ما المقصود بـ"مكر الله" في القرآن؟..اعرف المعنى الصحيح
تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن المقصود بـ"مكر الله" في القرآن، منوهة أنه لا يجوز شرعًا أن يوصف الله سبحانه وتعالى بالمكر ولا بالكيد ابتداءً ولا انتهاءً، فهو سبحانه منزه عن مثل تلك الصفات.
التوبة من الذنوب في القرآن والسنة.. أحكامها وشروطها وكيفيتها الحكمة من تعهد الله تعالى بحفظ القرآن.. ولماذا لم تحفظ الكتب السابقة؟وأضافت دار الإفتاء أن ما ورد من آيات القرآن الكريم في هذا السياق إنما المقصود منه أنَّ الجزاء من جنس العمل، وأنَّ الماكرين والطغاة مهما بلغوا في مكرهم وكيدهم فهو لا يساوي شيئًا أمام عظمة الله وقدرته وقهره وانتقامه وتدبيره في هلاكهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك.
وأوضحت دار الإفتاء أن هذا الكلام مَسُوقٌ على سبيل المشاكلة والمقابلة كما يقول البلاغيون، وهو أسلوب لغوي بليغ جاء كثيرًا في القرآن الكريم، كقوله تعالى:﴿نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: 67]، وقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ [السجدة: 14]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ [الطارق: 15، 16].
وأشارت إلى أن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بالمكر ولا بالكيد ابتداءً، وهو سبحانه منزه عن النسيان: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64]، وإنما المقصود من هذه الآيات وغيرها أن الجزاء من جنس العمل، وأن هؤلاء مهما بلغوا في مكرهم وكيدهم فهو لا يساوي شيئًا أمام عظمة الله وقدرته وقهره وانتقامه وتدبيره في هلاكهم وقمع شرهم وباطلهم.
وتابعت: وكل ما أضافه الله تعالى لنفسه من صفاته وأفعاله فهو منزَّه عما يخطر بالبال من صفات المخلوقين وأفعالهم، وكل ما خطر ببالك فالله تعالى خلاف ذلك، والعجز عن درك الإدراك إدراكُ... والبحث في كُنْهِ ذات الرب إشراكُ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مكر الله المكر دار الإفتاء القرآن آيات القرآن الله تعالى فی القرآن
إقرأ أيضاً:
رحلة التكريم الإلهى
الإسراء والمعراج رحلة تكريم إلهية حافلة بالمعانى، وتحوى خزائن علوم ومعارف كلما اغترف العبد منها زادته فيضًا وعطاءً، ولئن تعددت الأسباب عند كُتَّاب السيرة النبوية المشرفة وفيما سمعناه على ألسنة العلماء والخطباء على مر العقود من أن رحلة الإسراء والمعراج كانت تسلية لجناب سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم لفقد زوجه خديجة رضى الله عنها ولفقد عمه أبى طالب فى عام واحد سمى «عام الحزن»، ولئن كرر كتاب السيرة ذلك، فإن رحلة الإسراء والمعراج تشتمل على أبعاد أعمق وعلى دلالات أدق.
فحقيقة الإسراء والمعراج أنه مقام قرب ومقام إراءٍ وإجلال، ومقام عرفان وتشريف وتجلٍّ بالعلوم والمحامد والثناءات الإلهية المعظمة.
لقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج لدلائل شاء الله أن تبقى فى ذاكرة الأمة الإسلامية على مر التاريخ، ففى صدر سورة الإسراء يحدثنا القرآن بما جرى فى ذلك الحدث الأعظم والشأن الكونى الكبير إجمالًا، وترك التفصيل للبيان النبوى، واهتم أن يذكرنا بالآثار النفسية والعلمية والمعرفية التى تُبنى وتتربى زتكبر وتعظم فى ضمير الأمة بناءً على هذا الحدث الفريد.
فلقد ربط الله سبحانه فى مطلع السورة عند الحديث عن رحلة الإسراء ربطًا قرآنيًّا محكمًا فريدًا بين أربعة أمور:
الربط الأول: هو الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)، فبين سبحانه بيانًا يبقى مدى الدهر إلى يوم القيامة أن بين المسجدين المعظمين رابطًا وثيقًا لا ينفصم بحكم وتقدير إلهيٍّ قديم لا تزيله ولا تزحزحه قرارات البشر.
إن هذا الربط الإلهى العجيب يجعلنا نقول اليوم للدنيا كلها: إن المسجد الأقصى مسجدنا، وفلسطين أرضنا، وأن الحقائق لن تغيرها الأهداف، وليتخذوا من القرارات ما يتخذون، فإن هذا لن يغير من حقيقة الأمر، وسيظل المسجد الأقصى إلى يوم القيامة مسجدنا، وفلسطين أرضنا، وأن أرض الجولان أرض عربية خالصة، وأن الحل الأمثل لقضية فلسطين هو عودة دولة فلسطين إلى حدود ٦٧ دون التنازل عن كامل أرض فلسطين، وسنورث ذلك للأجيال القادمة، ولن تغير هذه الحقائق أية قرارات أو تلاعبات سياسية.
الربط الثانى: هو الربط بين سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا موسى عليه السلام، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ)، فأشار إلى مقام سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أشار فى الآية التالية لها إلى مقام سيدنا موسى عليه السلام، حيث قال تعالى: (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل)، ولنسبح فى بحار الأنوار المودعة فى الربط بين النبيين العظيمين، حيث ذكر الله تعالى الإيتاء والإعطاء والامتنان الإلهى على سيدنا موسى عليه السلام على وجه الخصوص دون بقية إخوانه من النبيين والمرسلين، للإشارة إلى أن مقام الرؤية الذى طلبه سيدنا موسى عليه السلام من ربه عندما قال: (ربى أرنى أنظر إليك)، فقال الله تعالى له: (لن ترانى) فيه إشارة إلى أن هذا المقام مقام الرؤية الذى استشرف له سيدنا موسى عليه السلام فلم يؤذن له ولم يُعطاه كان لسيدنا محمد صلى عليه وسلم دون طلب أو استشراف، بل أُعطاه بمحض الفضل والاصطفاء من الله جل جلاله، وكلا مقامى النبيين عظيم وجليل.
الربط الثالث: هو الربط بين بنى إسرائيل وأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوًا كبيرًا)، ربط بين أمتين، أمة كان شأنها الإفساد والتجبر والتلاعب بأقوات الناس، واتخاذ وجوه الحروب بجميع صورها، قال تعالى: (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولًا) وأمة شأنها الاهتمام بالانسان.. شأنها الاصلاح.. شأنها التقويم.. شأنها التعبدلله على منهاج النبوة.
الربط الأخير: هو الربط بين التوراة والقرآن، قال تعالى: (وآتينا موسى الكتاب) التوراة، (وجعلناه هدى) فشأنه الهداية، لكنها هداية خاصة لبنى إسرائيل (وجعلناه هدى لبنى اسرائيل)، فالتوراة كتاب هداية خاصة، ثم يقول الله تعالى بعدها بآيات: (إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم)، أى: أنه خطاب عام وهداية عامة، ولا يتطرق إلى باب من الفضائل والمحاسن التى دعت لها الأمم السابقة إلا دعى إلى ما هو أقوم، ولأنه العروة الوثقى والعهد الوثيق والعهد الأخير من السماء إلى الأرض.
لذا كان الهدف الأساس من رحلة الإسراء والمعراج أعمق من مداواة أحزان النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن الهدف كان فى الدلالات والمعالم الغيبية وآيات ربه الكبرى التى أراها الله لنبيه لذهاب الحزن من قلبه.
وزير الأوقاف