سواليف:
2024-10-19@15:46:02 GMT

ضمير الأمة

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

#ضمير_الأمة

د. هاشم غرايبه

في وداع رجل من أشاوس الأمة، صدق ما عاهد الله عليه، لا تُذرف الدموع، بل ترتفع التكبيرات، فالمجاهد حينما يسقط في ساحة الوغي وهو يذود عن حياض الأمة وعقيدتها، لا يكون قد خسر إلا حياة فانية حافلة بالمعاناة والضنك، لكن ربحه أعظم بكثير، وهو كسبه لحياة راضية باقية، فهو قتل في سبيل الله، لذا فهو حي في كنف خالقه الذي أطاعه فأرضاه، ومن أكد لنا ذلك هو رب العالمين العليم الخبير: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” [آل عمران:169]، فكان بيان الله تعالى أنهم يرزقون، لتأكيد أنهم أحياء، لأن الأرزاق لا تقدر إلا للأحياء.


الخسارة فقط هي للأمة، فهي فقدت فارسا مغوارا، لم يترجل أو يغمد سيفا، بل ظل حتى الرمق الأخير كرارا، دوخ العدا وأقض مضاجع أعداء منهج الله، فحشدوا لقتاله ورفاقه أعظم حشود عرفها التاريخ، وزجوا في معركة القضاء عليه وعلى تنظيمه أعتى قوة عسكرية توصل اليها البشر وأكثرها تدميرا، ولما قالوا له إن الناس قد جمعوا لكم، لم يرعبه ذلك، بل زاده إيمانا وعزيمة.
أبو ابراهيم لم يكن قائدا عاديا كغيره من القادة، عيون تتوقد عزيمة ومضاء كعيون الصقر، وجبهة عاليه أكرمها بالسجود لخالقه، لم تنحنِ يوما لظالم متجبر، بل أزعم أنه ليس من أهل هذا الزمان، وإنما هو قادم من زمن الصادقين – زمن الصحابة، جاءنا به الله في هذا الوقت بالذات، وألهمه ورفيقه محمد الضيف خطة طوفان الأقصى، وهو يعلم أنها لن تحرر الأقصى الآن، لكن الله أرادها في هذا التوقيت حماية لبيته الحرام، بعد أن بات المشركون على وشك السيطرة عليه سياسيا من غير حاجة لاحتلاله عسكريا، وذلك تحت مسمى التطبيع، فعطل ذلك الطوفان الذي عمّ العالم كله خطط المنافقين، وتأجل الإعلان الرسمي بتوقيع معاهدة التطبيع التي كانت ستتيح عودة المشركين الى البيت الحرام بذريعة السياحة، بعد أن مُنعوا من ذلك الأربعة عشر قرنا الماضية بأمر من الله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا” [التوبة:28]، ولكي يقطع الطريق على المتذرعين بالسماح للمشركين بدخول الديار المقدسة أنه لتحقيق منافع تجارية أوسياحية، فقد وعد المؤمنين بأن يغنيهم عن الحاجة لذلك: “وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ”، وقد وفى الله بوعده فعلا في كل العصور: “أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا” [القصص:57]، فطيلة كل القرون المنصرمة، خضعت ديار العرب والمسلمين لاحتلالات مختلفة، لكن لم يدخل الحجاز أي محتل، كما وأن الله عوض قاطنيها بدل جدب أرضها، تأتيهم ثمرات كل أراضي الدنيا، ومعيشة رغدا يوفرها قدوم الحجاج والمعتمرين الذين لا ينقطعون عن التوافد إليها يوما.
لأجل ذلك رأينا كيف صوب الله رمي المجاهدين وأعمى عيون عدوهم، لينصرهم فيها، وقدّر تعالى عودتهم الى القطاع سالمين بعد أن قتلوا أكثر من ألف من جند العدو، وغانمين أكثر من مائتي أسير، فكان ذلك ضربة قاصمة لغطرسة المحتل وعنجهية داعميه من أعداء الأمة وعملائهم منافقيها، وإحياء للنفوس المقهورة من كثرة خذلان الأنظمة العربية لشعوبها، مثلما أثبت أن اتباع منهج الله هو الوسيلة الوحيد المتاحة أمام الأمة للانتصار على من ظلمها.
ولأن الأمة ولادة، فخسارة الرجال تعوض، فما انتصرت أمتنا يوما بالعدد والعدة، بل بتمسكها بعقيدتها، لذا فالخسارة لا تكون إلا بالتخلي عن اتباع منهج الله.
ولما أن الله قد أكرم شهيدنا البطل بنيل ما تمناه وهو إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، فقد أتاه اليقين وهو مقاتل غير قاعد، ومقبل غير مدبر، ليكون نبراسا لمن خلفه، فنكمل طريقه من بعده، الى أن ننال الحسنى الثانية: النصر بإذن الله.

مقالات ذات صلة ليست حرب ثنائيات 2024/10/18

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

أمر حثنا عليه النبي بشدة لأنه من التوجيهات الربانية الصمدانية

تركنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأرشدنا إلى كل ما فيه خير وفلاح لنا في الدنيا والآخرة، ونهانا عن كل ما يعرضنا لغضب الله سبحانه وتعالى.

وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر العام، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ : أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ ، وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ ، فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ. سنن أبي داود

وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن الأمر بالنظافة من التوجيهات الربانية الصمدانية لبني الإنسان؛ فالله – سبحانه وتعالى- جعل طهارة البدن والثياب والمكان شرطًا من شروط صحة الصلاة.  

وأضاف «جمعة»، أن النظافة لها قيمة عالية جدًا في حياة البشر، يقول تعالى: «وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»، (سورة المدثر: الآية 4)، ويقول أيضًا: «.. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»، (سورة البقرة: آية 222).

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن الله - سبحانه وتعالى- يحب التوابين إليه ويحب من يهتم بنظافة بدنه وثيابه ومكانه، وهو إذا يفعل ذلك ينفذ أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- الذي أكد على أهمية النظافة في حياة كل مسلم حيث قال - عليه الصلاة والسلام: « نظفوا أفنيتكم». 

وتابع المفتي السابق أن يبلغ الغاية في هذا ما أخرجه الترمذي من حديث رسول الله - صلى الله عليه سولم-: «إن الله طيب يحب الطيب ونظيف يحب النظافة»؛ فهذا قمة في بيان أمر النظافة.

وواصل أن الله غني عن عالم الأشخاص والأشياء والأحداث، فالرب رب والعبد عبد وهناك فرق بين المخلوق خلقة، ليس كمثله شيء ولا تركه الأبصار.

ونبه أن النظافة جزء لا يتجزء من الحياة السليمة والطيبة والصراط المستقيم؛ لذا يجب علينا جميعا أن نتمسك بها وإلا نسكت عن المنحرفين عنها ونضرب على أيديهم، فالنظافة مسألة مجتمع وأمة.

فيما أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الإسلامُ حث على النظافة والطهارة، واعتبرهما من صميم رسالته، وجزءًا من الإيمان، وأمر أتباعه بمراعاة أسبابهما في شتى المجالات.

كيف اهتم الإسلام بالنظافة والطهارة؟

وتابعت دار الإفتاء، أن النظافة والطهارة لهما من أثرٍ عميق في تزكية النفس وتمكين الإنسان من النهوض بأعباء الحياة.

ومن مظاهر اهتمام الإسلام، أنه حثَّ على نظافة البيوت والأماكن العامة وتطهيرها من النفايات والقاذورات، وكذا طهارة الملابس وجمال المظهر، وأيضًا نظافة الفم والأسنان من البقايا الضارَّة بصحة الإنسان... إلى غير ذلك من المظاهر.

الطريقة الصحيحة للغسل من الجنابة

عند الغسل من الجنابة لابد من النيّة، وذلك أن ينوي المسلم الطّهارة من الحدث، ثم التّسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرّحمن الرّحيم"، وبعد ذلك غسل الكفيّن ثلاث مرّات، والسّبب في ذلك أنّ الكفيّن هما أداة غرف الماء، ثم غسل الفرج باليد اليسرى؛ وذلك لأنّ الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلّص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به.

شرح كيفية غسل الجنابة

تنظيف اليد اليسرى ثمّ تدليكها بشدّة؛ وذلك للقيام بالتّخلص ممّا علق بها من أوساخٍ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصّابون، فهو يقوم مقام التّراب، ثم الوضوء: وغسل القدمين، ثم تعميم الماء في أصول الشّعر من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتّخليل إن كان الشّعر كثيفًا؛ حتّى يصل الماء إلى منبته، وينبغي إدارة الماء على الرّأس ثلاث مرّات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشّعر، كما ينبغي إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرّةً واحدة، ومن السّنة أن يدلّك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثمّ الجهة اليسرى.

الوضوء قبل الغسل من الجنابة

الوضوء قبل الاغتسال فإنه سُنَّةٌ وليس فرضًا، بمعنى أن فعل الوضوء قبل الغسل فيه ثواب، ولكن تركه لا يفسد الغسل ولا يبطل صحته، فإذا نوى الإنسان رفع الحدث الأكبر والأصغر، أو أنه يغتسل ليصلي، كفاه غسله عن الوضوء.

فقدان الماء
فقد المياه إما فقد حقيقي وأما فقد حُكمي، فالحقيقي اى لا يوجد مياه والحُكمي هو وجود مياه ولكن هناك ضرر لاستعماله أو هو مخصص للشرب، ففى هذه الحالة يكون الماء منعدمًا حُكمًا وليس حقيقةً، وفى هذه الحالة يجوز التيمم اى يتيمم هذا الرجل عوضًا عن الغسل لكل صلاة حتى يجد الماء فيغتسل.

مقالات مشابهة

  • الشيخ الخليلي: يجب على الأمة أن تؤيد المقاومة بكل ما تستطيع من حيلة
  • مفتي سلطنة عمان: يجب على الأمة أن تؤيد المقاومة بكل ما تستطيع من حيلة
  • مفتي عمان: على الأمة أن تؤيد المقاومة بكل ما تستطيع
  • الزواوي: أمتنا قادرة على صناعة الأبطال أمثال «السنوار»
  • حزب جبهة العمل الإسلامي ينعي الشهيد السنوار
  • مفهوم الإدارة في عهد الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام – ورسالته لمالك الأشتر
  • أمر حثنا عليه النبي بشدة لأنه من التوجيهات الربانية الصمدانية
  • حكم زيارة الحائض لقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة المنورة
  • ما هو الذهب الذي لا تجب عليه الزكاة؟.. «الإفتاء» توضح النصاب والعيار