أماكن من الجنة فى المدينة المنورة.. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إننا مازلنا نتكلم عن تلك المدينة التي تشرفت وتشرف أهلها بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واضطربت جبالها تحت قدميه فرحاً، وحن الجذع فيها شوقاً إليه، وضوعف أجر الصلاة في مسجدها، وشرع شد الرحال إليه، تمرها وترابها شفاء، بعض أجزائها من الجنة، أهلها جيران رسوله، من مات فيها كان آمناً.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أتكلم في هذه المرة عن بعض أماكنها المقدسة الشهيرة، فأهم ما يشرف المدينة النبوية الحرم النبوي الشريف الذي يشتمل على المسجد النبوي، والروضة الشريفة التي تضم الجسد الطاهر .
ويلي الحرم النبوي في العظمة البقيع، هو المقبرة الرئيسة لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أقرب الأماكن التاريخية إلى مبنى المسجد النبوي، ويقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور الحرم النبوي، وقد ضمت إليه أراض مجاورة وبني حوله سور جديد مرتفع، وتبلغ مساحته الحالية 280 ألف متر مربع.
فالبقيع هو تلك المقابر التي ضمت الأجساد الطاهرة من آل البيت الكرام كالسيدة فاطمة الزهراء، وابن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إبراهيم، وعمه العباس، وعمته صفية، وحفيده الحسن بن علي رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك يضم أجساد زوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدا خديجة وميمونة، كما يضم أجساد العديد من الصحابة أمثال عثمان بن مظعون، وأسعد بن زرارة، وغيرهم الكثير وقد يصل عدد من دفن في البقيع من الصحابة إلى عشرة آلاف صحابي.
وتستحب زيارة هذه المقابر لما في ذلك من صلة وبر وبركة بأصحابها، واتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وآاه وسلم؛ حيث كان يزورها ويدعو لمن دفن فيه، فقد وردت الآثار الكثير في ذلك منها : أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) [رواه مسلم]
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المدينة المنورة البقيع مقابر البقيع رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
مرايا الوحي: المحاضرة الرمضانية (19) للسيد القائد 1446
استدراك :
ستظل شخصيات الدكتور أحمد ونجليه صلاح ومُنير تتواجد في جزئية محاضرات القصص القرآنية؛ لاتساقها مع موضوع المحاضرة وعدم تشتيت انتباه القارئ.
"الدكتور أحمد أستاذ الفقه المقارن في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
أما نَجَلاه صلاح ومُنير، فيدرسان في كلية الطب بالجامعة ذاتها وكذلك حازم ابن شقيقه طالب الهندسة المعمارية وكذلك الدكتور نضال زميل الدكتور احمد وهو استاذ العقائد والاديان في كلية العلوم الاسلامية بذات الجامعة "
تجمعوا الليلة في منزل الدكتور احمد المنزل الذي اصبح مقرهم الدائم لمتابعة محاضرات السيد عبدالملك .
فرغوا من اداء صلاة العشاء وتوجهوا لصالة المنزل لمتابعة المحاضرة الرمضانية التاسعة عشر والتي انطلقت للتو :-
في الاستكمال للحديث عن غزوة بدرٍ الكبرى؛ للاستفادة مما فيها من الدروس والعبر، ولحاجتنا إلى استذكار سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي هو لنا الأسوة والقدوة، ونحن في مرحلة تاريخية مصيرية وحساسة لِأُمَّتنا فيما تواجهه من التحديات والأخطار، فنحن كأُّمةٍ مسلمة أحوج ما نكون إلى الاستفادة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله.
وصلنا إلى تحرُّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المدينة، عندما اتَّخذ قراراً بالتحرُّك وفق توجيهات الله وأوامره سبحانه وتعالى، القائل في القرآن الكريم: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}[الأنفال:5]، الله سبحانه وتعالى هو الذي وجَّه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتحرُّك، فتحرَّك بأمر الله سبحانه وتعالى، بالرغم أن البعض من المؤمنين كان لديهم وجهة نظر أخرى، وفق الحسابات المتعلقة بالإمكانات، والعدد، والعُدَّة، والظروف المحيطة، فكانوا متخوفين، في أن تكون النتائج خطيرة جداً، ألَّا تكون لصالح المسلمين، وانتصار المسلمين؛ ولـذلك قال الله عنهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}[الأنفال:6]؛ لأنه أحياناً في الوسط الإيماني نفسه، في الأُمَّة المؤمنة، مع الإقرار من الجميع بأن الموقف حقٌّ،
فأن يكون الموقف حقاً، هذه مسألة في غاية الأهمية، ثم أن يكون هناك أيضاً هداية من الله سبحانه وتعالى، وإدراك لأهمية الموقف، من خلال هذه الرؤية العميقة، الهادية في القرآن الكريم، التي تُرَبِّينا على أن نكون أُمَّةً سباقة تتحرَّك لمواجهة المخاطر قبل أن تدهمها وأن تصل إلى مستوى الانهيار.
