رامي يونس المدير العام  سويس لوج ميدل ايست

في سنة 2016، كان 80% من المستودعات في جميع أنحاء العالم تعمل بدون أي نوع من الأتمتة، وتغير المشهد بسرعة منذ ذلك الحين. فمع تطور سلوك المستهلك إلى تفضيل التسوق عبر الإنترنت والتسليم السريع، اشتدت الحاجة إلى الأتمتة. وأصبح لزاماً على الشركات التحلي بالمرونة والاستشراف المستقبلي، والتكيف بشكل مستمر لتلبية المتطلبات المتغيرة لعملائها وصناعاتها.

تتمثل إحدى العقبات الأساسية التي تواجهها العديد من الشركات في التقصير في أخذ التكاليف الخفية في الحسبان بشكل كامل بغية الحفاظ على الوضع الراهن. ويمكن أن يؤدي الاعتماد على العمليات اليدوية إلى التخلف عن المنافسين وارتفاع التكاليف ومستويات خدمة لا يمكن التنبؤ بها. وتحتاج الشركات إلى تقييم ما إذا كانت عملياتها الحالية قادرة على دعم أهداف نموها ومتطلبات السوق.

فوائد تطبيق الأتمتة والروبوتات

أصبح تحسين سلسلة التوريد أمراً بالغ الأهمية لبناء المرونة. وتوفر الأتمتة مزايا كبيرة مثل خفض تكاليف العمالة وتحسين الدقة وزيادة كثافة التخزين وتخفيف تأثير تقلب توفر القوى العاملة. وتعد الحلول القابلة للتخصيص والقابلة للتطوير والتي تتماشى مع متطلبات النمو المستقبلية أمراً بالغ الأهمية للشركات التي تسعى إلى الوصول إلى موقع القيادة في المجال. ووفقاً للدراسات، فمن المتوقع أن تعالج الروبوتات ذاتية التحكم ما يصل إلى 50% من طلبات التجارة الإلكترونية بحلول سنة 2025، مما يقلل بشكل كبير من أوقات تنفيذ الطلبات من أربع ساعات إلى 30 دقيقة فقط بحلول سنة 2028.

وبالتركيز على وجه التحديد على عمليات المستودعات مثل الالتقاط والتكديس، والتي يمكن أن تمثل ما يصل إلى 60% من التكاليف التشغيلية، يمكن للروبوتات أن تعزز الكفاءة وتقلل النفقات وتحسن السلامة بشكل كبير. وهذا يدعم الاتجاه نحو التسليم الأسرع، مثل خدمات الساعة التالية، من خلال تسريع تنفيذ الطلبات مع التكامل بسلاسة مع العمال البشريين لتحسين سير العمل. فعلى سبيل المثال، أدت حلول الأتمتة الخاصة بشركة سويس لوج إلى تمكين شركة روهليك، وهي منصة بقالة إلكترونية، من مضاعفة الإنتاجية وتسليم الطلبات خلال 60 دقيقة أو أقل – مما يدل على الدور الحاسم للأتمتة في سلاسل التوريد الحديثة.

بالنسبة للعديد من الشركات، كتلك الموجودة في قطاعي السلع الاستهلاكية سريعة الحركة (FMCG) والتجارة الإلكترونية، تختلف تكلفة الاستمرار في العمليات اليدوية بدلاً من اعتماد الأتمتة بناءً على ما إذا كانت تعمل في مجال متنام أو راكد. ففي القطاعات البطيئة النمو، قد تتكبد المؤسسات تكلفة قليلة أو معدومة للحفاظ على الوضع الراهن. ومع ذلك، فسيستمر ارتفاع تكاليف العمليات اليدوية غير الفعّالة، بالإضافة إلى تكاليف الحفاظ على مستويات الخدمة في سوق عمالة محدودة.

وغالباً ما تحتاج الشركات في القطاعات سريعة النمو، مثل البيع بالتجزئة عبر الإنترنت والخدمات اللوجستية للجهات الخارجية، إلى زيادة الكفاءة وتوسيع القدرة لمواكبة نمو السوق وحماية أو زيادة حصتها في السوق. وهنا، غالباً ما يكون الإحجام عن الأتمتة ناجماً عن الأولويات المتنافسة داخل الشركة، مثل اختيار الاستثمار في التسويق بدلاً من التوزيع. ومع ذلك، فقد يؤدي الفحص الدقيق للتكاليف الخفية إلى الكشف عن أنه يمكن للاستثمار في أتمتة المستودعات دعم النمو بشكل أفضل.

