استعرض الأكاديمي والمفكر المغربي حسن أوريد قراءته الخاصة للتحولات الجارية عربيا ودوليا، ومن أبرزها أن العالم العربي "سيعيش مرحلة ما بعد الإسلام السياسي"، وأن الصين ستزاحم الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط دون أن تزيحها.

وأكد أوريد -في الجزء الثاني من حواره مع برنامج "المقابلة"- أن الظروف التي عرفها العالم العربي مع ما سمي بالربيع العربي سمحت لمن أطلق عليهم مصطلح الإسلاميين المعتدلين بأن يكونوا مقبولين وجزءا من اللعبة السياسية، طالما لا يجادلون السلطة شرعيتها، مقرا بأن هؤلاء لهم شرعية ديمقراطية وشرعية شعبية.

لكن الخارطة تغيرت بعد ذلك في المغرب وفي المنطقة العربية، مما أثر على الإسلاميين المعتدلين الذين قال أوريد إنهم أساؤوا التقدير وراهنوا على السلطة عوض المراهنة على الجماهير، مبرزا أن حزب العدالة والتنمية في المغرب يتحمل نسبة من الخطأ بشأن ما جرى له، وأوضح في السياق ذاته أن العصر الذهبي للإسلاميين قد ولىّ، وأن "الإسلام السياسي سيبقى يؤثر ثقافيا، لكنه ليس عنوانا أساسيا على المستوى السياسي".

الجزائر والمغرب

وفي موضوع الجزائر والمغرب، قال المفكر المغربي إن العلاقات بين البلدين تعاني "لعنة المواعيد المخلفة"، فقد كان من المقرر أن يتم لقاء بين الملك المغربي الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين في بروكسل عام 1978، لكن بومدين توفي يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1978.

وبعد استئناف العلاقات بين المغرب والجزائر عام 1988 وإبرام معاهدة مراكش يوم 17 فبراير/شباط 1989 التي أرست الاتحاد المغاربي، اهتز العالم العربي بين عامي 1990 و1991 وكان له تأثير سلبي كبير على البلدان المغاربية.

وحسب أوريد، فقد ساد نوع من الفتور في علاقات البلدين على خلفية تصريح لملك المغرب الراحل في حوار أجراه مع جريدة الشرق الأوسط، حيث قال "من المستحسن أن يتم احترام مسلسل الانتخابات الذي جرى في الجزائر وكان يمكن أن تكون لهذه التجربة مختبرا" أي تجربة الإسلاميين في الحكم، وهي الفكرة التي قال المفكر المغربي إنها تعود للرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد.

وأدى الفتور في العلاقات بين البلدين إلى فرض المغرب التأشيرة على الرعايا الجزائريين عام 1994، ثم ردت الجزائر بإغلاق الحدود البرية بين البلدين، ويستمر غلقها حتى اليوم.

ومع مجيء عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة في الجزائر في أبريل/نيسان 1999، كانت هناك مؤشرات على إمكانية التطبيع بين البلدين، كما يتابع ضيف حلقة (2023/8/13) من برنامج " المقابلة"، وكان من المفترض أن يلتقي بوتفليقة وملك المغرب، لكن الحسن الثاني توفي يوم 23 يوليو/تموز 1999.

ويرى المفكر المغربي أن الصحراء الغربية "ليست هي جوهر المشكل بين المغرب والجزائر، بل هي وجه المشكلة".

الصين والولايات المتحدة

وقد تطرق الأكاديمي والمفكر المغربي في حديثه إلى أبرز الأفكار والرؤى التي طرحها في كتبه مثل "مرآة الغرب المنكسرة" و"أفول الغرب" و"عالم بلا معالم"، ومن أبرزها أن الصين ستزاحم الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط دون أن تزيحها، وأن هاتين الدولتين هما الفاعلان الكبيران في عالم الغد.

