عربي21:
2025-05-01@22:59:58 GMT

القائد دانييل يقاطع ابن الشيطان

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

القائد دانييل يقاطع ابن الشيطان

اعتنق الفكر الماركسي الذي كان البناء الأيديولوجي للجبهة الساندينية، وكان يوصف بأنه براغماتي ورجل وفاق.

لكنه بدأ في السنوات الأخيرة من حياته السياسية في التركيز على الشعارات المسيحية الإنجيلية، بعد أن رسخ سيطرته الشخصية المباشرة على كل مفاصل السلطات، ومن ثم يفوز في الانتخابات المتتالية التي خاضها حتى اليوم.



ونتيجة لإرثه التاريخي الثوري كان الرجل أحد الداعمين والمساندين للقضية الفلسطينية، ووقف بقوة ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان ومحاصرة العاصمة بيروت.

ولد دانييل أورتيغا في لا ليبيرتاد، وتعني "الحرية" بنيكاراغوا، في عام 1945، لأبوين من الطبقة المتوسطة وهما معارضين لدكتاتور نيكاراغوا، أناستاسيو سوموزا.

انتقل دانييل مع عائلته إلى العاصمة ماناغوا منتصف خمسينيات القرن الماضي بحثا عن عمل مستقر، وسكنوا في حي للطبقة المتوسطة.

اعتقل بسبب نشاطاته السياسية وهو في مرحلة المراهقة ولم يتجاوز من العمر 15 عاما، وكان ذلك في بداية الستينات.

درس في مدارس خاصة وكاثوليكية، وأرسله والداه إلى عدة معاهد مختلفة سعيا لإبعاده عن الحركة الطلابية المناهضة للسلطة، التي كانت تتصاعد أواخر خمسينيات القرن العشرين.

درس القانون لمدة عام واحد في جامعة أميركا الوسطى في ماناغوا، لكن سرعان ما غادرها عام 1963 ليتفرغ للنشاط السياسي وانضم  إلى الجبهة الساندينية للتحرير الوطني، فوجد نفسه في السجن للمرة الثانية، وأفرج عنه أواخر عام 1974 في إطار صفقة تبادل للأسرى بين الحكومة والجبهة الساندينية.

وبعد ذلك، غادر مع عدد من المفرج عنهم من أعضاء الجبهة إلى كوبا، حيث تلقى تدريبا على حرب العصابات لبضعة أشهر، وعاد على إثر ذلك سرا إلى نيكاراغوا ليشارك في الثورة ضد الحكم الدكتاتوري.

وانتهت الثورة التي قادتها الجبهة الساندينية في عام 1984، بعد أن فازت في الانتخابات الوطنية، وأصبح أورتيغا رئيسا للبلاد.

بالطبع الإدارة الأمريكية برئاسة رونالد ريغان دعمت بشكل كبير تحالف المعارضة، وكانت النتيجة حربا أهلية قاسية، وطعنت واشنطن في شرعية حكومة ماناغوا ومولت وسلحت حركة "الكونترا" اليمينية، التي كانت الذراع العسكرية لثورة مضادة، وتسبب هذا التمرد في مقتل عشرات الآلاف شخص.



لاحقا خسر أورتيغا انتخابات عام 1990 والانتخابات الثلاثة اللاحقة، ليعود مجددا إلى السلطة عام 2007. وفي عام 2021، فاز بولاية رئاسية هي الرابعة على التوالي، إثر تعديلات دستورية أتاحت له الاستمرار في الحكم ليصبح أطول حكام المنطقة بقاء في السلطة.

بعد انتخابه عام 2007 بدعم من الطبقات الفقيرة، اتخذ أورتيغا خطوات متدرجة لتوطيد حكمه، إذ ألغى بين عامي 2011 و2014 القيود الدستورية على المدد الرئاسية، وبالتوازي مع ذلك، تعاظم نفوذ زوجته روزاريو موريللو التي تعرف عليها في السجن والتي أصبحت نائبة له عام 2017، وهيمنت الجبهة الساندينية على البرلمان وعلى المشهد السياسي عموما.

