انتخابات كردستان العراق.. خارطة سياسية تختلف عن سابقاتها
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
يقف إقليم كردستان العراق على أعتاب مرحلة جديدة مع قرب انبثاق برلمان جديد منتخب، تخرج من رحمه حكومة جديدة مكتملة الصلاحيات قادرة على معالجة ملفات داخلية وخارجية، وفقا لمراقبين.
ويرى العديد من المراقبين أن المرحلة الجديدة تختلف عن سابقاتها كثيرا، إذ ولأول مرة يرفع في إقليم كردستان شعار تغيير مسار وفلسفة الحكم من قبل أحزاب مشاركة في الانتخابات.
يقول المحلل السياسي والمستشار السابق لرئيس برلمان إقليم كردستان محمود خشناو إن "إقليم كردستان ماضٍ نحو خارطة نيابية تختلف عن السابق لا يوجد فيها مبدأ للنصف زائد واحد أو يغلب فيه رأي حزب واحد على الجميع".
ويرجح خشناو في حديثه للحرة أن يتعامل البرلمان الجديد بأريحية فيما يتعلق بتشريع القوانين وتمرير الحكومة ومساءلة رئيسها أو وزرائه".
توقع خشناو أن يقف البرلمان الجديد على كثير من الملفات المهمة ومن بينها قانون الموازنة الذي لم يدخل إلى البرلمان على مدى السنوات العشر الماضية.
كذلك يشير إلى أن قضية توازن القوى في إقليم كردستان ستكون من بين القضايا التي سيتعامل معها البرلمان الجديد وكذلك قانون رئاسة الإقليم ورئاسة الوزراء وآلية التصويت داخل مجلس الوزراء في الإقليم.
ويرى مختصون آخرون أن على البرلمان الجديد والحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات، العمل على حسم الخلافات مع بغداد والمتعلقة بحصة الإقليم من الموازنة الاتحادية ووضع قوات البيشمركة كجزء من منظومة الدفاع الوطني إضافة إلى ملفي المناطق المتنازع عليها والموارد النفطية.
يقول المحلل السياسي ياسين عزيز للحرة إن وجود برلمان قوي مكتمل الصفوف وحكومة قوية منبثقة من جميع الأطراف السياسية ولديها موقف موحد سيعزز موقف الإقليم خلال التعامل مع الحكومة الاتحادية.
ويضيف عزيز أن لدى الكرد ملفات عالقة كثيرة بحاجة إلى جهود جيدة للوصول إلى اتفاقيات وأرضية مشتركة بين بغداد وأربيل.
لكن ومع عمق الخلافات داخل البيت الكردستاني فإن سياسيين كثر يعتقدون أن هذه الخلافات "معقدة "، وربما تكون سببا في عرقلة تشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما يعني عمليا استمرار إدارة الإقليم من قبل حكومة غير مكتملة الصلاحيات مرة أخرى.
وأعلنت سلطات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991، إجراء الانتخابات التشريعية في 20 أكتوبر لاختيار مئة عضو للبرلمان، وذلك بعدما كان الاقتراع مقررا في خريف 2022 ثم تأجل أربع مرات.
ويشهد كردستان العراق منذ عقود تنافسا على السلطة بين حزبين أساسيين وعائلتيهما هما الحزب الديموقراطي الكردستاني وأسرة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وأسرة طالباني.
ويُزاد إلى هذه المشاكل التي يعود بعضها إلى التوترات بين الحكومة المحلية والحكومية المركزية في العراق الغني بالنفط، توقّف تصدير أربيل للنفط والذي كانت تقوم به سابقا من دون الحصول على موافقة بغداد. وحُرم الإقليم منذ أكثر من عام من هذه المكاسب المالية إثر قرار تحكيم دولي جاء لصالح بغداد.
ويحظى الحزب الديموقراطي الكردستاني ومعقله أربيل، بغالبية نسبية في البرلمان الكردي حيث يشغل 45 مقعدا بالإضافة إلى تحالفات مع نواب من الأقليتين المسيحية والتركمانية حصلوا على مقاعد في البرلمان عن طريق نظام الحصص. أما الاتحاد الوطني الكردستاني ومعقله السليمانية، ثاني أكبر مدن الإقليم، فيشغل 21 مقعدا.
ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع في الدورة السادسة لانتخابات برلمان الإقليم، 2,9 مليون ناخب تقريبا، بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
ويُزاد إلى هذه المشاكل التي يعود بعضها إلى التوترات بين الحكومة المحلية والحكومية المركزية في العراق الغني بالنفط، توقّف تصدير أربيل للنفط والذي كانت تقوم به سابقا من دون الحصول على موافقة بغداد. وحُرم الإقليم منذ أكثر من عام من هذه المكاسب المالية إثر قرار تحكيم دولي جاء لصالح بغداد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: البرلمان الجدید کردستان العراق إقلیم کردستان الإقلیم من
إقرأ أيضاً:
المشروع الوطني الأردني: خارطة طريق لمستقبل الدولة
#المشروع_الوطني_الأردني: خارطة طريق لمستقبل الدولة
الشاعر #أحمد_طناش_شطناوي
رئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين/ إربد
في ظل التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة العربية، ومع تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، أصبح من الضروري أن نؤسس لمفهوم “المشروع الوطني الأردني” كإطار استراتيجي يحدد معالم المستقبل السياسي والاقتصادي والثقافي للدولة الأردنية، فهذا المشروع ليس مجرد رد فعل على الأوضاع الراهنة، بل هو رؤية متكاملة تسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية في إطارها العربي، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وترسيخ السيادة السياسية، في مواجهة المشاريع الخارجية التي تسعى إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها الخاصة، وعلى رأسها المشروع الغربي والمشروع الصهيوني، اللذان يفرضان تهديدًا وجوديًا على الأمة العربية عمومًا، وعلى الأردن بشكل خاص.
