دعيت إلى معرض "الوجه الآخر" للفنان التشكيلي د. أشرف رضا، الذي أطلقته مؤسسة "أراك للفنون والثقافة" بقاعة أراك أرت بمقر المؤسسة.
عند دخولي، وجدت طاقة من الألوان الصارخة تجذبني ووجوه تنظر إليّ، وعندما أنظر لأحدهم يخدعني وينظر في اتجاه آخر. تتجول بينهم فتجد بعض الوجوه مألوفة لك. دخلت غرف المعرض وشاهدت كل الجدران، وتعاطفت مع وجه أحدهم وحذرت من بعضهم.

إنها وجوه بلا أجساد، نعم، ولكنها وجوه تحمل حكايات وحكايات. تمنيت لو أن كل لوحة كتبت تحتها قصة قصيرة عن صاحب الوجه أعلاها.

يعتبر "البعد الآخر" في الفن التشكيلي مفهوماً عميقاً يتجاوز السطح الظاهر للأعمال الفنية ليغوص في أعماق النفس البشرية. إنه يعبر عن الجوانب الخفية والمشاعر المكبوتة التي قد لا تظهر للعيان بسهولة. في معرض "الوجه الآخر"، استطاع د. أشرف رضا أن يجسد هذا المفهوم من خلال استخدامه للوجوه البشرية كرموز تعبيرية. 
كل وجه في المعرض يحمل قصة فريدة، تعكس صراعات داخلية وتجارب حياتية متنوعة.
د. أشرف له معارض ومشاركات فنية وثقافية كثيرة، وشارك مع آخرين، ولكن هذا المعرض يختلف عن أي معرض آخر. فهو يجهز له منذ سنتين ليخرج لنا بـ ٥٠ عملاً فنياً تجريدياً. استخدم الوجوه البشرية لتعبر عن الوجه الآخر في عدة وجوه: الوجه الخفي، والقاتم، والمتحدث، والمتألم، والمبتهج. الرموز التي عبرت عن اللوحات أبرزت إبداع الفنان ورسخت مفهوم الوجه الآخر.

الوجوه في هذا المعرض ليست مجرد تعبيرات ثابتة، بل هي نوافذ تطل على عوالم داخلية معقدة. من خلال الألوان الجريئة والخطوط التعبيرية، يتمكن الفنان من نقل المشاهد إلى حالة من التأمل والتفكير في ما وراء الظاهر. البعد الآخر هنا ليس مجرد فكرة فلسفية فقط، بل هو تجربة حسية يعيشها الزائر، حيث يتفاعل مع كل لوحة بشكل شخصي وفريد.

وعن الحالة التعبيرية لكل لوحة، كانت تتحدث الألوان والخطوط التعبيرية لكل وجه. يتميز د. أشرف رضا بجرأته اللونية، فألوانه الصارخة الساخنة تجذبني لأعماله الفنية التي تشعرني بحالة من التوهج اللوني والإبداع. استخدامه للون الأصفر بجرأته ووضوحه وامتزاجه باللون البرتقالي يجعل كل لوحة تصرخ بانفعالاتها الفنية، فتتشكل حالة من الإبداع داخل كل وجه قدمه لجمهوره.

