أثنى المنسق العام ل"التحالف اللبناني للحوكمة الرشيدة" مارون الخولي، في بيان، على "الموقف الشجاع والحاسم الذي اتخذه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في مواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون السيادية للبنان، خاصة تصريحات رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف حول استعداد طهران للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق القرار الأممي رقم 1701.

"

وقال الخولي: "إن موقف رئيس الحكومة يشكل محطة هامة في السياسة اللبنانية، ويستند إلى مبادئ القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تؤكد على احترام سيادة الدول ومنع التدخل في شؤونها الداخلية. ميقاتي أكد أن الحكومة اللبنانية وحدها هي المخولة بالتفاوض وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، ولا سيما القرار 1701، بما يضمن مصالح لبنان الوطنية ويعزز استقراره."

أضاف: "الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، تنص بوضوح على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول (المادة 2، الفقرة 7 من الميثاق)، الذي يحظر على الدول الأعضاء استخدام القوة أو التهديد بها أو التدخل بأي شكل كان في سياسات الدول الأخرى. كما أن إعلان مبادئ القانون الدولي لعام 1970 يعزز هذا المبدأ، مشدداً على احترام السيادة والمساواة بين الدول، وحماية حقها في إدارة شؤونها دون تدخلات خارجية".

وتابع: "هذا الموقف الوطني من قبل ميقاتي يعكس التزامه بتطبيق هذه المبادئ الدولية، ويحمي لبنان من محاولات تكريس وصايات مرفوضة تهدد استقراره ووحدته. والدعم الدولي للبنان يجب أن يكون عبر قنوات رسمية مع الحكومة اللبنانية وليس من خلال فرض أجندات سياسية أو عسكرية من أي جهة خارجية".

ورأى أن "هذا الموقف لرئيس الحكومة يجب أن يكون منطلقاً ثابتاً في التعامل مع كل التدخلات السياسية التي تسعى إلى التأثير على مسار السياسات الوطنية اللبنانية"، ودعا إلى "تعزيز هذا التوجه ليكون أساساً في السياسة اللبنانية المستقبلية"، مؤكداً أن "لبنان بحاجة إلى تعزيز سيادته واستقلالية قراره السياسي عبر إرساء نهج واضح يرفض أي تدخل خارجي، سواء كان إقليمياً أو دولياً".

وختم الخولي: "إن هذا الموقف التاريخي لرئيس الحكومة يعزز استقلالية القرار اللبناني، ويأتي في سياق الدفاع عن سيادة لبنان، وضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي تحمي الدول من التدخلات الخارجية. وعلى الجميع دعم الحكومة اللبنانية في مساعيها للحفاظ على وحدة لبنان واستقلاله، وتطبيق القرارات الدولية بما يحفظ استقرار الجنوب ويحقق السلام."

 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الحماية الدولية للأطفال في غزة

 

 

يوسف بن علي الجهضمي

 

في ظل الأحداث المأساوية التي يشهدها قطاع غزة، يبرز تساؤل وجيه حول مدى فاعلية وآلية تطبيق القانون الدولي في حماية حقوق الإنسان والطفل، خاصةً مع استمرار ارتكاب جرائم لا يمكن تبريرها أو التغاضي عنها. فيما يلي مقال مفصل يتناول الشرح والتحليل القانوني والمواد القانونية ذات الصلة بمنظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل، مع تسليط الضوء على المعضلة القائمة حاليًا تجاه كل طفل قُتل وكل أم تحمل جثة طفلها في غزة.

1. المقدمة والسياق العام

تشهد الأراضي الفلسطينية وبالأخص قطاع غزة استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والطفل؛ حيث يعاني السكان من آثار الصراعات المسلحة التي تؤدي إلى فقدان الأرواح وتشريد العائلات وتدمير البنية التحتية الأساسية. من هنا، يتعين على المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان تحمل مسؤولياتها في مراقبة وتوثيق هذه الانتهاكات والمطالبة بمحاسبة مرتكبي الجرائم. إلا أن الانقسام والتردد في اتخاذ مواقف حازمة يعكس تحديًا كبيرًا أمام تطبيق القانون الدولي والمواثيق التي تكفل حقوق الإنسان.

2. الإطار القانوني الدولي لحماية حقوق الإنسان والطفل

أ. القانون الدولي الإنساني: يشكل القانون الدولي الإنساني، ومن أبرز مكوناته اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، الإطار الأساسي لحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة. تنص هذه الاتفاقيات على: مبدأ التمييز: يجب التمييز بين المقاتلين والمدنيين، ويحظر استهداف المدنيين عمدًا. ومبدأ النسبية: يجب أن تكون الهجمات العسكرية متناسبة مع الهدف العسكري ولا تؤدي إلى أضرار جسيمة للسكان المدنيين.

