خطيب جمعة الكوفة: يحذر من تصاعد وتيرة الخطاب الطائفي ويؤكد: طبول هذه الحرب قد قُرعت
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
بغداد اليوم - النجف
حيا خطيب وإمام صلاة الجمعة المباركة في مسجد الكوفة المعظم فضيلة السيد كاظم الحسيني (دام توفيقه) اليوم ١٤ ربيع الثاني ١٤٤٦ الموافق ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٤ المقاومة الإسلامية في غزة والجنوب اللبناني التي تقف بوجه الاستكبار العالمي.
وقال خطيب الكوفة: تمر أمتنا العربية والاسلامية بلحظة تاريخية مفصلية وخطيرة، وهي حرب إبادة الاسلام، باعتباره آخر العقبات التي تعرقل سيادة الاستكبار العالمي الشيطاني على الأرض، مضيفًا: فقد قال عرابو سياسات الغرب بصراحة أن حربنا القادمة بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ستكون مع الإسلام بوصفه العقيدة والثقافة التي تناقض عقيدة إمريكا وثقافة الغرب وتمنع من هيمنتها الكاملة.
وأكد السيد الحسيني: إن طبول هذه الحرب قد قُرعت في غزة وجنوب لبنان في سياق إبادة شاملة للبشر والحجر، وها هاي أوتاد المقاومة الاسلامية تتساقط على أرض الشهادة كما تتساقط النجوم، لافتًا إلى أن: ومسؤوليتنا الأولى في هذا المضمار الخطير أن تتوحد مشاعر العرب والمسلمين وجهودهم في مواجهة هذا الوحش المسعور الذي لا تميز شهوته للقتل بين شيعي وسني بين مقاوم ومدني بين رجل وامرأة بين شيخ وطفل، فالكل أهداف لماكنة القتل والإبادة.
وتابع خطيب وإمام صلاة جمعة مسجد الكوفة المعظم فضيلة السيد كاظم الحسيني (دام توفيقه) أن: الملاحظ مع شديد الأسف تصاعد وتيرة الخطاب الطائفي مع تصاعد وتيرة القتال بين الصهاينة والمقاومة الإسلامية، مبينًا أن ذلك يأتي: من أجل تعميق الفرقة بين المسلمين وإلهائهم عن اتخاذ الموقف المسؤول أمام غطرسة الكيان اللقيط وعدوانه الهمجي.
وواصل: لقد استشهد السيد حسن نصر الله الشيعي في ذات الخندق الذي استشهد فيه يحيى السنوار السني، متسائلًا: أفلا يكفي لكم أيها المسلمون أيها العرب درسًا وعبرة في مغادرة الخطاب الطائفي الذي مزق الأمة وأضعفها؟ ألا يكفي ذلك برهانًا ساطعًا على أن عدو الله قد حسم أمره لإبادة المسلمين على السواء السنة منهم والشيعة؟ فعلام إثارة المهاترات في قضايا تاريخية وترك مصيرنا الحاضر تتلاعب به الصهيونية كيفما تريد؟
وأوضح إمام الجمعة: إن أصحاب الخطاب الطائفي ومروجي الفتنة الطائفية ليسوا إلا بيادق تخدم في جيش الإحتلال الصهيوني من حيث تشعر ومن حيث لا تشعر، مذكّرًا: لقد وعد الله تعالى عباده بالنصر وأعظم نصرة لله تعالى هو التوحيد بين أهل التوحيد، وأقل مراتب التوحيد اليوم هي أن يتوحد العرب والمسلمون بمشاعرهم وصوتهم ضد الكيان الصهيوني المحتل.
وأكمل الحسيني: ونحن نعلم جميعًا علم اليقين إن إمريكا وإسرائيل لن ينتصرا، وأن الوعد الإلهي بزوال إمريكا وإسرائيل آت كما قال شهيدنا الصدر (قدس سره الطاهر) من على هذا المنبر، ولكن هذا الوعد من أجل أن ياتي، لا بد أن تنتشر معالم الوحدة الإسلامية بين المسلمين، لا اقل في مشاعرهم وتشخيص عدوهم، خاتمًا خطبته بالقول: حيا الله المقاومة الإسلامية في غزة والجنوب اللبناني، وحيا الله شعبنا الصابر في غزة ولبنان وسوريا.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: الخطاب الطائفی فی غزة
إقرأ أيضاً:
الدعاء العنيف- جدلية الدين والسياسة بين التاريخ والحاضر السوداني
بالأمس، استمعت إلى الصحافي المصري إبراهيم عيسى، في برنامجه "مختلف عليه"، وهو يناقش مسألة الدعاء في الخطاب الإسلامي. أشار إلى أن تيمورلنك، الملقب بـ"الأعور"، كان أحد مؤسسي هذا الخطاب العنيف. أثار حديثه فضولي، فانطلقت أبحث في كتبي القديمة عن هذا الجانب التاريخي. وبعد جهد، بحمد الله، وجدت ما يشير إلى دور تيمورلنك في ترسيخ خطاب ديني يخلط بين الدعاء والدموية، وهو خطاب يمتد تأثيره إلى حاضرنا، في سياقات مختلفة، منها تجربة الإسلاميين في السودان وممارسات ميليشياتهم في الحرب الحالية.
