باشاآغا: العدالة الحقيقية تقتضي إعادة توزيع الثروات الوطنية بشكلٍ عادل
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
ليبيا – أكد رئيس الحكومة السابق المكلف من البرلمان فتحي باشاآغا، أن العدالة الحقيقية تقتضي إعادة توزيع الثروات الوطنية بشكلٍ عادل بحيث يحصل كل إقليم وكل مواطن على نصيبه المستحق من الفرص والموارد.
باشاآغا وفي منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، تحت عنوان “من الفساد إلى الإصلاح: صون الثروات وتوزيعها بعدالة”،قال :” على مسرح الأحداث الليبية، وبين دهاليز السلطة وأروقة النفوذ، تُداس العدالة وتُسحق النزاهة في ظل تغليب الأنانية والمصالح الشخصية، فينتشر وباء نهب المال العام في جسد الدولة والمجتمع، مما يعكس أحد أخطر أعراض انهيار المنظومة الوطنية، فكلما تراجع الوعي الجمعي وتلاشى الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، واستكان الشعب للواقع المرير، ازدادت جرأة الفاسدين وتفاقم تماديهم، متوغّلين في أرضٍ استسلمت لغفلتها وانقساماتها”.
وأضاف باشاآغا:” أن الثروات الوطنية التي يُفترض أن تكون عماد التنمية وركيزة الازدهار، تتحول يومًا بعد يوم إلى عبء يثقل كاهل الوطن وأهله، فما نشهده من استغلال ممنهج للموارد الوطنية، وعمليات النهب العلنية التي تُرتكب في وضح النهار وتتم بلا وجل أو رادع”، مشيرا إلى أن هذا الوضع يعكس انهيارًا أخلاقيًا في منظومة السلطة والنفوذ، حيث ينشغل الساسة والأقوياء بالصراع على هذه الثروات، بينما يظل المواطنون ضحايا لهذا الانحدار، يتحملون وطأته دون أن يروا بصيصًا من الأمل في الإنصاف أو التغيير.
ولفت إلى أن هذه الممارسات لا تتوقف عند حدود تقويض الثقة في مؤسسات الدولة، بل تتعداها إلى إضعاف البنية الاجتماعية والاقتصادية بشكل خطير، حيث تعمّق الفجوة المتزايدة بين قلة من الأغنياء وغالبية فقيرة، وتزيد من حدة التوترات الاجتماعية والسياسية.
واستطرد:” فالمال العام الذي يُفترض أن يكون رافعة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة أصبح أداة لتعميق الظلم وتوسيع نطاق الفساد، ومع استمرار هذا النهج المدمر، تتآكل مؤسسات الدولة شيئًا فشيئًا، وتتراجع قدرتها على فرض القانون وتحقيق العدالة، مما يضع مستقبل الوطن في خطر، ويترك المواطن في دوامة من المعاناة المتزايدة التي تتعاظم يومًا بعد يوم”.
وتابع باشاآغا حديثه:” لقد بات الفساد أشبه بمنظومة متكاملة، أكثر تنظيمًا وابتكارًا من أي وقت مضى تديره شبكات معقدة، تُتقن استغلال الثغرات القانونية وتستفيد من ضعف المؤسسات وما لم يكن يومًا إلا سخرية مريرة، قد يصبح واقعًا مستقبليًا حيث تُنشر كتالوجات وإرشادات لكيفية نهب المال العام، وإخفاء الآثار، وإعادة توزيع المسروقات بطرقٍ ذكية لا تثير الشبهات”.
وأكمل: “بعض الأطراف بالفعل جعلت من الفساد مهنة، متقنة فنون الاحتيال والتلاعب بالأرقام، لتحويل الموارد الوطنية ومؤسسات الدولة إلى مجرد أدوات للثراء غير المشروع”.
وأفاد بأن الأزمة الليبية اليوم في أبعاد تتجاوز الصراعات التقليدية على السلطة أو السيطرة على الأرض، فهي أزمة هوية وطنية تتفكك فيها معالم الدولة وتذبل الروابط بين أبناء الوطن الواحد، حيث تتركز الثروات في أيدي فئة قليلة، بينما يغرق الشعب في العديد من المناطق في دوامة الفقر والحرمان،وهذه الفجوة المتزايدة لا تهدد فقط العدالة الاجتماعية، بل تشكل خطرًا داهمًا على استقرار البلاد وتماسكها.
ونوه إلى أن العدالة الحقيقية تقتضي إعادة توزيع الثروات الوطنية بشكلٍ عادل بحيث يحصل كل إقليم وكل مواطن على نصيبه المستحق من الفرص والموارد.
وبحسب باشاآغا:” لا يمكن أن يقوم وطن قوي ومستقر على أسس الظلم والهيمنة، ولا يمكن تحقيق السلم الاجتماعي دون إرساء مبدأ الإنصاف بين الجميع، إذ أن توفير الفرص المتكافئة لكل المناطق هو السبيل الوحيد لبناء دولة عادلة، تضمن للجميع حياة كريمة ومستقبلًا أكثر استقرارًا”.
