بوابة الوفد:
2024-11-19@15:19:06 GMT

ليت «الرقيب» يعود يوماً!!

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

 

كم من مرة جلست لأتابع مسلسلاً درامياً أزجى به وقت الفراغ، فوجَّهتنى «بوصلة البحث» نحو الدراما الأجنبية بعد أن لم أعثر على مبتغاى فى «العربية» منها، إذ تفتقد فى أغلبها إلى جدة الفكرة، بل قد تثير الملل بالمط والتطويل، إلا ما رحم ربي، وبالفعل وجدت ما أريد فى أحد المسلسلات اسمه «from»؛ فالبرومو الدعائى شائق، والفكرة تبدو جذابة جديدة تثير ذلك الشغف العقلى المثير.

يحكى المسلسل عن منطقة فى إحدى الضواحى الأمريكية النائية تقع تحت لعنة ما تأسر من يمرون بها ليقعوا فى متاهة مرعبة مكانية زمانية تحاصرهم ولا يملكون فراراً، لذا فهم يسعون بشتى الطرق لفهم طبيعة هذا المكان والبحث عن طريق النجاة، وبينما أستمتع بمشاهدة الحلقات وما فيها من روعة الإخراج ودقة التصوير وما تطرحه من أفكار، إذ فجأة اصطدمت عيناى بمشهد جنسى -شاذ- محا كل أثر للشغف لديّ، بل ملأه بالغثيان والدهشة، ومثار الدهشة هنا هو: لماذا تغرس مثل هذه المشاهد الجنسية -الشاذة- التى لا تخدم السياق الدرامى لهذا المسلسل أو ذاك قيد أنملة، بل إنها ببساطة إذا حُذفت -أو لم توجد من الأساس- ما كانت لتضر ببنية العمل الدرامى مطلقاً.

وحقيقة، فإن الأمر لا يقتصر على هذا المسلسل فقط، بل إنه سادر فى أعمال درامية هوليوودية كثيرة فيما يشبه «المنهج المكرر» الذى يصر على تغذيتها بمثل هذه العلاقات الشائهة، حيث ثمة هامش منها لا بد منه فى تلك المسلسلات التي تدخل بيوتنا جميعًا بما يشبه دس «السم فى العسل».

 نعم، قد تجد فكرة المسلسل جاذبة وأداء الممثلين قد يكون فائقاً ولكن دس الشذوذ ومشاهد الجنس فى الأعمال الدرامية بهذا الشكل وتقبلها كأمر طبيعي بما يتناقض بالتأكيد مع العقائد والأعراف لدينا هو أمر غير مقبول على الإطلاق، بل إنه شديد الخطورة كذلك، حيث إن الدراما -كانت ولا تزال- ذات تأثير مهم فى تشكيل الوعى لدى أفراد الأسرة جميعاً، فيما يعد أبرز عناصر «القوى الناعمة» التى تعتمد عليها الدول فى غرس قيم وأفكار معينة فيما يشبه «الغزو العقلى».

هى إذن حرب جديدة تفوق فى شراستها الحروب التقليدية فى عصرنا هذا ذي الفضاءات المفتوحة، وقد يرى أحدهم بأن الحل يتمثل في مقاطعة الدراما الغربية، ولكن قطعاً «الممنوع مرغوب»، فما تمنع أولادك من مشاهدته أمام ناظريك قد يثير الفضول لديهم، فيشاهدونه من وراء ظهرك فى هذا العصر الفضائى المرعب الذى يتسع لكل ما هو غريب ومختلف عن ثقافاتنا، والذى يرتع بمنأى عن «مقص الرقيب»، الذى رغم اختلافنا معه فى جوانب كثيرة، فإنه كان يمثل درع الأمان فى مواجهة كل ما يخالف عاداتنا وتقاليدنا الأخلاقية.

 بالطبع نحن نتوق جميعاً إلى دراما جديدة تتفق مع قيمنا، دراما نلتف حولها جميعاً ولا نخجل من مشاهدتها مع وجود مشهد ساخن هنا أو آخر شاذ هناك، دراما جاذبة غير مملة، تحترم عقل المشاهد العربى وتمنحه البديل الذى يليق به إزاء دراما الغرب التى رغم ما تحمله من تشويق وإثارة وروعة التصوير فإنها تحمل بذور الفساد وترسخ أخلاقيات فاسدة لم نعهدها من قبل.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

سيادة القانون

واقع الأمر أن سيادة القانون تستمد من سيادة الدستور، فالدستور هو الذى يضع الأساس الذى يقوم عليه القانون وكل فروعه، بذلك يسمو القانون بسبب خضوعه لمبدأ سيادة القانون، وبذلك يعلو على الدستور ذاته، فالعلاقة بين الدستور والقانون يكتسب منها الدستور وصفه السامى، لذلك جاءت المحكمة الدستورية فى العديد من أحكامها لتؤكد أن المشرع ليس مطلق العنان فى إصدار التشريعات، بل يجب عليه أن تكون التشريعات كلها منطقية مرتبطة بعضها ببعض، لأن التشريع ليس مقصودًا لذاته، إنما مرتبط بأهداف الدولة، من ثم يكون التشريع مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، الأمر الذى يجب على المشرع أن يُظهر فى القوانين التى يصدرها تناغم الأغراض التى يستهدفها بالقانون من غير تجاوز لتلك الأهداف أو إنقاص منها، وأن السلطة التقديرية التى تمنح للمشرع أو النائب الغرض منها تنظيم الحقوق والمفاضلة بين عدة بدائل وعليه الترجيح بينها وبين ما يراه للمحافظة على حقوق الأفراد. المقصود حمايتهم بالقانون الذى يصدره، وإلا أصبح القانون عبئًا على المجتمع وعدوانًا على الحقوق وسلبًا لمصالح الأفراد، ويفقد التشريع قيمته بحجة المزايا إلى تجب على القانون حمايتها أو يقوم التشريع بتهميشها أو تعطيلها، فهذا دور التشريع، فالنص التشريعى يعكس الألم وأحوال المجتمع، لذلك يتدخل المشرع لكبح جماح وشهوات بعض الأفراد الأنانيين.

لم نقصد أحدًا!!                                                    

 

 

مقالات مشابهة

  • العربي الناصري: اقتصاد مصر أكثر القطاعات التى طالتها الشائعات.. وعلينا جميعا مواجهة المخاطر
  • الشارقة يعود إلى «البيضاوي» أمام النصر بعد غياب 174 يوماً
  • صفاء الطوخي تتألق في دراما رمضان بمسلسلي "لام شمسية" و"فهد البطل"
  • محمود حميدة: «لما اشتغلت في مسلسل موعد مع الماضي حبيت الفكرة»
  • الترند.. و"حرمة البيوت"
  • سيادة القانون
  • ليلة السقوط.. أول دراما عربية تكشف أسرار إبادة داعش للأيزيديات
  • إياد نصار ودانا حلبى ومنذر رياحنة.. نكهة عربية على الشاشة المصرية
  • المرأة.. ذلك الكاىٔن المحير!!
  • دفتر احوال وطن «٢٩٧»