حماية الأطفال: يُعد الأطفال فئة محمية بصفة خاصة، ويجب اتخاذ كافة التدابير لتفادي تعرضهم للأذى، بما يشمل منع تجنيدهم أو استخدامهم في النزاعات.

ب. اتفاقية حقوق الطفل (CRC): تُعد اتفاقية حقوق الطفل من أهم المعاهدات الدولية التي تضمن حماية حقوق الأطفال في جميع الظروف. تنص الاتفاقية على عدة مبادئ أساسية منها: أفضل مصلحة الطفل: يجب أن تكون جميع الإجراءات والقرارات المتعلقة بالأطفال موجهة لتحقيق أفضل مصالحهم. وحق الحياة والبقاء والنمو: تلتزم الدول بضمان حماية حياة الطفل وتوفير الظروف الملائمة لنموه السليم. وحق الحماية من العنف والاستغلال: تُحظر جميع أشكال العنف والاستغلال ضد الأطفال، سواء في النزاعات المسلحة أو في الحياة اليومية.

ج. الميثاق الدولي لحقوق الإنسان: بالإضافة إلى الاتفاقيات الخاصة بالأطفال، يشمل الميثاق الدولي لحقوق الإنسان العديد من الأحكام التي تؤكد على حماية الحياة والكرامة الإنسانية للجميع. من بين هذه المواد: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: الذي ينص على حق الحياة والحماية من التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: الذي يحث على توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والعيش الكريم.

3. التحديات والقصور في تطبيق القانون الدولي

أ. تجاهل الجرائم والاتهامات المزدوجة: في الوقت الذي تستمر فيه جرائم القتل والتشريد في غزة، يبرز التساؤل حول آلية محاسبة مرتكبي الجرائم وضرورة تقديمهم للمحاكمة أمام محاكم دولية مختصة. فبينما تُستشهد بعض الدول والهيئات بضرورة احترام مبادئ القانون الدولي، يبدو أن بعض الجهات تمارس الانحياز السياسي أو تتبنى موقف الحياد المزعوم الذي يسمح للإرهاب والفظائع بالاستمرار دون رادع فعّال.

ب. الدور المتناقض لمنظمات حقوق الإنسان: على الرغم من وجود منظمات دولية تهدف إلى حماية حقوق الإنسان والطفل، إلا أن واقع تطبيق مبادئها يتعارض أحيانًا مع مصالح سياسية معينة، مما يؤدي إلى: قصور في الرقابة: فالمراقبة الدولية لا تكتفي بتوثيق الانتهاكات فحسب، بل يتعين عليها الضغط على الدول والجماعات المتورطة لاتخاذ خطوات فعلية. والحيادية المزعومة: تُتهم بعض هذه المنظمات بتبني موقف حيادي يُفسر على أنه تساهل أو حتى دعم ضمني للكيان الصهيوني في ظل التجاوزات المستمرة، مما يضع المشهد في صورة من التواطؤ الصامت مع الانتهاكات.

ج. التواطؤ الدولي وتأثيره على حقوق الطفل: تُشير التقارير الدولية إلى أن بعض الدول الغربية وبعض الدول العربية ليست سوى أجزاء من منظومة دعم أو تواطؤ ضمني في إبادة سكان غزة، حتى وإن كانت تصريحاتها الرسمية تتضمن إدانة الانتهاكات. هذا التناقض بين الأقوال والأفعال يؤثر سلبًا على قدرة المجتمع الدولي على فرض القانون الدولي وضمان حقوق الإنسان والطفل.

4. الدعوات والإجراءات القانونية الممكنة

أ. مطالبة بمحاسبة المسؤولين: ينبغي توجيه نداء عالمي لمحاكمة كافة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في غزة أمام محاكمات دولية أو لجان تحقيق مستقلة، مستندين في ذلك إلى: آليات العدالة الانتقالية: التي تسمح بإجراء تحقيقات محايدة وتقديم المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة. واللجان الدولية للتحقيق في جرائم الحرب: التي يمكن أن تؤسس لقضايا دولية ضد مرتكبي الجرائم.

ب. تجديد الثقة في منظمات حقوق الإنسان: من الضروري إعادة النظر في آليات عمل منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل لتكون أكثر شفافية وعدالة، وذلك عبر: تشكيل تحالف دولي يضم ممثلين عن الدول العربية والإسلامية: لضمان عدم تحيز هذه الهيئات لصالح أي جهة سياسية. واعتماد آليات مراقبة مستقلة: تخضع لرقابة محايدة تضمن توثيق كافة الانتهاكات وتقديم تقارير مفصلة عن الأوضاع على الأرض.