ونوه إلى أنه على الرغم كل التحديات الصعبة، يبقى الأمل في مستقبل مشرق قائمًا، لكنه يتطلب تضافر كافة الجهود وإرادة جماعية قوية وشجاعة لإحداث التغيير، فلا يكفي أن نلقي اللوم على الظروف أو ننتظر حلولًا جاهزة؛ بل يجب أن يتم إصلاح الدولة وتقوية مؤسساتها، واستعادة هيبتها من خلال فرض سيادة القانون، وتعزيز قيم العدالة والنزاهة والشفافية والمساءلة،على حد تعبيره.
ورأى أن تصحيح سياسات توظيف الثروات الوطنية لخدمة البلد، وإعادة صياغة مفهوم المال العام من اعتباره غنيمة توزع على القلة إلى اعتباره أداة لخدمة الصالح العام، يشكل الخطوة الأولى نحو بناء ليبيا التي نحلم بها،مردفا:” ليبيا التي تتجاوز الفوارق والظلم، وتضع حداً للتهميش، هي ليبيا القادرة على تحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية التي تعيد للوطن بريقه، وتعيد للشعب ثقته بمستقبله”.
وفي الختام،أكد باشاآغا أن السبيل لبناء وطن قوي ومستدام يبدأ من صون الثروات وتوزيعها بشكل عادل، والعمل على تحقيق مصلحة الجميع دون استثناء أو تمييز، في إطار دولة يسودها القانون والإنصاف، ويعيش المواطن بكرامة ويشارك بفاعلية في بناء مستقبله.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الثروات الوطنیة التی ت إلى أن
إقرأ أيضاً:
الإدارة بين الأخلاق والنجاح فن القيادة الحقيقية
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن ..
في عالم الإدارة ليست السلطة وحدها هي التي تصنع القائد بل الأخلاق والرؤية والقدرة على التأثير هناك مدير يجرحك بسوء خلقه وتعاليه وآخر يحرجك برقيه وسمو مبادئه الفارق بين الاثنين ليس في المنصب بل في إدراكهما لمعنى القيادة الأول يُشيّد جدرانًا بينه وبين فريقه والآخر يمدّ لهم جسورًا من الاحترام والتقدير الأول يأمر، والآخر يُلهم الأول يفرض والآخر يزرع الثقة وكأن القيادة وجه آخر للإنسانية إما أن تكون أفقًا مفتوحًا أو جدارًا يُضيّق الخناق على الأرواح
الإدارة ليست مجرد تنظيم للأعمال واتخاذ للقرارات بل هي فن التعامل مع البشر وتحفيزهم ليقدموا أفضل ما لديهم القائد الناجح لا ينظر إلى فريقه كأرقام صمّاء في تقارير بل كقلوب تنبض وطموحات تتوق للتحليق وما الإدارة إن لم تكن موسيقى خفية تعزفها روح القائد فإما أن تكون نشيدًا يرفع الهمم أو ضجيجًا يبدد الحماسة.
عندما تكون الأخلاق جزءًا من الإدارة يتحوّل مكان العمل من جدرانٍ صامتة إلى فضاء يتنفس بالإبداع والولاء المدير الذي يؤسس علاقته بموظفيه على الاحترام والثقة سيجد أنهم لا يعملون فقط من أجل الراتب بل من أجل نجاح المؤسسة وكأنها بيتهم وكأن الإنجاز قطعة من أرواحهم وحدها الأخلاق تكتب حكاية الانتماء فكيف لمكان أن ينمو دون أن يسكنه الإخلاص؟
لكن الأخلاق وحدها لا تكفي فالإدارة تحتاج إلى عينٍ ترى أبعد مما يراه الآخرون وإلى عقلٍ يصنع من الفوضى خريطة واضحة للنجاح لا يكفي أن يكون القائد نبيلاً بل يجب أن يكون حكيمًا يعرف متى يكون حازمًا ومتى يكون مرنًا متى يصمت ليستمع، ومتى يتحدث ليوجّه فالإدارة الحقيقية لا تمشي على درب الصدفة بل تبني طريقها حجراً بعد حجر ورؤية بعد أخرى حتى يصبح النجاح نتيجة حتمية لا مجرد احتمال.
المؤسسات الناجحة ليست تلك التي تمتلك أذكى العقول فحسب بل تلك التي تعرف كيف تجعل هذه العقول تعمل بانسجام ضمن بيئة تمنحها الأمان والإلهام فلا شيء يقتل الإبداع أكثر من بيئة تخنق الأحلام ولا شيء يُشعل الطموح أكثر من قائد يرى في موظفيه شركاء لا مجرد أيدٍ عاملة
وفي المحصلة يبقى الفرق بين المدير العادي والقائد الحقيقي واضحًا كالفارق بين من يُشعل شمعة ومن يطفئها الأول يدير المهام والثاني يلهم البشر الأول يبحث عن النتائج والثاني يصنعها من خلال بناء فرق قوية ومتحدة وبين هذا وذاك تبقى الأخلاق حجر الأساس لكل نجاح مستدام تمامًا كما تبقى السماء سقفًا للذين يحلمون بالطيران.
د. سعد معن