وشكلت احتجاجات عام 2018 أكبر تحد لسلطة أورتيغا، لكن قوات الأمن ومجموعات شبه عسكرية قمعتها بعنف، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.

يتهمه معارضوه بإرساء نظام حكم استبدادي مطلق على نمط النظام الذي أقامته عائلة سوموزا، وهي تهمة ينفيها أورتيغا، في حين يعتبره أنصاره وطنيا حقيقيا ويطلقون عليه "القائد دانييل".

بدا أن أورتيغا ينأى بنفسه عن الأفكار الشيوعية، إذ أعلن أن المسيح هو قدوته، وتخلى عن شعارات الجبهة الساندينية خلال الحملة الانتخابية، كما أعلن أنه سيسعى لجلب الاستثمارات الأجنبية من أجل تخفيف حدة الفقر في البلاد.

ويفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ عام 2018 عقوبات على نيكاراغوا وعدد من رموز النظام فيها.

وعلى وقع العدوان الوحشي على قطاع غزة هاجم أورتيغا، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، واصفا إياه بـ"ابن الشيطان" و"هتلر العصر الحالي" نتيجة سياساته "الإرهابية" بحسب قوله.

داعيا لاتخاذ إجراءات حازمة ضد جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأكد رفض بلاده استمرار الإبادة الجماعية في فلسطين وتوسعها نحو لبنان، متهما الولايات المتحدة بدعم "إسرائيل وتسليحها مع بعض الأنظمة الغربية، لمواصلة هيمنتها على شعوب المنطقة".



وأعلنت حكومة نيكاراغوا، قطع العلاقات الدبلوماسية كافة مع دولة الاحتلال ردا على الإبادة الجماعية الوحشية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين.

وسبق هذا الإعلان قرار من البرلمان في نيكاراغوا يطالب الحكومة باتخاذ إجراءات ضد دولة الاحتلال ووصفت نائبة الرئيس روزاريو موريللو، دولة الاحتلال بأنها "حكومة فاشية ومجرمة".

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يشن الاحتلال حربا مدمرة على قطاع غزة بدعم أميركي واسع، أسفرت عن أكثر من 141 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

وسبق أن قطعت نيكاراغوا علاقاتها مع الاحتلال عام 1982 بعد اجتياح لبنان، قبل أن تعيد العلاقات عام 2017.

لكن عودة العلاقات بقيت رمزية، إذ إن التبادل الدبلوماسي بين البلدين كان محدودا للغاية، وليس لدولة الاحتلال سفير في ماناغوا.

وكانت نيكاراغوا قد طلبت رسميا الانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية.

كما رفعت نيكاراغوا قضية أمام محكمة العدل الدولية ضد ألمانيا بتهمة "تسهيل الإبادة الجماعية" وتقديم مساعدات مالية وعسكرية إلى دولة الاحتلال ووقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

ورغم التحولات الفكرية الكبيرة لدى أورتيغا إلا أن الرجل لم يتخلى عن ثوريته ودعمه للشعوب المضطهدة ووقوفه في وجه الهيمنة الأمريكية على دول أمريكا اللاتينية، وموقف حكومته الصلب من حرب الإبادة في قطاع غزة يظهر شخصيته الثورية والنضالية العريقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه نيكاراغوا كوبا كوبا نيكاراغوا بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة دولة الاحتلال قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تحذير إسرائيلي من نشوء تيار عالمي يساوي الإبادة في غزة بـالمحرقة النازية

تتابع الأوساط السياسية والثقافية والإعلامية الاسرائيلية معظم ما ينشر في دور النشر العالمية من كتب ودراسات حول العدوان الجاري على غزة منذ عام ونصف، ليس بدافع الثقافة والاطلاع، ولكن رغبة برصد تيار سياسي ثقافي فكري يسعى رويدا رويدا لحرمان دولة الاحتلال من احتكار "المحرقة النازية".

