شاهد.. علماء يبتكرون خيوطا لاصقة مستوحاة من الرجل العنكبوت
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
استلهم باحثون من جامعة تافتس الأميركية تقنية إطلاق الشِبَاك من شخصية "الرجل العنكبوت" الشهيرة، حيث ابتكروا آلية جديدة تسمح بإطلاق خيط من الحرير السائل يتحول على الفور إلى ألياف قوية تلتصق بالأشياء وترفعها.
ونشر الباحثون دراستهم لتوثيق التقنية الجديدة في دورية "أدفانسيد فنكشنال ماتريالز" والتي تعد الأولى من نوعها التي تجمع بين العلم والخيال العلمي، وتفتح آفاقًا جديدة لتطبيقات مستقبلية في مجالات متعددة.
وفي مختبرهم "سلك لاب" بجامعة تافتس، استُخدم الباحثون حرير دودة القز لتطوير هذه الألياف عبر غلي الشرانق في محلول لتفكيك وتحليل البروتين الأساسي المعروف باسم "الفيبرون". وبعد إضافة بعض المواد الكيميائية، يُمكن إطلاق محلول الحرير عبر إبرة دقيقة حيث يتصلب المحلول فور تعرضه للهواء ليُشكل خيطًا قويًا يمكنه الالتصاق بالأجسام ورفعها.
ويقول ماركو لو بريستي أستاذ مساعد في قسم الهندسة الطبية الحيوية جامعة تافتس، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تصريحات للجزيرة نت "يركز عملي البحثي هنا في أميركا على ابتكار المواد، مع التركيز بشكل خاص على تطوير المواد اللاصقة من مصادر بيولوجية للتطبيقات تحت الماء. وجاء اكتشاف الظروف التي تسمح بالانتقال السريع من محلول الحرير إلى الألياف محض صدفة. ومن هنا، هدفنا إلى تطويره ليصبح أول مثال على مادة لاصقة تُطلق عن بعد."
الطبيعة أم الأبطال الخارقونتمثل الطبيعة دائمًا مصدر إلهام رئيسي لهذا النوع من الأبحاث، فالكائنات الحية مثل العناكب والنمل والنحل والفراشات تقوم بعملية مشابهة من إنتاج الحرير لأغراض مختلفة، مثل بناء الشرانق أو شبكات الصيد. ومع ذلك، تجاوز سعى باحثو جامعة تافتس استلهام الفكرة من القصص المصورة والأبطال الخارقين.
ويقول لو بريستي "في الواقع، مفهوم المادة اللاصقة عن بعد شيء غير موجود في الطبيعة، فالعناكب لا تطلق شباكها، لكنها من سمات الأبطال الخارقين. وكان الجهد المبذول لابتكار مادة مستوحاة من الأبطال الخارقين مثيرًا وملهمًا، ليس فقط بالنسبة لي ولكن أيضًا للطلاب الذين انضموا إلى المختبر أثناء تطويره".
والتحدي الأكبر الذي واجه الباحثين كان بمحاكاة طريقة العناكب في تشكيل الخيوط والتحكم في خصائصها، مثل المرونة والصلابة. ويقول لو بريستي "في عملنا، استخدمنا حرير دودة القز لإنشاء مخدر اصطناعي قادر على الخضوع لانتقال السول-جل وإظهار خصائص لاصقة. وتختلف هذه العملية بشكل كبير عن عملية الغزل الطبيعية".
و"السول-جل" عملية تستخدم عادة في الكيمياء والمجالات المرتبطة بالمواد، حيث يبدأ المزيج في حالة "سول" السائلة التي تحتوي على جسيمات معلقة، ثم يتحول تدريجيًا إلى حالة "جل" وهي شبكة صلبة ثلاثية الأبعاد. ويوضح لو بريستي أن العناكب تسيطر بشكل دقيق على عملية تشكيل الألياف، في حين أن محاكاة هذه العملية بالمختبر احتاجت إلى تنسيق دقيق للغاية بين التفاعلات الكيميائية.
تلك الخيوط يمكنها رفع بعض الأشياء بسهولة (لو بريستي) المزامنة سر "الرجل العنكبوت"يقول لو بريستي "كان التحدي الرئيسي هو مزامنة توقيت تحول السول-جل. كما هو الحال في الالتقاط عن بعد، يجب أن يبلل المحلول سطح الهدف بينما لا يزال في حالته السائلة ثم يتصلب بسرعة كبيرة". وللتغلب على هذه المشكلة، استخدم الباحثون نهجًا كيميائيًا وهندسيًا لتمكين الألياف من التصلب بسرعة.
ومن أجل تحسين خصائص الألياف، أضاف الباحثون مواد كيميائية مثل الدوبامين والكيتوزان والبورات. و"يلعب الدوبامين دورًا حاسمًا في زيادة تجفيف بروتينات الحرير، مما يسمح للألياف بالتشكل في أقل من ثانية. كما يعزز الكيتوزان من التماسك الداخلي للألياف، مما يجعلها أكثر صلابة، في حين أن البورات تجعل الألياف أكثر مرونة والتصاقًا" بحسب تصريح لو بريستي.
