في إطار جامع بين الفن والحرف كوسيلة للتعبير البصري، يستمر ملتقى الشارقة للخط في دورته الحادية عشرة تحت شعار "تراقيم" حتى 30 نوفمبر المقبل، حيث يتحول الخط العربي إلى مشهد جمالي عالمي يتجاوز حدود اللغة. يجتمع في هذه الدورة 153 فناناً من مختلف دول العالم، ليعيدوا تعريف الحرف العربي كمفردة مرنة تحمل في طياتها رؤى وتصورات فنية مبتكرة، تتنوع بين الشكل والمضمون، وتعبر عن تداخل بين الخيال والفكرة.

المعرض يعكس فلسفة تقوم على أن الخط العربي ليس مجرد وسيلة للتدوين، بل هو مساحة مفتوحة للتأمل البصري، حيث تتنوع الخطوط المستخدمة من الثلث والنسخ إلى التعليق والديواني والكوفي، مع تجارب مبتكرة مثل الخط السنبلي. هذه الخطوط تتجاوز الحرف التقليدي لتصبح جزءاً من الزخرفة التي تعكس التناغم بين الشكل والمضمون، مما يفتح باب الإبداع والتجريب أمام الخطاطين والمزخرفين، فالمعرض ليس مجرد عرض لأعمال خطية، بل هو احتفاء بالخط كفلسفة فنية تحمل بين طياتها القدرة على التعبير والتأمل والإبداع.

وتأتي المشاركة من سلطنة عمان لتبرز جماليات الخط العربي في تجارب سامي الغاوي، وجمعة الحارثي، وحمد الجابري، وأنوار الحسنية، ليشكلوا بذلك جزءاً من هذه الرحلة البصرية التي تحتفي بتعددية الأشكال وتنوعها.

يعلق الخطاط سامي الغاوي، الذي تم اختياره للمشاركة في المعرض "الرئيسي" بعملين، قائلاً: "يعتبر ملتقى الشارقة لفن الخط العربي أيقونة في عالم الخط العربي، ويمثل محطة لا يمكن لأي خطاط أن يفوت فرصة المشاركة فيها. منذ انطلاق الملتقى في عام 2004، حرصت دائماً على أن أكون جزءاً من هذه التجربة التي تجمع بين كبار الخطاطين والمزخرفين. فهي ليست مجرد منصة لعرض الأعمال، بل تعد فرصة ثمينة للالتقاء المباشر مع عمالقة هذا الفن، والتمعن في تفاصيل الحرف والتركيب والتنفيذ الفني."

ويؤكد "الغاوي" أن الملتقى يشكل "تغذية بصرية" مهمة، حيث يمكن للفنان التفاعل مع الأعمال الحية وفهم الأساليب المختلفة في تنفيذها، مما يتيح له الاستفادة العلمية والعملية من هذه التجارب الفنية الثرية. الاحتكاك مع كبار الخطاطين والمزخرفين في هذا الحدث يعزز من قدرات الفنان ويثري مخزونه المعرفي والإبداعي، مما يجعله حدثاً لا يمكن الاستغناء عنه لكل من يسعى إلى تطوير مهاراته في فن الخط والزخرفة.

من جانبه، يعبر الفنان جمعة الحارثي، المشارك في المعارض الموازية، عن أهمية هذه المشاركة بقوله: "تمثل هذه المشاركة إثراءً كبيراً للفنان التشكيلي العماني، حيث تتيح له الفرصة للتواصل والتفاعل مع فنانين من مختلف دول العالم. هذه الملتقيات تشكل أهمية بالغة للفنان العماني، فهي ليست مجرد حضور فني، بل تعد إضافة جديدة لرصيد الفنان، وفرصة لاكتساب خبرات متراكمة."

ويضيف "الحارثي" أن "الالتقاء بفنانين من دول أخرى يمكّن الفنان من مناقشة تقنيات جديدة في فن الخط العربي، سواء الكلاسيكي أو الحروفي. هذه الملتقيات تعتبر منصة تفاعلية يسعى الفنان دائماً إلى أن يكون جزءاً منها، لما تضيفه من زخم في مسيرته الفنية. كما أنها تسهم في تطوير مهاراته الفنية والثقافية من خلال التجارب المشتركة وحلقات العمل التي تقام، مما يعزز من فهمه الفني ويغني تجربته الإبداعية."

كما تعبر المزخرفة أنوار الحسنية، المشاركة في معارض الزخرفة الإسلامية، عن أهمية هذه التجربة بقولها: "هذه المشاركة تدفعنا للأمام وتمنحنا الدافع للوصول إلى العالمية، خاصة وأن هذا المعرض يستقطب فنانين من مختلف أنحاء العالم، مما يجعله منصة عالمية للفن الإسلامي."

