أدوية شهيرة تصيب الأطفال بنوبات صرع قاتلة تسبب الوفاة أحيانًا.. تحذير للآباء والأمهات
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
حذرت دراسة أميركية حديثة الآباء والأمهات من أن الأدوية الموجودة في المنازل تزيد من خطر تعرض الأطفال لنوبات الصرع المهددة للحياة وتسبب الوفاة في بعض الأحيان، والتي تضاعفت بينهم خلال الفترة ما بين 2009 و2023.
ووفقًا لما ذكره موقع صحيفة “ذي صن” البريطانية، توصي الدراسة الآباء بضرورة تخزين الأدوية في أماكن آمنة بعيدة عن متناول الأطفال، نظرًا لإحتوائها على مكونات قد تسبب نوبات صرع لدى الأطفال الذين لا يتحملونها.
كما أوضحت الدراسة أن أعداد حالات الصرع التي تعرض لها الأطفال نتيجة تناول الأدوية أو المواد الأخرى قد تضاعفت خلال الفترة المذكورة، حيث شملت الدراسة أدوية مثل مضادات الهيستامين التي تُستخدم لعلاج الحساسية، بالإضافة إلى مضادات الاكتئاب ومسكنات الألم، وحتى القنب الصناعي مثل K2 وSpice.
وبدوره، أشار المؤلف الرئيسي للدراسة إلى أن نوبات الصرع من أخطر الأعراض التي يمكن أن يواجهها الأطفال، خاصة أن تأثيراتها تعتمد على عوامل مختلفة مثل مكان حدوث النوبة، مدتها، وحالة الطفل الصحية، فيما أكد أن هذه النوبات قد تتسبب في أضرار صحية طويلة الأمد أو قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات.
واعتمدت الدراسة على بيانات السموم الوطنية في الولايات المتحدة، حيث قام الباحثون بجمع وتحليل البيانات المتعلقة بنوبات الصرع التي تصيب الأطفال والمراهقين نتيجة التعرض لأي مادة بين عامي 2009 و2023. وتركز التحليل على الأعمار المختلفة للأطفال والمراهقين، وكذلك المواد التي تم تناولها.
وأظهرت النتائج ارتفاع عدد الحالات بشكل واضح، حيث زاد عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و19 عامًا، والذين تعرضوا لنوبات صرع، بمعدل الضعف خلال فترة 15 عامًا. كما شهدت الفئة العمرية دون سن السادسة زيادة بنسبة 45% في عدد الحالات.
وترتبط معظم حالات نوبات الصرع التي رُصدت بأدوية شائعة مثل ديفينهيدرامين الذي يُستخدم لعلاج الحساسية، والترامادول الذي يُستخدم لتسكين الألم، بالإضافة إلى البوبروبيون المستخدم كمضاد للاكتئاب، وأيضًا المواد غير القانونية مثل القنب الصناعي.
وصرح أستاذ طب الطوارئ وطب الأطفال، بأن الزيادة الكبيرة في نوبات الصرع بين الأطفال نتيجة التعرض لتلك الأدوية تشكل مصدر قلق كبير. وشدد على ضرورة توعية الآباء ومقدمي الرعاية بأهمية تخزين الأدوية بأمان بعيدًا عن متناول الأطفال، لتفادي مثل هذه الحوادث.
من جانبها، أكدت الدكتورة باربرا باكوس من الجمعية الأوروبية لطب الطوارئ على خطورة ارتفاع حالات التسمم الدوائي بين الأطفال، مشيرة إلى أن هذا الارتفاع لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، بل إن الأدوية تمثل أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للتسمم بين الأطفال على مستوى العالم، مما يستدعي التفكير في وسائل أكثر أمانًا لتوزيع الأدوية وتخزينها.
بشكل عام، تأتي هذه الدراسة كجرس إنذار للآباء ومقدمي الرعاية حول مخاطر الأدوية التي قد تكون في متناول الأطفال، والتي يمكن أن تؤدي إلى نوبات صرع حادة تهدد حياتهم، مما يتطلب اتخاذ تدابير وقائية صارمة لضمان سلامة الأطفال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاطفال الأدوية الـصـرع دراسة مضادات الهيستامين مضادات الاكتئاب مسكنات الألم نوبات الصرع نوبات الصرع
إقرأ أيضاً:
الأدوية المقلدة في أفغانستان.. أزمة صحية وفوضى التهريب
كابل- في بلد أنهكته الحروب والنزاعات لعقود، تبرز أزمة الأدوية المقلدة في أفغانستان كواحدة من أخطر التحديات التي تهدد حياة المواطنين، وتفاقم من هشاشة النظام الصحي في ظل ظروف اقتصادية قاسية.
