جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-19@19:30:12 GMT

عُمان تعلن الحرب على الفساد (1)

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

عُمان تعلن الحرب على الفساد (1)

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

معركة الحرب على الفساد المالي والإداري في هذا البلد العزيز لم تعد من الأماني والطموحات الوطنية صعبة المنال أو من المستحيلات في رؤية "عُمان 2040" التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق العديد من المعايير مثل: الحوكمة والنزاهة والعدالة الاجتماعية.

وبالفعل قد تحقق إلى حد كبير بعض من هذه المعايير، بفضل من الله وإخلاص أبناء هذا الوطن، للحفاظ على المال العام وحقوق المواطن في الحصول ثروات وطنه بطرق سليمة، تقوم على المساواة في توزيع الثروة والمناصب، من خلال ما يُعرف بمبدأ الشفافية الذي لم يعد ترفًا؛ بل مطلب وطني من جميع أفراد المجتمع العُماني بكل أطيافه وألوانه المختلفة.

لم لا وقد وأصبحت الحرب على الفساد والمفسدين جهودًا عالمية وإقليمية، وبدون هذه الاستحقاقات المتمثلة في الرقابة الشديدة على المسؤولين وأعضاء الحكومة دون مجاملة؛ تذهب حقوق المواطن مهب الريح، ويتولى المُتنفِّذون نهب الثروات للخارج؛ مما يترتب على ذلك إفلاس النظام المالي في البلد، وتصنيف الدولة باعتبارها من الدول الفاشلة، والخاسرة للوطن والمواطن معًا، كما هو الحال فيما يحدث من حولنا في بعض الدول الإقليمية والدولية، التي سمَّنت كبار المسؤولين فيها على حساب الأمن الاجتماعي للشعب، مما ترتب على ذلك الانهيار التام للدولة، وفشلها في إدارة احتياجات الأساسية لمواطنيها.

لقد تشرُّفت يوم الأحد الماضي بالحصول نسخة من تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية عند صدوره مباشرة من الزملاء في هذا الجهاز الوطني الرائع؛ والذي هو عبارة عن إيجاز مختصر بعنوان "ملخص المجتمع 2023". وكان أبرز ما لفت انتباهي في ذلك الملخص هو تحصيل واسترداد مبالغ مالية لصالح الخزانة العامة بلغت نحو 177.7 مليون ريال عُماني منها 95 مليون ريال عُماني عن عام 2023.

كما إن هناك إسناد مشاريع واتفاقيات تقدر بمئات الملايين وعلى مرور عقود دون تدخل الجهات الرقابية في السنوات الماضية، في هدر الأموال وذهابها بطرق غير قانونية لبعض الشركات. ولعل كشف "الملخص" عن تكلفة الأموال في شراء الأنابيب لشركة تنمية نفط عُمان ولمدة ربع قرن دون إعادة طرحها للتنافس يشكل منعطفًا خطيرًا؛ إذ بلغ المبالغ المالية أكثر من 4 مليارات دولار أمريكي. ورغم أن العقد مستمر حتى نهاية المدة في أكتوبر 2024، إلا أنه سيتم وقف التمديد الذي كان يُفترض أن تكون مدته سبع سنوات أخرى.

وعلى الرغم من اختصاص جهاز الرقابة في الرقابة الإدارية المتعلقة بالمناصب والتوظيف، إلّا أن جُل تركيز هذا الجهاز على المحافظة على المال العام، وذلك باعتقادي لأهمية هذه المرحلة التي تشهدها السلطنة في تنفيذ المشاريع التنموية، وكذلك التقليل من المديونية العامة للدولة باعتبار ذلك من أهم أهداف الحكومة.        

صحيح أن التقرير كشف عن أبرز التجاوزات في هذا المجال الإداري، وكانت الواقعة الأولى: تتعلق بقيام وزارة العمل بمنح صلاحيات لبعض الموظفين لأعمال غير مرتبطة بالدوائر التي يعملون فيها كأنظمة التوظيف الحكومي ونظام "إجادة" ونظام "مورد بلس"؛ الأمر الذي أدى إلى استغلال تلك الصلاحيات والقيام باعتماد المعاملات من قِبل موظفين غير معنيين بإجراءات تلك المعاملات. كما تبيّن وجود العديد من التجاوزات والأخطاء أثناء فحص وتجربة نظام التوظيف المركزي أدت بعضها إلى: التنافس للوظائف بالمخالفة لإعلان الشواغر، والسماح بإدخال متنافسين غير مؤهلين للدخول للاختبار، وتكرار رفض قبول المُتقدِّم للوظيفة على الرغم أنه مُتوافق وتنطبق عليه شروط الوظيفة.

أما الواقعة الثانية؛ فتتمثل في غياب "آلية موحدة تنظم إجراءات تعيين الرؤساء التنفيذين ومديرو العموم للشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني بما يحقق أهداف برنامج روابط".

