بصراحةٍ واضحة ولا لُبس فيها، قال نائب العام لـ"حزب الله" الشّيخ نعيم قاسم، الثلاثاء الماضي، إنَّ "حزب الله انتقل من جبهة الإسناد إلى المواجهة ضد إسرائيل التي تشنّ حرباً ضد لبنان".

القراءة لهذا الكلام يمكن أن تكون عميقة، لكنها تكشف عن أمرٍ أساسيّ وهو أنَّ "حزب الله" قرّر تبديل استراتيجيته خلال المعركة الحالية، وبالتالي باتت لديه أوراق كثيرة يمكن أن يلعبها في ظلّ هذه الحرب لإثبات قوّته وترسيخها بعد كل الضربات التي تلقاها.

عملياً، فإنّ "حزب الله" ومن خلال "إنتقاله" من الإسناد إلى المواجهة، منح نفسه حيزاً أكبر للتحرّك عسكرياً وميدانياً.. فكيف ذلك؟ وماذا يعني هذا الإنتقال المهم والمحوري على صعيد المواجهة؟

تقولُ مصادر معنية بالشأن العسكري ومُقرّبة من "حزب الله" لـ"لبنان24" إن الأخير وخلال جبهة إسناده لغزة، التزم بمعايير قتالية ضبطت المواجهة الميدانية أقله على صعيد النطاق العملياتي لهجماته، فكان الأمر مضبوطاً وضمن قواعد أرساها الأمين العام لـ"حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله قبل اغتيالهِ في 27 أيلولَ الماضي.

بالنسبة للمصادر، كان "حزب الله" يعمل تحت سقف الإسناد، رغم أن الكثير من العمليات التي نفذها كانت مُوجعة بالنسبة للإسرائيليين، بينما يكفي تماماً التهجير الذي عانت منه إسرائيل بسبب الإسناد ناهيك عن الأضرار التي طالت الداخل الإسرائيليّ بسبب هذا الأمر.

تلفت المصادر إلى أنّ الحزب بات أكثر تحرراً الآن من الضوابط التي كان وضعها على نفسه، فهو الآن يُطبق مقولة نصرالله "إذا وسّع منوسع"، وتضيف: "كل ما أرساه نصرالله من ضوابط وقواعد لجبهة الإسناد ولمعارك الحرب يجري تطبيقه، ما يعني أن حزب الله يُدار الآن وفق خُطط الحرب التي وُضعت سابقاً من قبل نصرالله، ما يعني أن الإجراءات العملياتية الخاصة به لم تتأثر وهو يعمل عليها وضمنها واستناداً إلى كافة السيناريوهات المفتوحة".

ضرباتٌ أعمق وأخطر

إذاً، ما يظهر هو أن "حزب الله" بات قادراً على تنفيذ ضربات ذات تأثير إستراتيجي كبير، وما حصل في القاعدة العسكرية التي طالها الحزب عبر طائرة مُسيرة في بنيامينا هو خيرُ دليل على ذلك، ناهيك عن قواعد أخرى استهدفها بين يومي الجمعة والسبت وأبرزها قاعدة نشريم جنوب شرق حيفا وموقع كريات إيلعيزر (قاعدة الدفاع الجوي الرئيسية) غرب مدينة حيفا. أيضاً، فإن الحديث عن استهداف طائرات أطلقت من لبنان لمقر إقامة عائد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمنطقة قيسارية، يعتبرُ تحولاً نوعياً نحو لجوء حزب الله إلى تنفيذ ضربات مُستهدفة ومُحدّدة وذلك على غرار ما كان يفعل الجيش الإسرائيلي خلال استهدافه للضاحية الجنوبية لبيروت من أجل تنفيذ اغتيالات تطالُ قادة الحزب.

أضف إلى هذا الأمر، يتضحُ تماماً أن الحزب بات يعتمدُ على رهانات العمليات المتقدمة، في حين أن سيناريوهات المواجهة البرية ستفرضُ عليه اعتماد عمليات قاسية لم تظهر بعد في الميدان، على الرغم من حصول اشتباكٍ مُباشر.

كل هذا الأمر يفتحُ الباب أمام مرحلة صعبة من المواجهات، فـ"حزب الله" قد ينال خسائر إضافية وأكبر من تلك التي حصدها على صعيد الأسرى الذين وقعوا بيد إسرائيل أو على صعيد استهداف البنية التحتية في الجنوب. لكن الأمر الأهم يتصلُ بما سيفعله الحزب على صعيد عمليات نوعية قد ينفذها في أيّ وقت، وتعتبر المصادر أن هناك فُرصاً يسعى الحزب لاغتنامها من الميدان، ومن خلالها يمكن أن يبدل مسار المواجهات وبالتالي يُشكل من خلال نفسه منعطفات جديدة على صعيد الحرب قد تؤدي إلى إنهائها من دون أي مُقدّمات.

كل هذه الأمور تعني أنّ الحرب ستبقى مستمرّة لأسابيع إضافية لأن كل طرفٍ يسعى لإظهار قوّة ما، سواء من جهة الحزب أو من ناحية إسرائيل.. ولكن، السؤال: ما الذي يُخفيه حزب الله في جعبته حتى الآن؟ وما الذي يتستر عليه؟ وأيضاً، ماذا تضع إسرائيل في حوزتها من عمليات جديدة؟ كل الأمور واردة خلال حربٍ مفتوحة، مثلما يقول أحد المسؤولين في "حزب الله"، وعلى هذا الأساس تُرسم المعارك والمواجهات والنتائج.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله على صعید

إقرأ أيضاً:

حتى ينهض من تحت الرماد

لم يتوقع أكثر المتشائمين من أنصار حزب الله قبل شهور أن يتلقى الحزب سلسلة هزائم متتالية ومتنوعة بين عسكرية وسياسية وشعبية، وتدنى نفوذه داخليا وخارجيا بشكل غير مسبوق منذ نشأته وتآكل حاضنته التى منحته القوة والصمود طوال عقود.

وبعد سلسلة من الاغتيالات والضربات الإسرائيلية رضخ الحزب لاتفاق هدنة مُغلف بالهزيمة والتراجع شمال نهر الليطانى بعيدا عن الحدود الإسرائيلية بما يقرب من خمسين كيلو!

وارتبطت خسارة الحزب عسكريا بهزة سياسية قوية واختيار جوزيف عون رئيسا للدولة اللبنانية الذى لا يروق للحزب حيث جاء اختياره بشكل توافقى رضوخا لرغبة أغلبية البرلمان اللبنانى بعد سيطرة طويلة ومملة حبست أنفاس وطموح اللبنانيين بفرض قوة السلاح على كافة الطوائف والأحزاب والشعب نفسه، وهيمنة على المؤسسات والشارع اللبنانى.

وانفرط عقد الحزب وتساقطت باقى حباته سريعا سياسيا بنفس سيناريو تراجعه العسكرى السريع خلال المواجهة الإسرائيلية و«المتوأمة» لضعف نفوذ الحليف الإيرانى وتقليم أظافره فى لبنان وسوريا، ضربة أخرى لأنصار الحزب ومريديه الذى خرج من الحرب الإسرائيلية مهزوما ومثخنا بالجراح، مضطرا لقبول عون بعد خسارة الأغلبية البرلمانية وصعوبة فرض مرشحه الرئاسى نجيب ميقاتى كما نجح بأريحية من قبل.

دلالات كثيرة لاختيار جوزيف عون رئيسا، فهو ترسيخ لقوة الجيش والمدافع عن الدولة اللبنانية ونزع أى سلاح آخر، فى مشهد كان مجرد طرح فكرة اختيار رئيس وليس رئيسا مغايرا لرؤية وفكر الحزب ممنوعا ومن ذكريات الماضى! لضمان انفراد الحزب بمقدرات الدولة تحت عباءة الدفاع عن البلاد تجاه الأطماع الإسرائيلية، وترسيخ واقع مؤلم فى سبيل المصالح الخاصة، وفى مسار تراجعت فيه لبنان على كافة المحاور، وباتت دولة تندرج فى أدبيات السياسة بالدولة الفاشلة، أى دولة فقدت قدرتها على الوفاء بوظائف الأمن والتنمية، وتفتقر إلى السيطرة الفعالة على أراضيها وحدودها!

وانطلاقا من الانحدار السياسى السريع للحزب، تم اختيار نواف سلام رئيسا للوزراء فهو القاضى ورئيس محكمة العدل الدولية، خلفا لنجيب ميقاتى الموالى لحزب الله، بسيرة ذاتية مميزة ليس فقط لخلفيته المشرفة وربما نكاية فى الحزب!

محاور جديدة فى المشهد اعتبرها كثيرون من التيارات والطوائف اللبنانية انتصارًا للدولة اللبنانية ووضعها على الطريق الصحيح فى الرؤية والنهج السياسى وتغيير الوجوه والانتماءات مع وعد الرئيسين جوزيف، ونواف بعدم إقصاء أحد، ما يعنى عدم تصعيد فئة أو منحها نفوذا وحكما أو احتكارها امتيازات على حساب آخرين، مع بسط السيطرة على كامل التراب اللبنانى واقتصار حمل السلاح على الجيش. 

ورغم كل ذلك،هناك مخاوف من ارتدادات منتظرة قد تسود المشهد السياسى والأمنى اللبنانى، بنشر الفوضى والمطالبة بحصة المكون الشيعى فى النظام السياسى اللبنانى.

تحديات تواجه عون، أمام عدم استسلام حزب الله لخسائره المتتالية ساعيا للمحافظة على قوته ونفوذه داخل المنظومة السياسية بقوة السلاح.

وللنهوض من تحت الرماد لا بد من حكومة فاعلة نحو التنمية والإصلاحات، والحد من نفوذ حزب الله، وتعيين قائد للجيش قادر على تطبيق اتفاق وقف النار مع إسرائيل، ومنع الحزب من ترميم قوته العسكرية فى جنوب لبنان، وهى مهام شاقة تمثل صداعا لا ينتهي!

مقالات مشابهة

  • قرار قضائي جديد يقيد العمل بالمادة 9 التي تمنع الحجز على ممتلكات الدولة في حال عدم احترام شروط تطبيقها
  • حماس تعلن حل العقبات التي وضعها الاحتلال امام تنفيذ وقف اطلاق النار
  • قرار حاسم من حزب الله
  • السيد القائد: حزب الله قدم في جبهات الإسناد ما لم تقدمه الأمة في أي جبهة من جبهاتها
  • بيان من الشيوعي السوداني حول الإنتهاكات الجسيمة في الجزيرة؛
  • خبيران فلسطينيان: هذا ما سيحدث في غزة بعد انتهاء الحرب وموقف حماس من الحكم
  • حزب العدل: مصر أجهضت مخططات تصفية القضية الفلسطينية
  • حزب المستقلين الجدد: ثبات موقف مصر وسياستها سر وقف الحرب على غزة
  • وقف النار المرتقب!
  • حتى ينهض من تحت الرماد