إيتاي مالاخ الباحث في المشروع المشترك بين معهد "فان- لير"، ومنتدى التفكير الإقليمي، وضع يده على عدد من المؤلفات الصادرة أخيرا حول هذا الموضوع، وآخرها كتاب جديد للمؤلف الهندي بانكاج ميشرا، بعنوان "العالم بعد غزة: بين لامبالاة الغرب في 1945 تجاه اليهود، ولامبالاته تجاه الفلسطينيين في غزة 2025"، فيما نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية المرموقة مقتطفاً من كتاب "كيف حطّمت غزة أسطورة الغرب"، وكأننا في هذا الربط أمام أيديولوجية منهجية تأخذ في التصاعد بصورة لافتة".


 العجز الدولي في مواجهة رعب الإبادة
وأضاف في مقال نشره موقع "الموقع الأكثر سخونة في العالم"، وترجمته "عربي21" أن "هناك تيار عالمي يسعى للربط بين المحرقة النازية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية، وجريمة الإبادة الاسرائيلية ضد غزة بين 2023-2025، فيما يتكرر ذات الشعور الدولي بالعجز في مواجهة الرعب الذي يحدث على مسافة غير بعيدة عنه، مع أنه يُبقي الكثيرين في الغرب مستيقظين طوال الليل، وهم يشاهدون ويسمعون صراخ أم فلسطينية على ابنتها المحترقة حتى الموت بالقصف الإسرائيلي لمدرسة نازحين، وصورة مفجعة لأب يحمل جسد طفله مقطوع الرأس بقذيفة إسرائيلية".

وذكر أن "ردود الفعل العالمية الباهتة إزاء ما تشهده غزة لا تقل إثارة عن الصدمة والسخط، وتفسح المجال لطرح السؤال: كيف يمكن لعالم ما بعد الهولوكوست أن يسمح بحدوث مثل هذه القسوة ضد الفلسطينيين، بل إن الغربيين لا ينفكّون عن الزعم بأن الهولوكوست لا ينبغي مقارنته بأي حدث تاريخي آخر، أي أن من يسمحون بوقوع جرائم خطيرة في غزة على غرار الهولوكست لا يستوفون المعايير الأخلاقية للالتزام بمنع وقوع محرقة أخرى، إلا إذا كان المقصود هو نزع الصفة الإنسانية عن ضحايا غزة، والطريقة التي يقدمهم بها الإسرائيليون بأنهم يُجسّدون الشر المطلق".

وأوضح أن "هذا التوجه الاسرائيلي منذ بداية الحرب تجاه الضحايا الفلسطينيين كشف عن نوايا مبيّتة لتدمير كل شيء في غزة، خاصة إيذاء الأبرياء، الذين يشكلون الغالبية العظمى من الضحايا؛ وتصاعد مُعدّل القتل، ونطاقه، والأساليب المتطرفة المستخدمة؛ وحجب الأدوية والأغذية؛ وحجم الدمار الأكبر نسبيا من الدمار الذي أحدثه الحلفاء في قصفهم لألمانيا في الحرب العالمية الثانية".

وأشار إلى أن "القيادة الإسرائيلية الحالية الأكثر تعصباً في التاريخ سعت لاستغلال هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لتعزيز مخاوف اليهود من وقوع محرقة أخرى، وسارعت لاستغلال هذه المشاعر بإطلاق تهديدات تتجاوز الدفاع عن النفس، وصولا لجعل قطاع غزة بأكمله غير صالح للسكن، وإضعاف سكانه حتى يموتوا، أو يفعلوا كل شيء للهروب".


ترديد الأكاذيب الإسرائيلية
ونقل عن مؤرخين عالميين أنه "لا توجد كارثة تقارن بما تشهده غزة، وهنا باتت العلاقة بين الهولوكوست والحرب على غزة أكثر وضوحا، في ضوء سلبية الغرب في كلتيهما، بل إن الغرب هذه المرة اعتمد نهجا بتوجيه أصابع الاتهام للفلسطينيين، وبالتالي تطبيع الجرائم الإسرائيلية، ولذلك لم يتورّع الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عن ذكر مقاطع فيديو رعب حصلت في مستوطنات غلاف غزة من قبل المسلحين الفلسطينيين، وثبت لاحقا أنها غير موجودة، لكنه ردد أكاذيب إسرائيلية حول ما زعمه الاحتلال بالفظائع".