وتوضح "الحسنية" أن مشاركتها تتمثل في تقديم زخرفة إسلامية تعتمد على الذهب الأصيل من عيار 24 قيراط، مستوحاة من المدرسة العثمانية. وتضيف: "استخدمت في عملي ألوان الجواش، بتصميم ورؤية خاصة بي، وأطلقت على اللوحة اسم 'شمسة الروح' لأنها تجسد روح الفنان الأصيل في الزخرفة الإسلامية." هذه المشاركة تعكس العمق الفني والتقني في عملها، وتؤكد على أهمية الابتكار والإبداع في إطار تقاليد الفن الإسلامي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه المشارکة الخط العربی

إقرأ أيضاً:

دار الأوبرا السُّلطانية تحتفل بالمرأة العُمانية مقدمةً أمسية موسيقيّة فريدة

- بمشاركة عازفات الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية و "النور والأمل" وعازفة البيانو "نور عيادي".

أقامت دار الأوبرا السُّلطانية مسقط مساء الخميس احتفالًا بمناسبة يوم المرأة العُمانية الذي يصادف 17 أكتوبر من كل عام، وتضمّن الحفل عددًا من الفقرات الموسيقيّة قدمتها أوركسترا النور والأمل بمشاركة عازفات الأوركسترا السيمفونية السُّلطانية العُمانية، وعازفة البيانو "نور عيادي".

وضم برنامج الحفل الذي أعدّته الدار بهذه المناسبة في موسمها الجديد 2024م - 2025م فقرات موسيقيّة متنوّعة، استمع فيها الجمهور إلى أنغام عذبة ومعزوفات رائعة قدمتها الأوركسترا السيمفونية السُّلطانية العُمانية، التي تلعب دورًا أساسيًا في الوسط الثقافي بالمنطقة، واضعة بصمتها المميزة في مختلف البرامج الفنية في المحافل الإقليمية والعالمية منذ تأسيسها عام 1985م، وهي مضرب مثل في إبراز موهبة المرأة العُمانية القوية ودورها في الموسيقى.

وتضمّن البرنامج معزوفات لفرقة الأوركسترا النسائية "النور والأمل" للمكفوفات، التي تُعَدّ أول فرقة موسيقية من الكفيفات في مصر، وبمشاركة متميزة من عازفة البيانو المغربية الفنانة نور عيادي التي عزفت مقطوعات من أعمال موتسارت.

أوركسترا النور والأمل

في عام 1961، أسست استقلال راضي، رئيسة جمعية النور والأمل لرعاية الكفيفات، بالتعاون مع الدكتورة سمحة الخولي معهد موسيقى النور والأمل على أسس فنية وأكاديمية بكل مراحله التعليمية. فالمعهد على المستوى الأكاديمي مثل أي معهد موسيقي في العالم مع الفارق أن النوتة الموسيقية تكون مكتوبة بطريقة برايل. فتحصل التلميذات منذ الطفولة على تعليم مزدوج يجمع بين التعليم النظامي في مدرسة النور والأمل صباحًا ودراسة الموسيقى في المعهد عصرًا.

وهي أوركسترا فريدة من نوعها في العالم، حيث إنها مكوّنة بالكامل من مكفوفات البصر اللاتي يعزفن الموسيقى الكلاسيكية الغربية بالإضافة إلى الموسيقى الشرقية المتطورة، دون الحاجة إلى قراءة النوتة الموسيقية المكتوبة بطريقة برايل للمكفوفين أثناء العزف ودون الاعتماد على عصا المايسترو الشهيرة. ويتضمن هذا الأوركسترا أنواع الآلات الموسيقية الأربعة: الوترية، والنفخ الخشبي، والنفخ النحاسي.

ومع مرور الوقت، نجح أكثر من مايسترو من الذين أشرفوا على تعليم وتدريب عازفات الأوركسترا في تطوير أساليب فنية خاصة ساعدت العازفات ومكنتهن من العزف معًا كأوركسترا في تناغم وانسجام.

ومنذ عام 2019م، أصبح لدى معهد الموسيقى 3 أوركسترات للعازفات الكفيفات من أعمار مختلفة. ويبلغ العدد الكلي للعازفات وطالبات معهد الموسيقى في الوقت الحالي 130 فتاة. يعتمد معهد الموسيقى في تمويل أنشطته بشكل رئيسي على التبرعات من الأفراد والمؤسسات، والهدف الرئيسي لمعهد الموسيقى هو توفير تعليم يتميز بالمعايير الأكاديمية والجودة العالية للفتيات الكفيفات بهدف تطوير ذاتهن وتوفير مصدر دخل لهن ودمجهن في المجتمع.

