مركز روسي: مواجهة المسيّرات الأوكرانية تتطلب حلولا غير تقليدية
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
ذكر المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات في تقرير نشره على موقعه أن الغارات التي تنفذها القوات المسلحة الأوكرانية على موسكو وغيرها من المراكز الإدارية والصناعية العسكرية الروسية باستخدام طائرات مسيّرة، أضحت حقيقة يومية يجب التعامل معها بشكل حاسم.
وأضاف أن النجاح الذي حققته روسيا في التصدي لهجمات المسيّرات منح الرضا عن النفس، لكن رفع القوات المسلحة الأوكرانية من قدراتها الهجومية لا بد أن يدفع موسكو إلى تكثيف الاستعداد لهذه الضربات مستقبلا.
وتابع التقرير أنه كلما اقتربت هذه الغارات من موسكو ومن المدن الكبرى الأخرى المكتظة بالسكان، زادت خطورة عواقبها، وحتى إسقاط طائرة مسيّرة في هذه الحالة يمكن أن يتسبب في وقوع أضرار جسيمة ويحصد العديد من الأرواح.
وأوضح التقرير أن موسكو أنشأت حقل رادار دائم للدفاع الجوي في الاتجاه الغربي من روسيا منذ مدة طويلة، وهو على درجة عالية من الاستعداد، مبرزا أن الأهداف ذات الارتفاع المنخفض أو الأهداف الصغيرة لا تشكل مشكلة غير قابلة للحل بالنسبة لروسيا، خاصة في عصر أجهزة الرادار فوق الأفق وطائرات الإنذار المبكر.
وحسب تصريحات المسؤولين الروس، يمكن لبعض الرادارات الروسية اكتشاف مقاتلات "إف-35" الأميركية من مسافة تزيد عن ألف كيلومتر.
وقد أثبت الرادار أهميته وفعاليته في التحكم في الحركة في المجال الجوي على مسافة تزيد عن عدة آلاف من الكيلومترات من حدود الدولة.
تطور
ونقل تقرير المركز عن كبير المتخصصين في الرادارات ميخائيل بيتروف قوله إن الرادار الحديث يمكنه اكتشاف الطائرات الشبحية على مسافة 3 آلاف كيلومتر.
وبحسب الجنرال آندريه ديمين، نائب قائد القوات الجوية الروسية، فإن أحد الرادارات يمكنه اكتشاف عمليات إطلاق جماعي لصواريخ كروز أو الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت على مسافة تبعد ألفي كيلومتر عن الحدود الروسية.
وأشار التقرير إلى قدرة طائرة نظام الإنذار المبكر من طراز "بيريف إيه 50" على اكتشاف المقاتلات التي تحلق على ارتفاع منخفض على بعد مئات الكيلومترات، واكتشاف الأهداف السطحية والأرضية.
وفيما يتعلق بمواصلة تحسين مواصفات هذه الطائرات، بما في ذلك الكشف عن طائرات مسيّرة صغيرة الحجم، تعمل وزارة الدفاع الروسية على حلّ هذه المشكلة.
وتساءل التقرير عن العدد المطلوب من أسلحة الرصد والتدمير لصد المسيّرات الأوكرانية، مبرزا أن الاستعانة بنظام الصواريخ المضاد للطائرات من طراز "إس-300″ و"إس-400" -التي تبلغ قيمتها ملايين الروبلات لكل وحدة- حل مكلف جدا.
غير تقليدية
وأوضح المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات أن مواجهة الطائرات المسيّرة تتطلب حلولا غير تقليدية، وقال إن طائرة صغيرة الحجم وخفيفة مماثلة لتلك التي استخدمت زمن الحرب العالمية الثانية ومجهزة بأبسط أجهزة الملاحة وقادرة على تحديد الأهداف، هي الوسيلة المثلى لاعتراض المسيّرات.
وتابع أن تلك الطائرات يجب أن تكون غير مكلفة ويمكن إنتاجها بكميات كبيرة.
وبحسب المركز الروسي، ففي حال إنشاء مثل هذه المقاتلات الخفيفة -التي ستصبح ضرورية في مواجهة هجمات المسيّرات الأوكرانية- يمكن أن يشكل طاقم الطيران المحترف الخاص بهذه المقاتلات قوة احتياطية تابعة للقوات الجوية الروسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المسی رات
إقرأ أيضاً:
في "البام"، مسافة "أمان" مع "الأحرار" تحولت إلى قناعة تمهيدا لانتخابات 2026
مبكرا، دشنت المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، حملة حزبها لانتخابات 2026. في مناسبتين متتاليتين في أسبوع واحد، أعلنت بوضوح، عن مطامحها في قيادة الحكومة التي ستتشكل بعد هذه الانتخابات.
