جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-19@17:25:15 GMT

استشهاد "جيفارا العرب"

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

استشهاد 'جيفارا العرب'

 

جمال بن ماجد الكندي

ربما تختلف الشخصيات النضالية التحررية من حيث ما تحمله من عقيدة وفكر ديني يتعبد به، ولكنها لا تختلف فيما تحمله من أيديولوجية تحررية تقاتل العدو بها، فهي تتقاطع مع من يحمل هذا اللواء، ولو اختلفت التوجهات الدينية فيما بينهم، فهم يلتقون في بوصلة مؤشرها حركة النضال من أجل التحرر.

من هنا ذكرت في عنوان المقال "استشهاد جيفارا العرب"، وأقصد به استشهاد القائد المجاهد الكبير يحيى السنوار، الذي استشهد وهو يُقاتل الصهاينة مقبلًا غير مدبر، فنال الشهادة التي يتمناها، كما نالها إخوته من قبل في المقاومة اللبنانية والفلسطينية.

الشهيد المجاهد يحيى السنوار من القادة السياسيين البارزين في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقد انخرط منذ شبابه في مقاومة العدو الصهيوني. في عام 1989م، تم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بمقاومة الاحتلال، وقضى في سجون الاحتلال 22 سنة حتى تم الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011م (صفقة شاليط). في عام 2017م، تم انتخابه قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة، وأصبح مسؤولًا عن إدارة العمليات العسكرية والتفاوضية. وبعد اغتيال إسماعيل هنية تم انتخابه ليكون رئيسًا لحركة حماس.

يُعرف السنوار بشخصيته القوية وقدرته على اتخاذ القرارات في الأوقات الحرجة، ما أكسبه سمعة القائد الحازم. السنوار هو مهندس ومخطط معركة طوفان الأقصى، إلى جانب القائد العسكري "محمد الضيف" وآخرين. هذه المعركة كسرت أنف المحتل الصهيوني، وفعلت ما لم تفعله الجيوش العربية في كل حروبها مع إسرائيل، فقد كانت خسائر العدو الصهيوني في هذه المعركة أكثر من 1500 قتيل، وغيرت هذه المعركة معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، خاصة بعد أسر إسرائيليين في معركة طوفان الأقصى.

أوجه الشبه بين الشهيد السنوار وجيفارا، أن كليهما قاتل إلى الرمق الأخير ممتشقين أسلحتهم في وجه أعدائهم. وجيفارا هو إرنستو تشي جيفارا، من مواليد الأرجنتين، وكان ثوريًا ماركسيًا وأحد القادة البارزين في الثورة الكوبية. تميز جيفارا بتفكيره الثوري المناهض للاستعمار والإمبريالية، وكان من الداعمين لثورات التحرير في أمريكا اللاتينية والعالم الثالث. لذلك أصبح بعد إعدامه رمزًا عالميًا للنضال ضد الإمبريالية والظلم الاجتماعي، ورمزًا للحركات الثورية حول العالم، حيث يستمر تأثيره حتى اليوم.

الشهيد الكبير يحيى السنوار هو قائد من طراز جيفارا، فقد كان يحمل فكر التحرر الوطني من أجل القدس والقضية الفلسطينية، ونقاط التقاطع بينه وبين جيفارا هي أنهما يحاربان نفس العدو الذي يدعم الدكتاتوريات في المنطقة، مع مراعاة اختلاف الزمان والمكان. فأمريكا هي الداعم الأول للعدو الصهيوني، وكانت كذلك الداعم الأول للدكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، حديقتها الخلفية. وهي لا تريد أن ترى قائدًا نضاليًا شعبويًا من طراز "جيفارا" في شخص السنوار أو السيد حسن نصر الله في المنطقة، وتعتقد أن بزوالهم تزول القضية. لذلك تم اغتيالهم.

هنا نحن أمام سؤال كبير: ماذا بعد استشهاد السنوار؟

وقبل الإجابة عن هذا السؤال، نقول: ماذا حصل بعد اغتيال السيد حسن نصر الله؟ العدو الصهيوني ومن ورائه أمريكا وصهاينة المنطقة هللوا فرحًا باغتيال السيد حسن نصر الله. فهل تراجعت المقاومة في لبنان؟ العكس يُثبته الميدان، بصواريخ المقاومة اللبنانية التي تضرب عمق فلسطين المحتلة بكثافة أكبر وباستراتيجية جديدة لا تُميِّز بين المواقع العسكرية والمدنية، فكلها بعد استشهاد السيد نصر الله في مرمى صواريخ المقاومة، والعملية البرية في جنوب لبنان لم تحقق هدفها الاستراتيجي في إبعاد المقاومة اللبنانية إلى ما وراء نهر الليطاني؛ فالقوات الإسرائيلية ما زالت تراوح مكانها بعد 14 يومًا من بدء العملية البرية التي أعلن عنها العدو الصهيوني.

أما بعد استشهاد القائد يحيى السنوار، فكانت ردود الأفعال من حلفاء إسرائيل، أمريكا وبريطانيا، واضحة عبر تصريحات نائبة الرئيس الأمريكي، ووزير الخارجية البريطاني؛ حيث قالا إن الوقت قد حان لوقف إطلاق النَّار لضمان حماية إسرائيل، وبعدها يأتي فك الحصار النسبي عن غزة، والتحدث عن اليوم التالي دون وجود حماس في السُلطة.

يُخيل لمن يسمع هذا الكلام بأنَّ القائد الشهيد السنوار كان هو العائق الأكبر في إتمام أي صفقة تُعيد الأسرى الإسرائيليين وتُوقِف الحرب. والحقيقة التي يعلمها الجميع، بمن فيهم الأمريكي، أن من كان يقف ضد كل الصفقات السابقة لوقف الحرب وإعادة الأسرى هو نتنياهو، بتدخله المباشر لعرقلة أي اتفاق لوقف إطلاق النَّار، حتى إنه عارض مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار والتي أُيِّدَت بقرار أممي.

رحيل السنوار عن الساحة النضالية في فلسطين لن يُغيِّر من الأمر شيئًا، وذلك لسبب واضح، وهو أنَّ الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في خانة المجهول، ولا يعرف مكانهم إلّا قيادات المقاومة، والاتصالات الهستيرية التي تقوم بها إسرائيل وأمريكا لمعرفة مكانهم لن تنفعهم، فهم في قبضة رجال السنوار في غزة، والشروط للإفراج عنهم هي ذاتها لم تتغير، وقد ذكر القيادي في حركة حماس خليل الحية بعد استشهاد السنوار أن شروط الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لن تتغير بعد استشهاد السنوار.

الشهيد البطل يحيى السنوار ومن قبله السيد حسن نصر الله أصبحا أيقونة للنضال من أجل التحرر الوطني في فلسطين ولبنان، ضد العدو الصهيوني؛ فدماؤهم وقود ومدد لمن يأتي بعدهم من قادة سياسيين وعسكريين، والمجاهدون على الأرض يستمدون طاقتهم من خطبهم النضالية؛ فهي مشاعل توقد لهم درب النضال المقدس. والعدو الصهيوني ارتكب خطأ فادحًا سيندم عليه بتسريبه المقطع المصور للشهيد السنوار وهو يقاتل ويرمي الطائرة التي تصوره؛ فهذا المشهد يدحض كل مزاعم الصهاينة بأنَّ الرجل يتحصن في الأنفاق ويجعل من الأسرى الصهاينة دروعًا بشرية، فسوف تبقى هذه الصورة للسنوار وهو يُقاتل حتى الرمق الأخير، لتكون الصورة الحقيقية لهذا القائد الفذ الذي استُشهد من أجل القُدس وفلسطين، وهي التي ستكون وقودًا للمقاتلين، ولمن يأتي بعده لتكملة مسيرة النضال في قيادة حركة المقاومة الفلسطينية "حماس".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس مجلس النواب يقدّم واجب العزاء في استشهاد القائد يحيى السنوار

الثورة نت|

قدّم رئيس مجلس النواب الأخ يحيى علي الراعي، واجب العزاء في استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” القائد المجاهد يحيى السنوار.

وجدد رئيس مجلس النواب خلال زيارته اليوم، لمكتب حماس بالعاصمة صنعاء، إدانته الشديدة لاستمرار جرائم العدوان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني بدعم أمريكي وبريطاني.