ج. سحب العضوية أو إعادة التشكيل: تزايدت الدعوات لسحب عضوية بعض الدول أو إعادة النظر في انضمامها إلى هذه المنظمات، خاصةً إذا ثبت تورطها المباشر أو غير المباشر في دعم سياسات تجاهل حقوق الإنسان. هذا الإجراء، وإن كان سياسياً، يمكن أن: يعزز من مصداقية المنظمات: بإعادة هيكلة أنظمتها لتكون أكثر تمثيلاً للأصوات الإنسانية الحقيقية. كما يضع حداً للتواطؤ: من خلال استبعاد الجهات التي تتنازل عن مبادئ العدالة الدولية والإنسانية.

5. المواد القانونية والنصوص الداعمة

أ. اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية: تحدد اتفاقيات جنيف قواعد صارمة لحماية المدنيين، ولا سيما الأطفال، أثناء النزاعات المسلحة. وتوضح النصوص التالية: المادة (3) المشتركة لاتفاقيات جنيف: التي تفرض معاملة إنسانية على جميع الأشخاص الذين لا يشاركون مباشرةً في الأعمال العدائية. والبروتوكول الإضافي الثاني: الذي يؤكد على ضرورة حماية المدنيين وعدم استهدافهم عمدًا.

ب. اتفاقية حقوق الطفل (CRC)؛ حيث تنص الاتفاقية على: المادة 19: التي تضمن حماية الطفل من جميع أشكال العنف الجسدي أو النفسي. المادة 24: التي تتعلق بحقوق الطفل في الصحة والحماية من المخاطر التي قد تؤثر على حياته.

ج. العهود الدولية، كما يُستند إلى مواد من: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: خاصة المواد المتعلقة بحماية الحق في الحياة وعدم التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: التي تضمن حقوق الإنسان في المعيشة الكريمة والخدمات الأساسية.

6. الخلاصة والدعوات المستقبلية

إن القضية الفلسطينية، وخاصة معاناة أطفال وغزة، تظل قضية إنسانية وقانونية تستدعي وقفة جادة من المجتمع الدولي. يجب على منظمات حقوق الإنسان وحقوق الطفل تجديد التزامها بمبادئ العدالة والشفافية، والعمل على محاسبة كل من يثبت تورطه في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي. كما يستدعي الأمر من الدول العربية والإسلامية توحيد صفوفها لتعزيز الرقابة الدولية وتشكيل تحالفات قادرة على فرض المسؤولية القانونية على كل من يتستر وراء بذريعة "الحيادية" دون إدانة الجرائم.

إن حماية الطفل وحقوق الإنسان ليست رفاهية يمكن التهاون بها، بل هي مسؤولية مشتركة على كل دولة ومنظمة، وفي غياب هذه الحماية يصبح واقع غزة مرآة تعكس قصوراً خطيراً في نظام العدالة الدولي. وفي هذا السياق، تظل الدعوات لإعادة النظر في عضوية بعض الهيئات والمنظمات أو إعادة تشكيلها ضرورة ملحة لضمان أن تكون العدالة حقيقة وليس مجرد شعارات سياسية.

بهذا نكون قد استعرضنا التحديات القانونية والأخلاقية التي تواجه حماية حقوق الإنسان والطفل في غزة، داعين المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة تضمن محاسبة الجناة ورفع مستوى العدالة والمساءلة على الصعيد الدولي.

مقالات مشابهة

  • الحماية الدولية للأطفال في غزة
  • هل تستطيع الحكومة مواجهة عواصف المنطقة؟
  • توافق تام تجاه القضايا الكبرى.. مسار العلاقات المصرية اللبنانية عبر العصور
  • موقف المحاكم الدولية من الإبادة الجماعية في غزة
  • محافظ نينوى: المستشفى الألماني يواجه أزمة تمويل وعلى الحكومة التدخل
  • ميقاتي: فقدنا هدى شديد المميزة والقوية والموضوعية
  • رئيس الحكومة اللبنانية يحذر من تجدد العمليات العسكرية في الجنوب
  • مهدداً بالرد.. كاتس يحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية الهجوم الصاروخي على اسرائيل
  • الأمن والمخدرات عنوان اللقاء الثاني في دارة ميقاتي:هل من حلول جدّية للفلتان في طرابلس؟
  • وقفات في صعدة تؤكد ثبات موقف اليمن المساند لفلسطين