لا شك أنه يجب نشر ثقافة المحاسبة الذي يعتبر مبدأ "من أين لك هذا؟" واحدًا من أركانه الأساسية؛ فاختيار المسؤولين الذين يتمتعون بسمعة رفيعة وأخلاق حميدة وضمير حي لتقلُّد المناصب الكبيرة التي تشرف على الموازانات وتعتمد المناقصات والمشاريع والخطط التنموية في البلاد، ومن خلالها تقرر مصالح المواطنين ومصير المجتمع بشكل عام، خاصة قطاعات التعليم والاقتصاد والعمل. فالوظيفة العامة يجب أن تكون تكليفًا قبل أن تكون تشريفًا للمسؤول الذي أتى ليخدم الناس ويسهّل مصالحهم؛ وليس لكسب النفوذ وجمع المال بكل الطرق لتحقيق الثراء السريع قبل الرحيل من المنصب.

وفي الختام.. لا يمكن النجاح ومحاصرة الفساد في أي بلد دون الكشف عن المفسدين والإعلان عن تجاوزاتهم المالية والإدارية عبر وسائل الإعلام، ليكون ذلك رادعًا لهم ولغيرهم، مهما كبرت مناصبهم في الدولة؛ فسياسة المجاملات لبعض صُنَّاع القرار الذين يتولون التوقيع على الصفقات المليونية وحتى المليارية من الأموال العامة، يجب أن تتوقف فورًا إن وُجِدَتْ، وذلك من أجل أن تطالهم المحاسبة أيضًا، وليس فقط المدراء والموظفين الصغار الذين لا تتجاوز مسؤليتهم بضعة آلاف من الريالات، ذلك أن أفضل التجارب في محاربة الفساد أن تكون من أعلى القمة أو ما يعرف بكنس الدرج من الأعلى إلى الأدنى.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إنجاز 448 شكوى ضد المخالفين من منتسبي وزارة الداخلية خلال الفصل الأول من العام 1446 هـ

 

الثورة نت/..

أنجزت الإدارة العامة للرقابة والتفتيش في جهاز المفتش العام بوزارة الداخلية خلال الفصل الأول من العام الهجري الجاري 1446، العديد من القضايا والشكاوى المحالة إليها من جهاز المفتش العام وجهات أخرى. وفقا لما نقله الإعلام الأمني بوزارة الداخلية.
وذكرت إحصائية صادرة عن الرقابة والتفتيش أن إجمالي القضايا والشكاوى الواردة من جهاز المفتش العام بلغت 393 قضية تم التحقيق والفصل والرد على 317 قضية، فيما لا زالت 76 قضية قيد الإجراء، مشيرة إلى 73 قضية مرحلة من الربع الأخير من العام الهجري الماضي 1445، أنجز منها 69 فيما لا تزال 4 قضية وشكوى قيد الإجراء.

وأوضحت الإحصائية أنه تم خلال الفترة المذكورة، إنجاز 118 قضية وشكوى مرفوعة إلى الرقابة والتفتيش من جهات أخرى مختلفة، وتم الرد والفصل في 94 قضية وشكوى عبر التحقيقات والنزول الميداني، فيما لا زالت 24 قضية رهن التحقيقات.

وجاء في إحصائية الإدارة العامة للرقابة والتفتيش أنه تم خلال الفترة ذاتها، إثبات 83 مخالفة لـ 43 ضابطا، و93 فردا، تم التحقيق مع 144 ضابطا وصف وجندي، والرفع بمقترح العرض على المجلس التأديبي لـ 86 ضابط وفرد، والرفع بمقترح لفت نظر لـ 5 ضباط وفرد، والرفع بمقترح التوقيف عن العمل لـ 22 ضابط وفرد ونقل 18 ضابط وفرد وإصدار إنذارات لـ 24 ضابط وفرد.

وأشارت الإحصائية إلى أن الإدارة العامة للرقابة والتفتيش نفذت خلال الفترة نفسها، 35 نزولا للتأكد من الشكاوى المقدمة حسب الخطة العامة للإدارة في كلا من التفتيش المالي والإداري والفني وحقوق الإنسان، والنزول للإصلاحيات المركزية والاحتياطات ومراكز التوقيف في المحافظات للتأكد من تنفيذ التوصيات المرفوعة مسبقا بشأن الاهتمام بالنزلاء في الجانب الصحي والغذائي والثقافي والتوعوي بما ينفعهم في حياتهم بعد خروجهم من الإصلاحيات.

وأكد مدير عام الرقابة والتفتيش بجهاز المفتش العام العميد عبدالله المداني أن الرقابة لن تألوا جهدا في متابعة وتصحيح وتصويب الأخطاء وتحسين الأداء والانضباط داخل مكون وزارة الداخلية.

مقالات مشابهة

  • مجابهة الفساد وترسيخ النزاهة
  • انشروا أسماء الفاسدين
  • تقرير "جهاز الرقابة".. الشفافية والتنمية
  • نائب رئيس جامعة أسيوط يشهد ندوة تحت عنوان أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد   
  • "أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" ندوة توعوية بجامعة أسيوط
  • إعلام العدو يؤكد أن الجميع يعلم بأن مسيرة المقاومة اللبنانية وصلت إلى مكان إقامة / نتنياهو / ولكن الرقابة العسكرية تمنع نشر معلومات تتعلق بالمبنى الذي استهدفته المسيّرة في قيسارية
  • الموانئ العراقية بمرمى الاتهامات.. تجاهل متعمد ام مصالح مشتركة؟
  • «الصحة» تعلن اعتماد مركز أورام سوهاج من هيئة «الرقابة الصحية»
  • إنجاز 448 شكوى ضد المخالفين من منتسبي وزارة الداخلية خلال الفصل الأول من العام 1446 هـ