وينطلق من فكرة أن الصين لها قوة ناعمة وهي الاقتصاد والتقنية، وهو ما كان يفتقده الاتحاد السوفياتي سابقا، ولديها ما يسمى الحلم الصيني، ولديها الشرعية لتقول كلمتها، وقد أصبحت في الوقت الحالي فاعلا رئيسيا في العالم، وحتى في الشرق الأوسط، لكنها لن تزيح الولايات المتحدة من هذه المنطقة بل ستزاحمها.

وفي المقابل، يعتقد المفكر المغربي أن جاذبية الولايات المتحدة بدأت تقل، وأن إدارتها للعالم لم تكن إيجابية، كما لم تكن الأحادية القطبية جيدة، والعالم العربي هو أكثر المتضررين منها.

ومن الأفكار التي يطرحها أوريد أن أزمات العالم العربي هي انعكاس للأزمة التي يعيشها الغرب، وأن العرب لم يخرجوا من التركيبة التي وضعتها بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى.

قيم الغرب

ويقول إن القيم التي لوّح بها الغرب واعتبرها عالمية كان هو أول من خانها وانقلب عليها، فالليبرالية الاقتصادية مثلا أفضت إلى استفحال الفقر وغنى الأغنياء، والديمقراطية وحقوق الإنسان التي نادى بها هذا الغرب اغتالها خلال الغزو الأميركي للعراق.

ويرى أيضا أن الديمقراطيات العريقة في الغرب تواجه أزمة في ظل ظهور موجة الشعبوية وعودة العنف، مثل ما حدث في فرنسا مع مظاهرات "السترات الصفراء" والهجوم على مبنى الكونغرس في الولايات المتحدة.

لكن أوريد يدعو إلى التمييز بين القيم التي برزت في الغرب مثل العدالة وكرامة الإنسان، وبين الغرب الاستعلائي والسياسات التي تقوم بها بعض الحكومات الغربية، مؤكدا أن الدول العربية عليها أن تقوم بقراءة نقدية للغرب ولا تبقى في وضع المتفرج.

يذكر أن ضيف برنامج "المقابلة" شرح أسباب تحوّله من مجال السياسة والعمل في أروقة القصر الملكي إلى مجال الفكر والثقافة، واستشهد في هذا السياق بحكمة رومانية تقول "يحسن للمرء أن يكون الأول في قريته على أن يكون الثاني في روما"، مبرزا أنه اختار هوية جديدة بعد أن طلب الإعفاء من منصبه مؤرخا رسميا للمملكة المغربية، وأنه عبّر عن هذا التوجه الجديد في كتابه "رواء مكة" الصادر في 2017.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة العالم العربی الشرق الأوسط بین البلدین

إقرأ أيضاً:

قصة لعنة عمرها 70 عاما حرمت نيوكاسل من البطولات

يسعى نيوكاسل يونايتد إلى الفوز بأول لقب محلي منذ عام 1955 وذلك عندما يلاقي ليفربول في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.

ويصطدم "المكبايس" بالريدز في النهائي مساء اليوم عند الساعة 19:30 بتوقيت مكة المكرمة والدوحة، 18:30 بتوقيت القاهرة على ملعب ويمبلي الشهير في العاصمة البريطانية لندن.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كواليس مفاوضات برشلونة "الشاقة" لتمديد عقد لامين جمالlist 2 of 2الكولومبي كوادرادو.. مقتل والده أمام عينيه ساهم في نجوميتهend of list

ويتعين على فريق المدرب الإنجليزي إيدي هاو كسر ما يُعرف "بلعنة الغجر" إذا ما أراد نيوكاسل حصد لقب هذه البطولة للمرة الأولى في تاريخه.

وتعود فصول قصة "لعنة الغجر" إلى حادثة وقعت في ملعب التدريب الخاص بنيوكاسل قبل 70 عاما وفق ما ذكرت صحيفة "ذا صن" البريطانية.

وحسب الصحيفة فإن نيوكاسل يونايتد كان قد فاز بـ5 نهائيات محلية خاضها على ملعب ويمبلي في فترة ما قبل ستينيات القرن الماضي، لكن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب بعد ذلك.

فبعد وقت قليل من تتويج "المكبايس" بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي موسم 1954-1955 بقيادة المدرب جو هارفي عقب الفوز على مانشستر سيتي في النهائي 3-1، استقر بعض الغجر في الأرض التي كان الفريق يتدرب عليها.

#OnThisDay in 1955, @NUFC won their 6th #FACup by beating Manchester City 3-1! ⚫️⚪️ pic.twitter.com/jDlKJeOUvi

— Emirates FA Cup (@EmiratesFACup) May 7, 2020

إعلان

ولم يقف النادي مكتوف الأيدي حيث أجبرهم على الرحيل بقوة "لتقوم هذه الفئة بإلقاء "اللعنة" على نيوكاسل" كما تقول الصحيفة، إذ منذ ذلك الحين خسر الفريق 5 نهائيات متتالية على ملعب ويمبلي.

مدرب نيوكاسل لا يؤمن باللعنة

من جهته أكد إيدي هاو مدرب نيوكاسل أنه لا يؤمن بوجود مثل هذه الأشياء، بل إنه لا يستخدم كلمة "لعنة" من الأساس.

وطالب هاو (47 عاما) لاعبيه باعتبار عدم الفوز بالألقاب المحلية طوال 70 عاما دافعا لهم ومحفزّا من أجل الفوز على ليفربول.

وقال هاو "لا أؤمن بهذا النوع من التفكير. لا يوجد دائما نتيجة سلبية".

إيدي هاو لا يؤمن بوجود مثل هذه الأشياء ولا يستخدم كلمة "لعنة" من الأساس (الفرنسية)

وأضاف "أفهم أن سجلنا في المباريات النهائية ليس رائعا، لكني أرى أننا تأهلنا لدوري الأبطال (2023-2024) بعد موسم طويل وصعب، لقد شهد ذلك الموسم تقلبات عديدة لكننا نجحنا في التأهل بالنهاية".

وتابع هاو "هناك أمثلة عديدة على نجاحنا وحتى الوصول للنهائي ليس أمرا سهلا بل تحد كبير، نحن الآن في النهائي، وكل ما علينا فعله هو تقديم أقصى ما لدينا من أجل الفوز".

وأكد "مصيرنا بأيدينا. لن أستخدم الكلمة التي ذكرتها (لعنة)، لا نؤمن بهذا التفكير بل نؤمن بأدائنا فقط، التحدث عن الفوز هو ما يحمّسنا".

وكان آخر مدرب فاز بلقب مع نيوكاسل هو وحدث ذلك في عام 1955.

ولم يحسم هاو قراره بعد بخصوص حارس المرمى الأساسي الذي سيلعب ضد ليفربول اليوم بين نيك بوب ومارتن دوبرافكا، في وقت يعاني فيه الفريق من غيابات بارزة منها الجناح أنتوني جوردون الموقوف، والمدافعان لويس هال وسفين بوتمان بسبب الإصابة.

وشدد هاو على أهمية اللعب الجماعي من أجل الحد من خطورة النجم المصري محمد صلاح، الذي سجل وصنع 18 هدفا في 16 مباراة سابقة ضد نيوكاسل.

وقال هاو "أنا أكن احتراما كبيرا له كلاعب، لكن الأهم هو أن يكون تنظيمنا الدفاعي كفريق محكما وليس التركيز على لاعب واحد فقط".

إعلان

مقالات مشابهة

  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • قصة لعنة عمرها 70 عاما حرمت نيوكاسل من البطولات
  • ربط حي السفارات بشبكة النقل عبر حافلات الرياض.. تعرف على المواعيد
  • خمسة حكام مغاربة يمثلون التحكيم المغربي في كأس الأمم الإفريقية لأقل من 17 سنة
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • البوعمري: القمة الثلاثية في طرابلس بلا مخرجات واضحة وتسعى لشق الصف المغاربي
  • السلاك يحذر: قمة ليبيا والجزائر وتونس غير واضحة المعالم.. وعلى الرئاسي الا يزج بليبيا في صراعات إقليمية
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • مصطلح الإسلام السياسي
  • الركراكي يفرج عن لائحة المنتخب المغربي لمباراتي النيجر وتنزانيا من دون مفاجآت كثيرة