فمثلاً: ما يهدد بلداننا من جانب الخطر الأمريكي والإسرائيلي، رؤية البعض أن يُترك المجال لأمريكا وإسرائيل حتى تحتل الأوطان، وتسيطر، وتستحكم سيطرتها على بلدان أُمَّتنا، وتُجِّرد أُمَّتنا من كل عناصر القوة، ثم- في نهاية المطاف- تدرك الأُمَّة وتقتنع بأنه بات ضرورياً أن تتحرك، وهذه النظرة هي نظرة خاطئة: نظرة تمكين العدو أولاً، ثم التحرك ما بعد تمكنه واستحكام سيطرته ثانياً.
- هاهوا السيد عبدالملك يستكمل لنا الحديث عن غزوة بدر الكبرى للاستفادة منها لما فيها من العبر والدروس وانعكاسها على واقع الامة اليوم ... هكذا تحدث احمد.
القرآن الكريم هو كتاب هداية من الله سبحانه وتعالى، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو القدوة والأسوة، كيف تحرَّك بشكلٍ استباقي، دون الانتظار حتى يتمكن العدو وتستحكم سيطرته، ثم يأتي القرار بضرورة التحرك آنذاك، في مثل تلك الأحوال تكون الأُمَّة قد فقدت الكثير الكثير من عناصر قوتها المعنوية، وحتى على مستوى الظروف، تكون قد فقدت الكثير من الظروف المهيأة لموقفٍ أقوى، وتحرُّكٍ فعَّال، وتحقيق نجاحٍ أكبر، وهذه مسألة مهمة؛ لأن الظروف نفسها لها تأثير كبير في واقع الأمة.
مثلاً: في قصة فلسطين، لو أن المسلمين أدركوا جيداً، وبالاهتداء بالقرآن الكريم، أن تخاذلهم في البداية، في بداية تَدَفُّقِ اليهود الصهاينة برعاية بريطانية إلى فلسطين، سيترتب عليه أن يتمكن أولئك الأعداء من السيطرة التامة، وبناء واقعٍ قوي، ثم تكون مواجهتهم فيما بعد أصعب من مواجهتهم آنذاك .
لو كانت لديهم رؤية القرآن الكريم، والاهتداء بها، في تقييم مستوى ذلك الخطر على الأُمَّة بكلها، على المنطقة بأجمعها، على شعوب هذه البلدان بِرُمَّتِها؛ لكانت المسألة مختلفة تماماً.
- يوضح لنا السيد عبدالملك اهمية اتباع توجيهات الله القرآنية ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكانت المسأله مختلفة وضرب لها مثلاً بفلسطين . . هكذا تحدث الدكتور نضال .
فالله سبحانه وتعالى حينما يذكر لنا حال بعض المؤمنين، والذين انطلقوا- في نفس الوقت- مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكنهم كانوا يحاولون أن يقنعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بأن يُغَيِّر موقفه، وأن يؤخِّر التحرُّك في مواجهة قريش، لم يكن لديهم أملٌ بالنصر، بحسب الحسابات آنذاك، وموازين القوى، الحسابات المادية وموازين القوى، ما بين واقع المسلمين وهم في حالة استضعاف تام، لم يخوضوا قبل ذلك معركة عسكرية كبيرة؛ إنما اشتباكات محدودة، من خلال سرايا كان يرسلها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
فالله يقول عنهم: يجادلونك في الحق بعدما تبيَّن الحق والموقف الحق، لكن العامل النفسي، والرؤيا المحدودة القاصرة، كانت مؤثِّرةً على موقفهم، {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}، يعني: لم يكن عندهم أملٌ بِالنَّصر.
تَحَرُّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمن استجاب له من المسلمين، ودعا المسلمين إلى أن يتحركوا معه، استجاب له منهم (ثلاثمائة)، في بعض الأخبار يقولون: (وأربعة عشر شخصاً).
