كانت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين صريحة إلى أبعد الحدود، حين أكدت علناً، بأن «العمل على إصلاحات قطاع المصارف في الولايات المتحدة لا يزال غير مكتمل». 
ما يشير إلى أن سلطات الرقابة المصرفية، لا تزال في مرحلة بلورة قوانين صارمة، مع الاحتفاظ قدر الإمكان بالمرونة البنكية المطلوبة، خصوصاً في فترة التباطؤ التي يمر بها الاقتصاد الأميركي، في سياق الاضطرابات التي لا تزال تنال من الاقتصاد العالمي ككل.

 
ويخشى المشرعون (في أميركا وغيرها) من بروز أي شكل من أشكال الأزمات في القطاع المصرفي. فلا يزال العالم يتذكر الأزمة الكبرى في العام 2008، التي بدأت مالية لتتحول بسرعة البرق إلى أزمة اقتصادية ومعيشية عامة على المستوى العالمي كله تقريباً. 
واللافت هنا، أنه بعد أن نجحت السلطات الأميركية فعلاً في احتواء أزمة البنوك التي ظهرت في أبريل الماضي، واتخذت قرارات سريعة حافظت على أموال المودعين، وإن لم تمنح المستثمرين في هذه البنوك الحماية، خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيفات ائتمانية لمجموعة من البنوك الأميركية الصغيرة والمتوسطة، ومضت أبعد من ذلك، بوضعها أسماء مؤسسات مالية كبيرة في السوق الأميركية قيد المراجعة السلبية.
وهذه التصنيفات تأتي في وقت حرج للغاية، ولاسيما في ظل الجهود التي لا تتوقف في سياق سن القوانين الجديدة أو تجديد أخرى في القطاع المصرفي ككل. 
فالوكالة تعتقد، بأن هناك مخاطر تستهدف عشرة مصارف على الأقل، وأنها جميعها هبطت درجة واحدة على مقياس «موديز». والهبوط درجة في مرحلة حساسة، تزيد من الأجواء السلبية عموماً.
لا شك أن الأمر لا يتعلق هذه المرة بالجانب الخاص بالديون الخطيرة (أو الإقراض المتسيب المفرط) التي أدت إلى أزمة العام 2008، ولكن يرتبط مباشرة بالوضع الاقتصادي العام. فهذه المصارف (وغيرها) مضطرة للتعامل مع إدارة الأصول وأسعار الفائدة المرتفعة والمتغيرة على الساحة الأميركية وغيرها أيضاً، بسبب الحراك الذي لا يتوقف من قبل المشرعين للحد من مستويات التضخم. فارتفاع الفائدة (كما هو معروف) يقلل تلقائياً من قيمة الأصول، وخصوصاً تلك التي تدخل ضمن نطاق الأسعار الثابتة. ويبدو أن الباب سيبقى مفتوحاً على التشديد النقدي حتى نهاية العام الجاري. والمسألة واضحة بالفعل، فوكالة «موديز» تتوقع تفاقم أخطار إدارة الأصول للبنوك عموماً، بسبب الزيادة الكبيرة في معدل سياسة «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، إلى جانب التخفيض المستمر في احتياطات النظام المصرفي. 
وفي كل الأحوال، الفترة المقبلة ستبقى حرجة بصورة أو بأخرى على القطاع المصرفي الأميركي، وإن أثبتت «أزمة أبريل» الماضي، أن السلطات المختصة قادرة على احتواء مشاكل بعينها تواجه بعض البنوك. وبالفعل، كانت الإدارة الأميركية حاسمة في معالجة هذه الأزمة بأسرع وقت، منعاً لأي تداعٍ في هذا الميدان. 
فالعدوى في القطاع المصرفي تعد الأسرع على الإطلاق مقارنة ببقية القطاعات الأخرى، نظراً لاتساع وعمق رقعة الانكشافات فيها، التي لا تنحصر فقط بالساحة الأميركية، بل تمتد إلى الخارج أيضاً.