وبالنسبة للشركات التي تشهد توسعاً سريعاً، فغالباً ما تكون تكاليف التقاعس هي الأكثر وضوحاً. فعادة ما يؤدي النمو السريع إلى الحاجة إلى مزيد من المخزون ووحدات حفظ المخزون، مما يجعل تجميع / التقاط الطلب أكثر استهلاكاً للوقت وأصعب إدارةً. وقد تحتاج الشركات إلى الاستثمار في مساحة مستودعات إضافية، وذلك حتى في حال عدم استخدام المساحات الحالية على النحو الأمثل.

أخذ تكاليف التقاعس في الحسبان في دراسة الجدوى

يتطلب تقديم حجة مقنعة لأتمتة المستودعات فهماً شاملاً للتكاليف المرتبطة بعدم القيام بأي شيء. ويجب على تجار التجزئة وشركات الخدمات اللوجستية النظر فيما إذا كانت عملياتهم الحالية قادرة على تلبية متطلبات السوق من حيث السرعة والدقة. وقد يؤدي التقصير في القيام بذلك إلى خسارة حصة السوق لصالح المنافسين الأفضل في تلبية الطلبات بسرعة ودقة. ومن المهم أيضاً تقييم ما إذا كانت المنشأة الحالية قادرة على التعامل مع زيادة المخزون والمنتجات الجديدة، بالإضافة إلى ما إذا كانت مقدرات التوزيع الحالية تتماشى مع توقعات النمو. فبدون هذه الاعتبارات، قد تواجه الشركات حالات اختناق وانعدام كفاءة، مما يؤدي في النهاية إلى خنق النمو.

وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع الأتمتة بإمكانية خفض التكلفة لكل طلب، مما يعزز الربحية والقدرة التنافسية. وقد يؤدي اختيار عدم الأتمتة إلى خسارة الأسواق التي لا تملك فيها الشركة قدرة تنافسية بسبب محدودية قدراتها في التخزين والتوزيع. ويعد استخدام أصول التوزيع بالحد الأقصى أمراً ضرورياً لتجنب عدم استغلال الفرص المحتملة. ويمكن للخدمة الأسرع والأكثر موثوقية أن تحسن رضا العملاء والاحتفاظ بهم، مما يؤدي إلى زيادة ولاء العملاء.

وفي نهاية المطاف، ينبغي أن توازن القرارات المتعلقة بالاستثمار في أتمتة المستودعات بين تكلفة الحفاظ على الوضع الراهن وفوائد التحديث. فالشركات التي لا تحرز تقدماً تتخلف عن الركب فعلياً، وتخسر ​​أسواقها لصالح منافسين أكثر استباقية. وإن فهم جميع التكاليف المرتبطة بالتقاعس أمر حيوي لاتخاذ قرار مستنير بشأن أتمتة المستودعات في المنطقة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ما إذا کانت

إقرأ أيضاً:

هكذا أعادت هجمات 7 أكتوبر تشكيل الشرق الأوسط  

عندما شن مقاتلو حركة حماس غارة قاتلة عبر حدود غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تسببوا في إشعال حرب مع إسرائيل أسفرت عن تدمير القطاع. كما أطلقت الغارة موجات صادمة كان من شأنها إعادة تشكيل الشرق الأوسط بطرق غير متوقعة.

انهارت الشبكة القوية من التحالفات الإقليمية، مما ترك البلاد عرضة للخطر

وكتبت إيريكا سولومون في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن التحالفات القوية شهدت انقلاباً رأساً على عقب، بعد تجاوز "الخطوط الحمراء" الراسخة،  وقضي على ديكتاتورية استمرت لعقود في قلب المنطقة.وبعد مرور 15 شهراً على هجمات أكتوبر، ومع سريان اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحماس اليوم، استعادت الصحيفة التحول الجذري الذي طرأ على المنطقة.

أعادت إسرائيل تأكيد هيمنتها العسكرية، لكنها قد تكون في صدد مواجهة تكاليف ديبلوماسية ومحلية باهظة. وتعامل قادة البلاد مع الهجمات التي قادتها حماس باعتبارها تهديداً وجودياً، وكانوا عازمين على هزيمة الحركة وإضعاف داعمتها الرئيسية، إيران. ولم تنجح إسرائيل في إضعاف حماس في غزة فحسب، بل نجحت أيضاً في القضاء على جحزب الله الشيعي اللبناني، ووجهت ضربة قوية لشبكة حلفاء إيران في الشرق الأوسط.

VERY IMPORTANT TO WATCH

The birth of pragmatic Political Jihadism in the Middle East

We are witnessing a critical shift in the history of the Middle East. What we are seeing today is similar to what happened in the 1980s after the Islamic Revolution took over Iran.

The… pic.twitter.com/ZJAM0uta8l

— Dalia Ziada - داليا زيادة (@daliaziada) December 10, 2024

وفي الداخل، وفي  الرأي العام العالمي، كانت النجاحات التي حققتها إسرائيل أكثر غموضاً. ورغم أن هجومها على غزة أدى إلى إضعاف حماس بشدة، فإنه لم يدمرها، كما وعدت الحكومة.
ولحقت أضرار بالاقتصاد الإسرائيلي بسبب الحرب، ويبدو أن سياسات البلاد التي يهيمن عليها الاستقطاب قد تم التغاضي عنها لفترة وجيزة عندما بدأت الحرب، عادت إلى الانقسام. وباتت مكانة البلاد الدولية في حالة يرثى لها، ما يهدد أهدافها الديبلوماسية، مثل تطبيع العلاقات مع السعودية.
وقد تتغير هذه الديناميات مرة أخرى مع تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الاثنين، والذي دفع في ولايته الأولى إلى تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وقد يسعى إلى إحياء هذه الجهود.
ومن الصعب على المدى الأبعد، التكهن بالتهديدات التي قد تواجهها إسرائيل من جيل الشباب اللبنانيين والفلسطينيين، الذين أصيبوا بصدمة نفسية بسبب الموت والدمار، الذي أحدثه القصف الإسرائيلي لعائلاتهم وبيوتهم.
 أرادت حماس وزعيمها الراحل يحيى السنوار، أن تؤدي هذه الهجمات إلى إشعال حرب إقليمية أوسع بين إسرائيل وحلفاء الحركة. لكنها فشلت في توقع الكيفية التي قد ينتهي بها الصراع.
وبالنسبة للمدنيين الفلسطينيين، يبدو المستقبل أكثر قتامة من أي وقت مضى. وقد أجبر القصف والغزو الإسرائيلي جميع سكان غزة تقريباً على ترك منازلهم، بينما قتل أكثر من 45 ألفاً، وفقاً للسلطات الصحية في غزة، التي لا تميز بين المدنيين والمقاتلين. وحولت إسرائيل مساحات شاسعة من القطاع إلى أنقاض.  
وقتلت إسرائيل السنوار وبقية كبار القادة العسكريين والسياسيين في حماس، وتلاشت شعبية الحركة بين سكان غزة، رغم أن المسؤولين الأمريكيين يقدرون أن حماس جندت عدداً من المقاتلين يماثل تقريباً ما خسرته على مدى 15 شهراً من القتال.

How the Oct. 7 Attacks Transformed the Middle East https://t.co/vOQoQ6IY3T

— Colin P. Clarke (@ColinPClarke) January 18, 2025

أما حزب الله الذي هزته الحرب، وكان ذات يوم جوهرة التاج في ما يسمى محور المقاومة في إيران، فقد ارتخت قبضته على لبنان. لكن الغزو والقصف الإسرائيلي، تركا لبنان في مواجهة تكاليف إعادة الإعمار بمليارات الدولارات، في ظل أزمة اقتصادية سابقة للحرب.

