ما هو مكر الله؟.. الإفتاء تحذر من وصفه تعالى به وتوضح 7 حقائق
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
لاشك أن ما يطرح السؤال عن ما هو مكر الله سبحانه وتعالى ؟، هو ما ورد بقوله تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الآية 99 من سورة الأعراف، ويعد السؤال عن ما هو مكر الله سبحانه وتعالى ؟ من الأمور المحيرة، وكذلك كيفية الأمان من مكر الله تعالى تهم الكثيرون .
قالت دار الإفتاء المصرية، إن لا يجوز شرعًا أن يوصف الله سبحانه وتعالى بالمكر ولا بالكيد ابتداءً ولا انتهاءً.
وأوضحت " الإفتاء" في إجابتها عن سؤال : ( ما هو مكر الله سبحانه وتعالى وكيف نأمنه ؟ عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه سبحانه منزه عن مثل تلك الصفات.
وأشارت إلى أن ما ورد من آيات القرآن الكريم في هذا السياق إنما المقصود منه أنَّ الجزاء من جنس العمل، وأنَّ الماكرين والطغاة مهما بلغوا في مكرهم وكيدهم فهو لا يساوي شيئًا أمام عظمة الله وقدرته وقهره وانتقامه وتدبيره في هلاكهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك.
ويعرّف المكر في اللّغة بأنّه التحايل في سبيل إيقاع الشرّ بالطرف الآخر، وتعالى الله أن يتّصف بمثل هذه الصفة، وبناءً عليه فإنّ مكر الله -سبحانه وتعالى- يُراد به جزاء مكر الماكرين، فسمّى الجزاء بذات تسمية الفعل، فجزاء المكر بالمكر.
كما قال -تعالى- عن جزاء السيّئة بالسيّئة في قوله: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)، وقيل: يُصرف التعريف إلى تدبير الله بحكمته وعلمه، ثمّ صار المعنى مخصّصاً بأنّه تدبير الله إيقاع الشر بهم، وهم يستحقّونه.
الأمن من مكر الله وخطورتهيعدّ الأمن من مكر الله كبيرة من الكبائر التي يرتكبها الإنسان، كونه يمسّ توحيد الربوبيّة الذي ينبغي أن يكون تامّاً عند المسلم، فإن اختلّ فقد مسّ صحة الإيمان عند العبد، كما يضرّ بمرتبة الخوف منه -سبحانه وتعالى- والتي تعدّ من ضرورات الإيمان بالله. قال -تعالى-: (أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّـهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّـهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ)، وعن ابن عباس -رضيَ الله عنهما- أنّه سأل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الكبائر، فقال: (الشِّرْكُ باللَّهِ واليأسُ من رَوحِ اللَّهِ والأمنُ من مَكرِ اللَّهِ)، ويُقسم الأمن من مكر الله إلى قسمين هما:
الأمن المطلق الكلّي من مكر الله، وزوال الخوف من الله من قلب العبد بشكل كامل ونهائي، ويعد هذا من الكفر الذي يخرج صاحبه من الملّة.الأمن النسبي من مكر الله، بحيث يزول الخوف من الله من قلب العبد بنسبة تجعله يقدم على معصية الله، والقيام بما نهاه عنه، وأصل الخوف من الله هنا موجود لكنّه متزعزع بين استحضار وزوال.أسباب الأمن من مكر اللهورد أن الأسباب التي تؤدي إلى الأمن من مكر الله، منها:
رغبة العبد في الانغماس في ملذات الدنيا والانجرار وراء شهوات نفسه، والقيام بالمحرّمات، وإعراضه عن الله -تعالى- ووقوعه في الغفلة عن مراقبة الله له، حتى يتلاشى خوفه من الله شيئاً فشيئاً.الغرور الذي يملأ قلب العبد والتكبّر والجهل فيرى العبد أنّ له مكانة عند الله تقيه من عذابه، فيركن على نفسه بأنّها ستحميه من استحقاق العذاب، والتي تحول بينه وبين توفيق الله ورضاه والنجاة من عذابه.كيف يحذر المؤمن من مكر اللهورد أنّ معرفة الله -تعالى- حقّ المعرفة بأسمائه، وصفاته، وسننه الكونيّة هي التي تحمي من الوقوع في مكر الله، إضافةً إلى إقامة حكم الله وشرعه، والمسارعة إلى طاعته، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ*أُولَـئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ). حيث إنّ هؤلاء يقيمون الصلاة، ويؤدون الزكاة، ويصومون رمضان، ويقومون بكل ما أمر الله به، لكنّهم من شدّة حرصهم على الطاعة يخافون أن لا يقبل الله طاعتهم، بخلاف من أمن مكر الله فإنّه يقوم بالمعاصي ويأمن من عقاب الله له.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مكر الله سبحانه وتعالى الخوف من من الله
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد النبوي: الله أقسم على فلاح من زكّى نفسه وخيبة من دنسها
قال الشيخ أحمد بن طالب بن حميد ، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الناس يوم القيامة صنفان: أهل إجرام وتدسية أو أهل فلاح وتزكية، فلا زكاة ولا فلاح إلا بفضل الرحيم الرحيم.