الدعاء في الخطاب الإسلامي يعدّ من أبرز أدوات التعبير عن الارتباط بالله، لكنه في بعض الأحيان تحول إلى وسيلة تُستغل سياسيًا أو عسكريًا لتبرير العنف والدموية. من تيمورلنك في العصور الوسطى إلى الإسلاميين وميليشياتهم في السودان المعاصر، نرى كيف يمكن للدين أن يُستخدم كأداة لتبرير القتل والقمع. تيمورلنك، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، استخدم الدين كغطاء لشرعنة جرائمه. كان يصف أعداءه بالكفر ويدعو الله أن يمكنه من تدميرهم. لا تتوقف قصصه عند حدود النصر العسكري فقط، بل تضمنت مجازر دموية مُنظمة. كان يرفع يديه بالدعاء في ساحة المعركة، يدعو بالنصر، ويأمر جنوده بذبح الأسرى والمدنيين، زاعمًا أن هذا "جزء من إرادة الله".
على سبيل المثال، في حملته على أصفهان عام 1387، دعا تيمورلنك بأن يعينه الله على "تطهير الأرض من العصاة"، وقُتل أكثر من 200 ألف شخص. الأمر نفسه تكرر في بغداد ودلهي، حيث تحولت الدعوات إلى رخصة دموية للإبادة. في السودان المعاصر، خصوصًا في فترة هيمنة الإسلاميين، نجد امتدادًا لهذا النهج. استخدمت الجماعات المسلحة الدعاء كوسيلة للتجييش والتبرير. خطب الجمعة والدعوات العلنية في المساجد كانت تزخر بصيغ عنيفة، تدعو لـ"سحق الأعداء" و"تطهير الأرض من الكفار"، متخذة من الدين وسيلة لإضفاء شرعية على حروب أهلية وصراعات دموية.
الميليشيات الإسلامية التي برزت في السودان مثل "الجنجويد" و"كتائب البراء"، كانت تعتمد خطابًا دينيًا صارمًا. دعاياتهم العسكرية كانت تبدأ بتلاوة أدعية العنف، مثل: "اللهم عليك بالظالمين والمفسدين"، وهو ما يُترجم عمليًا إلى إبادة جماعات بعينها، بناءً على خلفيات عرقية أو دينية. الجرائم الموثقة في التاريخ تُظهر أوجه التشابه بين ممارسات تيمورلنك والإسلاميين في السودان. في حملة أصفهان وحدها، ذُبح مئات الآلاف، وفي دارفور ومناطق أخرى بالسودان، ارتكبت الميليشيات جرائم مماثلة بحق المدنيين.
الدعاء العنيف في الخطاب الإسلامي ليس مجرد كلمات، بل هو أداة لتشكيل العقول وإعداد الجنود للحرب. يُظهر التاريخ أن القادة الدينيين والعسكريين استخدموا الدين لتبرير العنف، متجاهلين قيم الإسلام التي تدعو للرحمة وحفظ النفس. هذه الممارسات تشوه جوهر الدين. الدعاء هو وسيلة للتقرب إلى الله، وليس أداة لإبادة الآخرين. الاستخدام السياسي للدين في السودان أدى إلى انهيار الدولة وتفكك المجتمع، وهو ما ينذر بخطر أكبر إذا استمر هذا النهج.
من تيمورلنك إلى ميليشيات الإسلاميين في السودان، يمتد خيط طويل من استغلال الدعاء في الخطاب الإسلامي لتبرير العنف. هذا التشويه للدين يتطلب مواجهة فكرية جادة، تعيد الخطاب الإسلامي إلى مساره الحقيقي، الذي يدعو للسلام والرحمة والعدالة.
zuhair.osman@aol.com