يأكلون الخبز اليابس.. الجوع والعطش يفتك بأهالي شمال غزة
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
"طالت أيام الحصار المميتة على مخيم جباليا، ومن كان عنده دقيق أو معلبات فقد نفدت، وحتى إن وجدت فكيف يعجن ويخبز من لا حطب عنده ولا نار، هذا بالإضافة إلى كارثة عدم توفر مياه للشرب … الوضع في غاية السوء"، بهذه الكلمات عبر الناشط الفلسطيني ماجد عمر عن معاناة أهالي شمال غزة جراء الحصار والعملية العسكرية الإسرائيلية.
فلليوم الرابع عشر على التوالي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة والتجويع بشمال قطاع غزة، خاصة في بلدة جباليا ومخيمها حيث يفرض حصارا خانقا وتجويعا، تحت قصف دموي مستمر ونسف بيوت فوق رؤوس ساكنيها.
أما مروان البرش المحامي وأحد سكان جباليا شمال القطاع، فكشف -للجزيرة نت- عن جانب من معاناة السكان المحاصرين شمال غزة، قائلا إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم الجوع سلاحا بعد أن منعت بشكل تام إدخال الماء والطعام والدواء والسولار إلى جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا، منذ بداية العملية العسكرية يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري".
ويضيف "الطعام الموجود هو الذي كان لدى العائلات قبل بداية العملية العسكرية، وهناك بعض البسطات أو نقاط البيع الصغيرة التي تبيع قليلا من المعلبات، لكنها غالية للغاية، فعلى سبيل المثال سعر علبة الحمص أو الفول بـ20 شيكلا (حوالي 6 دولارات)".
ولكن المشكلة، كما يرى البرش، أن من لا يملك الطعام لا يستطيع البحث عنه بسهولة، وذلك بسبب السيطرة الجوية المطلقة للاحتلال عبر الطائرات المسيرة والكواد كابتر، والتي تقصف أو تطلق النار على كل من يتحرك في الشارع أو حتى يخرج رأسه من نافذة منزله.
وختم البرش حديثه قائلا "الآن معظم الناس يغمسون الخبز بالشاي ليسدوا رمقهم، والمحظوظ من يمتلك قليلا من الزعتر أو الدقة ليأكلها من الخبز".
وضع غير إنسانيتفاقم العطش والجوع دفع جهاز الدفاع المدني في غزة لمناشدة المجتمع الدولي لإدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى شمال القطاع.
وقال المتحدث باسم الجهاز الرائد محمود بصل إن "200 ألف فلسطيني في جباليا بلا طعام أو شراب أو دواء في ظل حرب الإبادة الإسرائيلية لليوم 14 على التوالي".
إنذار آخر أطلقه هذه المرة مدير "برنامج الأغذية العالمي" في فلسطين أنطوان رينارد الذي حذر من نفاد الإمدادات الغذائية خلال أسبوع ونصف في شمال غزة.
بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الخميس، إن الجميع تقريبًا في قطاع غزة الفلسطيني يتضورون جوعًا، وإن هذا وضع "غير إنساني".
ودعا إلى إيصال فوري للمساعدات الإنسانية إلى الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والذين يحتاجون إلى علاج عاجل.
ولم يقتصر الأمر على منع إدخال المساعدات، فقد كشف مسؤولون في الأمم المتحدة أن جيش الاحتلال أطلق النار على قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة كانت متوجهة إلى شمال غزة، 4 مرات على الأقل في غضون 3 أشهر.
وقال المسؤولون الأمميون إن الجيش الإسرائيلي احتجز تحت تهديد السلاح، في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، قافلة تابعة للأمم المتحدة تشارك في الاستجابة لشلل الأطفال، لمدة 7 ساعات ونصف، مدعيًا أن عددا من الأشخاص في المركبات مطلوبون.
