كاتب إسرائيلي: تل أبيب هي الضحية الرئيسية لتفاهمات طهران وواشنطن
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
في الوقت الذي يجري فيه المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون مباحثات في تل أبيب وواشنطن تمهيدا لإبرام صفقة مع السعودية، فقد فوجئت دولة الاحتلال بصفقة جديدة أبرمتها الولايات المتحدة مع إيران، بموجبها تم الإفراج عن أموالها مقابل الحد من التخصيب.
رون بن يشاي الخبير العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" زعم أن "دولة الاحتلال هي الضحية الرئيسية للصفقة الأمريكية الإيرانية الجارية، رغم أننا أمام تفاهمات بدون اتفاقية موقعة بينهما، أما في إسرائيل فقد انقسمت الآراء حول ما إذا كان الاتفاق سيئًا فقط لمصالحها، لأنه يسمح لإيران بالحصول على أسلحة نووية في 2035، مما دفع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للاعتقاد أن الاتفاقية سيئة، رغم أنه قد يمكنها التعايش معها، والاستفادة من الوقت الذي تشتريه لها، رغم أن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة يعتقد خلاف ذلك".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الاتفاقية أثارت معارضة كبيرة في تل أبيب، ولم تأت من صفوف حكومة نتنياهو، بل إن زعيم المعارضة يائير لابيد عارض بشدة هذا الاتفاق بزعم أن الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة من قبل الولايات المتحدة سيسمح لها بتصدير كميات محدودة من النفط، بجانب إلغاء المزيد من العقوبات الإضافية، مما يمنحها مزيدا من تمويل الأذرع المسلحة المنتشرة في الشرق الأوسط، ولن يمنعها من التنافس على السلاح النووي".
وأشار إلى أن "المندوبين الإسرائيليين ممن سافروا لواشنطن شرحوا للأمريكيين أن اتفاقًا مع الإيرانيين لن يمنع سباق تخصيب اليورانيوم، وسيؤدي لمنح مزايا لإيران، فحكومتهم لن تواجه بعد الآن ضغوط الشارع نتيجة الأزمة الاقتصادية، وسيحصل الحرس الثوري على ثروة مالية تتيح لهم تمويل شحنات الأسلحة الدقيقة إلى سوريا وحزب الله، وبشكل عام لتمويل الجماعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، صحيح أن إدارة بايدن استمعت للمزاعم الإسرائيلية، لكنهم لم يرفضوها صراحة، بل أوضحوا أن لها مصلحة في كبح سباق التسلح النووي الإيراني".
وأوضح أن "سبب الاستياء والقلق الإسرائيلي من الاتفاق الإيراني الأمريكي يعود أن هذه التفاهمات ستترجم أفعالا على الأرض، لاسيما في مقرّي قيادتي الجيش والموساد، لأن الولايات المتحدة سترسل الأموال لإيران بمبالغ إضافية كبيرة، مما سيسمح للحرس الثوري بتمويل فروعه، خاصة الميليشيات العراقية وحزب الله في لبنان لإعطاء زخم لطموحاتها في المنطقة، حتى أن وجود مذكرة تفاهم غير مكتوبة مع إيران يحدّ من حرية إسرائيل داخل حدودها، ويتعلق هذا بالمناطق التي يتولى الموساد إدارتها، وتهدف لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، وما لا يقل خطورة، برنامج أسلحتها المتطورة في النوعية والكمية التي تثير القلق الإسرائيلي".
وأكد أنه "عندما تقوم الولايات المتحدة وإيران بإيماءات إيجابية تجاه بعضهما، فعلى إسرائيل أن تحرص على عدم إلقاء اللوم على واشنطن التي رغم تبادلها الاستخباري الحميم مع تل أبيب، لم تخبرها دائمًا بالحقيقة الكاملة، ولم تؤكد ما توصلت إليه مخابراتها فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة النووية والصاروخية الإيراني، خشية أن تستخدمها لمهاجمة إيران، لأن إدارة بايدن لا تثق بحكومة اليمين في تل أبيب، وهذا السبب في أنها فقدت تمامًا في الأشهر الأخيرة قدرتها على التأثير على تحركات واشنطن".
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" نقل عن "نتنياهو انتقاده للولايات المتحدة بشأن التفاهمات مع إيران، بزعم أنهم يعطون الأموال لعناصر مسلحة معادية، وأن هذه الترتيبات لا تفكك البنية التحتية النووية الإيرانية، ولا توقف برنامجها النووي، بل تزودها فقط بالأموال التي ستذهب للجماعات المعادية التي ترعاها، فيما ألقى لابيد باللوم على حكومة نتنياهو، لأن هذا الاتفاق جزء من الضرر الناجم عن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة اليمينية الفاشلة، ولا أحد يستمع للموقف الإسرائيلي".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الاتفاقية تعني أن الولايات المتحدة تسعى لاستقرار الشرق الأوسط، ويمكن لها الآن التوقف عن القلق بشأن اندلاع الحرب فيها بسبب بدء إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 90٪، وإذا كانت هذه الخطوة ستحدث، أو من المتوقع حدوثها في المستقبل، فقد تؤدي لهجوم إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران، مما قد يجرّ الولايات المتحدة إلى الحرب الشاملة التي قد تندلع في الشرق الأوسط".
وأوضح أن "المخاوف الإسرائيلية من الاتفاق الأمريكي الإيراني تتزامن مع زيادة تدخل الأخيرة في دولة الاحتلال، فمن الناحية المادية تزيد من تهريب الأسلحة وتدفق الأموال للمنظمات في الضفة الغربية، وفي البعد السيبراني نشهد جهودًا إلكترونية وأنشطة تأثير عبر الإنترنت لتعميق الانقسامات الإسرائيلية، ومحاولات الاتصال بالإسرائيليين عبر الإنترنت، وتجنيدهم لتنفيذ "التجسس الكلاسيكي" لجمع معلومات".
تؤكد التطورات الجارية أن التفاهمات الحالية بين إيران والولايات المتحدة تم التوصل إليها خلال الحكومة الإسرائيلية الحالية، وليس خلال فترة الحكومة التي سبقتها، وبعد تصريح نتنياهو بأن أي اتفاق كهذا لن يقيد يدي دولة الاحتلال، فإن ذلك يعني أن الجيش والموساد قد يهاجمون إيران إذا تجاوزت الخط الأحمر من وجهة نظرها، وليس من وجهة نظر واشنطن.
في الوقت ذاته، فإن أوساط الجيش والموساد تزعم أن هذه التفاهمات في المجال النووي تمنحها الكثير من الوقت الذي تحتاجه لإكمال استعداداتها العملياتية واللوجستية والتكنولوجية لليوم الذي تتجاوز فيه إيران الخط الأحمر، وتخدم مصالحها الأمنية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال إيران إيران امريكا الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دولة الاحتلال الشرق الأوسط تل أبیب
إقرأ أيضاً:
ما الأجندة التي يحملها بزشكيان خلال زيارته إلى القاهرة؟
طهران- في زيارة هي الثانية من نوعها لرئيس إيراني إلى مصر منذ انتصار الثورة الإسلامية التي تسببت بقطع العلاقات بين البلدين، شارك الرئيس مسعود بزشكيان في قمة مجموعة الثماني الإسلامية النامية (دي-8) بالقاهرة، في حين تصف الأوساط السياسية في طهران الزيارة بأنها خطوة مهمة في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق بشأن التطورات الإقليمية.
وقبيل مغادرته طهران، مساء أمس الأربعاء، اعتبر بزشكيان أن قمة القاهرة "تمثل فرصة للدبلوماسية النشطة والتقارب أكثر فأكثر في المنطقة"، مؤكدا أنه "كلما استطعنا تحسين العلاقات مع الدول الإسلامية سنتمكن من إحباط مؤامرات الأعداء".
يأتي ذلك، عقب تكثيف الجانبين الاتصالات الدبلوماسية بينهما منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سبق وسافر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى طهران في يوليو/تموز الماضي لحضور حفل تنصيب بزشكيان، قبل أن يقوم نظيره الإيراني عباس عراقجي بزيارة القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لمناقشة القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وزير الخارجية المصري (وسط) شارك في حفل تنصيب بزشكيان (المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية) أهمية الزيارةوعلّق المستشار السياسي للرئاسة الإيرانية مهدي سنائي، على زيارة بزشكيان إلى مصر، وكتب على منصة إكس، أنها "تحظى بأهمية على مستوى المعادلات الإقليمية والعالمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية المنضوية في مجموعة الثماني النامية، وكذلك التمهيد لإقامة العلاقات بين إيران ومصر".
من ناحيته، يستهدف وزير الاقتصاد والمالية الإيراني، عبد الناصر همتي، زيادة أنشطة بلاده في التكتل، مذكرا بمرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة دي-8 "من دون الاستفادة من هذه الفرصة كما يجب لأسباب مختلفة"، دون الخوض في التفاصيل.
ومن على متن الطائرة التي أقلته إلى القاهرة، نشر همتي شريطا مصورا شرح فيه الحجم الحالي للتجارة بين أعضاء المجموعة، مؤكدا أنه لم يبلغ المستوى المنشود بعد، مستدركا أن حوالي 7 إلى 8 بالمئة من التجارة بين الدول الأعضاء تتم بالعملة الوطنية، وأنه يتوقع ارتفاعها إلى 10% مستقبلا، وأوضح أن حجم التجارة بين دول المجموعة سيصل إلى 500 مليار دولار بنهاية 2030.
إعلانوفضلا عن طموحات إيران لتطبيع علاقاتها مع مصر وتفعيل الطاقات الاقتصادية للدول الإسلامية النامية، فإن قمة القاهرة عقدت في ظروف إقليمية دقيقة بدأت تنعكس سلبا على مصالح طهران الإقليمية، بدءا من العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، والاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قيادات عليا للمقاومة في لبنان، مرورا بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وتفاقم الهجمات الإسرائيلية الغربية على اليمن.
عباس عراقجي (يسار) ناقش في زيارة للقاهرة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي القضايا الإقليمية (الفرنسية) الدور الإقليميفي السياق، نشرت صحيفة "آرمان أمروز" الإيرانية تقريرا سلطت خلاله الضوء على حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع القاهرة، وإمكانية عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف بين القادة المشاركين في القمة، مؤكدة أنه من شأن مباحثات القاهرة تمكين الجانب المصري من إقامة قناة تواصل بين طهران وأنقرة بعد الإطاحة بنظام الأسد في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي والسفير الإيراني الأسبق في بريطانيا جلال ساداتيان، قوله إن أهمية زيارة بزشكيان إلى القاهرة تكمن في المساعي الرامية إلى إحياء الدور الإقليمي الذي خسرته إيران بعد سقوط الأسد، وليس الحضور في قمة (دي-8).
ولدى إشارة ساداتيان إلى تغييب طهران عن اجتماع العقبة حول سوريا مؤخرا، يستشرف الدبلوماسي الإيراني أن ثمة مساعي إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض دور طهران في معادلات الشرق الأوسط بعد الإطاحة بحليفها في دمشق.
وبرأي المتحدث، فإنه برغم المساعي لردم الهوة في العلاقات الإيرانية المصرية، فإن القاهرة سوف تأخذ الملاحظات الإقليمية بدءا من الدول الخليجية حتى تركيا بعين الاعتبار قبل التحرك لترميم علاقاتها مع طهران.
وبما أن تعزيز العلاقات الإيرانية من بوابة المنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية بما فيها مجموعة الثماني النامية لن تجدي الاقتصاد الوطني نفعا في ظل العقوبات المفروضة على طهران وبقائها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي "فاتف"، يحث ساداتيان على تعزيز دبلوماسية إيران حتى تجعل أي اتفاق حول مستقبل سوريا والمنطقة أمرا مستحيلا من دون منح طهران دورا فاعلا فيه.
إعلان الميزان التجاريوعلى وقع الجدل حول أولويات الاقتصاد الإيراني بين من يرى في توطيد العلاقات مع الدول الإقليمية والإسلامية سياسة ناجعة للالتفاف على الضغوط الغربية، وفئة أخرى تعتقد بضرورة التحرك الدبلوماسي لخفض التوتر مع الأوساط الدولية وشطب اسم البلاد من القوائم السوداء، تشير الأرقام الرسمية إلى أن تجارة طهران الخارجية مع مصر تكاد لا تذكر مقارنة مع شركائهما الآخرين.
وأعلن المتحدث باسم لجنة العلاقات الدولية وتنمية التجارة في "الدار الإيرانية للصناعة والتجارة والمناجم" روح الله لطيفي، أن تجارة بلاده الخارجية مع مصر لم تتجاوز 17 مليونا و186 ألف دولار خلال الأشهر الـ8 الأولى من العام الإيراني (من 21 مارس/آذار حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، مسجلة نموا بنسبة 67% في القيمة و65% في الحجم، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الإيراني الماضي.
وفي تقرير أرسله إلى الجزيرة نت بطهران، أوضح لطيفي أن حجم الصادرات الإيرانية إلى مصر خلال الأشهر الـ8 الماضية بلغ 28 ألفا و116 طنا، بقيمة 13 مليونا و798 ألفا و476 دولارا، في حين بلغت الواردات من مصر 7 آلاف و767 طنا بقيمة 3 ملايين و387 ألفا و872 دولارا، مسجلة نموا بنسبة 592% في القيمة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، في حين سجلت الصادرات الإيرانية إلى مصر نموا بنسبة 30% في الحجم و41% في القيمة.
وبعيدا عن المبادلات التجارية المناسبة مع إرادة الجانبين الإيراني والمصري بشأن التقارب، فإن هناك من يشكك في إيران على قدرة مجموعة الثماني الإسلامية النامية على تحقيق ما عجزت عنه خلال العقود الماضية.
وفي السياق، نشر الكاتب السياسي صابر كل عنبري مقالا في قناته على منصة تليغرام، يستذكر إطلاق التكتل قبل نحو 27 عاما بمشاركة أهم الدول الإسلامية من دون السعودية، موضحا أن عنصر "الإسلامية" كان دافعا أساسيا حينها لتشكيل تكتل إسلامي قوي في العالم، وأن الجهات المؤسسة رفعت أهدافا مثل "السلام بدلا من الصراع، والحوار بدلا من التقابل، والتعاون بدلا من الغطرسة".
إعلانويستنتج الكاتب أنه بعد مرور نحو 3 عقود على تأسيس مجموعة الدول الإسلامية النامية لم تتحقق الأهداف آنفة الذكر، بل حدث نقيضها في الأغلب، فعلى سبيل المثال خيّم التوتر على العلاقات بين إيران وتركيا ولم ترتقِ علاقاتهما -سوى في بعض الفترات لضرورة مبدأ الجوار- إلى التعاون الإستراتيجي، كما أنهما لم تتمكنا من حل الأزمة السورية عبر التعاون، كونها مثلت أهم تحدٍّ في علاقات الدولتين خلال السنوات الماضية.