وأكد ثبات الموقف اليمني الرسمي والشعبي المساند والداعم للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة حتى تحقيق النصر وإنهاء الاحتلال واستعادة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وعبر الأخ يحيى علي الراعي، خلال لقائه ممثل حركة حماس في اليمن معاذ أبو شمالة وممثلي حركات المقاومة الفلسطينية، عن صادق العزاء والمواساة للشعب الفلسطيني وحركة “حماس” وفصائل المقاومة ودول المحور في استشهاد القائد المجاهد السنوار وكل الشهداء من قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وأعرب عن أسفه لمواقف الأنظمة العربية والإسلامية المتخاذلة عن نصرة القضية الفلسطينية .. لافتاً إلى الدعم الأمريكي والأوروبي اللا محدود لكيان العدو الصهيوني وتزويده بأحدث وأفتك أنواع الأسلحة لقتل أبناء الشعب الفلسطيني.

وشدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب من كل أبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم التحرك العاجل لدعم وإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة بكافة السبل والوسائل.

وأشاد رئيس مجلس النواب بتضحيات الشهيد البطل يحيى السنوار الذي نذر حياته في سبيل الانتصار للقضية الفلسطينية .. منوهاً بالدور الجهادي للشهيد في التخطيط والتنفيذ لعملية “طوفان الأقصى”، التي أذلت الصهاينة.

وبارك للجميع وأسرة الشهيد السنوار، نيله الشهادة في سبيل الله والدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات، مجسداً صدق الانتماء للعروبة والإسلام.

فيما عبر ممثل حركة “حماس” بصنعاء أبو شمالة عن التقدير لرئيس مجلس النواب ومرافقيه على الزيارة وتقديم واجب العزاء والمواساة في استشهاد القائد الكبير يحيى السنوار .. مشيراً إلى ما تجسده هذه الزيارة من مشاعر أخوية صادقة.

وثمن مواقف اليمن المشرفة قيادة وشعباً في مناصرة وإسناد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مؤكداً أن القائد السنوار استشهد مقبلاً غير مدبر، عكس ما روجت له الرواية الإسرائيلية من مزاعم وأكاذيب بأنه يحتمي بالأسرى.

وقال “لقد صدق الله فصدقه وعلى الأجيال أن يتعلموا من مدرسة القائد الشهيد السنوار وشجاعته والإرادة والعزيمة التي لا تلين”.

وأضاف “أن السنوار هو الرجل الذي تحطمت على يديه جبروت اسرائيل بعملية السابع من أكتوبر 2023م، حيث لم تعد الأراضي الفلسطينية المحتلة أرض آمنة لليهود الصهاينة كما كانوا يزعمون ويروجون، فلقد حطم القائد السنوار قدرات الاستخبارات الصهيونية والغربية وأحيا الأمل في الأمة بروح المقاومة والاستبسال”.

وأكد أبو شمالة أن استمرار ثبات وصمود أبناء غزة والشعب الفلسطيني، مؤشر النصر القادم بالرغم من المعاناة والقصف والدمار والقتل والتنكيل والحصار، وبالرغم من محاولة مجرمي الحرب الصهاينة تهجيرهم واخلاء شمال القطاع”.

وشدد على أهمية وحدة الأمة للتعجيل بزوال الكيان المحتل والغاصب.. مثمناً الدور البطولي لمحور المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وتوسع عمليات استهداف العدو وآخرها عملية الأردن لتشتيت أمن العدو.

وتابع ممثل حركة “حماس” نحن ثابتون على المبدأ الجهادي لأننا اصحاب الحق حتى تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف”.

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان يقدّم واجب العزاء في استشهاد القائد يحيى السنوار
  • رئيس مجلس النواب يقدّم واجب العزاء في استشهاد القائد يحيى السنوار
  • الراعي يقدّم واجب العزاء في استشهاد القائد يحيى السنوار
  • مجلس الشورى ينعى استشهاد المجاهد القائد يحيى السنوار
  • الدكتور بن حبتور يعزي في استشهاد القائد المجاهد يحيى السنوار
  • حماس تكشف مصير الاسرى الصهاينة بعد استشهاد السنوار
  • حماس تنعي السنوار  وتحدد 3 شروط لإعادة الأسرى
  • العدالة والتنمية يعزي في استشهاد يحي السنوار
  • رسميًا .. حركة حماس تعلن استشهاد السنوار