القتل جوعًافي الأثناء، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن مئات الآلاف من الفلسطينيين مهددون بالموت جوعًا وعطشًا في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمالي غزة؛ جراء قرار إسرائيل المُعلن والمطبّق بمنع وصول أي مساعدات أو بضائع إليهم منذ أسابيع.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي -في بيان له- أن نحو 200 ألف فلسطيني في محافظة شمال غزة غير قادرين منذ 14 أيام كاملة على الحصول على أي مواد غذائية أو ماء للشرب، نتيجة حصارهم داخل منازلهم أو مراكز الإيواء التي يلجؤون إليها، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي اجتياحه للمنطقة وارتكاب جرائم قتل أدت إلى استشهاد أكثر من 350 فلسطينيا، وإصابة مئات آخرين، إضافة إلى التدمير الواسع في المنازل والمباني السكنية.
وكشف المرصد أن عشرات الفلسطينيين المحاصرين في مخيم جباليا اضطروا، تحت وطأة الجوع وبعد نفاد كل ما لديهم من مواد تموينية قليلة، إلى التوجه الاثنين الماضي نحو مركز تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) للحصول على طعام لعوائلهم، إلا أن الجيش الإسرائيلي استهدفهم بالقذائف التي أسفرت عن استشهاد 10 وإصابة 40 آخرين على الأقل.
وقال الأورومتوسطي إن من ينجو من القصف المكثف تتهدده إسرائيل بقتله بالتجويع والتعطيش، بما يعكس النية الواضحة باستخدام التجويع كسلاح قتل وفرض أحوال معيشية يقصد بها التدمير الفعلي للفلسطينيين في قطاع غزة، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ أكثر من عام.
كما أشار إلى أن السكان الذين اضطروا إلى الانتقال إلى مدينة غزة يفتقرون بدورهم إلى أماكن الإيواء ولا تتوفر لديهم أي مواد غذائية، إذ يمنع الجيش الإسرائيلي إدخال المساعدات والبضائع إلى أنحاء المدينة كافة.
سلاح الجوعوعن الأسباب التي تدفع إسرائيل إلى إشهار سلاح الجوع بوجه أهالي شمال غزة، يقول الكاتب والباحث السياسي عبد الله عقرباوي إن "اعتماد الاحتلال الإسرائيلي لمبدأ تجويع شمال القطاع يؤكد أنه ما زال يريد تهجير الفلسطينيين، وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك بالآلة العسكرية أو التخويف أو الردع نتيجة الصمود الحقيقي للسكان".
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن هناك صمودا حقيقيا وكبيرا مبنيا على قناعة لدى الشعب الفلسطيني بضرورة البقاء في أرضهم وتحدي الاحتلال، حتى لو دفعوا أثمانا باهظة بسبب ذلك.
ويؤكد عقرباوي أن الاحتلال أطلق هذه المعركة ضد الشعب الفلسطيني في شمال غزة، لذلك يلجأ إلى استخدام أدوات العقاب الجماعي واستهداف المدنيين، ليس فقط بالتجويع وإنما بالقتل الجماعي وهدم البيوت وعدم ترك أماكن للإيواء، في محاولة لإجبار المدنيين على ترك منازلهم والتوجه جنوبا.
ووفقا لعقرباوي، لا بد من حراك عربي إسلامي نوعي وغير مسبوق يستخدم أدوات جديدة وخاصة في دول الطوق والضفة الغربية وأراضي 48، للضغط على دولة الاحتلال وحلفائها لوقف التهجير في شمال قطاع غزة، لأن الشعب الفلسطيني استخدم كل ما يملك للصمود والمقاومة ولا بد من دخول عناصر جديدة إلى المشهد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی شمال غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
شهيدان في جنين والضفة تحيي يوم الأسير الفلسطيني
استُشهد فلسطينيان ظهر اليوم الأربعاء، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوب جنين، في حين شهدت عدة مدن وقفات ومسيرات إحياء لـ"يوم الأسير" في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت وزارة الصحة، إن الهيئة العامة للشؤون المدنية أبلغتها باستشهاد الشابين محمد عمر زكارنة (23 عاما)، ومروح ياسر خزيمية (19 عاما)، برصاص الاحتلال بين قرية مسلية وبلدة قباطية جنوب جنين.
