عربي21:
2024-10-19@04:47:35 GMT

قوافل الشهداء وعودة الوعي

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

لعب الحظ لعبته فصادفت وحدةٌ إسرائيلية ثلاثة مقاومين أو نحواً من ذلك، تبين في ما بعد (وفيما يزعمون إذ أن حركة حماس لم تؤكد ولم تنفِ حتى وقت كتابة المقال) أن أحدهم هو يحيى السنوار، وإثر اشتباكٍ جُرح فيه وبُترت يمينه في ما يبدو من الفيديو، الذي التقطته المسيرة التي أجهزت عليه في النهاية، أجرى العدو بعض التحاليل وأكد أن الشهيد هو بالفعل السنوار.

المهم، على الرغم من اعترافهم ومسار الحكاية في حد ذاته الذي يثبت الدور الحاسم والأول، بل الوحيد للصدفة المحضة، فإن إسرائيل ونتنياهو وبايدن احتفلوا بذلك واعتبروه نصراً مبيناً.

لم يزل الوقت مبكراً لتحليل الحدث، وما نعتقد أنها تبعاتٌ ستترتب عليه، إلا أن الأصوات المتريثة والأعقل، حتى من داخل المنظومة الإسرائيلية، سواءً منها من يضطلع بدورٍ رسمي، أو المستقلين من باحثين وصحافيين، أعربت عن شكوكها في جدوى هذا الاستشهاد مع إقرارها بثقل الضربة.

لكن لئن كان الحظ لعب لعبته، فإن القدر يبدو أنه كان يعمل بدوره، لكن في اتجاهٍ معاكسٍ تماماً، إذ أن تفاصيل الصمود والقتال حتى الرمق الأخير، سرعان ما شرعت تنشئ أسطورة نضالٍ متصلٍ وصمودٍ صلدٍ ومبهر، فاض أثرهما على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي أحاديث الناس في عالمنا العربي والإسلامي، وأزعم أن أثرها سيتسرب للعالم أجمع ولمناصري القضية الفلسطينية. لقد أُريد لنهاية هذا الرجل أن تكون نهاية المقاومة، لكن ما يبدو حتى الآن أنه سيكون بداية أسطورةٍ ملهمة تغذي وترفد النضال والمقاومة. هناك الكثير مما يمكن أن يقال، لكن أمرين ملحين يستوقفانني في هذا الوقت المبكر عقب الاستشهاد:

أولهما مكر التاريخ، ذكرني عرض جثة الشهيد السنوار بما حدث من قبل حين أُعدم جيفارا وقاموا بعرض جثته أمام الصحافيين والإعلاميين فلم يؤدِ ذلك إلا لتخليده وتكريس أسطورته، فكذلك الحال مع السنوار، فأنا على يقين من أن استشهاده، مقاتلاً صامداً سيؤدي إلى نتيجة عكسية تماماً، لما كان يأمل فيه الصهاينة وأعوانهم وحلفاؤهم. أما ثاني الأمور فيتعلق بما هو أهم وأعمق وأبعد أثراً في رأيي: الوعي الشعبي العربي والعالمي.

كتبت متناولاً أكثر من مرة عن ما أسفرت عنه الحرب من عرقلة عمليات التطبيع، والانفتاح على إسرائيل التي كانت ماضيةً بشكل متواصل، بل كانت قد أوشكت أن تصل غايتها، وما كانت ترمي وستؤدي إليه من حلفٍ عربي إسرائيلي في مواجهة إيران؛ بالطبع فإن شيئاً من هذا لم يتغير، ولم أزل عند هذا الرأي، إلا أن الأهم هو، كيف أعادت هذه الحرب القضية الفلسطينية إلى الصدارة وجعلت الشعوب العربية تفيق من تلك الغيبوبة المُخدرة الغبية التي فرضت نفسها وهبطت على شعوبنا طيلة عقودٍ، بدأت بجدية منذ سلام السادات المنفرد مع إسرائيل، ومن ثم تم تعميمها وتكريسها على أنظمةٍ كان بعضها على علاقةٍ فعلية مع إسرائيل أو ينتظر بخجلٍ أن يعلن عن عدم رغبته المضي في طريق الممانعة.

لقد علَّمَت هذه الحرب ونورت وثقفت أجيالاً وُلدت ونمت وتشكل وعيها، المزيف، في ظل ثقافة «حرب أكتوبر» آخر الحروب و»بطل الحرب والسلام» بطبيعة القضية والصراع، وبددت تلالاً من الزيف والأكاذيب والافتراءات عنها وعن القيادات.

قيل إن السنوار وهنية بعيدان محصنان، وأنهما (أو أحدهما) يسكنان قصوراً هنا أو هناك في هذه العاصمة العربية أو تلك، وأنهما يتحصنان وراء الأسرى ويضحيان بجنود حماس، فكيف الحال الآن، وقبل ذلك في أي قصرٍ أو برجٍ عاجي كان يقبع الشيخ الشهيد أحمد ياسين حين استهدفته طائرة؟
شهيدٌ يسلم شهيداً الراية، واقفون صامدون يضحون بكل شيء، بأنفسهم وأولادهم، هذا هو الواقع المحض
شهيدٌ يسلم شهيداً الراية، واقفون صامدون يضحون بكل شيء، بأنفسهم وأولادهم، هذا هو الواقع المحض، بغض النظر عن الانحيازات السياسية من المنطلق نفسه، فإذا أردنا أن نُعرف قمة البذاءة فلن نجد أفضل من الإعلام العربي الرسمي، الذي تُصرف عليه مليارات الدولارات من جيب وقوت الشعوب ليزيف وعيهم ويحشو رؤوسهم بالأكاذيب ليحتضنوا العدو الصهيوني ويتماهوا مع قضيته ويعادوا إخوة الدم والعصب والدين والتاريخ، ولا أفضل من الحكام العرب وجلهم طغاة أيديهم مضمخة بدماء شعوبهم، ويسكنون بالفعل في قصورٍ لا حد لها، بل يفاخرون بأنهم عاقدو العزم على بناء المزيد، «لا ده أنا حابني وابني» كما طمأننا السيسي، فنجد هؤلاء يدّعون أن قادة حماس والمقاومة يقطنون فنادق الخمسة نجوم. ها هو الرجل استشهد في الميدان مقاوماً حتى آخر نفس، فما رأيكم؟

