من «قابوس» إلى «هيثم».. عُمان عقل الأمة العربية
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
تحظى سلطنة عمان بتقدير كبير واحترام عظيم لا مثيل له إقليماً ودولياً ولا سيما بين دول العالم العربى والإسلامى.
لا جدال أن سلطنة عمان تنتهج سياسة الحياد والدبلوماسية المتزنة، والمعروفة عنها فى حل القضايا الإقليمية والدولية، حياد العقل والقوة والاتزان الدبلوماسى، حياد يعكس المنهج الفكرى والعقلية العمانية المؤمنة بالعدالة والحرية وحق تقرير المصير لكافة الشعوب.
تترفع سلطنة عمان دوماً وتنأى بنفسها عن دوائر الصراع، وسعيها الدؤوب فى لعب دور الوساطة لحل النزاعات بين الدول، مما يؤكد قوتها وتأثيرها الإقليمى والدولى، الأمر الذى أكسبها احترام الجميع.
تملك سلطنة عمان تاريخا طويلا، وحضارة عريقة تعود لآلاف السنين، بل وتعد مركزاً حضارياً وثقافياً فى منطقة الخليج، بالإضافة إلى دورها المؤثر والمحورى فى التجارة البحرية قديماً، مما يعزز شعورها دائماً بالانتماء والفخر بين العرب.
شهدت سلطنة عمان منذ أن تولى السلطان قابوس بن سعيد (١٩٧٠م) رجل السلام والأب الروحى والزعيم الملهم والمؤسس الحديث للسلطنة، تطوراً كبيراً فى البنية التحتية والتعليم والصحة، مع الحفاظ على الاستقرار السياسى والاجتماعى، واليوم تستمر سلطنة عمان فى نهجها نحو التنمية والاستقرار بقيادة السلطان هيثم بن طارق صاحب السمو والجلالة السياسى الهادئ والحكيم المفوه، الذى تولى الحكم بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد فى عام (2020) والذى يتميز بعدة صفات ورؤى جعلت له بصمة خاصة فى قيادة السلطنة.
إصرار السلطان هيثم بن سعيد على رفع مستوى معيشة المواطن العمانى اجتماعاً وسياسيا واقتصادياً، وتطور المعطيات التى من شأنها إحداث طفرة كبيرة فى مستقبل الشعب العمانى، والاهتمام بما يصب فى مصلحة المواطن، ويعزز كرامته وحريته.
تعهد السلطان هيثم بن سعيد بالحفاظ على النهج الذى اتبعه السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- فى ضمان استقرار البلاد واستمرار التنمية، التى تعزز ثقة الشعب فى قيادته الجديدة، مؤكداً السير على خُطى سلفه الحكيم الملهم السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، ولكن بعقلية وفكر متطور فى التعامل مع التحديات الداخلية والخارجية، مع الحفاظ على مكانة السلطنة كدولة ذات سياسة متوازنة وحيادية.
فالانتقال من حكم السلطان قابوس بن سعيد إلى السلطان هيثم بن طارق فى سلطنة عمان شكّل مرحلة مهمة فى تاريخ البلاد، وكان لهذا الانتقال تأثير عظيم وإيجابى.
السلطان قابوس بن سعيد (1970-2020)، المؤسس الحقيقى للنهضة العمانية الحديثة. تولى الحكم عام 1970 ونجح فى تحويل البلاد من دولة تفتقر للبنية التحتية والخدمات إلى دولة حديثة مزدهرة، وقاد مسيرة التنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية للسلطنة، وتميز حكم السلطان قابوس طيب الله ثراه بالحكمة فى إدارة العلاقات الخارجية، حيث انتهج سياسة الحياد والوساطة فى النزاعات الإقليمية، كما حافظ طوال فترة حكمه، على الاستقرار السياسى والاجتماعى، مما جعل سلطنة عُمان من أكثر دول المنطقة أمانًا واستقرارًا.