مكانة القلب من سائر الجسدواستشهد “ بن حميد” خلال خطبة الجمعة الثالثة في ربيع الآخر اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: «وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى أقسم على فلاح من زكّى نفسه، وخيبة من دنسها.
ودلل بقوله جلّ جلاله: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا»، مشيرًا إلى مكانة القلب من سائر الجسد.
وأضاف أنه ينشغل به المرء في طاعة ربّه جل وعلا، وإخلاص العمل والعبادة له سبحانه، وبصلاحه يصلحُ العمل كلّه، وبفساده يخيب سائر العمل، لافتًا إلى أن العروة الوثقى والوسيلة العظمى، توحيدُ محبةٍ وخضوع، وصلاةُ قنوتٍ وخشوع.
الوسيلة العظمىوتابع: ولسانٌ رطبٌ من ذكر الله، ومحبةٌ واتباعٌ وتعزيرٌ وتوقيرٌ لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مبيناً أن القلب إذا امتلأ بشيء ضاق عن غيره، والمزاحمة مدافعة، والغلبة للكثرة، والقلوب آنية الله في أرضه، فأحبها إلى الله أرقّها وأصفاها، وإنما يكون ذلك بما يُصبُّ فيها .
واستند لما قال الله تعالى: «قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ».
وأوضح أن القلب لم يكن أن يتّسع للشيء وضده، فمن ترك المأمور شُغل بالمحظور، ومن أنقض ظهره بالأوزار، ضعُف عن الأذكار، ومن أضنى نفسه في الإبداع، زهُد في الاتباع، ومن علت همته، سلمت من الآفات مهجته.
واستشهد بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وأَتَتْهُ الدُّنْيَا وهِيَ رَاغِمَةٌ، ومَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، ولَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ»، منوهًا بأن مِن عاجلِ البُشرى لمن أقبل بقلبه إلى ربه، أن تُقبلُ قلوب العباد إليه، وتتوافق على حبه.
مقصود الأعمالولفت إلى قول بعض السلف في ذلك: «ما أقبل عبد على الله بقلبه إلا أقبل الله عز وجل بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم»، فالقلب ملكُ الجوارح وسلطانه، فبصلاحه يصلُحون، وفسادهم بفساده، فهنيئاً لمن تعاهد قلبه، وأرضى ربه.
وأفاد بأن القلب هو مقصود الأعمال، ومعقود الآمال، وإذا استحلى اللسان ذِكر الله وما والاه، وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، فحينئذ يدخل حبُّ الإيمان في القلب، ويصير الخروج من الإيمان أكره إلى القلوب من الإلقاء في النار، وأمرّ عليها من الصبر، وما صفى القلب ولا حلى الذكر ولا صلُحت الجوارح ولا رُفعت الأعمال بمثل الصلاة والسلام على رسول الله .