في 9 يناير، عبرت المنصوري أول مرة عن هذا الطموح في لقاء مع دبلوماسيين أجانب. في الواقع، قبل ذلك، كان قادة الحزب الحاليين، يشيرون إلى مقدرته على فعل ذلك، لكن أصواتهم بالكاد كانت مسموعة في المرحلة التي تلت صعود قيادة جماعية، حيث كان الحزب يحاول تثبيت قدميه أولا تحت وطأة المشاكل التي برزت فجأة بعد فبراير 2024.
تعبير المنصوري عن طموح حزبها في لقاء مع « المؤسسة الدبلوماسية » التي تتولى إقامة لقاءات مع القادة السياسيين، ليس جديدا على هذا الحزب. لنعد إلى شتنبر 2016، حيث عبر إلياس العماري، الأمين العام للحزب وقتئذ، عن الهدف ذاته خلال لقاء مع المؤسسة نفسها.
لكن هناك اختلاف بين الحدثين؛ فإلياس العماري أعلن عن طموح حزبه في تصدر الانتخابات شهرا فقط قبل الاقتراع الذي جرى في 7 أكتوبر من ذلك العام. أما فاطمة الزهراء المنصوري، فقد وضعت الهدف أمامها قبل حوالي 20 شهرا عن الانتخابات المقرر إجراؤها في خريف العام المقبل.
بعدما خرج العماري من لقائه مع المؤسسة الدبلوماسية، كيلت إليه انتقادات حادة، فقد أوحت تلك الثقة التي عبر بها عن طموحه بالكثير من الشكوك بين خصومه السياسيين لاسيما حزب العدالة والتنمية. ولقد كان التعبير عن ذلك للدبلوماسيين الأجانب أصلا بدل الرأي العام المحلي، يثير أسئلة حول ما إن كان العماري يتحدث انطلاقا من ضمانات قدمت إليه. في نهاية المطاف، غلبت قصة تصريحاته في ذلك اللقاء عن الإسلام السياسي على باقي التفاصيل، وقد ساعدت أيضا في هزيمته خلال تلك الانتخابات التي أفضت إلى نهاية مساره السياسي.
مثل هذه الأخطاء لم ترتكبها المنصوري هذه المرة. مكتفية بتصميمها على تصدر الحزب الذي تقوده لنتائج الانتخابات المقبلة، لم تثر سوى ضجيجا أقل. لكن هذا التصميم لا يفل. لم تنتظر المنصوري سوى أسبوع واحد فقط، كي تؤكد هذه الرغبات القوية لحزبها. وهذه المرة في لقاء يوم 17 يناير، مع منتخبيها الكبار في جهة مراكش، التي تعد في الوقت الحالي، مركز الثقل الرئيسي في هذا التنظيم السياسي.
من المؤكد أن هذه الرغبة ستصبح خطابا موحدا في الحزب من الآن فصاعدا. لكن تداعياته غير محددة.
في لقائها بمراكش، كان الحدث كذلك العودة المنتظرة لهشام المهاجري، هذا النائب في البرلمان يملك الوجوه المتعددة التي يحتاجها « الجرار » في هذه الأوقات التي تسبق الانتخابات. فهو يعد من القوى الأساسية على الصعيد الانتخابي في جهة مراكش، وقد حاز في انتخابات عام 2021 على أكثر من 50 ألف صوت، ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2016، وما جمع منافسه مرشح التجمع الوطني للأحرار. مثل هذه القدرات حاسمة في السعي إلى تحقيق نتائج متقدمة في الانتخابات المقبلة.
لكن للمهاجري مقدرة إضافية تجعله في موقع أفضل من باقي الأعيان المسيطرين في الانتخابات. باعتباره خطيبا مفوها، يكتسب شعبية متزايدة بين الأوساط المنتقدة للسلطات الحكومية. بالفعل، تسببت هذه المقدرة في الكثير من الأذى لمساره السياسي، وقد أجبر على التواري سنتين طويلتين جراء انتقادات حادة كالها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش في البرلمان.