- يضعنا السيد على حالة ما قبل المعركة من قبل المسلمين انفسهم وحالة الجدال التي اوردتها الآية القرآنية ... هكذا تحدث الدكتور احمد
منذ بداية التحرُّك كان هناك حملة في المدينة المنورة للإرجاف، والتهويل، والتثبيط، من قبل المنافقين والذين في قلوبهم مرض، فئة المنافقين، وفئة الذين في قلوبهم مرض، من أبرز ما يميزها- وهذا تكرر كثيراً في القرآن، وهذا درسٌ مهمٌ جداً لِأُمَّتنا في هذه المرحلة- من أبرز ما يميزها ويكشفها ويوضحها- ومن أبرز علاماتها: أنَّها تثبِّط الأمة عن مواجهة الأعداء من الكافرين، وتخلخل في واقع الأمة من الداخل، وتتحرك بالإرجاف والتهويل والتثبيط، هذه العلامة بارزة جداً لها في القرآن الكريم، وتحدث عنها القرآن الكريم بوضوحٍ كبير في (سورة آل عمران)، وفي (سورة الأنفال)، وفي (سورة التوبة)، وفي (سورة الأحزاب) وفي سور كثيرة من القرآن الكريم
وهذه مسألة مهمة؛ لأن من أهم ما تحتاج إليه أُمَّتنا: أن تمتلك الوعي الكافي القرآني عن المنافقين:
من هم؟
ما هي علاماتهم؟
ما هي اعمالهم
ما الذي يشكلونه من خطورةٍ على الأمة؟
كيف هو ارتباطهم بالكافرين؟
ما هو دورهم في إطار استهداف الكافرين لأمتنا؟
هذه من أهم الأمور التي تحتاج إليها الأمة، وأن يتعمم هذا الوعي في أوساط الأمة؛ لأن أكبر دورٍ خطيرٍ على أمتنا من الداخل هو دور المنافقين؛ لأنهم يقدِّمون خدمةً كبيرةً للكافرين، يوالون الكافرين؛ لأن هذا هو المشكلة الكبرى التي جعلت منهم منافقين، يعني كان بالإمكان أن يكونوا فَجَرَة، أو فَسَقَة... أو أي عنوان من العناوين السيئة الأخرى، لكنَّ عنوان النفاق فيه: أن يكون الإنسان منتمياً للمسلمين، موالياً لأعداء الإسلام والمسلمين، هذه حقيقة النفاق؛ لأنه ضُرِب حتى تفسير معنى المنافق (ما هو النفاق؟ ومن هو المنافق؟)، المنافق هو: الذي ينتمي للإسلام، لكن ولاءه لأعداء الإسلام، هو مع أعداء الإسلام، {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة:14]، فهذه المعيَّة مَعِيَّتهُم مع الكافرين: هم مع الكافرين أعداء الأُمَّة، وفي نفس الوقت يقول عنهم في (سورة النساء): {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء:139]، فهو يُعَرِّفهُم، بأنهم هم هكذا: هم {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}، {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء:138-139]، من يتأمل في القرآن الكريم في (سورة البقرة)، في (سورة آل عمران)، في (سورة النساء)، في (سورة الأنفال) في (سورة التوبة)، في (سورة الفاتحة)... في غيرها من السور القرآنية، في (سورة المنافقون)،
ولـذلك عندما تحرَّك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن استجاب لهم من المسلمين، بدأت على الفور حملة في داخل المسلمين، في المدينة المنورة، للإرجاف، للتهويل، للتثبيط، للتيئيس، أنه: [لا جدوى من هذا الموقف، لا فائدة، لا يمكن لكم أن تنتصروا، لا يمكن لكم أن تهزموا الأعداء ولا أن تغلبوهم، ليس هناك لموقفكم هذا أي فائدة؛ إنما هو انتحار، إنما هو خطر... وهكذا]، {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:49]
- جزئية مهمة للغاية في التعريف السليم للمنافق ومدى خطورة المنافقين على الاسلام وابرز علاماتهم .. هكذا تحدث الدكتور نضال .