تراجع صارخ

وعانى الحزب، القوة السياسية والعسكرية المهيمنة سابقاً في لبنان، من تراجع صارخ في حظوظه منذ هجمات 2023. لقد قتلت إسرائيل معظم كبار قادته، بمن فيهم حسن نصر الله. وضعفت راعيته إيران. كما أن خطوط إمداده عبر سوريا مهددة. وعلى نطاق أوسع، تخلى عن الوعد الأساسي الذي قطعه الحزب على نفسه للبنان، وهو أنه وحده القادر على حماية البلاد من إسرائيل.
وقد خفت حدة الجمود السياسي الذي استمر لسنوات، والذي ألقي باللوم فيه إلى حد كبير على الحزب المسلح، بما يكفي هذا الشهر لتمكين البرلمان اللبناني، من انتخاب رئيس جديد، وتكليف رئيس وزراء تدعمه الولايات المتحدة والسعودية.
ورغم الضربات، لا يزال في إمكان حزب الله الاستعانة بآلاف المقاتلين، ويحظى بدعم الطائفة الشيعية الكبيرة في لبنان. وقد يجد طريقة لإعادة البناء داخل النظام السياسي المنقسم في لبنان.
وفي سوريا، أدت الإطاحة ببشار الأسد في الشهر الماضي، في واحدة من أكثر النتائج  دراماتيكية لـ7 أكتوبر، إلى تفكيك نظام مستبد. لكن الاضطرابات الحتمية التي أعقبت ذلك خلقت الظروف الملائمة لصراعات جديدة على السلطة.
وعلى مدار ما يقرب من 13 عاماً، نجح الأسد في احتواء التمرد إلى حد كبير على السلطة المستمرة منذ خمسة عقود، بمساعدة روسيا وحزب الله وإيران.

تراجع إيران وروسيا

ومع تراجع إيران وروسيا، أصبحت تركيا الآن في موقع رئيسي للعب دور محوري في سوريا. وتأمل موسكو الحفاظ على بعض قواعدها البحرية والجوية، لكن مصير مفاوضاتها مع هيئة تحرير الشام، غير مؤكد.
ويراقب جيران سوريا والدول الأوروبية التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين، الوضع عن كثب لمعرفة إذا كانت البلاد قادرة على تحقيق الاستقرار أم أنها ستنزلق مرة أخرى إلى الفوضى العنيفة.

إيران

وفي إيران، انهارت الشبكة القوية من التحالفات الإقليمية، ما ترك البلاد عرضة للخطر، وربما تحفزها لصنع سلاح نووي.  
وبدت إيران، التي يُنظر إليها منذ فترة طويلة باعتبارها واحدة من القوى الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، في حالة من الضعف الشديد بعد إعادة التنظيم التي شهدتها خلال الأشهر الـ15 الماضية. وفعلاً، فقدت طهران الكثير من "محور المقاومة"، الذي كان قوياً ذات يوم، وهو شبكة الحلفاء التي استخدمتها لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل.  
ومن غير الواضح أين بالضبط سيترك ذلك طهران. إن الحكومة الإيرانية الضعيفة، التي تشعر بأنها مهددة على نحوٍ متزايد، قد تضطر إلى عسكرة برنامجها النووي المستمر منذ عقود. وقال مسؤولون أمريكيون، إن إيران قد تحتاج إلى بضعة أسابيع فقط لتخصيب اليورانيوم إلى مستويات يمكن استخدامها في صنع قنبلة نووية.

مقالات مشابهة

  • هكذا أعادت هجمات 7 أكتوبر تشكيل الشرق الأوسط  
  • الباركود وسياسة الهضم
  • محرز: مدينة الروبيكي لا مثيل لها في الشرق الأوسط .. وتستهدف جذب الشركات العالمية
  • الحرب في الشرق الأوسط تستفزّ البابا فرنسيس
  • دينيس روس: لدى ترامب فرصة تاريخية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط
  • موديز: الدول النفطية تقود النمو في الشرق الأوسط خلال 2025
  • العراق لاعب أساسي.. موديز: الدول النفطية تقود النمو في الشرق الأوسط خلال 2025
  • الإمارات تقود النمو في الطاقة الشمسية بمشاريع استراتيجية
  • ترامب: أنا من أوقفت الحرب في الشرق الأوسط وبايدن لم يفعل شيئا
  • تقرير: الإمارات تقود النمو في قطاع الطاقة الشمسية