إدارة علاقات صعبة
بقدر ما تمثل هذه العودة تصحيحا لنظر الحزب بينما يقترب موعد الانتخابات، فهي أيضا تعكس نظرة الحزب إلى الطريقة التي يتعين بها إدارة الفترة المتبقية على الانتخابات.
بعد فبراير الفائت، كان واضحا أن الحزب مستمر في التخلي عن قادته البارزين الأكثر انتقادا لحزب التجمع الوطني للأحرار. مشتكيا من مضايقته، راح ضحيته أفراد كانوا يشكلون النواة الصلبة على الصعيد الانتخابي، مثل محمد الحموتي. واجه هذا الرجل محاولة إضعاف منهجية في المرحلة التي قاد فيها حكيم بنشماش هذا الحزب، وقد عبر عن ذلك علانية. بإبعاده لاحقا من مناصبه في الحزب، تعزز الشعور بوجود مقايضة بين الحزبين. سيتبين لاحقا، بأن هذه المقايضة كانت مؤقتة. الحموتي، المدير الفعلي للانتخابات على وشك العودة، مثله في ذلك مثل زميله العربي المحرشي، الذي يملك خبرة في إدارة الموارد البشرية خلال الانتخابات.
عودة هؤلاء الأفراد بهذه الطريقة، يشير إلى النتيجة المحتملة بقوة: المواجهة المقبلة ستكون بين « البام » والأحرار. لم يكن إلياس العماري بهذا الحظ في مرحلته، حيث واجه من موقعه في المعارضة، خصما حكوميا شديد الصلابة.
لكن كيف ستدار هذه المواجهة بينن حليفين حكوميين على امتداد الأشهر العشرين المتبقية على إجراء الانتخابات؟
تسعى المنصوري إلى تعزيز قدرات حزبها على الصمود بإعادة بناء الفروع، وتدشين حملة استقطاب قوية. غارقا في مشاكله، فهذه وسائل عمل ضرورية في مرحلة لم يبد فيها « البام » ضعيفا مثلما ظهر في الشهور التالية لمؤتمره الخامس، لكن ما سيحدد فعالية ذلك هو ما سيفعلونه إزاء الحليف الحكومي الساعي بثبات وشراسة أيضا، إلى تكريس سيطرته الانتخابية. لنتذكر أن التجمع الوطني للأحرار عمل على إضعاف حزب الأصالة والمعاصرة تمهيدا لانتخابات 2021، وهي أشياء لا تنسى بين قادة « الجرار » كما قالوا لنا.
لا يصدق قادة الأغلبية أنفسهم العبارات التي تتحدث عن تماسك هذا التحالف. لكن يتعين الحفاظ على المظاهر. لذلك، يجب بذل الكثير من الجهد في سبيل عدم الانجرار إلى مواجهة مبكرة.
لكن من الواضح ما سيفعلونه في الوقت الحالي: مسافة أمان ضرورية من عزيز أخنوش. في « البام »، يعتقدون أن المشاكل المتأتية من أخنوش نفسه أكثر من تلك التي تتسبب فيها الحكومة ككل.
لم يعد « البام » بحاجة إلى دعم التجمع الوطني للأحرار أو رئيسه، عزيز أخنوش، في الحكومة بعد الآن. فالمشاريع الرئيسية المصطبغة بقيم الحزب، قد أجيزت في البرلمان، والطريقة الوحيدة للعمل كما قيل لنا، أن يدافع « البام » عن حصيلة وزرائه فقط. وقد بدأ في فعل ذلك.
في مقابلة أجراها حسن بنعدي، الأسبوع الفائت مع موقع Le360، لخص الفكرة التي تترسخ في الأذهان داخل « البام » هذه الأيام.
عندما سُئِل عن الانتخابات المقبلة، قال بنعدي إن من الأفضل لحزب الأصالة والمعاصرة أن يتخذ مسافة من الائتلاف الحكومي.
بنعدي واحد من الأفراد العائدين إلى حزبه. غادره غاضبا، ثم ظهر بجانب المنصوري في المجلس الوطني ماي الفائت حيث لقي حفاوة كبيرة. من المؤكد أن المسافة التي تحدث عنها، هي نفسها ما يخطط إليه الحزب الطامح إلى إزاحة حجر ثقيل من طريقه إلى مقعد رئيس الحكومة الذي طال انتظاره منذ 2008.
كلمات دلالية أحزاب أخنوش الأحرار البام المغرب المنصوري حكومة