قريش قرَّروا أن يجعلوا من الموقف فرصةً للقضاء على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأنهم- أصلاً- كانوا يريدون أن يقوموا بعملية عسكرية كبيرة؛ لاستهداف النبي والمسلمين والقضاء عليهم،
وفي نفس الوقت مع هذا الهدف، مع التحرُّك للقضاء على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى المسلمين، وإنهاء أمر الإسلام، أن يعزِّزوا من نفوذهم وهيبتهم في الجزيرة العربية، أمام بقية القبائل والقوى، بحيث يكون للموقف صداه في هيبتهم، في نفوذهم، في قوتهم، فأرادوا من ذلك أن يُعَزِّزوا من مكانتهم وهيبتهم لدى القبائل العربية الأخرى، والقوى الأخرى في الساحة، على المستوى الإقليمي والدولي، فأرادوا أن يجعلوا من ذلك فرصةً لذلك.
ركَّزوا على استعراض إمكاناتهم؛ ليسمع بها الناس، أنهم خرجوا بذلك العدد، بتلك الإمكانات الضخمة، كما قال الله عنهم في خروجهم: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ}، {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنفال:47]، مهمتهم الأساسية بالنسبة لهم: كانت هي الصدّ عن سبيل الله، والعمل على إنهاء أمر الإسلام، (بَطَراً) بما هم فيه من النعمة والإمكانات، لم يشكروا نعمة الله عليهم، (رِئَاءَ النَّاسِ) قالوا: أنهم أرادوا أن يسمع بهم العرب جميعاً، بخروجهم ذلك، وبما كان معهم فيه من إمكانات ضخمة.
- يسافر بنا السيد عبدالملك في رحلة حيثيات المعركة واهدافها قريش منها . . هكذا تحدث منير.
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو يتحرَّك قد خرج من المدينة، عرف أيضاً بخروجهم، أنهم قد تحرَّكوا عسكرياً، رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أنه كان يأتيه الخبر من السماء، في الوحي من الله سبحانه وتعالى، لكنه أيضاً كان يهتم جداً بمسألة رصد تحركات الأعداء، وكان له نشاط استطلاعي، وجهاز معلوماتي، (جهاز معلوماتي) يعني: عناصر، أفراد، كانوا يسمونهم بـ(العيون) آنذاك، يرصدون له التحركات، يبلغونه بالأخبار، فأتاه الخبر عن تحرُّك قريش وخروجها بتلك القوة العسكرية.
مع ذلك لم يتراجع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، صمم على مواصلة السير نحو القافلة لاستهدافها، والله سبحانه وتعالى وعده ووعد المؤمنين معه بالتمكين من إحدى الطائفتين: إمَّا من القافلة، وعلى رأسها أبو سفيان ومن معه؛ وإمَّا من القوة العسكرية التي خرجت للقتال من قريش، بالنصر عليهم، والله يقول: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}[الأنفال:7]، هذا وعد بالنصر من الله سبحانه وتعالى، {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}[الأنفال:7]، ما يرغب به المسلمون كان هو السيطرة على القافلة التجارية، وليس الاصطدام بالقوة العسكرية، وإن كان في ذلك نصراً عليها، لكنهم كانوا يوَّدون الغنيمة، لكن تدبير الله لما هو أهم، {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}[الأنفال:7]، أراد الله من خلال أن يكون الظفر والنصر العسكري، الذي هو أهم من الغنيمة وتلك القافلة؛ لأنه الأكثر أهميةً لخدمة الموقف ودعم القضية، لإحقاق الحق، وإبطال الباطل..
- بالمقابل يقدم لنا السيد عبدالملك موقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتحركه للمعركة
رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله واصل في حركته ومسيره، بمن معه من المسلمين، يريد الوصول إلى الطريق التي تَعْبُر منها القافلة، ووصل إلى أطراف بدر، على بعد (مائة وخمسةٍ وخمسين كيلو) عن المدينة تقريباً، يعني: مسافة بعيدة عن المدينة؛ بينما أيضاً كان الجيش الذي يتحرُّك من مكة، جيش قريش، قد وصل أيضاً قريباً من بدر، ووصل الطرفان، يعني: في وقتٍ متزامن، وفي إطار التدبير الإلهي فاتت القافلة، {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ}[الأنفال:42]، القافلة فاتت، وحوَّل أبو سفيان مسارها من الطريق المعتاد، والذي كان رسول الله يسعى للوصول إليه، للوصول إلى القافلة فيه، فالقافلة حوَّل أبو سفيان مسارها، واتَّجهت من طريقٍ آخر، والتفَّت عن الطريق الذي هو معتادٌ للمرور والعبور فيه، وبقي الجيش، على مقربةٍ من جيش المسلمين.