ولفت إلى أن "رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لم يتردد في "منح الاحتلال الحق بحجب الكهرباء والمياه عن الفلسطينيين لحماية نفسه من حماس، بل انضم لهؤلاء الزعماء سلسلة طويلة من الصحفيين والمنظمات ووسائل الإعلام الغربية والمثقفين والرأسماليين والمؤسسات التعليمية، وكلهم متواطئون، بالفعل أو التقصير، في تطبيع العنف الإسرائيلي في غزة، وإخفاء ذنب الاحتلال، وإسكات منتقديه، وكل ذلك يعني تواطؤا غربيا تجاه جريمة الإبادة في غزة، من خلال الوقوف مكتوفي الأيدي، تماما كما فعل أثناء الهولوكوست".

وتساءل "لماذا يستبعد الغرب الفلسطينيين بشكل صارخ من بين من لديه واجب ومسؤولية إنسانية تجاههم، بينما يحمي الأوكرانيين، ويوفر لهم المأوى من الهجوم الروسي، مع أنه كان بإمكان الزعماء الغربيين بسهولة وقف الدعم غير المشروط للحكومة الاسرائيلية المتطرفة، مما يؤكد أن النظام العالمي الليبرالي المبني على حقوق الإنسان ليس سوى وهم، بدليل عدم التأثر من المشاهد الملحمية للبؤس والقلق والرعب والإرهاق الذي يعيشه أهل غزة، وبذلك فهي لا تختلف عن المحرقة التي سبقتها، وعن المآسي الأخرى التي سمح الغرب بوقوعها في القرن الماضي، واليوم يقف حكام الغرب بجانب الاحتلال بسبب سطحيّتهم الأخلاقية".


التطهير العرقي والهولوكوست
وأشار إلى أن "الغربيين الذين شاهدوا من بعيد، عاجزين، عشرات آلاف الفلسطينيين يقتلون ويدمرون على شريط ضيق من الساحل الساحلي في غزة، سيعيشون بجرح داخلي، ولن تتمكن السنوات من علاجه، لأن جريمة غزة حالة استثنائية في تاريخ النظام العالمي والأخلاق الغربية، لكنها لم تفرض على العالم  شيءٌ قطّ من الحزن والحرج ووخز الضمير، وهي ظاهرة غير مسبوقة للعجز عن إظهار التعاطف، والاحتجاج على الظلم، وعلى قصر النظر، وفشل الوعي".

واستدرك بالقول أنه "رغم كل ذلك، سيبقى للحرب على غزة، مثل الهولوكوست، تأثير تاريخي على الضمير الجماعي للبشرية، وربما تكون المسمار الأخير في نعش أسطورة الأخلاق التي زرعها الغرب منذ عصر التنوير في القرن الثامن عشر، بل إن بعض وسائله الإعلامية لم تستخدم مصطلحات "التطهير العرقي" أو "مخيمات اللاجئين" في تغطيتها للحرب، انصياعا للإملاءات الإسرائيلية الساعية لإخفاء الجريمة الاستعمارية التي لا يمكن إصلاحها، المسماة إسرائيل، وترتكب جرائم الإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني".

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يتخذ إجراءات سرية لجنوده المشاركين في جريمة الإبادة بقطاع غزة
  • الاحتلال يكرم جنوده في الخفاء خوفا عليهم من الملاحقة بسبب جرائم الإبادة
  • عائلات استُشهدت بكاملها.. الاحتلال يمارس التطهير العرقي في غزة
  • تحذير إسرائيلي من نشوء تيار عالمي يساوي الإبادة في غزة بـالمحرقة النازية
  • محكمة الاحتلال تقرر تشريح جثمان الشهيد الأسير مصعب عديلي
  • جيش الاحتلال يحشد قواته الاحتياطية لتوسيع عملياته العسكرية في غزة
  • عداد الشهداء في غزة لا يتوقف والعالم يتفرج على حرب الإبادة الصهيونية 
  • قيادي بحماس: الاحتلال يرفض حتى الآن إنهاء الحرب
  • ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين إلى 49 منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة
  • ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين إلى 49 منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة