المسلة:
2024-07-26@03:56:45 GMT

زواج بالإكراه بين أميركا والعراق

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

زواج بالإكراه بين أميركا والعراق

13 أغسطس، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

جواد الهنداوي

أحملُ السؤال في رَحمِ الافكار، ومنذُ ثلاثة عقود، ولكنهُ عصّيٌ على الولادة. وقد أكونَ على يقين بأنَّ الادارات الأميركية التي تعاقبت، ومنذ الرئيس بوش الاب، عام ١٩٨٩، وليومنا هذا، تبحثُ، هي الاخرى،عن الاجابة على السؤال، موضوع المقال.

منذُ أنْ ورثت الولايات المتحدة الأميركية، مِنْ بريطانيا العظمى، تركة الشرق الاوسط وملفاته وواجب رعاية اسرائيل وحمايتها، بداية ستينيات القرن الماضي، حَملتْ أميركا، في جوفها، جنين زوال هيبتها ومكانتها وهيمنتها.

كَبُرَ الجنين، عقدا بعد عقد، حربا بعد حرب، منذُ حرب فيتنام، وحروب افغانستان والعراق، ومعارك اليوم في شرق سوريا وعلى الشريط الحدودي السوري العراقي، ودخلت أميركا في نفق التيه، لعلها تبحث عن زاوية لولادة جنينها. وولادته هي إعلان عن إحتضار هيمنتها على العالم. لم يبقْ لدى أميركا غير سلاحين، وخاصة تجاه دول منطقتنا: الحرب والدولار، وهي الآن تستخدم الثاني(لبنان، سوريا، العراق، تركيا، مصر)، عقوبات وتدمير الاقتصاد للبنان ولسوريا، وإبتزاز وتحذير للدول الثلاث المذكورة. وتحشد عسكريا بّراً و جواً وبحراً وخاصة في شرق الفرات والحدود الشريطي لسوريا وتركيا، و المثلث الحدودي بين العراق والاردن و سوريا ،كي تهدّدْ بسلاح الحرب .

أعودُ الى السؤال، عنوان المقال.

هل حرصتْ (ولا أقول سعت) أميركا، في الماضي وفي عهد النظام السابق، وهل تحرص في الوقت الحاضر على مصلحة العراق؟

كُلّْ الاحداث والوقائع التاريخية تؤكد بأنَّ أميركا سعت، في وقت النظام السابق الى ايقاع أكبر ضرر ممكن بالعراق. غرّرت بالنظام السابق لشنْ الحرب على ايران، وسعتْ هي و حلفاؤها لإطالة أمد الحرب، والجميع يعرف ما كانت تنتظره أميركا واسرائيل وحلفاؤهما من الحرب العراقية -الايرانية. جاءت نتائج الحرب، بخلاف ما تنتظره أميركا وحلفاؤها، حيث انتهت بعسكرة العراق، ومديونيته ،واستهلاك احتياطه النقدي وتدمير اقتصاده ، وبصمود ايران وتقدمها العسكري ،وترسيخ النظام والحرس الثوري.

ولتدمير الآلة العسكرية العراقية، وتدمير ما تبقى من امكانات العراق الاقتصادية ،وتمرير مشاريع هيمنة وسيطرة أميركا واسرائيل على العراق وعلى المنطقة، ضلّلو النظام السابق واستدرجوه في مصيدة “إحتلال الكويت”، كما وكان لديكتاتورية النظام واستبداده قدر كبير في نجاح الخطط الأميركية الصهيونية، والتي استهدفت العراق كدولة وكشعب، وليس رأس النظام فقط، فتمَ تمرير مشروع حصار العراق وترسيم الحدود بما لا يطابق الموروث التاريخي والموثق دولياً للحدود بين العراق والكويت، وبما لا يتماشى مع ميثاق الامم المتحدة، الذي لا تمنح بنوده صلاحية لمجلس الامن الدولي في ترسيم الحدود. وكان لبريطانيا دور كبير في الترسيم لتقديمها خارطة حدود بين العراق والكويت، حديثة ولم تُعرفْ من قبل، لا من الطرف العراقي، ولا من الطرف الكويتي، وتمّ تقديم هذه الخارطة من قبل ممثل المملكة المتحدة في مجلس الامن بإعتبارها من ضمن الادوات المناسبة لترسيم الحدود.

وما نكتبه ليس تحليلا وانما معلومات موثقّة في قرارات مجلس الامن وفي الوثائق وفي المراسلات المتبادلة بين مجلس الامن وخبراء الامم المتحدة في لجنة ترسيم الحدود، وبين مندوبي الدول وخاصة مندوب العراق في الامم المتحدة السيد عبد الامير الانباري، ووردَت الاشارة الى هذه الخارطة والاعتراض على اعتمادها، في رسالة وزرير خارجية العراق حينها، السيد احمد حسين.

اذاً، لم تكتفْ أميركا بالسماح للنظام بقمع الانتفاضة وحصار وتجويع الشعب و فرض قرارات، بواسطة مجلس الامن، وبتنفيذ الامين العام للأمم المتحدة (السيد بطرس بطرس غالي)، قرارات مجحفة في ترسيم الحدود ،في التعويضات، وحتى في تمويل نصف نفقات عمل اللجنة التي شُكلّت لترسيم الحدود، والتي امتنع العراق عن المشاركة فيها !

خداع ومكر الأميركان، وتشبث النظام السابق بالسلطة وظّنه بأن تطبيقه للقرارات الصادرة من مجلس الامن، والظالمة والمجحفة بحق العراق وشعبه، سيجعلانه بمأمن من أي اعتداء أو حرب. ظنَّ النظام السابق أنَّ تطبيقه لقرارات مجلس الامن المجحفة بحق سيادة وجغرافية وشعب العراق هو ثمن بقائه في السلطة، وضمان له من أي اعتداء أو حرب.

الأميركان ومن خلفهم لم يخدعوا النظام السابق فقط، وإنما خدعوا العراق وشعب العراق مرتيّن: الاولى في الانتفاضة الشعبانية، حيث دعت الادارة الأميركية حينها الشعب العراقي للثورة ضّدَ النظام، وحين انتفّضّ الشعب، سمحوا للنظام بقمع الانتفاضة، والمرّة الثانية حين استغلوا حاجة النظام للبقاء في السلطة، فسمحوا له بالبقاء، فمرّروا من خلاله تطبيق قرارات مجحفة وظالمة، لم يكْ بمقدورهم تمريرها في ظّلِ نظام سياسي جديد مدعوم من قبلهم كالذي جاء بعد عام ٢٠٠٣.

هذا ما عمله الاصدقاء الأميركان للعراق ولشعبه، في عهد النظام السابق، وذكرنا الوقائع بإختصار شديد. استخدم الأميركان استبداد ودكتاتورية وحروب النظام لغرض تدمير العراق ، و أمعنوا في ذلك ، وإلاّ لكان بمقدور قوات التحالف الدولي التي حرّرت الكويت، الاطاحة بالنظام السابق ، او عدم السماح للنظام باستخدام طائراته التي قمعت الانتفاضة .

وظّفَ الأميركان الفترة بين ١٩٩١ (تحرير الكويت) و ٢٠٠٣ (اسقاط النظام) ، لغرض فرض قرارات مجلس الامن، و لاتمام تدمير ما بقي من بنى تحتيّة وثروات في العراق، ولتكبيله بقيود وبالتزامات تنتقص وليومنا هذا من سيادته و مكانته.

مضى عقدان على سقوط النظام ، ومن حقّنا ان نتساءل، هل ثمّة ثقة متبادلة بين العراق و الادارة الأميركية؟

هل لمكونات الشعب العراقي ثقة في الادارة الأميركية او في السياسة الأميركية تجاههم ؟ هل للشيعة ثقة ،وهل للكرد ثقة، وهل للسنّة ثقة ؟

بينهم وبين الادارة الأميركية (أو السياسة الاميركية مهما اختلفت الادارات) زواج بالإكراه، أوزواج منقطع وعند الحاجة ، والميتّم من هذا الزواج هو العراق وطن ودولة .

لو كان يعلم قادة النظام السابق بأنَّه ،وبعدَ تحرير الكويت ،تنتظرهم حرب و احتلال واسقاط لنظامهم ،لما وافقوا وطبقوا قرارات مجلس الامن و الامم المتحدة .

وهذه عِبرة لقادة اليوم برفض الرضوخ للاملاءات المفروضة ، والتمسك بسيادة العراق وبالاعتماد على ارادة الشعب ، والايمان بأن مستقبل العراق هو مَنْ مستقبل المنطقة ،و أنَّ أمن واستقرار العراق هو من أمن و استقرار المنطقة ،شريطة ان يكون هذا الايمان مشفوعا بارادة واعية ورافضة للرضوخ وقادرة على التحدي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الامم المتحدة النظام السابق بین العراق

إقرأ أيضاً:

بينها العراق.. الصين تتهم الناتو بإشعال الفتن والحروب في أربع دول

بغداد اليوم - متابعة

اتهم المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الصينية تشانغ شياو غانغ، اليوم الخميس (25 تموز 2024)، حلف شمال الأطلسي بإشعال الحروب واثارة الفتن في كل من أفغانستان والعراق وليبيا وأوكرانيا.

وقال غانغ في تصريح صحفي، ان "الناتو هو آلة تزرع فوضى الحرب، فقد جلبت هذه الآلة نيران الحروب والكوارث والفتن إلى دول وشعوب أوكرانيا وأفغانستان والعراق وليبيا".

وأضاف ان "الناتو خلال السنوات الأخيرة واصل مد يديه السوداء إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ"، مشيرا إلى أن "الناتو يهاجم الصين ويشجع بعض الدول في المنطقة على أن تحذو حذوها".

وتابع أن "البيان الختامي لقمة الناتو الأخيرة مليء بالأكاذيب والتحيز والتحريض والافتراء".

المصدر: وكالات

  


مقالات مشابهة

  • خوفًا من حربٍ شاملة مع الحزب.. هذا ما طالبت به إسرائيل في أميركا
  • بينها العراق.. الصين تتهم الناتو بإشعال الفتن والحروب في أربع دول
  • رئيس أميركا.. من هو الأفضل بالنسبة لنا؟
  • موعد مباراة الأرجنتين والعراق في أولمبياد باريس والقنوات الناقلة
  • جيل زد في أميركا.. من كل بستان فكرة
  • مئات المهاجرين يواصلون رحلتهم إلى الولايات المتحدة سيرا على الأقدام
  • قافلة مهاجرين جديدة تشق طريقها إلى أميركا عبر المكسيك
  • قافلة مهاجرين تتجه من جنوب المكسيك إلى الولايات المتحدة 
  • ما حقيقة دخول سجناء قسد الى الموصل.. برلماني يوضح للسومرية
  • قد يصبح السيد الأول في أميركا.. من هو زوج كمالا هاريس؟