أخبار ذات صلة محمد كركوتي يكتب: التشديد النقدي البريطاني لن يتوقف محمد كركوتي يكتب: تشديد نقدي أوروبي لا يتوقف

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كلام آخر القطاع المصرفی

إقرأ أيضاً:

ارتفاع أرباح البنوك المصرية بنسبة 100% خلال أول 9 أشهر من عام 2024

أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري أن أرباح البنوك المصرية ارتفعت بنسبة 100% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، لتصل إلى 426.91 مليار جنيه مقارنة بـ 213 مليار جنيه في نفس الفترة من العام الماضي.

عوامل رئيسية وراء ارتفاع أرباح البنوك المصرية

الاستثمار في أذون الخزانة:

وضَّح الخبير المصرفي ماجد فهمي أن جزءًا كبيرًا من ودائع العملاء يُعاد استثماره في أذون الخزانة التي تقدم عوائد مرتفعة، مما ساهم بشكل كبير في زيادة الأرباح.

رفع أسعار الفائدة:

شهد عام 2024 مستويات قياسية لأسعار الفائدة، مما رفع صافي الدخل من العائد ليصل إلى 669.4 مليار جنيه مقارنة بـ 411.9 مليار جنيه في الفترة نفسها من العام الماضي.

 

أثر سعر الصرف:

احتفاظ البنوك بأرصدة من النقد الأجنبي ساعدها على تحقيق أرباح إضافية نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.

نمو القروض:

زادت نسبة توظيف الودائع في القروض لتصل إلى 61.3% من إجمالي الودائع البالغة 12.8 تريليون جنيه، مما عزز الإيرادات.

ومن إجمالي القروض البالغة 7.8 تريليون جنيه، تم توجيه 43.8% للقطاع الخاص.

أداء القطاع المصرفي وتحسين الكفاءة المالية

نمو الأصول:

سجلت أصول البنوك في السوق المحلية 21.2 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر 2024، مقارنة بـ 14.2 تريليون جنيه في نهاية 2023، بزيادة 49.2%.

تحسن جودة الأصول:

تراجعت القروض غير المنتظمة إلى 2.4% من إجمالي القروض مقارنة بـ 2.7% في يونيو 2024.

وارتفع معيار كفاية رأس المال إلى 19.1% مقارنة بـ 18.6% في يونيو الماضي.

استقرار الأداء المالي:

سجل العائد على متوسط الأصول 2%، ومتوسط حقوق الملكية 32.2%، وصافي هامش العائد 5.2%.

دور البنوك الكبرى

سيطرت أكبر 5 بنوك على 65% من إجمالي أرباح القطاع، واستحوذت على 70% من إجمالي أصول القطاع المصرفي، مما يعكس تركيز القوة المالية في المؤسسات الكبرى.

تأثيرات إيجابية على الاقتصاد:دعم مركز القطاع المصرفي وتعزيز خدماته التكنولوجية.رفع كفاءة الخدمات المالية المقدمة للمواطنين.تسهيل الانتشار الجغرافي عبر فروع جديدة وزيادة الاعتماد على الخدمات الرقمية.

مقالات مشابهة

  • محمد الإتربي: ندعم القطاع الخاص ونتوقع انخفاض التضخم والفائدة في 2025
  • ارتفاع أرباح البنوك المصرية بنسبة 100% خلال أول 9 أشهر من عام 2024
  • المحامي محمد احمد المجالي يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ
  • الأسهم الأميركية ترتفع خلال تعاملات الثلاثاء في جلسة تداول قصيرة
  • أخنوش: جلالة الملك أعطى تعليماته وتوجيهاته بخصوص المبادئ والغايات التي ستحْكُم مراجعة مدونة الأسرة
  • أزمة لصناع المحتوى.. يوتيوب تشن حملة على الفيديوهات التي تحمل عناوين مثيرة للانتباه
  • الدولار يحافظ على قوته مع استمرار هيمنة توقعات الفائدة الأميركية
  • أسعار الذهب ترتفع قليلاً مع تأهب المستثمرين لخفض أسعار الفائدة الأميركية
  • البنك المركزي يطلق حملة جديدة للتثقيف المالي وتعزيز الثقة في القطاع المصرفي
  • مجلس إدارة اتحاد مصارف الإمارات يؤكد على متانة ومرونة القطاع المصرفي وقدرته على السعي لمواصلة النمو في 2025