بعد وفاة السلطان قابوس فى يناير (2020) انتقل الحكم إلى السلطان هيثم بن طارق، وسط تقدير وإجماع ومحبة من الشعب العمانى، وارتياح دولى وإقليمى، وجاء هذا الانتقال، وفقًا للوصية التى تركها السلطان قابوس والتى حددت اسم الخليفة، ليواصل السلطان هيثم بن طارق مسيرة البناء والتنمية، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتطوير البنية التحتية وتعزيز الشفافية فى إدارة المؤسسات، بعد وضع رؤية وخطة استراتيجية تهدف لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع الحفاظ على الاستقرار الذى تتميز به البلاد، كما سعى لتعزيز دور الشباب فى المجتمع وتمكينهم للمشاركة فى صنع مستقبل البلاد، مع الاستمرار فى نهج الحياد فى السياسة الخارجية.
الانتقال السلس من حكم السلطان قابوس إلى السلطان هيثم، أظهر متانة النظام السياسى فى السلطنة والتزامها برؤية طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار والازدهار، رؤية استراتيجية تتنوع فيها مصادر الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز القطاع الخاص، وتطوير قطاعات السياحة، والتكنولوجيا، والتعليم، لخلق فرص عمل وزيادة الإنتاجية الوطنية، مع تمكين الشباب.
يولى السلطان هيثم أهمية كبيرة لتمكين الشباب العمانى، من خلال دعم ريادة الأعمال وتطوير البرامج التعليمية والتدريبية، وتدعيم الإصلاحات التى تعزز دور المجتمع المدنى فى عملية التنمية، وتشجع على المشاركة المجتمعية فى صنع القرارات، هذا بالإضافة إلى التطوير الإدارى والشفافية، والعمل على تحسين كفاءة المؤسسات الحكومية، بإعادة هيكلتها، بما يساهم فى تعزيز الشفافية والكفاءة فى الأداء الحكومى، وذلك من خلال تطبيق مبدأ المساءلة لضمان تقديم خدمات أفضل للمواطنين وتحقيق التطور المنشود.
أما عن التوازن فى السياسة الخارجية، فمثلما فعل السلطان قابوس، يتبع السلطان هيثم سياسة خارجية متوازنة وحيادية، مما يعزز دور عُمان كوسيط موثوق فى المنطقة، يواصل بناء علاقات دبلوماسية إيجابية مع دول العالم، مع الحفاظ على استقلالية القرار العُمانى وسياسته السلمية.
هذه الصفات جعلت السلطان هيثم بن طارق قائداً يحمل رؤية طموحة للمستقبل، مستفيدًا من الإرث الكبير الذى تركه السلطان قابوس، مع إدخال إصلاحات تعزز التنمية الشاملة والمستدامة فى السلطنة.
سلطنة عُمان معروفة بتراثها الغنى وثقافتها الفريدة، الناس فى عمان يحافظون على تقاليدهم ويهتمون بالضيافة العربية الأصيلة، وأنت فى عُمان تشعر وكأنك تعيش فى وطن كبير دافئ يسع الجميع دون تفرقة، محاط شعوريا بالترحاب والود والمحبة، بالإضافة إلى الكرم والتواضع واحترام الآخر الذى يتميز به الشعب العُمانى، فالتعامل معهم تجربة إيجابية، تعكس طبيعة بلادهم المسالمة والمتسامحة، والذى خلق انطباعاً مبهراً عن عمان لدى الكثيرين، كل هذه الأسباب تساهم فى إجماع الكثير على حب واحترام سلطنة عُمان.
