العمل الأكثر خطرًا إلا أن دخول الآلات التي يعتمد تشغيلها على تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدم ستساهم بشكلٍ فعّال في الحد من مخاطر بيئات العمل والتي تحلُّ محلَ الإنسان في مجالات العمل الأكثر خطرًا كالعمل في المناجم العميقة أو بالقربِ من المصاهر أو التعامل مع المواد الكيماوية أو المواد التي تتسم بدرجة سُميّته عالية أو رفع الأحمال الثقيلة حيث تتولى هذه الروبوتات مهام عمل متكررة وروتينية والتي يمكن برمجتها للعمل في مختلف الظروف أو حتى بشكل متواصل.
ولا يمكننا هنا أن نغفل دور الإنسان الذي قام هو بذاتهِ بإبتكار هذه التطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي حيث لولا الإنسان لما عملت هذه الآلات لأنه يبقى تهديد الاختراقات والهجمات السيبرانية قائما وبالتالي يمكن لهذه الآلات أن تتعطل وتتوقف عن العمل وبالتالي يبقى دور التدخل البشري قائمًا لمعالجة هذه المشكلة وبالتالي فإن الآلة مهما تطورت لا يمكنها أن تحلّ محل الإنسان أو تلغي دورهُ تمامًا، إنما هي تساعدهُ في تسريع العمل بكفاءةٍ وإتقان وتضمن أفضل درجات السلامة للعاملين.
من جهة أخرى، يقوم مهندسو وفنيو السلامة في أماكن العمل بإجراء تقييمٍ شامل لمخاطر بيئة العمل بشكل دوري مستمر وذلك بهدف المحافظة على بيئة العمل أكثر أمانا وضمان خلوها من التهديدات التي يمكن أن تتسبب في وقوع حوادث وشيكة، أما الآن ومع دخول الأجهزة الرقمية وأجهزة الاستشعار الذكية فيمكنها أن تساعد المعنيين في الكشف المبكر عن مخاطر بيئة العمل بكفاءة عالية حيث أصبحت هذه الأجهزة تساعد على اكتشاف المخاطر مبكرًا وبالتالي تسمح للمختصين بالتدخل مبكرًا أيضًا والعمل على معالجة أسباب الخطر مما يُساهم ذلك في بقاء بيئة العمل أكثر أمانا.
وبما أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات يشهد تطورًا هائلًا مدعومًا ببحوث تطوير التقنيات المتقدمة وأدوات الذكاء الاصطناعي وكذلك سباق شركات قطاع تقنية المعلومات المحموم لتقديم أفضل الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي والرقمنة فهذا يدعونا لتطوير سياسات سلامة وصحة مهنية تـُركزُّ على اعتماد استخدام مثل هذه التقنيات في بيئات العمل للمساهمة في الحفاظ على سلامة وصحة الإنسان في مكان العمل.
ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة سنويًا للتذكير بضرورة مناقشة أسباب الخطر في أماكن العمل واعتماد أفضل الوسائل التي تحافظ على سلامة وصحة الإنسان واستدامة موارد المنشآت وارتفاع العائدات بمختلف أنواعها.
رابط مختصر