تحذير: مستوى قياسي جديد لابيضاض الشعاب المرجانية
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
حذرت وكالة حكومية أميركية من أن الشعاب المرجانية تشهد حاليا أكبر حلقة ابيضاض شهدها العالم على الإطلاق بسبب ارتفاع درجات حرارة المحيطات.
ويتأثر أكثر من ثلثي الشعاب المرجانية في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الهندي بالإجهاد الحراري، وهي ظاهرة مرتبطة بتغير المناخ تهدد بقاء مناطق الشعاب المرجانية الغنية بالتنوع البيولوجي.
وقال ديريك مانزيلو منسق برنامج المرجان في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة إن "الكوكب حاليا يشهد أكبر عملية ابيضاض تم تسجيلها على الإطلاق".
وهذه الحلقة التي لا تزال مستمرة هي الرابعة منذ عام 1998.
وأضاف مانزيلو، في رسالة عبر البريد الإلكتروني "بين الأول من يناير 2023 والعاشر من أكتوبر 2024، واجه ما يقرب من 77% من الشعاب المرجانية في العالم إجهادا حراريا بمستويات تتوافق مع تلك المرتبطة بالابيضاض"، "وهذه النسبة لا تزال في ازدياد".
عندما تكون درجات حرارة المياه مرتفعة للغاية، كما الحال أثناء موجات الحر التي طالت البحار من فلوريدا إلى أستراليا خلال العام الماضي، تعاني الشعاب المرجانية من الإجهاد الحراري.
يدفع ذلك بها إلى التخلص من طحالب "الحُيَيْوَنَات الصفراء" (Zooxanthellae)، وهي طحالب تعيش مع الشعاب المرجانية وتزودها بالعناصر الغذائية التي تحتاج إليها. وفي غياب هذه الطحالب، يفقد المرجان لونه وغذاءه.
ويمكن أن تتسبب النوبات الشديدة والطويلة والمتكررة من هذا النوع في موت المرجان، ولكن يمكن للشعاب المرجانية أن تتعافى إذا انخفضت درجات الحرارة أو حصل تحسن في عوامل أخرى مثل التلوث أو الصيد الجائر.
- "نصف الوقت"
بعد حلقتين في عامي 1998 و2010، سُجّل الرقم القياسي السابق بين عامي 2014 و2017، حين طال الابيضاض 65,7% من الشعاب المرجانية في العالم.
وبذلك، "تجاوزنا الرقم القياسي السابق بنسبة 11,3% في نصف الوقت".
حصلت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي على تقارير مؤكدة عن حالات الابيضاض في 74 دولة أو إقليم في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي.
أعلنت أستراليا، في أبريل الماضي، أن الحاجز المرجاني العظيم الشهير شهد أسوأ موجة ابيضاض على الإطلاق، وأن أكثر من 70% من شعابه المرجانية تضررت.
يعتمد حوالى 850 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على الشعاب المرجانية في العمل والغذاء. كما توفر الشعاب المرجانية، التي تشكّل موطنا لأنظمة بيئية غنية ومتنوعة جدا، حماية للسواحل من العواصف والتآكل، وفق منظمة "الصندوق العالمي للطبيعة" غير الحكومية المدافعة عن البيئة.
وسجل معدل ارتفاع درجة حرارة المحيطات زيادة ناهزت الضعف منذ عام 2005، وفق تقرير صادر عن مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي نُشر في نهاية سبتمبر الماضي.
تترافق هذه الظاهرة مع زيادة في موجات الحر البحرية. وبذلك، شهدت 22% من محيطات العالم موجة حر شديدة أو قصوى واحدة على الأقل في عام 2023.
يعزى هذا الاحترار إلى أنه منذ عام 1970، امتصت المحيطات "أكثر من 90% من الحرارة الزائدة للنظام المناخي"، الناجمة عن الانبعاثات البشرية الهائلة من غازات الدفيئة، وفق الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
تعتمد دراسات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة على قياسات بالأقمار الاصطناعية أجريت منذ عام 1985.
