السودان.. رقعة المعارك تتسع في نيالا وجنوب كردفان وجهات حقوقية تتهم الدعم السريع بقتل مدنيين
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
تواصلت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بينما كان التطور الأبرز في مسار المعارك اتساع رقعتها ووصولها إلى نيالا في جنوب دارفور، وجنوب كردفان.
وأفاد مراسل الجزيرة بسقوط قتلى وجرحى بسبب تجدد القصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع في نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور)، وذكر أن الاشتباكات بين الطرفين تعدّ الأعنف منذ مدة، وقد دارت داخل أحياء المدينة، وتسببت في نزوح عشرات الأُسر.
من جهته، قال مصدر عسكري بالجيش السوداني للجزيرة إن قوات الجيش صدّت هجومًا لقوات الدعم السريع على مقر الفرقة 16 في نيالا، مشيرًا إلى أن الجيش تمكّن من تدمير عربتين قتاليتين، وكبّد المهاجمين خسائر بشرية.
وذكرت مصادر طبية للجزيرة أن شخصين قُتلا وأُصيب نحو 48 آخرون في تلك الاشتباكات، واستقبل مستشفى الوحدة جنوبي نيالا معظم تلك الإصابات، بينما حُوّل عدد منها لمستشفيات أخرى.
وأوضحت المصادر نفسها أن أغلب الإصابات كانت لأطفال وقُصّر، كما أن هناك حالات وفاة أخرى جراء سقوط القذائف في المنازل لم تصل إلى المستشفيات.
وفي السياق ذاته، قالت هيئة محامي دارفور (منظمة حقوقية مستقلة) إنها تلقّت إفادات تفيد بمقتل 24 شخصًا في بلدة "كبم" وما جاورها، على بعد نحو 80 كيلومترًا جنوب غرب مدينة نيالا.
وأضافت المنظمة، في بيان، أن قوات تابعة للدعم السريع في البلدة نفّذت عمليات القتل، مشيرة إلى أن منطقة "كبم" شهدت أحداثًا ذات طابع قبلي، استمرت 4 أيام، وانتهت الثلاثاء الماضي.
تطورات ميدانية
وفي جنوب كردفان قال مراسل الجزيرة إن قوات الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو، هاجمت حامية دلامي العسكرية الإستراتيجية (جنوب شرقي الدلنج)، ودارت معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الجيش وقوات الحركة، ولم يتبين ما أسفر عنه الهجوم نظرًا لصعوبة الاتصالات من تلك المنطقة.
وفي الخرطوم أفاد مراسل الجزيرة أن هناك احتمالية لسقوط مدنيين، بعد سقوط قذائف غرب أم درمان ووسطها وجنوبها، خاصة في حي (أم بدا) خلال تبادل القصف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأضاف المراسل أن القصف المدفعي استهدف الأحياء المحيطة بمنطقة المدرعات العسكرية في حي العشرة والمريلة والحلة الجديدة والجوز، مشيرًا إلى استخدام الأسلحة الثقيلة في تلك الاشتباكات.
وقد اتهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بقتل 12 شخصًا بينهم طفلان، وإصابة 17 آخرين بسبب القصف العشوائي بالطائرات والمدافع الثقيلة التابعة للجيش، على عدد من الأحياء بالعاصمة الخرطوم.
وكانت مصادر عسكرية في الجيش السوداني قد قالت للجزيرة إن الطائرات المسيرة التابعة للجيش استهدفت -كذلك- تجمعات للدعم السريع في الأحياء القريبة من سلاح المدرعات في العاصمة.
وحسب المصادر ذاتها، فقد استهدفت مسيرات الجيش السوداني -أيضًا- تجمعات لقوات الدعم السريع، في حيي العُشَرَة واللاماب (جنوب الخرطوم).
تدفق اللاجئين السودانيين زاد من صعوبة عمل المنظمات الإنسانية (رويتز) وضع صحي متدهورومع استمرار القتال واتساع رقعته ازداد الوضع الصحي والإنساني تأزمًا، فقد وصف وزير الصحة بولاية الجزيرة (وسط السودان) أسامة عبد الرحمن، الأوضاع الصحية في الولاية بأنها صعبة للغاية، نتيجة التدفقات الهائلة من المرضى القادمين من الخرطوم، وعدد من الولايات السودانية الأخرى.