فبرغم ثروات سلطنة عمان النفطية، فإنها معروفة بنهجها المتزن فى إدارة الموارد والاقتصاد، نمط حياة بسيط ومتواضع، بعيدًا عن مظاهر التبذير والإسراف، يهدف إلى الحفاظ على التقاليد والعادات الأصيلة، هذا النهج المتوازن أكسب عُمان سمعة طيبة وجعلها نموذجاً يحتذى به فى التعامل مع الثروات الطبيعية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رادار قابوس هيثم ع مان السلطان هیثم بن طارق مع الحفاظ على سلطنة عمان سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
مقام.. لحنٌ أطرب عشاق الموسيقى في جامعة السلطان قابوس
على أنغام فن المديمة البحري الذي استعرض فيه البحارة المشاركون مهاراتهم في اللعب وفقًا للتقاليد المتعارف عليها بينهم، وصفقاتهم الرنانة، ونغم الآلات الموسيقية الشعبية التي أطربت أذن السامع كالضرب على المسيندو، واختلاف إيقاع الضرب على الكاسر والرحماني، وصوت القربة الذي يأسر المستمع ويأخذه إلى عالم آخر، عاكسًا روح تراث السواحل العُمانية، انطلقت فعاليات أمسية "مقام"، والتي تعني تتالي العلامات الموسيقية وفق قواعد موضوعة لتصنيف اللحن الموسيقي، مما يسهل تعامل العازف مع الآلة. فكانت الكلمة عنوانًا للأمسية الموسيقية الفنية التي قدمتها جماعة الموسيقى والفنون الشعبية بجامعة السلطان قابوس، والتي شارك فيها نخبة من طلاب الجامعة من عازفين موهوبين، ومؤدين للأغاني، والكورال الذي أضفى للأغنية بعدًا جميلًا، بحضور واسع من محبي الفن والموسيقى. حيث امتزجت الألحان العُمانية الأصيلة مع مقطوعات غربية في عرض أبرز تنوع المواهب الموسيقية لدى الشباب العُماني.
وأشار مرتضى العجمي، رئيس جماعة الموسيقى والفنون الشعبية بجامعة السلطان قابوس، قائلًا: "أمسية مقام هي من أصل المقامات العربية، وفي المقام تُبدع النغمات من حجاز الأذان إلى حزن الكرد. ففي موسيقانا العربية إبداع، فوظفنا إبداعنا في الأمسية في المزج بين موسيقانا العربية والموسيقى الغربية الكلاسيكية بشغف متجدد وإيقاع يستمد لحنه من ذواتنا ليصل للجمهور بإحساس عميق وجميل. بإبداع طلاب الجامعة من تأليف وعزف وغناء، نطرب مسامع الجمهور ونمتعهم. فنحن هنا لنُسمع العالم إيقاعًا موسيقيًا أصيلًا. فبالرغم من التحديات، لم تتراجع طموحاتنا، بل زادتنا عزيمة وإصرارًا على تقديم أفضل ما لدينا بإيقاعات تلامس الأرواح وتخاطب الذائقة الرفيعة".
بدأ الحفل الموسيقي بمقطوعة موسيقية من إبداع العازف الموهوب الوليد بن حمود البلوشي، قدّم فيها تجربة موسيقية من تأليفه في مزيج يجمع بين الموسيقى الشرقية والكلاسيكية بعنوان "ظلال الأرواح المتعانقة". حملت المقطوعة مشاعر الحزن والإحباط، وقال عنها إنها كانت عبارة عن ثلاث حركات؛ الأولى بلحن حزين وبطيء، ثم ترتفع السرعة في الحركة الثانية لشرح الخلاف الحاصل، وأخيرًا يرتفع الرتم في الحركة الثالثة شرحًا للمعركة النفسية التي يمر بها".
بعدها، قاد المايسترو السوري نزيه أسعد الأمسية ببراعة، حيث تنقلت الفرقة بين ست مقطوعات موسيقية غنائية متنوعة، اتسمت بمزيج رائع من الألحان، مما جعل العرض تجربة موسيقية فريدة.
اختارت وسن المعمرية في تجربتها الأولى التي تقف فيها أمام الجمهور غناء الأغنية الأجنبية “Sway”، والتي تعني باللغة العربية "التمايل" أو "التأرجح"، للمغني مايكل ببل. وكانت الأغنية، كما يبدو، معروفة لدى أغلب الجمهور، فتفاعلوا معها بحماس، لتكون الأغنية الأولى في الحفل. وترى المعمرية أن الغناء باللغة الأجنبية هو الأقرب لها، وتستطيع من خلاله إيصال أحاسيسها ومشاعرها للجمهور والمستمعين.