وتعتمد البلاد بشكل شبه كامل على استيراد الأدوية، بينما يتفشى التهريب وتنتشر السوق السوداء وسط ضعف في الرقابة ومحدودية القدرات الحكومية، ما جعل أفغانستان ساحة مفتوحة لتداول أدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية، وفق مراقبين.
اعتماد شبه كلي على الوارداتومنذ سنوات طويلة، لم تتمكن أفغانستان من بناء صناعة دوائية محلية مكتملة، ما جعلها تعتمد على الاستيراد بنسبة تتراوح بين 90 إلى 95% من احتياجاتها الدوائية، حسب تقديرات الهيئة الوطنية للغذاء والدواء الأفغانية.
وتأتي هذه الواردات بشكل أساسي من باكستان، الهند، إيران، والصين، وتبلغ قيمتها السنوية حوالي 800 مليون إلى مليار دولار، وفقا لتقديرات محلية وتحليلات اقتصادية، تشمل الأدوية (حوالي 70%) والمستلزمات والمعدات الطبية.
هذا الاعتماد المفرط جعل السوق الدوائية في البلاد هشة، خاضعة لتقلبات سعر الصرف، وتغيرات السياسات التجارية في دول الجوار، فضلا عن تأخيرات مزمنة في التوريد.
إعلانومع كل تأخير أو أزمة على الحدود، تعاني الصيدليات من نقص الأدوية الأساسية، خاصة في المناطق النائية، ما يدفع المرضى إلى اللجوء إلى مصادر غير رسمية.
شبكات التهريبعلى الحدود مع باكستان وإيران، تتحرك يوميا -وفقا لتقارير محلية ودولية- شبكات تهريب معقدة تدخل أدوية من دون رقابة رسمية، وغالبا غير صالحة للاستخدام أو مقلدة، وتُباع لاحقا في الأسواق الشعبية بأسعار زهيدة.
وتُقدّر الهيئة الوطنية للغذاء والدواء أن نحو 20% إلى 30% من الأدوية المتداولة في السوق الأفغانية تدخل عبر التهريب، بما يشمل الأدوية المقلدة التي تشكل حوالي 10% من السوق، وفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
هذا الرقم المقلق يشير إلى حجم السوق السوداء التي تنافس المستورد الرسمي وتعرقل جهود السيطرة على جودة الأدوية.
في منطقة كوتل خيرخانه في كابل، تُعد محلات الجملة مركزا رئيسيا لتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، لكن ضعف الرقابة يجعلها أحيانا قناة لتسرب الأدوية المقلدة إلى الأسواق المحلية.
وتقول مصادر طبية في العاصمة الأفغانية كابل إن بعض هذه الأدوية تأتي من دون تاريخ إنتاج أو انتهاء، وأحيانا من دون ملصقات أصلية، بينما تُخزن في ظروف غير مناسبة.
ويُرجح مراقبون أن بعض هذه الشبكات ترتبط بجهات محلية قوية، ما يصعّب عملية المراقبة والمحاسبة، ويُغذي الاقتصاد غير الرسمي الذي تحاول السلطات الأفغانية السيطرة عليه.
وفي أحد أزقة حي كارتي بروان بكابل، تتحدث نورين قاضي زاده، أم لـ3 أطفال، عن تجربتها المؤلمة مع دواء خافض للحرارة اشترته لابنها الصغير أمير (5 سنوات) من صيدلية قريبة.
تقول: "كان يعاني من الحمى واشتريت له دواء رخيصا، ظنا أنني أساعده. لكن حالته ازدادت سوءا، وبعد فحص الدواء، تبين أنه خالٍ من المادة الفعالة". اضطرت نورين لنقل طفلها إلى عيادة خاصة ودفع مبلغ كبير للعلاج.
إعلان"فقدت الثقة في الصيدليات، لم أعد أعرف كيف أميز بين الدواء الحقيقي والمزور"، تقول وهي تمسح دموعها.
عبد الرحمن عزيزي، صيدلاني في ولاية قندهار جنوبي أفغانستان، يواجه تحديا يوميا بين توفير الدواء للمواطنين والمحافظة على المعايير المهنية.
ويروي بأسى: "أحيانا تصلنا شحنات لأدوية السكري والضغط تبدو جيدة من حيث التغليف، لكنها لا تعطي نتائج عند المرضى. وعند الفحص، نكتشف أنها مهربة ومقلدة".
ويرى عبد الرحمن أن ضعف الرقابة وغياب سياسة مركزية واضحة في إدارة سوق الدواء جعلا الصيدليات تتعامل بحذر شديد، حتى أصبح بيع الدواء مغامرة أخلاقية.