وتعمل الأطقم الطبية بولاية الجزيرة في ظروف معقدة، وفي ظل شح كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، بسبب توقف الإمداد الدوائي من العاصمة الخرطوم.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قالت إن القتال أدى إلى خروج 3 أرباع المؤسسات الصحية من الخدمة، مشيرة إلى أن صراع الجيش والدعم السريع يعيق دخول عناصر الفرق الصحية الأجنبية للبلاد، ويعيق انتقالهم بالداخل في حال دخولهم.
كما ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، أن الحرب أجبرت عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار إلى دولة جنوب السودان بحثًا عن الأمان.
وأضاف المكتب أن تدفق اللاجئين إلى جنوب السودان تجاوز القدرات الحالية للشركاء في المجال الإنساني، محذرًا من عواقب طويلة الأمد على العاملين في المجال الإنساني، للاستجابة لاحتياجات اللاجئين.
ويتبادل الجيش -بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان- وقوات الدعم السريع -بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)- اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال، الذي خلّف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، حسب الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع الجیش السودانی بین الجیش
إقرأ أيضاً:
الجنس مقابل الطعام.. نساء السودان يدفعن ثمن النزاع بأجسادهن
منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: سودان تربيون
الخرطوم 25 نوفمبر 2024 — لم تتوقع سلمى الطاهر – اسم مستعار – أن تُلم بها كُربة أقسى من التي عاشتها في جنوب كردفان، قبل أن تفر مع أسرتها إلى العاصمة الخرطوم التي لاحقتها فيها الحرب.
فقدت سلمى التي بلغت عامها الـ 20 قبل أشهر، أبيها في الحرب التي اشتعلت في كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان في 6 يونيو 2011، لكن صمود أمها أمام العاصفة وصغر سنها آنذاك جعلها تتعايش مع قسوة الحياة.
وقالت سلمى، لـ “سودان تربيون”، إن “أمها نزحت من كادقلي إلى الخرطوم بعد أشهر من اندلاع الحرب فيها، حيث استقرت في أحياء جنوب المدينة الأكثر فقرًا وحرمانًا، لتعمل بائعة شاي في السوق المركزي لإطعام أطفالها الثلاث”.
وأفادت بأن والدتها، بعد اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، اضطرت إلى العمل في السوق المركزي للخضر والفاكهة جنوبي الخرطوم، في بيع الشاي والقهوة والأكلات الشعبية رغم انعدام الأمن، وذلك قبل أن تلقى حتفها في غارة جوية.
وتابعت “بعد مقتل والدتي وجدت نفسي مسؤولة عن إعاشة وتأمين حياة أخي وأختي، دون القدرة على العمل الذي امتهنته والدتي لإطعامنا، فلم أجد غير ممارسة الجنس مع جنود الدعم السريع وسكان آخرين مقابل المال”.
وأشارت سلمى إلى أنها لا تجني الكثير من الأموال، لكنها تضطر إلى ذلك لردع أخيها من الاستنفار لصالح قوات الدعم السريع، حيث تقول له إنها تعمل في مكان والدته تبيع الشاي في السوق المركزي.
وأوضحت بأنها شقيقها يشعر بأنه مسؤول عن إعالتي، لكنه لا يزال طفلًا عمره 15 عامًا حيث أجاهد لمنعه من الاستنفار والعمل من أجل إكمال تعليمه بعد توقف الحرب وإعادة فتح المدارس.
وتتحدث تقارير عن أن تدمير سُبل العيش في الريف والحضر، دفع الأسر إلى تدابير متطرفة، منها تزويج الطفلات للمقاتلين خاصة في مناطق النزاع النشطة وانضمام الأطفال إلى الجماعات المسلحة؛ من أجل الحصول على الطعام.
وفي 9 أكتوبر الجاري، قال عمال إغاثة في 8 منظمات دولية تعمل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إن بعض الفتيات تزوجن مقاتلين كوسيلة للبقاء على قيد الحياة للحصول على الطعام.
وأكدوا أن الفتيات يُجبرن على الزواج بالمقاتلين كما تمارس الشابات الجنس من أجل البقاء، مقابل الغذاء والماء والمال.
الشعور بالعاروقالت سلمى الطاهر إنها تخشى على مشاعر شقيقها الأصغر، حال عرف سلوكها حيث باتت لا تقوى على النظر في عينيه.