هناك فلسفة إبداعية رأيتها في إحدى اللوحات، حيث كان الوجه الآخر مقسوماً بين نصفين: النصف الأيمن والنصف الأيسر المختلفين حتى في نظرة العين. فعين تملأها الشر والخبث، وعين تملأها اللامبالاة والاعتيادية. وهناك لوحة كانت نصفها يعبر عن الحزن والسيطرة على المشاعر، والنصف الآخر يعبر عن المساندة والانكسار معاً.
ومن هنا وجدت وجهاً آخر وبعداً جديداً للوجه الآخر. فليس من الضروري أن يكون الوجه الآخر وجهاً يملأه الشر أو وجهاً محملاً بأغلاط مستترة. الوجه الآخر هو بعد إنساني قريب يتغلغل ويمتزج بالشخصية ويتأثر بالعوامل الديموجرافية. فهو اتصال شخصي داخلي ربما يظهر للآخرين، ولكنه في الأغلب يظل وجهاً آخر مخفياً نتفاعل معه أحياناً ونتأثر به في كثير من الأحيان.
٥٠ عملاً يمثلون البعد الثاني للوجه الآخر، جميعها بالأسلوب التشخيصي التجريدي بين رسم وأعمال مجسمة ونحتية.
وأخيراً، أختم مقالي بمقولة بيكاسو: "الفن هو الكذبة التي تجعلنا نكتشف الحقائق"، وهي مقولة تعكس بعمق قدرة الفن على كشف الأبعاد الخفية للواقع من خلال الإبداع والتجريد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوجه الآخر کل لوحة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: لولا الإيمان باليوم الآخر لأصبح العالم عبثًا وفوضى

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يضبط سلوك الإنسان، إذ لولاه لفقدت الحياة معناها وأصبحت الدنيا عبثًا، يأكل فيها القوي الضعيف ويسيطر الكبير على الصغير، ولتحولت إلى مجزرة لغياب الحساب والثواب والعقاب.  

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال فتوى له،  أنه بدون الإيمان باليوم الآخر، كان الإنسان سيفقد الإحساس بالمسؤولية، لأن "من أمن العقاب أساء الأدب"، ولولا وجود يوم للحساب لانتشرت الفوضى، مؤكدًا أن الفوضى لا تعني الحرية، بل تؤدي إلى الاضطراب والضياع، على عكس ما يروّج له البعض تحت مسمى "الفوضى الخلاقة"، متسائلًا: "كيف تكون الفوضى خلاقة؟! فالفوضى دائمًا ما تقود إلى الدمار والانهيار، وليس إلى الإبداع أو الانطلاق".  

دعاء ليلة القدر والجمعة الأخيرة من رمضان.. أدعية من المصحف للزواج والرزقدعاء ليلة 28 رمضان .. كلمتان مجابتان بسرعة البرق

وأضاف أن ما يسميه البعض حريةً، وهو في حقيقته تفلّت، يؤدي في النهاية إلى الاصطدام بالفطرة والخلق والطبيعة التي أوجدها الله، مما يسبب الهم والغم، بل قد يؤدي إلى الاكتئاب والانتحار، لأن الإنسان إذا سار ضد فطرته، فسيعيش في حالة من الصراع الداخلي المستمر.  

وأشار إلى أن الحرية الحقيقية هي الوجه الآخر للمسؤولية، فليس هناك حرية بلا التزام، أما التفلت، فهو خروج عن القيم والمبادئ، ويؤدي إلى انهيار المجتمعات وضياع الأفراد، مشيرًا إلى أن الإيمان باليوم الآخر هو الضمانة الحقيقية لتحقيق العدل والاستقرار في الدنيا، قبل الآخرة.

مقالات مشابهة

  • فرشاة ولون… معرضٌ لخريجي مركز الفنون التشكيلية في ثقافي شهبا
  • حبوا الخير لبعض.. ريهام حجاج توجه رسالة غامضة
  • علي جمعة: الإيمان باليوم الآخر يمنح الحياة معناها الحقيقي
  • علي جمعة: لولا الإيمان باليوم الآخر لأصبح العالم عبثًا وفوضى
  • عمليات شد الوجه بين الشباب تتزايد.. ما رأي خبراء التجميل؟
  • أكثر من 100 لوحة فنية في معرض "ليالي رمضان" بثقافة بورسعيد
  • نحـو نـقـد الانتـقـائيـة في النـظـر إلى الآخـر
  • خليل الحية: المقاومة نجحت في كشف الوجه الحقيقي للاحتلال كعدوّ استراتيجي للأمة
  • منتخب مصر يعبر سيراليون.. ويضع قدما في المونديال
  • كيفية وصول ماء زمزم من أعماق الأرض إلى ملايين الزوار.. فيديو