فى الوقت الذى مثّل فيه اغتيال يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس بعد إسماعيل هنية، صدمة موجعة للعالم العربى كافة، ولمناصرى القضية، فقد عُد نصرًا مبينًا من قبل الجيش الإسرائيلي، وحلفاء الإسرائيليين، فبمقتله تكون حكومة نتنياهو قد تمكنت من تحقيق أحد أهداف حملتها العسكرية حيث ظلت قوات الجيش الإسرائيلى تتعقبه منذ أكثر من عام، وهو ما يؤكد تلك الخطورة التى كان يمثلها السنوار على إسرائيل، للدرجة التى كانوا يصفونه فيها بأنه صاحب النفوذ الأكبر فى فلسطين، وللحد الذى دفع الرئيس الأميركى جو بايدن، للتعبير عن فرحته لمقتل السنوار بوصفه «يوم جيد لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم»، الفرصة سانحة الآن لـ«اليوم التالي» فى غزة بدون حماس فى السلطة»، بينما طالب العديد من قادة الدول حركة حماس بالإفراج عن الأسرى الذين ما زالت تحتجزهم فى قطاع غزة.
ويمكننا فهم ردود الأفعال تلك من إدراك أهمية السنوار وأن أبرز السمات التى زرعها فى «حماس» وغيرت شكلها هو «الحزم الشديد»، كما نجح السنوار فى دفع التيار العسكرى وسيطر على القرار بشكل جذري، وظهر هذا فى تسلمه منصب رئيس الحركة فيما كان الاتصال به صعباً ومعقداً ومنقطعاً لفترة.
لكن، ربما كان علينا هنا أن نهدأ قليلا، وألا تصيبنا ردود الأفعال على المستويين العربى والغربى بصدمة غير متوقعة، فالأمر أكبر كثيرا من استشهاد أحد قادة حماس، حتى وإن كان يمثل صداعا فى رأس عدوه، فالسنوار الذى وصفوه بأنه مهندس عمليات طوفان الأقصى، ليس آخر قادة حماس الفاعلين، فمازال فى الجعبة سهام قاصمة، فمازال هناك محمد السنوار، خليل الحية، خالد مشعل، موسى ابومرزوق، محمود الزهار، مروان عيسى، أبوأنس شبانة، روحى مشتهى.
فالأهم من التفكير فيمن القادم، أن نطرح تساؤلا أهم: هل تقنع إسرائيل بمقتل السنوار، وتتجه إلى الحلول السياسية، والجلوس على طاولة المفاوضات، ووقف إطلاق النار بشكل فاعل، أم أنها ستتحول كعادتها إلى وحش متعطش لسفك دماء أكثر، وهل سيؤثر مقتل السنوار فى مجرى الحرب بغزة لتتغير قواعد اللعبة، وتتخذ مسارات أكثر اختلافا على مستوى الطرفين الفلسطينى والإسرائيلي؟
فى الواقع فإن تصريحات الجانب الإسرائيلى تؤكد أنهم لن يكتفوا بما فعلوا، فللمتحدث باسم الجيش الإسرائيلى دانيال هغارى تصريح يقول فيه إن «جيش الدفاع الإسرائيلى سيستمر فى العمل فى غزة ضد حماس وبنيتها التحتية»، فيما قال نتنياهو «المهمة لم تكمل، حماس لن تحكم غزة بعد الآن، سنواصل الحرب بكامل القوة حتى إعادة الرهائن..».
وقد بدأت إسرائيل بالكشف عن نواياها بعد ساعات من تأكيد استشهاد السنوار، عندما أعلن الجيش الإسرائيلى عن بحثه عن محمد السنوار شقيق يحيى السنوار بغرض تصفيته، وهو أحد أبرز وأقدم قادة كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، وهو ما يظهر عدم اقتناع نتنياهو بتحقيقه أحد أهدافه بقتل هنية والسنوار، وأن له أهدافا دموية توسعية عندما شدد على القول إن القتال لم ينته بعد، فها هو يسعى لاستئصال ما تبقى من حركة حماس قيادة ومقاتلين فى غزة كتمهيد لمخططه فى احتلال غزة وربما إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.
لكن السؤال العملى الآن: ما مدى قدرة الحركة على استعادة قوتها ونفوذها فى غزة؟
ربما علينا أن نعترف بأن التداعيات على معنويات الحركة غير مسبوقة، خاصة وأنها لم تمر بمثل هذا الموقف الصعب منذ اغتيال مؤسسها أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وحتما ستواجه حماس بعض الصعوبات فى انتخاب أو اختيار بديل السنوار، ولكن عليها أن تفعل ذلك سريعا وتواصل مشوارها، لأن عامل الوقت ليس فى صالحها، ونثق فى قدرتها على إنتاج قادة آخرين رغم الظروف القاسية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات سمية عبدالمنعم الوقت اغتيال يحيي السنوار فى غزة
إقرأ أيضاً: