يحيى السنوار.. نهاية استثنائية لقائد فلسطيني حطّم غرور الكيان "خاوة"
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
غزة - خــاص صفا
استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في رفح جنوبي قطاع غزة، بعد حياة حافلة بمقاومة "إسرائيل"، توّجها بقيادته معركة "طوفان الأقصى" التاريخية.
وأكد نائب رئيس حماس في غزة خليل الحية، خلال كلمة تابعتها وكالة "صفا" استمرار حركته على نهج الشهيد القائد يحيى السنوار، مشددًا على أن "التاريخ سيدوّن أن السنوار كتب السطر الأول في حرب التحرير ونهاية الاحتلال".
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة عام 1962، بعد أن نزحت أسرته من مدينة المجدل التي لا تبعد سوى 10 كم شمال القطاع، عقب احتلالها من "إسرائيل" في نكبة عام 1948.
تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في الدراسات العربية.
نشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.
تعرض السنوار للاعتقال أول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وقضى أربعة أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه ليمكث في السجن 6 أشهر من دون محاكمة.
مطلع العام 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل أربعة عملاء للاحتلال، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
تولى السنوار، خلال فترة اعتقاله، الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" في السجون لدورتين تنظيميتين، وأسهم في تخطيط وتنفيذ المواجهة مع إدارة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
وتنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من وضع صحي صعب، حيث اكتشف أن لديه نقطة دم متجمدة في الدماغ ما استدعى عملية جراحية استمرت لسبع ساعات.
تحرر يحيى السنوار بصفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، التي أجبرت فيها المقاومة، ولاسيما كتائب القسام، الاحتلال على الإفراج عن نحو 1050 أسيرًا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
بعد تحرره من السجن، عاد السنوار لممارسة عمله السياسي في حركة حماس إلى جانب نشاطه العسكري في قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام.
انتخب يحيى السنوار رئيسا لحركة حماس في قطاع غزة عام 2017 ومرة أخرى عام 2021.
وخلال قيادته حركة حماس في غزة نجح السنوار في توطيد العلاقات الداخلية مع الفصائل، وعمل على تعزيز "الحاضنة الشعبية" للمقاومة، وقدّم عديد الخطوات المهمة على طريق إنهاء الانقسام الداخلي.
في 2024 انتُخب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي سلفه إسماعيل هنية في طهران.
اعتبرت "إسرائيل" الشهيد السنوار مهندس عملية طوفان الأقصى التي بدأت يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي كبدتها خسائر بشرية وعسكرية كبيرة، وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم.
ويقول محللون في الشأن الفلسطيني إن السنوار أصبح من أهم القادة في تاريخ فلسطين، مشيرين إلى أن صعوده اللافت خلال السنوات الماضية دليل على وجود غيره يتأهب للصعود، وإثباتٌ أن للمقاومة جدوى مستمرة.
ومهما كان ما يُنسب إلى السنوار، من شدة أو حزم أو بأس، فإن إنجازه الأعظم كان كسر حاجز الخيال، وإعادته الأمل إلى المؤمنين بالعدل والحرية في أن تتحطم الأساطير واحدة تلو الأخرى.
وأثبت السنوار- بأفعاله التي ترجمت أقواله- أن كسر الاحتلال ممكن، كما أثبتت حماس باختيارها له رئيسًا لمكتبها السياسي بالإجماع أن قيادتها تتفق مع السنوار على أن هذا الاحتلال لن يُكسر إلا كما قال: خاوة!.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: يحيى السنوار من هو يحيى السنوار استشهاد يحيى السنوار صورة يحيى السنوار اغتيال يحيى السنوار اشتباك يحيى السنوار یحیى السنوار
إقرأ أيضاً:
المقاطعة الشاملة: هل تُغيِّرُ قواعد اللعبة الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي؟
أنس عبدالرزاق
في عالم تتحكم فيه الاقتصادات بمصير الحروب، لم تعد المقاطعة مُجَـرّد شعارات يُهتف بها في الميادين، بل تحوّلت إلى سلاحٍ يعيد تشكيل خريطة النفوذ. فمنذ أن أغلقت الشعوب العربية أبوابها أمام بضائع الاحتلال الإسرائيلي رداً على النكبة عام 1948، وحتى الحملات الرقمية التي تستهدف شركات “ستاربكس” و”ماكدونالدز” اليوم، تشهد المنطقة صراعاً اقتصاديًّا غير مُعلن. لكن، هل نجحت هذه المقاطعة الشاملة – بجبهتيها الشعبي والمؤسّساتي – في تحويل الاحتلال إلى عبءٍ اقتصادي لا يطيق الكيان حمله؟
قوة الرفض الشعبي… عندما يُحوِّل المواطن عربة التسوق إلى سلاح!
لا يحتاج المواطن إلى دبابة ليُدين الاحتلال؛ فرفضه لعلبة “تمور المستوطنات” في السوبرماركت قد يكون كافياً. هكذا تعمل مقاطعة الأفراد، التي حوّلت الاستهلاك اليومي إلى معركة:
– أرقام تُنذر بالخطر: وفقاً لدراسة أجرتها منظمة “وول ستريت جورنال” (2023)، خسر الكيان الإسرائيلي 45 % من صادراتها الزراعية إلى أُورُوبا خلال عامين، بعد حملات مقاطعة استهدفت منتجات مثل “النبيذ الاستيطاني” و”مستحضرات البحر الميت”.
– “لم أعد أشتري أي منتج إسرائيلي، حتى لو كان أرخص، لأن ضميري لا يُسامحني”، تقول، مُشاركة في حملة “بضائع-الاحتلال-مرفوضة” التي اجتاحت منصات التواصل عام 2023. هذا الرفض الأخلاقي حوّل علامات مثل “أهافا” إلى “وصمة عار” في أسواق أُورُوبا، وفقاً لتحليل نشرته مجلة فوربس.
المؤسّسات الكبرى تنسحب… هل فقدت إسرائيل بريقها الاستثماري؟
لم تكن مقاطعة الأفراد وحدها في الميدان؛ فالقرارات الجريئة لصناديق الثروة السيادية والبنوك العالمية تُضاعف الخسائر:
– النرويج تُشعل الشرارة: عندما أعلن الصندوق السيادي النرويجي (أكبر صندوق في العالم) سحب استثماراته من شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية عام 2020، كان الرسالة واضحة: “لا مكان للاستثمار في الدم”. لم تكن النرويج وحدها؛ فـ 12 دولة أُورُوبية قلصت استثماراتها في إسرائيل بنسبة 30 % منذ 2021، بحسب تقرير البنك الدولي.
– الشركات تفرّ من الساحة: لم تستطع شركات مثل “AXA” الفرنسية و”HSBC” البريطانية تحمّل ضغوط الرأي العام، فانسحبت من تمويل المستوطنات. حتى “غوغل” و”مايكروسوفت” بدأتا مراجعة تعاونهما مع شركات صهيونية في مشاريع المراقبة الإلكترونية، كما كشفت **وثائق مسربة لـ “الويكيليكس” (2023).
الأرقام لا تكذب… ماذا خسر الاحتلال الإسرائيلي حقاً؟
وراء الخطابات السياسية المُزيّفة، تكشف الأرقام عن اقتصاد يترنح:
– انكماش النمو: تراجع الناتج المحلي الصهيوني من 5. 6 %إلى 2. 9 % خلال عام واحد (2022-2023)، وهو الأسوأ منذ جائحة كورونا، وفقاً لـ صندوق النقد الدولي.
– أزمة “الهايتك”: قطاع التكنولوجيا، الذي يُشكّل عمود الاقتصاد الصهيوني، يشهد نزيف استثمارات. 20 %من شركات الهايتك الصهيونية أبلغت عن صعوبات في اجتذاب مستثمرين جدد، بحسب تقرير “ستارت أب نايشن” (2023).
– الاحتلال يُكلّف أكثر: كشفت وثيقة سرية لوزارة المالية الإسرائيلية (نُشرت في “هآرتز”) أن تكلفة الحفاظ على المستوطنات ارتفعت إلى 23 مليار شيكل سنوياً، بينما تُخفّض المقاطعة الإيرادات بوتيرة متسارعة.
لماذا لا ينهار الكيان الإسرائيلي؟ الجبهة المضادة للمقاطعة
رغم الضربات الموجعة، ما زال الاقتصاد الصهيوني صامداً، وهذا بعض أسباب ذلك:
– الدعم الأمريكي اللامحدود: تُضخ واشنطن 3. 8 مليار دولار سنوياً في الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى قوانين تجريم BDSفي 35 ولاية، والتي تُهدّد أي شركة تدعم المقاطعة بغرامات تصل إلى 1 مليون دولار.
– الشركات الوهمية: يعيد الكيان تصدير منتجات المستوطنات عبر دول مثل قبرص ورومانيالخداع قوائم المقاطعة، كما ذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”.
– التحالفات الجديدة: الاستثمارات الهندية (مثل ميناء حيفا) والصينية (مشاريع البنية التحتية) تُعوّض جزئياً عن خسائر أُورُوبا.
-دعم المنتج المحلي.
هل تُكتب النهاية الاقتصادية للاحتلال؟
المقاطعة الشاملة ليست عصاً سحرية، لكنها نجحت في تحويل الاحتلال من “مصدر قوة” إلى “مصدر تهديد” للاقتصاد الصهيوني. الأرقام تشهد أن الاحتلال الإسرائيلي يدفع رويداً إلى زاويةٍ ضيقة: فإما أن تدفع ثمن استمرار احتلالها عبر خسارة مكانتها كـ”واحة استثمارية”، أَو تُعيد حساباتها.
لكن المعركة الحقيقية ليست اقتصادية فحسب، بل هي معركة وعي. فكل علبة تموُّر يُرفض شراؤها، وكل سهم يُسحب من البورصة، هو إعلان بأن زمن الإفلات من العقاب قد ولى. ربما لا تنهار الصهيونية غداً، لكن انهيار شرعيتها الاقتصادية بدأ… والمقاطعة هي الوقود!