فلا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح دون وجود قاعدة ثقافية صلبة، إذ أن الثقافة ليست ترفًا فكريًا، بل هي العمود الفقري للهوية الوطنية والمجتمعية، والمشروع الثقافي الأردني يتطلب إعادة الاعتبار للهوية العربية الإسلامية بوصفها جزءًا أساسيًا من تكوين الأردن التاريخي والحضاري، مع الانفتاح على الحداثة بصورة متوازنة لا تذيب الخصوصية الثقافية لصالح العولمة الموجهة.
إن ملامح هذا المشروع تقتضي تعزيز دور المؤسسات الثقافية، وتطوير مناهج التعليم لتغرس في الأجيال القادمة قيم الانتماء والوعي بالتحديات التي تواجه الأمة، مع التركيز على استعادة الدور الريادي للإعلام الوطني في توجيه الرأي العام، بعيدًا عن الهيمنة الإعلامية الغربية التي تروج لثقافات الاستهلاك والتفكيك الاجتماعي، كما أن دعم الفنون والأدب والفكر النقدي، وإحياء دور المثقفين في رسم السياسات الثقافية، وتفعيل دورهم في رسم الأطر العامة لسياسات الدولة، يشكل ركيزة في هذا المشروع الذي يسعى إلى مواجهة محاولات الاختراق الفكري والثقافي والسياسي التي تستهدف الهوية الوطنية الأردنية.
وأما في الإطار الاقتصادي، فإن الاقتصاد يشكل الركيزة الثانية للمشروع الوطني الأردني، إذ لا يمكن لدولة أن تحقق سيادتها السياسية دون أن تمتلك اقتصادًا قويًا ومستقلًا، ومن هنا يتوجب على الدولة بناء اقتصاد يعتمد على الإنتاج بدلًا من الاستهلاك، ويقلل من التبعية للمساعدات الخارجية التي كثيرًا ما تكون وسيلة للضغط السياسي.
وفي هذا السياق، فإن تحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحيوية، مثل الزراعة والصناعات التحويلية، يعدّ من الأولويات، كما أن التحول نحو الاقتصاد المعرفي والاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الصناعي من شأنه أن يعزز قدرة الأردن على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، ومن المؤكد أن تطوير البنية التحتية الرقمية، ودعم المشاريع الريادية، وتعزيز الشراكات الاقتصادية العربية، يمكن أن يضع الأردن في موقع استراتيجي يمكنه من تجاوز الضغوط الاقتصادية التي تمارس عليه من قبل القوى الخارجية.
وفي هذا الإطار، لا بد من إعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية، والتي غالبًا ما تأتي على حساب الطبقات الوسطى والفقيرة، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي، لذا فإن تعزيز دور الدولة في ضبط الأسواق، ووضع سياسات مالية تراعي العدالة الاجتماعية، يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من هذا المشروع.
وأما على المستوى السياسي، فإن المشروع الوطني الأردني يتطلب إعادة صياغة مفهوم السيادة الوطنية في ظل الضغوط المتزايدة التي تمارسها القوى الإقليمية والدولية، فمن الواضح أن الأردن يقف في قلب صراع استراتيجي بين مشاريع إقليمية متنافسة، المشروع الغربي الذي يسعى إلى فرض نموذج الهيمنة الاقتصادية والثقافية، والمشروع الصهيوني الذي لا يهدد فلسطين فقط، بل يمتد ليشمل الأردن من خلال أجندات التوسع والاحتواء السياسي، وصولًا إلى مشروع “الوطن البديل” الذي يُستخدم كأداة ضغط في سياقات تفاوضية دولية.
إن المشروع السياسي الأردني يجب أن يرتكز على تعزيز القرار السيادي الوطني، وعدم الخضوع للإملاءات الخارجية التي تهدد المصالح الأردنية العليا، ويتطلب ذلك تنويع العلاقات الخارجية، بحيث لا يكون الأردن مرتهنًا لطرف واحد، بل يمتلك خيارات استراتيجية تضمن له حرية الحركة في السياسة الدولية.
ومن ناحية أخرى، فإن المشروع السياسي يجب أن يعزز الجبهة الداخلية من خلال تطوير نظام سياسي أكثر ديمقراطية وتمثيلًا، ويبرز دور البرلمان الحقيقي في التشريع والرقابة، لضمان مشاركة المواطنين في صناعة القرار، مما يعزز شرعية الدولة ويمنحها قوة تفاوضية أكبر في علاقاتها الخارجية.
وفي ظل هذه التحديات، لا يمكن للأردن أن يبقى متفرجًا على ما يجري من حوله، بل يجب أن يكون فاعلًا رئيسيًا في رسم مستقبله، فالمشروع الغربي يسعى إلى فرض أجندات تخدم مصالحه دون الاكتراث بمصالح الشعوب، والمشروع الصهيوني يعمل على تفكيك الهوية العربية وإعادة هندسة المنطقة وفق تصورات استعمارية جديدة، أما الأردن فيحتاج إلى مشروعه الوطني الخاص الذي يجمع بين الهوية والاستقلال الاقتصادي والسيادة السياسية، ليكون قادرًا على الصمود في وجه هذه المخاطر.
مقالات ذات صلة الكبسولة “كرونوس 9” 2025/03/20وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن ترجمة هذا المشروع الوطني إلى سياسات عملية تنقل الأردن إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار؟ وهل نحن قادرون على تحويل الطموحات إلى استراتيجيات فعلية تحمي الأردن من التحديات المحدقة به؟ هذا هو التحدي الحقيقي الذي يواجه الدولة الأردنية في المرحلة القادمة.