سواليف:
2025-04-30@07:44:50 GMT

ضمير الأمة

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

#ضمير_الأمة

د. هاشم غرايبه

في وداع رجل من أشاوس الأمة، صدق ما عاهد الله عليه، لا تُذرف الدموع، بل ترتفع التكبيرات، فالمجاهد حينما يسقط في ساحة الوغي وهو يذود عن حياض الأمة وعقيدتها، لا يكون قد خسر إلا حياة فانية حافلة بالمعاناة والضنك، لكن ربحه أعظم بكثير، وهو كسبه لحياة راضية باقية، فهو قتل في سبيل الله، لذا فهو حي في كنف خالقه الذي أطاعه فأرضاه، ومن أكد لنا ذلك هو رب العالمين العليم الخبير: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” [آل عمران:169]، فكان بيان الله تعالى أنهم يرزقون، لتأكيد أنهم أحياء، لأن الأرزاق لا تقدر إلا للأحياء.


الخسارة فقط هي للأمة، فهي فقدت فارسا مغوارا، لم يترجل أو يغمد سيفا، بل ظل حتى الرمق الأخير كرارا، دوخ العدا وأقض مضاجع أعداء منهج الله، فحشدوا لقتاله ورفاقه أعظم حشود عرفها التاريخ، وزجوا في معركة القضاء عليه وعلى تنظيمه أعتى قوة عسكرية توصل اليها البشر وأكثرها تدميرا، ولما قالوا له إن الناس قد جمعوا لكم، لم يرعبه ذلك، بل زاده إيمانا وعزيمة.
أبو ابراهيم لم يكن قائدا عاديا كغيره من القادة، عيون تتوقد عزيمة ومضاء كعيون الصقر، وجبهة عاليه أكرمها بالسجود لخالقه، لم تنحنِ يوما لظالم متجبر، بل أزعم أنه ليس من أهل هذا الزمان، وإنما هو قادم من زمن الصادقين – زمن الصحابة، جاءنا به الله في هذا الوقت بالذات، وألهمه ورفيقه محمد الضيف خطة طوفان الأقصى، وهو يعلم أنها لن تحرر الأقصى الآن، لكن الله أرادها في هذا التوقيت حماية لبيته الحرام، بعد أن بات المشركون على وشك السيطرة عليه سياسيا من غير حاجة لاحتلاله عسكريا، وذلك تحت مسمى التطبيع، فعطل ذلك الطوفان الذي عمّ العالم كله خطط المنافقين، وتأجل الإعلان الرسمي بتوقيع معاهدة التطبيع التي كانت ستتيح عودة المشركين الى البيت الحرام بذريعة السياحة، بعد أن مُنعوا من ذلك الأربعة عشر قرنا الماضية بأمر من الله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا” [التوبة:28]، ولكي يقطع الطريق على المتذرعين بالسماح للمشركين بدخول الديار المقدسة أنه لتحقيق منافع تجارية أوسياحية، فقد وعد المؤمنين بأن يغنيهم عن الحاجة لذلك: “وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ”، وقد وفى الله بوعده فعلا في كل العصور: “أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا” [القصص:57]، فطيلة كل القرون المنصرمة، خضعت ديار العرب والمسلمين لاحتلالات مختلفة، لكن لم يدخل الحجاز أي محتل، كما وأن الله عوض قاطنيها بدل جدب أرضها، تأتيهم ثمرات كل أراضي الدنيا، ومعيشة رغدا يوفرها قدوم الحجاج والمعتمرين الذين لا ينقطعون عن التوافد إليها يوما.
لأجل ذلك رأينا كيف صوب الله رمي المجاهدين وأعمى عيون عدوهم، لينصرهم فيها، وقدّر تعالى عودتهم الى القطاع سالمين بعد أن قتلوا أكثر من ألف من جند العدو، وغانمين أكثر من مائتي أسير، فكان ذلك ضربة قاصمة لغطرسة المحتل وعنجهية داعميه من أعداء الأمة وعملائهم منافقيها، وإحياء للنفوس المقهورة من كثرة خذلان الأنظمة العربية لشعوبها، مثلما أثبت أن اتباع منهج الله هو الوسيلة الوحيد المتاحة أمام الأمة للانتصار على من ظلمها.
ولأن الأمة ولادة، فخسارة الرجال تعوض، فما انتصرت أمتنا يوما بالعدد والعدة، بل بتمسكها بعقيدتها، لذا فالخسارة لا تكون إلا بالتخلي عن اتباع منهج الله.
ولما أن الله قد أكرم شهيدنا البطل بنيل ما تمناه وهو إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، فقد أتاه اليقين وهو مقاتل غير قاعد، ومقبل غير مدبر، ليكون نبراسا لمن خلفه، فنكمل طريقه من بعده، الى أن ننال الحسنى الثانية: النصر بإذن الله.

مقالات ذات صلة ليست حرب ثنائيات 2024/10/18

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

«إكسبو أوساكا» يتجاوز المليون زائر في 13 يوماً

تجاوز عدد زوار معرض «إكسبو 2025 أوساكا» حاجز المليون زائر في اليوم الثالث عشر لانطلاق فعالياته، بحسب ما أعلنت الجهة المنظمة.
ويقام المعرض، الذي يستهدف استقطاب أكثر من 28 مليون زائر حتى الثالث عشر من أكتوبر المقبل، في جزيرة يوميشيما الاصطناعية الواقعة في خليج أوساكا.
وقد سجل اليوم الافتتاحي للمعرض الموافق الثالث عشر من أبريل، أعلى معدل حضور يومي بلغ 124 ألف زائر، إلا أن الأعداد انخفضت منذ ذلك الحين إلى أقل من 100 ألف زائر يومياً.
ويسعى المنظمون إلى تحقيق متوسط زيارات يومي يقدر بـ150 ألف زائر لبلوغ هدفهم الطموح.
واحتفل القائمون على المعرض بوصول عدد الزوار إلى مليون، استناداً إلى إحصائيات شملت العاملين ووسائل الإعلام.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال استضافة اليابان لمعرض إكسبو 2005 في محافظة آيتشي، استغرق وصول عدد الزوار إلى مليون، سبعة عشر يوماً من تاريخ الافتتاح.
(وام)

مقالات مشابهة

  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • زوجي لم ينسها يوما حتى وأنا على ذمته
  • قطاع المياه في ذمار ينظم فعالية ثقافية بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية
  • غموض يكتنف صرف رواتب نيسان بعد مضي 33 يوماً على مستحقات آذار
  • السيد عبدالملك ومشروع استنهاض الأمّة في زمن الغفلة
  • منهج الله أم العلمانية
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا
  • «إكسبو أوساكا» يتجاوز المليون زائر في 13 يوماً
  • المنافقون.. الوجه الآخر للعدوان على الأمة الإسلامية