وأعلنت الوكالة عن أحدث حلقة ابيضاض عالمية في أبريل الماضي. وقال بيبي كلارك من الصندوق العالمي للطبيعة حينها "إن حجم ابيضاض المرجان الجماعي وشدته يظهران بوضوح الضرر الناجم عن تغير المناخ". أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشعاب المرجانية الاحترار المناخي الإجهاد الحراري تغير المناخ التغير المناخي الشعاب المرجانیة فی منذ عام
إقرأ أيضاً:
الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخ
تعد الحيتان أكبر الكائنات على الأرض، لكن دورها في النظم البيئية للمحيطات يتجاوز حجمها المهيب، إذ تُسهم بشكل كبير في تنظيم المناخ العالمي والحفاظ على التنوع البيولوجي.
وتؤدي الحيتان بأنواعها دورا حيويا في مكافحة تغير المناخ من خلال تحفيز دورة المغذيات، وتخصيب العوالق النباتية الممتصة للكربون، والعمل كمخازن للكربون عبر أجسامها. وتعزز حركتها العمودية بين طبقات المحيط صحة وإنتاجية النظام البيئي البحري، وتدعم استقرار المناخ العالمي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مستويات سطح البحار ارتفعت أكثر من المتوقع في 2024list 2 of 2غرينلاند توقف مشروعا لأسباب بيئية وتواجه تعويضات بأضعاف موازنتهاend of listتغوص الحيتان في أعماق المحيط لتتغذى على فرائس غنية بالمغذيات بكميات كبيرة، مثل الحبار والأسماك والكريل (نوع من المفصليات البحرية) وغيرها، وبعد تناولها الطعام، تعود إلى السطح للتنفس، وأحيانا للتكاثر وفي أثناء ذلك، تُطلق المغذيات التي ابتلعتها من فرائسها على شكل أعمدة برازية على سطح المحيط.
ويشكل ذلك طبقة غنية بالمغذيات الأساسية، مثل الحديد والفوسفور، التي تُخصّب العوالق النباتية، مما يُهيئ ظروفا مثالية لنموها السريع، ويؤدي إلى ما يُعرف بـ"ازدهار العوالق النباتية".
والعوالق النباتية (Phytoplankton) كائن ذاتي التغذية ضمن فصيلة النباتات الصغيرة المجهرية التي عادة ما تنجرف في الطبقات العليا من المحيط، وتستهلك العناصر الغذائية والطاقة الضوئية لإنتاج الكتلة الحيوية. وفي بيئة غنية بالمغذيات، قد تزهر العوالق النباتية وتمتد لتشكل مصدرا غذائيا رئيسيا لعديد من الأنواع البحرية الأساسية لكلّ من شبكات الغذاء المحيطية.
إعلانوتعد العوالق النباتية صغيرة الحجم لكنها قوية، وهي البطل المجهول لدورة الكربون على الأرض. وتمتص هذه الكائنات الضوئية الصغيرة حوالي 40% من الكربون الثابت سنويا على مستوى العالم، وتنتج ما يقرب من نصف الأكسجين في العالم، مما يجعلها أساسية لاحتجاز الكربون عالميا، وهي المسؤولة عن معظم عملية التمثيل الضوئي على الأرض، وتلعب دورا حيويا في تنظيم المناخ.
وحتى عندما تموت العوالق النباتية وتغرق في قاع المحيط، فإنها تحتجز الكربون في رواسب أعماق المحيط. وفي نهاية المطاف، تُعد العوالق النباتية أساسية لاحتجاز الكربون وتخزينه طويل الأمد، إذ إن لها دورا حاسما في تنظيم المناخ العالمي.
نظرا لتأثير الحيتان الإيجابي والأساسي على نمو العوالق النباتية، فإن الحفاظ عليها يرتبط ارتباطا مباشرا بالحفاظ على استقرار المناخ، ولا تساعد الحيتان في الحفاظ على إنتاجية المحيطات فحسب، بل إن كتلتها الحيوية الكبيرة وأجسامها الضخمة لها دور مهم في تخزين الكربون.
وتشير الدراسات الإحيائية إلى أن الحيتان تخزن على مدار حياتها ما معدله 33 طنا من الكربون، مقارنة بـ12 طنا تخزنها شجرة بلوط مثلا. ويرجع ذلك إلى حجمها الكبير وأعمارها الطويلة التي تتراوح بين 45 و90 عاما، بينما تشير بعض الدراسات إلى أن الحوت "مقوس الرأس" يتجاوز عمره على الأرجح 200 سنة.