ويضيف: "هناك ضغط من المرضى للحصول على دواء رخيص، لكن الرخيص قد يقتل".
الإنتاج المحليفي المنطقة الصناعية "بل جرخي" بضواحي كابل، يقف حيدر علي زاده، صاحب مصنع محلي صغير، بين آلات تصنيع المسكنات والمضادات الحيوية، ويواجه تحديات تتعدى مجرد الإنتاج.
ويوضح حيدر: "نحاول أن ننتج أدوية بجودة معقولة وأسعار مقبولة، لكن المنافسة مع الأدوية المهربة والمقلدة تضعنا في موقف صعب".
ويقول إن المواد الخام باهظة الثمن، والاستيراد بطيء، والرقابة على السوق ضعيفة، ما يُغري التجار بجلب الأدوية المغشوشة.
ويضيف زاده -وهو يتفقد منتجه النهائي- "اشترينا مادة خام ذات مرة من وسيط غير رسمي، ليتبين لاحقا أنها مغشوشة، وكان علينا التخلص من كامل الشحنة".
ما رأي الهيئة الوطنية للغذاء والدواء؟الدكتور جاويد هجير، المتحدث باسم الهيئة الوطنية للغذاء والدواء، يؤكد للجزيرة نت أن الحكومة تبذل جهودا لضبط السوق، رغم التحديات الكبيرة.
ويقول: "هناك بين 50 إلى 100 مصنع محلي، معظمها صغيرة ومتوسطة، تنتج نحو 600 نوع من الأدوية، تغطي حوالي 5% إلى 10% من حجم السوق، رغم أنها تشكل 20% إلى 25% من أنواع الأدوية المتداولة".
ويضيف هجير أن الهيئة أنشأت مختبرات لفحص الأدوية على المنافذ الحدودية، وتجري حملات رقابية دورية على الصيدليات.
في الوقت نفسه، يشير صيادلة محليون في كابل إلى أن السلطات الحالية حققت تقدما ملحوظا في الحد من الأدوية المهربة مقارنة بالحكومة السابقة، وذلك من خلال تشديد الرقابة على المنافذ الحدودية وتفعيل آليات التفتيش.
لكنه يعترف بأن التهريب والأدوية المقلدة يشكلان تحديا خطيرا فـ"الأمر يحتاج إلى تنسيق إقليمي ودولي، وتعاون من المواطنين أيضا في الإبلاغ عن الأدوية المشبوهة".
إعلان مخاطر تهدد الأمن الصحييؤكد متخصصون في الصحة العامة والصيدلة، بدعم من تقارير منظمة الصحة العالمية، أن انتشار الأدوية المغشوشة يؤدي إلى نتائج كارثية، منها ارتفاع مقاومة الأمراض للمضادات الحيوية، وتفاقم الحالات المزمنة بسبب عدم فعالية العلاج.
وتعاني مناطق واسعة من أفغانستان من نقص حاد في الأدوية الأساسية، مثل الأنسولين، أدوية الضغط، والمضادات الحيوية، ما يجعل الفئات الأضعف، مثل الأطفال وكبار السن، الأكثر عرضة للخطر.
ويضعف غياب سياسة وطنية متماسكة للأمن الدوائي ثقة المواطنين بالنظام الصحي.
الحل في الإنتاج المحلي والتعاون الإقليميويُجمع الخبراء الأفغان على أن مفتاح الحل يكمن في دعم الصناعة المحلية من خلال تخفيف الضرائب على المواد الخام، وتوفير الطاقة بأسعار مدعومة، وجذب استثمارات من دول الخليج، وتركيا، والهند.
ويطالب هؤلاء الخبراء بمنح الأولوية لتأسيس مختبر مركزي وطني يتمتع بقدرات فحص متقدمة، وتدريب فرق تفتيش مهنية.
ويقول الدكتور هجير: "نرحب بأي دعم من منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية وصندوق قطر للتنمية، فالتعاون الدولي ضروري لبناء منظومة صحية تحمي المواطن الأفغاني".
وتتجاوز أزمة الأدوية المقلدة حدود أفغانستان، لتشكل تهديدا للصحة العامة في المنطقة، خاصة مع وجود شبكات تهريب نشطة قد تُغرق أسواق الدول المجاورة بأدوية غير آمنة.
فعلى سبيل المثال، قد تصل الأدوية المقلدة إلى أسواق باكستان وطاجيكستان عبر شبكات التهريب، وهذا يهدد الصحة العامة في المنطقة.
ومع استمرار الفجوة بين الطلب والعرض، يظل المواطن الأفغاني الحلقة الأضعف في معادلة صحية معقدة تتطلب حلا مستداما، وإرادة سياسية، وتعاونا إقليميا ودوليا عاجلا.