استمتع الجمهور بعدها بأغنية "أنا في انتظارك" للفنانة القديرة أم كلثوم، والتي غناها أحمد بن خالد بن عبد الله كوفان على مقام الحجاز. استطاع كوفان من خلالها إيصال إحساسه وقوة أدائه، وقال عن سبب اختياره للأغنية: "اخترتها بسبب اللحن العظيم، ورأيت أن هذه الأغنية تمثلني وتمثل شخصيتي. توقعت أنها ستلامس الجمهور، وهذا ما حدث فعلًا في الحفل. كما أن كلمات الأغنية تحمل قصة تُمتع السامع".
غنى بعدها محمد الندابي أغنية "يا عديم الشوق" على مقام الكرد للفنان عبد المجيد عبد الله، والتي اختارها حبًا للفنان المعروف. وقال الندابي: "اخترت هذه الأغنية لأني أحبها كثيرًا من بين مجموعة كبيرة من أغاني الفنان عبد المجيد عبد الله. آمنت بأني قادر على أدائها اليوم على خشبة مسرح الجامعة وأمام هذا الجمهور العاشق للفن. اختياري لها لا يعني أنها تمثلني، لكنها كانت مجرد ذوق. لا أعتقد أن هناك أغنية تمثل فنانًا إلا إذا كتبها بنفسه".
كما حظي الحفل بأغنيتين للفنان عبد الكريم عبد القادر. غنت تقوى الصولية الأغنية الأولى "سامحني خطيت"، والتي تحمل نوعًا من العتاب والاعتذار مع شيء من العزة. وقالت الصولية عن سبب اختيارها: "هي أغنية جميلة على مقام الكرد، واخترتها لأنني كنت أستطيع إيصال إحساسي للحضور، ومن خلالها يمكنني أن أجعل الجمهور يتذكرني بها. بالرغم من الوقت القصير الذي تدربت فيه على الأغنية بسبب جدولي الدراسي، إلا أنني حاولت جاهدة الظهور بشكل جيد". فيما غنى عبد الملك العريمي أغنية "رد الزيارة"، التي كان الجمهور يحفظها وتفاعل معها مرددين مقاطعها. اختار العريمي غناءها لحبه لها منذ الصغر، وقال: "لطالما حلمت بغنائها على مسرح كبير مثل مسرح جامعة السلطان قابوس، وقد تحقق الحلم".
شارك علي الدروشي بأغنية "اختلفنا" لفنان العرب محمد عبده، وقال عنها إنها أغنية جميلة ورائعة ومتفردة. تتنوع فيها الانتقالات والمقامات، بالإضافة إلى كلماتها العاطفية، مما كان سببًا لاختياره لها. توقع أن تكون خفيفة ويستمتع بها الجمهور، وتمثل شخصيته ويؤديها بشكل جيد.
اختُتمت أمسية "مقام" وسط تصفيق حار وإشعال أضواء هواتف الجمهور المحمولة عند حضور الفنانة زمزم البلوشية، التي استطاعت كسب حب الجمهور بأدائها العفوي المتميز دائمًا. حضرت على خشبة الأمسية لأداء أغنيتها "بلا هود"، التي غنتها بمناسبة العيد الوطني الرابع والخمسين.
وقالت البلوشية: "أنا سعيدة بعودتي اليوم بعد غياب طويل إلى الخشبة التي تخرجت منها، وبعد غيابي عن الغناء على خشبة المسرح وتوجهي إلى تصوير الأغاني المصورة". وأضافت: "لقد كنت في إحدى الفترات رئيسة لهذه الجماعة الطلابية، وقدمت من خلالها عروضًا كثيرة. اليوم، أقف معهم فيها كضيف شرف، وهذا بحد ذاته شعور جميل وفرصة لأحتفل معهم بعملي الجديد الذي نُشر بمناسبة العيد الوطني".
رافق هذا العرض الموسيقي الرائع مجموعة من الآلات الوترية والإيقاعية، مثل الكمان، آلة الأحلام الرقيقة، وآلة التشيللو المنتمية لعائلة الكمان، والجيتار، والعود ملك الطرب الشرقي وسيد الحكايات الموسيقية، والقانون، الآلة المليئة بالأوتار النابضة بالإحساس، والجيتار الكهربائي، وقصبة الناي، وآلة الأورغ، والإيقاعات الخليجية والعربية. وشارك صوت الكورال الذي أضفى جمالًا على الغناء الجماعي.