وباعتبارها من الحيوانات المفترسة الرئيسية، تخزن الحيتان الكربون عن طريق استهلاك الفرائس من المستويات الغذائية الدنيا الغنية بالكربون أيضا.
وحتى عندما تموت، تغرق أجسادها في قاع البحر، حيث يُخزن الكربون لقرون أو حتى آلاف السنين. وحتى مع تحلل جثة الحوت يندمج بعض الكربون في رواسب المحيط، مما يؤدي إلى عزله بشكل فعال.
إعلانوبالإضافة إلى ذلك، تتغذى كائنات أعماق البحار على الجثة، حيث تعيد تدوير جزء من الكربون من خلال النظام البيئي بدلا من إطلاقه مرة أخرى في الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون.
ويقدر علماء الأحياء أن هناك ما يزيد قليلا على 1.3 مليون حوت في المحيطات، أي ربع عددها سابقا والذي كان يتراوح ما بين 4 إلى 5 ملايين، وهناك نحو 90 نوعا من الحيتان المختلفة الأحجام.
ويعد الحوت الأزرق أكبر حيوان على وجه الأرض. ويمكن أن يصل طوله إلى 30 مترا ويتراوح وزنه ما بين 100 و150 طنا، أي ما يعادل 340 فيلا بالغا، بينما قد يصل وزن قلبه إلى 600 كيلوغرام، أي وزن سيارة صغيرة.
وعلى الرغم من دورها الحيوي في الحد من آثار تغير المناخ وصحة النظام البيئي، تواجه الحيتان تحديات غير مسبوقة من أجل البقاء، وجراء الأنشطة البشرية غالبا تتعرّض أعداد الحيتان للخطر، بدءا من ابتلاع البلاستيك وصولًا إلى التلوث الضوضائي وتغير المناخ والصيد الجائر.
ويعد التلوث البلاستيكي نفسه عدوا للحيتان، فكثيرا ما تبتلع الحيتان قطع البلاستيك، مما يؤدي إلى انسداد هضمي، وتعرضها لمواد كيميائية سامة، ومشاكل صحية خطيرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، عندما تستهلك الكائنات البحرية الصغيرة البلاستيك، فتتراكم السموم في السلسلة الغذائية وتؤثر على الحيتان بكميات مركزة.
من جهة أخرى، تعتمد الحيتان على أنظمتها السمعية في الملاحة والتواصل والبحث عن الطعام والتكاثر. ولذلك، يُشكل التلوث الضوضائي الناتج عن أنشطة بشرية، مثل النقل البحري وأجهزة السونار والاختبارات الزلزالية، تهديدا كبيرا قد يؤدي إلى نفوق الحيتان. وقد ثبت أن التلوث الضوضائي يُعطّل تواصل الحيتان ويؤثر على أنماط هجرتها وسلوكيات تكاثرها.
إعلانكما يُسبب ذلك ضغوطا نفسية طويلة الأمد، وفي بعض الحالات، قد يُؤدي إلى نزيف في الدماغ، وقد ارتبط ذلك أيضا بجنوح الحيتان. ويُشكل تغير المناخ السريع تحديا إضافيا لبقاء هذه الحيتان من خلال تغيير مسارات هجرتها، وتدهور موائلها، وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض.
في عام 1986 حظرت "اللجنة الدولية لصيد الحيتان" صيد الحيتان لأغراض تجارية، لكن بعض الدول والشركات واصلت عمليات الصيد، إذ تشير التقارير إلى قتل أكثر من 40 ألف حوت، مما قوّض جهود التعافي.
ويلقي انخفاض أعداد الحيتان بتأثيراتٍ واسعة النطاق في جميع أنحاء النظم البيئية البحرية، ويُسرّع من تغيّر المناخ. فمع تناقص أعداد الحيتان، تتضاءل دورة المغذيات، مما يُؤدي إلى انخفاض نمو العوالق النباتية. لذلك، فإن حمايتها لا تتعلق فقط بالحفاظ على الأنواع، بل تعد خطوة حاسمة في مكافحة تغير المناخ واستعادة الاستقرار على الكوكب.