ولا يتسامح معظم أفراد المجتمع السوداني على ممارسة النساء الجنس خارج نطاق الزواج، حيث يرى الرجال أن صون الفتاة إلى أن تتزوج بمثابة شرفه الذي دونه الموت.
وفي الفاشر التي تخضع لحصار قوات الدعم السريع منذ أبريل المنصرم، وتعيش على وقع دوي المدافع وأصوات الاشتباكات، اضطر خالد إبراهيم — اسم مستعار — إلى تزويج ابنته إلى أحد مقاتلي القوة المشتركة للحركات المسلحة التي تُدافع عن المدينة بضرورة إلى جانب الجيش.
وقال إبراهيم، لـ “سودان تربيون”، إنه “كان يبيع الخضروات في سوق الفاشر، لكن بعد نشوب الحرب في المدينة اعتبارًا من 10 مايو 2024، بات عاطلًا ومع استمرار القصف المدفعي اضطر إلى النزوح لمخيم زمزم المجاور للمدينة”.
وأفاد بأنه زوج صغرى فتياته إلى مقاتل لعدم قدرته على حمايتها وإطعامها، رغم أن عمرها لا يتجاوز الـ 16 عامًا، ممتدحًا أخلاق صهره الجديد رغم خشيته على مقتله في المعارك الدائرة في المدينة.
وأفاد بوجود فتيات صغيرات أُجبرن على الزواج لعدم قدرة آبائهن على إعالتهن وحمايتهن، نافيًا علمه بممارسة شابات الجنس مقابل الطعام.
ويعمل متطوعون على تقديم الطعام إلى ملايين السكان العالقين في مناطق النزاع النشطة في الخرطوم ودارفور، فيما عُرف بـ “التكايا والمطابخ الجماعية”، رغم القيود التي تفرضها أطراف النزاع على النشطاء وملاحقتهم.
وقال خالد إبراهيم أن لا يقوى على الوقوف ساعات من أجل الحصول على الطعام من المطابخ الجماعية، بسبب تقدم العمر والمرض، حيث يعتمد على الطعام الذي يوفره صهره الجديد رغم قلته.
الافتقار إلى آليات الحمايةولم تستبعد مديرة وحدة حماية المرأة والطفل في وزارة التنمية الاجتماعي، سليمى إسحاق، ممارسة النساء للجنس وتزويج الطفلات من أجل الطعام، قائلة “نتوقع حدوث ذلك في الحرب”.
وأفادت سُليمى، في تصريح لـ “سودان تربيون”، بأن الوحدة تعمل على توثيق حالات الاستغلال والإساءة الجنسية التي يمكن أن تحدث حتى في المناطق الآمنة — في إشارة إلى الولايات الخاضعة لسيطرة الجيش.
وأشارت إلى أنها طلبت من وزير الداخلية في أبريل المنصرم، تكوين مكاتب شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان والطفل في الوحدة لتقديم الخدمة القانونية والمساعدات ضحايا الاستغلال الجنسي، مع إلزام العاملين في المكاتب بمدونة سلوك.
وذكرت أن وزير الداخلية أصدر قرارات بإنشاء المكاتب في ولايات كسلا والقضارف والنيل الأبيض، بغرض زيادة آليات الحماية، مشددة على أن النساء “لا يبلغن عن حالات الاستغلال في ظل عدم وجود آلية تساعدهم”.
وكشفت عن سعيهم لتكوين لجان حماية في دُور الإيواء للإبلاغ عن حالات الاستغلال الجنسي مع تدريب المتطوعين والعاملين في هذه المراكز.
وأفادت سليمى إسحاق بأن الوحدة لا تكشف المعلومات عن الانتهاكات في مناطق سيطرة الدعم السريع، خشية تعرض السكان هناك للخطر.
وتحمّل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عناصر قوات الدعم السريع مسؤولية القدر الأكبر من الانتهاكات الواقعة على النساء، خاصة العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والاغتصاب والاستغلال.
وتتكشف يومًا بعد الآخر مآسي النزاع خاصة فيما يتعلق بالجوع وتزايد معدلات سوء التغذية والاستغلال الجنسي، بعد أن فقد معظم السودانيين وظائفهم وأعمالهم التجارية.
منتدى الإعلام السودانيينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
الوسومالجرائم والانتهاكات حرب السودان منتدى الإعلام السوداني