ويضيف لو بريستي "هناك العديد من الدراسات التي تركز على غزل الألياف من مصادر طبيعية وإنشاء المواد اللاصقة. لكن دراستنا تثبت أن الأداء أضعف عمومًا مقارنة بمعظم الألياف الاصطناعية أو المواد اللاصقة المستوحاة من المواد البيولوجية".
ورغم أن الألياف الاصطناعية لا تزال أقل قوة من الطبيعية التي تنتجها العناكب، إلا أن هذه التقنية تمثل خطوة هامة نحو تحقيق هذا الهدف. ويمكن استخدامها بمجالات الطب الحيوي، مثل المواد اللاصقة القابلة للتحلل، أو حتى في الصناعات التي تتطلب استخدام ألياف قوية ومرنة.
وتجسد هذه الدراسة تزاوجًا فريدًا بين الخيال العلمي والواقع العلمي، حيث يؤكد الباحثون أن الإلهام يمكن أن يأتي من الطبيعة أو حتى من القصص المصورة. ويختتم لو بريستي "نأمل أن يلهم هذا البحث أيضًا الأبطال الخارقين الطموحين من الشباب لملاحقة أحلامهم من خلال الدراسة والشغف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأبطال الخارقین المواد اللاصقة
إقرأ أيضاً:
دراسة: الحياة على الأرض قد تنتهي بعد 1.6 مليار سنة لهذا السبب
كشفت دراسة جديدة عن تهديد وجودي مستقبلي يهدد بإنهاء الحياة على كوكب الأرض بعد 1.6 مليار سنة، وذلك بسبب التغيرات الناتجة عن تقدم الشمس في العمر.
وأوضحت الدراسة التي نُشرت في مجلة "Planetary Science Journal"، أن الشمس، مع تقدمها، تصبح أكثر سطوعا تدريجيا، مما يؤدي إلى تعطيل دورة الكربون المعقدة على الكوكب، وبالتالي انخفاض مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى حد يشكل خطرا على النباتات وكل الكائنات الحية التي تعتمد عليها.
وأشار الباحثون إلى أن هذا الانخفاض في مستويات ثاني أكسيد الكربون سينجم عن زيادة معدلات التجوية الناتجة عن ارتفاع سطوع الشمس.
وقال الباحثون بالدراسة المشار إليها، إنه "مع مرور الوقت، يؤدي تآكل الصخور السيليكاتية على الأرض بفعل الرياح والأمطار إلى امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وغالبًا ما يتم دفنه بواسطة العمليات الجيولوجية، ثم يُطلق في الغلاف الجوي عبر النشاط البركاني. هذه هي دورة الكربون غير العضوية الرئيسية، والتي تستمر على مدار ملايين السنين".
وأضافوا أن "زيادة سطوع الشمس بنسبة 10% كل مليار سنة تؤدي تدريجيا إلى تسخين الأرض وزيادة عمليات التجوية، مما يقلل من مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وهذا يُشكل تهديدا كبيرا للنباتات، التي قد تواجه خطر الانقراض بسبب نقص ثاني أكسيد الكربون أو ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير محتملة".
وأكدت الدراسة أن هذا التهديد، رغم جديته، لن يحدث إلا بعد حوالي 1.6 مليار سنة. وأوضح الباحثون أن هذا التقدير الجديد يزيد بشكل كبير من الفترة الزمنية التي يمكن للأرض أن تحتفظ خلالها بمحيط حيوي فعال، ما يعني تمديد الفترة الزمنية التي قد تسمح بتطور الحياة المعقدة.
وفي هذا السياق، أوضح العلماء أن "هذا يشير إلى أن ظهور الحياة الذكية قد يكون عملية أقل احتمالًا، وبالتالي أكثر شيوعا مما كان يُعتقد سابقا"، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن نماذجهم لا تأخذ في الحسبان جميع المتغيرات، مثل تأثير السحب ودورة المياه، والتي قد تُغير من نتائج التقديرات.
وبينما يؤدي تقلص الغطاء النباتي تدريجيا إلى انخفاض أعداد الحيوانات بسبب نقص الغذاء والأكسجين، أشار الباحثون إلى أن بعض الكائنات الحية الدقيقة اللاهوائية قد تتمكن من البقاء لفترة أطول حتى تصل الشمس إلى مرحلة أكثر تقدما في عمرها، ما يتسبب في تبخر المحيطات.
واختتم العلماء الدراسة بالتأكيد على أهمية متابعة هذا النوع من الأبحاث لفهم مستقبل الأرض بشكل أفضل واستكشاف احتمالات وجود الحياة خارجها.