ما قبل المواجهة كان هناك تدبيرٌ من الله سبحانه وتعالى، وما قبل أن يتراءى الجمعان، وأن يلتقيا، وأن تبدأ المعركة، كان هناك جملة من التدابير، والرعاية الإلهية التي كانت أيضاً مع الوعد السابق: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}[الأنفال:7]، كان هناك أيضاً من الله سبحانه وتعالى مبشرات من رعايته، تُعَزِّز حالة الاطمئنان لدى المؤمنين.
الليلة الأولى، ما قبل صبيحة يوم المواجهة، بات فيها المسلمون في (بدر)، في مقربةٍ من جيش المشركين .
- يواصل السيد عبدالملك وضعنا على تحرك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المعركة اولاً باول .
وقد بات من الواضح أن المعركة العسكرية حتمية، ستأتي المعركة العسكرية، ففيما هم فيه من ظروف صعبة، من معاناة، حتى من أعباء السفر ومتاعبه، مع الخوف، مع الخطر، مع التوتر؛ التجأوا إلى الله سبحانه وتعالى، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، وهذه مسألة مهمة جداً.
التحرك في سبيل الله قائمٌ أساساً على أساس الالتجاء إلى الله، الاستعانة بالله، الاعتماد كلياً على الله، التوكل على الله سبحانه وتعالى، الثقة بالله جل شأنه، لا يعيش الإنسان حالة غرور، أو اتِّكال على نفسه، أو حالة إحباط ويأس، وهذا مصدر قوة مهم جداً: على المستوى المعنوي، وعلى مستوى ما يحظى به المؤمنون من رعاية الله سبحانه وتعالى، ومعونته، وتيسيره، ومدده الواسع والمتنوع، فالاستغاثة مسألة مهمة،
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ}[الأنفال:9]، فمن الأشياء المهمة للأمة المؤمنة المجاهدة: أن تكون مستغيثةً بالله، ملتجئةً إلى الله، كثيرة الدعاء، والالتجاء، والاستغاثة... هذه مسألة مهمة، في الميدان أيضاً، في ميدان المواجهة، في العمليات والتحرُّك لأداء المهام الجهادية، من المهم التركيز على الإكثار من ذكر الله، على الاستغاثة والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:9]، تأتي من الله الاستجابة، هو أرحم الراحمين، هو خير الناصرين، هو مولى المؤمنين، هو سبحانه وتعالى القائل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}[محمد:11]، يتولاهم برعايته، بمعونته، بنصره، برحمته، {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى}[الأنفال:9-10]، استجاب لكم، يستجيب برحمته، بفضله، يُعين، يؤيِّد، ينصر، يسدد، ييسر، فدعمهم بعدد كبير من الملائكة، مثل عددهم أضعافاً، أكثر من ثلاثة أضعاف.
- يوضح لنا السيد عبدالملك في مقام المعركة اهمية التركيز على الإكثار من ذكر الله، على الاستغاثة والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.
{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}[الأنفال:11]، كذلك نزول الماء من السماء، يعني: المطر (الغيث)، كان من تلك المبشرات والمقدمات التي بشرهم الله بها، والتي يلمسون من خلالها رعاية الله بهم، وكانوا بحاجة كبيرة إلى الماء:
للشرب، وهذه مسألة أساسية بالنسبة لهم.
للطهارة، وهذه مسألة مهمة بالنسبة لهم.
للنظافة.
للانتعاش على المستوى البدني والنشاط.
وأيضاً للتخلُّص من وساوس الشيطان، بما فيها حول موضوع الماء: [كيف سيتوفر لكم الماء؟ ستتعبون من العطش، ستموتون من العطش، لن تستطيعوا الصمود، قد غلب الأعداء على آبار المياه المهمة...إلخ.].
كذلك كانت هذه الرعاية الملموسة من رعاية الله من المبشرات لهم، ولتهيئة ميدان المعركة، المنطقة التي هي رملية أو شبه رملية، تلبدت وتماسكت مع المطر؛ مما يهيئ القتال عليها براحة، هيأ الله لهم حتى الميدان، رعاية فيما لا يمكن لأحد أن يفعله أصلاً، رعاية عجيبة
نكتفي بهذا المقدار ...
- انتهت المحاضرة وتحدث حازم بكل حماس : لم اسمع سوال حياتي حديثاً عن غزوة بدر الكبرى بهذه الطريقة والاسلوب والثروة المعرفية التي يستزيدنا بها السيد عبدالملك .