بالفعل، رمتني بدائها وانسلت، يدرك المراقبون والمحللون الأكثر حنكة، بقراءة التاريخ الذي عايشه أكثرنا، أنك لا تستطيع أن تقضي على حركة مقاومة بمجرد اغتيال قادتها، خاصةً تلك التي تصدر عن عقيدة استشهادية كالتي لحماس وحزب الله، حيث وطنوا وتابِعوهم النفس على التضحية والتحرير عبر بذل ذواتهم، مادتهم الجسدية. يدركون أنه دون حلٍ سياسي فليس من نهايةٍ في الأفق.

ومع الدمار والشهداء بعشرات الآلاف، فلم يعد هناك ما يُبكى عليه، وتضاعفت بواعث السخط والرغبة في الانتقام والمقاومة. ستستمر قوافل الشهداء، لكنني، رغم كل بواعث الإحباط، لا أرى مستقبلاً لا تكون فيه الشرارة التي ستوقظ الشعوب المهانة المغلوبة على أمرها وتهز هذه الأنظمة منتهية الصلاحية منذ أمدٍ بعيد.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس حماس الاحتلال طوفان الاقصي استشهاد السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

عثر عليه بحوزته.. ما قصة مسدس يحيى السنوار؟

 

في سياق الأحداث الجارية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، برزت تفاصيل جديدة تتعلق بمقتل المهندس يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

وواحدة من أبرز ما كشفت عنه وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي هي قصة مسدس كان بحوزة السنوار، والذي يُعتبر دليلًا على فشل العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة.


المسدس رمز للفشل والنجاح

حسب تقارير من القناة 14 الإسرائيلية، يُعزى المسدس الذي وُجد بجانب جثة السنوار إلى ضابط إسرائيلي يُدعى محمود خير الدين، الذي قُتل خلال عملية خاصة للقوات الإسرائيلية في خان يونس عام 2018.

حيث يعتبر هذا المسدس رمزًا معقدًا للفشل والنجاح، حيث تفاخر السنوار بامتلاكه له في مناسبات عدة، مؤكدًا أنه يمثل دليلًا على إخفاق القوة الإسرائيلية في مهمتها.


خلفية مقتل الضابط الإسرائيلي

ووقع مقتل الضابط خير الدين أثناء عملية تسلل إسرائيلية إلى قطاع غزة، وخلال تلك العملية، تعرضت القوة الإسرائيلية لمطاردة من عناصر حماس، مما أدى إلى اشتباك مسلح.

وخلال تبادل إطلاق النار، قُتل خير الدين على يد جنود إسرائيليين، في حادثة تعكس الفوضى والتعقيد في العمليات العسكرية.

السنوار والمسدس

على مدار سنوات، استخدم السنوار هذا المسدس كأداة رمزية في خطابه، ليؤكد فخره بامتلاكه قطعة سلاح تعود لضابط إسرائيلي قُتل في العملية.

وهذا المسدس لم يكن مجرد سلاح، بل أصبح يمثل تحديًا للجيش الإسرائيلي، وتفاخر السنوار بامتلاكه له كان بمثابة تجسيد لمفهوم المقاومة.

تفاصيل استشهاد السنوار

في 18 أكتوبر 2023، قُتل السنوار خلال عملية عسكرية إسرائيلية في جنوب قطاع غزة.

وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت القوات تبحث عن السنوار لفترة طويلة، واستطاعت تحديد مكانه في تل السلطان.

وخلال العملية، تم تبادل إطلاق النار، وأُصيب السنوار بجروح بالغة، مما أدى إلى مقتله.

وقد أظهرت الفيديوهات التي نشرتها قوات الاحتلال الإسرائيلية اللحظات الأخيرة له، حيث كان يحمل المسدس المذكور، مما أعاد تسليط الضوء على تاريخ هذا السلاح.


أهمية الحادثة

وتعكس قصة المسدس تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تتداخل الأبعاد الشخصية والتاريخية والسياسية في حدث واحد.

مع تصاعد الضغوط في المنطقة، من المؤكد أن آثار مقتل السنوار واكتشاف مسدسه ستظل تلقي بظلالها على الأحداث المقبلة، مما يجعل المتابعين يتساءلون عن تأثير ذلك على مسار الصراع.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية: «مصر الدولة الوحيدة التي تعمل على وقف الحرب في السودان»
  • وزير الخارجية: مصر الوحيدة التي تعمل بجدية وإخلاص لوقف الحرب بالسودان
  • القبض عليه وإعدامه.. محاكمة السنوار التي حلمت بها إسرائيل
  • عثر عليه بحوزته.. ما قصة مسدس يحيى السنوار؟
  • هذا هو السنوار.. البطل الذي حارب طائرة بعصًا في المشهد الأخير
  • ما قصة المسدس الذي عثر عليه بحوزة السنوار؟
  • قصة المسدس الذي عثر عليه بحوزة السنوار بعد استشهاده
  • السيد القائد يؤكد اهمية الوعي بالأعداء وما الذي يفيد في مواجهة خطرهم الكبير
  • ما هو الذهب الذي لا تجب عليه الزكاة؟.. «الإفتاء» توضح النصاب والعيار