وضمّت أوركسترا النور والأمل التي قدمت معزوفات وألحانًا متنوعة ليلة السابع عشر من أكتوبر قائد الأوركسترا تامر فهمي، وعلى الكمان هبة أحمد، وعلى التشيلو إسراء أيمن، وعلى الكلارينيت آية أحمد، وكوثر ناصر، وماريا أشرف، ومنة الله محمد، ومنة الله نصر، ونعمة الله شلبي، وعلى الأوبوا بسنت جمال، وشهد محمد، وعلى الكلارينيت آية محمد، ومي محسن، وفاطمة سيد، وعلى الباصون ماريز مكرم، وعلى الترومبيت دينا ثابت، وعلى الكونتراباص جيهان مصطفى، ونرمين محمد، وعلى الفيولا فاطمة مسعد، ومريم محمد، وعلى الفلوت يارا أحمد، وبسمة أحمد، وعلى الترومبون صفاء أبو المعارف، وشيرين أحمد، وعلى الكورنور هنا صلاح، وفاطمة السيد، وفي الإيقاع إيمان فرج، ومنى صبحي، وروان سيد.

نور عيادي

نور عيادي التي استضافتها الدار ليلة الاحتفال بيوم المرأة العُمانية، عازفة بيانو مغربية ولدت بمدينة الدار البيضاء في المغرب عام 1999م، وبدأت عزف البيانو منذ نعومة أظافرها وهي ابنة ستة أعوام. عندما بلغت نور سن السابعة عشرة، انضمت إلى صف عازفة البيانو الكلاسيكية كلير ديزير في الكونسرفتوار في باريس وسرعان ما وضعت نور بصمتها في فرنسا، ففي سن العشرين حصلت على جائزة كورتو المرموقة في عام 2019م، وفي العام ذاته حققت المركز الأول بمسابقة العازفين البارعين (Virtuoso de Cour).

في عام 2016م، فازت نور عيادي بالجائزة الكبرى بمسابقة الأميرة للا مريم الدولية للبيانو في المغرب. وفي عام 2020، أصدرت نور ألبومها الموسيقي الأول الذي يتضمن مؤلفات روبرت وكلارا شومان، إلى جانب سترافينسكي، وتم بثه عبر قناتي فرانس ميوزيك، ومحطة راديو النساء في لندن.

وإلى جانب مسيرتها الصاعدة كعازفة منفردة، درست نور الماجستير في العلاقات العامة بجامعة ساينس بو في باريس، حيث انضمت إلى عدة مشاريع ثقافية بالجمعية الوطنية الفرنسية وهيئة الأمم المتحدة في جنيف، واليونيسيف. وحازت مؤخرًا على جائزة مؤسسة جوتييه كابوسون إلى جانب مسيرتها الفنية.

التحقت نور عيادي بعدة مشاريع مجتمعية بالشراكة مع أوركسترا باريس الفيلهارمونية وغيرها منذ شهر سبتمبر 2021م، وأصبحت فنانة مقيمة في تشابل الملكة إليزابيث للموسيقى، حيث تتلقى الإرشاد بصحبة لوي لورتي وأفيديس كويوميجان وتحت إشرافهما. كما تعمل نور مع الأستاذ وعازف البيانو المشهور نيلسون جورنر في جنيف، وذلك ضمن برنامج الماجستير للعازفين المنفردين في جامعة جنيف للموسيقى.

وتشارك دار الأوبرا السُّلطانية مسقط كل عام في احتفالات البلاد بالمرأة العُمانية بحفل موسيقي يتغنى بإنجازاتها في مختلف مجالات الفنون والموسيقى والأدب، تكريمًا لها، واعتزازًا بإسهاماتها الفعّالة في تنمية المجتمع، وتعريفًا بدورها الحيوي في الحفاظ على التراث العُماني في الفنون الشعبيّة والموسيقى والغناء.

مقالات مشابهة

  • “المقريف” يتابع تحضيرات المشاركة في مسابقة تحدي القراءة العربي
  • توزيع جوائز التميز الأدبي للشباب الإفريقي
  • راشد الشرقي يشهد انطلاق «الفجيرة الدولي للخط والزخرفة»
  • دار الأوبرا السُّلطانية تحتفل بالمرأة العُمانية مقدمةً أمسية موسيقيّة فريدة
  • تكريم العُمانيات الرائدات في الاحتفال بـ"يوم المرأة العُمانية"
  • في ذكرى رحيله.. محطات مهمة في مسيرة رائد الفن العربي "يوسف وهبي"
  • في ذكرى رحيل يوسف وهبي.. رحلة عميد الفن العربي من الأفلام الصامتة إلى الريادة الفنية
  • “دو” تتعاون مع “كوجنيزانت” لتعزيز التميز في الاتصالات الرقمية
  • السَّيدةُ الجليلةُ توجّه كلمةً بمناسبة يوم المرأة العُمانية