وكانت قوات الاحتلال قد حاصرت صباح اليوم مغارة في منطقة محاجر بين قباطية ومسلية، وأطلقت تجاهها قنابل الأنيرجا والرصاص الحي بشكل كثيف، ثم شرعت جرافات الاحتلال بتجريف الموقع.
وأظهرت مقاطع فيديو تنكيل جرافات الاحتلال وجنوده بجثماني الشهيدين، بعد انتشالهما من المغارة.
من جهتها، نعت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيدين زكارنة وخزيمة، اللذين استشهدا خلال اشتباك مسلح مع قوة إسرائيلية خاصة حاصرتهم لساعات جنوب جنين.
يُذكر أن عدد الشهداء في بلدة قباطية وصل إلى 34 منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع استمرار العدوان المتواصل لقوات الاحتلال، وحملات الاعتقال المتكررة.
وقد تعرضت البلدة منذ نهاية 2024 وحتى اليوم لـ4 اقتحامات كبيرة، شاركت فيها جرافات عسكرية، ما أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية والممتلكات، ووصلت الخسائر بحسب وزارة الأشغال إلى قرابة 8 ملايين شيكل.
إعلانيأتي ذلك بينما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه اقتحاماتهم لمدن الخليل والقدس، تزامنا مع العدوان على مخيمات شمال الضفة الغربية، ما أسفر عن شهداء وجرحى واعتقالات، ونزوح نحو 40 ألف فلسطيني، وتدميرا واسعا في مخيمات جنين، وطولكرم، ونور شمس.
في الوقت ذاته، شهدت عدة مدن في الضفة الغربية المحتلة اليوم الأربعاء وقفات ومسيرات وفعاليات إحياء لـ"يوم الأسير الفلسطيني" الموافق لـ17 أبريل/نيسان من كل عام.
وشارك العشرات في فعالية مركزية بميدان المنارة وسط مدينة رام الله وسط الضفة، بدعوة من القوى والفصائل الوطنية.
ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وصورا للأسرى ولافتات منددة بالجرائم الإسرائيلية بحقهم، وعقب الوقفة انطلقت مسيرة جابت عدة شوارع بالمدينة.
وقال رائد أبو الحمص رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير في كلمة له، إن الأسرى يذبحون في السجون الإسرائيلية، ويتعرضون لحرب إبادة صامتة.
وشدد أبو الحمص على أن الشعب الفلسطيني موحد في التضامن مع الأسرى.
كما نظمت مسيرات ووقفات مماثلة في مدن نابلس وقلقيلية وطوباس شمالي الضفة، وبيت لحم (جنوب).
وفي جميع المسيرات والفعاليات أكد المشاركون دعمهم للمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وطالبوا بالإفراج عنهم.
ومن المفترض أن تنظم غدا الخميس، مسيرات ووقفات مماثلة في مدن وبلدات الضفة الغربية.
ومنذ 1974، يحيي الفلسطينيون في 17 أبريل/نيسان من كل عام، "يوم الأسير الفلسطيني"، من خلال سلسلة من الفعاليات.
وحتى مطلع أبريل/نيسان 2025 تجاوز عدد الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية 9900 أسير، من بينهم 3498 معتقلا إداريا يُحتجزون من دون تهمة أو محاكمة، وما لا يقل عن 400 طفل، و27 أسيرة، بحسب نادي الأسير الفلسطيني.
إعلانويحيي الفلسطينيون هذا العام يوم الأسير بينما تواصل إسرائيل بدعم أميركي إبادتها الجماعية في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وبالتوازي صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 950 فلسطينيا، وإصابة قرابة 7 آلاف، واعتقال 16 ألفا و400 فلسطيني وفق معطيات فلسطينية رسمية.