مأساة «الفتاة الحلوة» تثير غضبا عالميا.. تهور بشري ينهي حياة صغير حوت أحدب
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
في مشهدٍ مؤلمٍ هزّ قلوب الغواصين وعشّاق البيئة، تردد أنين حوت أحدب صغير عبر أمواج البحر، تاركًا خلفه قصةً مأسويةً ترويها جروحه العميقة. «الفتاة الحلوة» كما أطلقوا على الحوت الصغير كانت تسبح بالقرب من ميناء تاهيتي حينما باغتها قارب بسرعة جنونية، ليتركها مكسورة الفك، تنزف وتصارع الألم، ورغم محاولات الإنقاذ، فإنّ حياتها انتهت بصرخة ألمٍ أخيرةٍ لتغرق في أعماق المحيط.
حينما كان الحوت الصغير، الذي أطلق عليه اسم «الفتاة الحلوة»، يسبح بالقرب من ميناء في تاهيتي، غادر قارب المنطقة وهو يسير بسرعة تزيد ستة أضعاف عن السرعة المسموح بها، وفقًا لمنظمة الحياة البرية «سي شيبرد»، وأظهرت الصور التي التقطها الغواصون بعد الحادث، أنّ الفم العلوي للمخلوق مقطوع والدماء تسيل من الجروح.
وبعد أيام قليلة من الحادث، ومعاناة حوت «الفتاة الحلوة» فارق الحياة، فما كان من حماية البيئة سوى رفع دعوى قضائية على صاحب القارب، الذي تسبب في نفوق الحوت، ووصفتها بالجريمة: «تم استدعاء ماتا توهورا لمحاولة إنقاذ الحوت، إلا أنه مات بسرعة كبيرة بعد وصوله»، وفق الدكتورة أنييس بينيت، مؤسسة مجموعة الحفاظ على البيئة البحرية، ونشرته صحيفة «الجارديان».
«صدمات وكسور في عظم الأنف على الوجه الخصوص.. تسبب في نفوق الحوت الصغير» حسب «بينيت»، موضحة أنّها قدمت شكوى إلى الحكومة المحلية، مطالبة بإجراء تحقيق جنائي، رغبة منها في محاولة كشف هوية مرتكبي الجريمة من وجهة نظرها، وخاصة أن الفيديو الذي ظهر فيه الحوت مأساوي للغاية.
وبحسب الفيديو، ظهر حوت «الفتاة الحلوة» والجزء العلوي من الفم مبتور، وتدفقت الدماء من الفتحة، تاركة وراءها أثرًا عندما حاولت الوصول إلى السطح، كما أنه أظهر أيضًا صراخ الألم الذي كان يصدره الحوت الأحدب الصغير، لقد تعرض لتشويه وحشي وتحمل ساعات من الألم والمعاناة، قبل أن يستسلم في النهاية لجروحه ويغرق.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحوت نفوق حوت فيديو مأساوي حادث بحري قارب
إقرأ أيضاً:
نجم فم الحوت
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوّقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم «فم الحوت» وهو ألم نجم فـي الكوكبة التي أطلق عليها العرب كوكبة «الحوت الجنوبي» وهذه الكوكبة أطلق عليها العرب هذا الاسم لأن نجومها تتوزع على شكل سمكة، ويقع هذا النجم فـي فمها، وقد استخدمه العرب فـي تحديد الاتجاهات ليلا خاصة فـي المناطق الجنوبية.
يظهر فم الحوت فـي السماء خلال فصل الخريف فـي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، أما فـي الوطن العربي، فـيمكن رؤيته بشكل واضح من شهر سبتمبر إلى ديسمبر، ولونه يميل إلى الزرقة، ويأتي فـي المرتبة 18 من حيث أشد النجوم سطوعا فـي السماء، ويبعد هذا النجم عن الأرض حوالي 25 سنة ضوئية ولذلك يعتبر واحدًا من النجوم القريبة نسبيًا من نظامنا الشمسي.
وإن أتينا إلى حجمه نجد أن قطره أكبر عن قطر شمسنا بالضعف، وكذلك كتلته، وهو أشد حرارة من شمسنا كونه من النجوم الشابة فهو نجم حديث مقارنة بعمر الشمس، ولذلك فهو أكثر سخونة، فدرجة حرارة سطح فم الحوت تبلغ حوالي 8,590 كلفن، بينما تبلغ درجة حرارة سطح الشمس حوالي 5,778 كلفن، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن عمر نجم فم الحوت حوالي 440 مليون سنة، مما يجعله نجمًا شابًا مقارنة بالشمس التي يبلغ عمرها حوالي 4.6 مليار سنة.
ولم يكن هذا النجم بمعزل عن أشعار العرب فنجده فـي قصائدهم ومنظوماتهم الفلكية، فهذا الشاعر الفلكي الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني الذي عاش فـي العصر العباسي قد نظم قصيدة مزج فـيها الفخر مع علم الفلك وصل عدد أبياتها 603 أبيات، وقد نسجها على وزن وقافـية معلقة عمرو بن كلثوم، وذكر فـيها هذا النجم، وبين موقعها فقال فـي نجم الحوت:
من الغفرين حتى الحوت طولاً
وعرضاً فـي الجنوب بما ولينا
وملقحة السحاب لنا ومنا
مخارجها ومنا تمطرونا
وأما الشاعر أبو محمد الفقعسي الذي عاش فـي العصر الإسلامي وعاصر حروب الردة فـي عصر أبو بكر الصديق، فقد ذكر هذا النجم فـي أحد مقطوعاته الشعرية فقال:
ليس أخو الغلاة بالهبيت
ولا الذي يخضع بالسبروت
منقذف بالقوم كالكليت
يراقب النجم رقاب الحوت
وإذا أتينا إلى الشاعر العباسي أبو الحسين الصوفـي الذي كان يعمل منجما عند عضد الدولة فقد نظم منظومة فلكية، بلغ عدد أبياتها 494 بيتا، وشرح فـيها النجوم فـي السماء وأسمائها ومواقعها، وقد عرج على ذكر هذه الكوكبة التي ينتمي لها نجم فم الحوت فقال:
هن بعيدات عن المجرّة
وهي التي تدعى نجوم الجرّة
يتبعها الحوت ويدعى السمكة
كواكب ملتفّة مشتبكة
وفـي العصر المملوكي نجد الشاعر ابن نباتة المصري يمدح ابن اليزدي وفـيها يذكر نجم الحوت فـيقول:
يا جواداً أنشى المدائح معنًى
بنوالٍ يريك معنًى ثاني
ربَّ ليلٍ قد خضته لك بحرا
متعب الحوت واقف السرطان
وكذلك نجد الشاعر ابن مليك الحموي فـي العصر المملوكي يكتب قصيدة يذكر فـيها هلاك الأمم والأقوام فـيقول فـي وصفهم ذاكرا طالع الحوت فقال:
وايقنوا بنزول الراس أنهم
غرقى وطالعهم فـي الحوت قد نزلا
كأنهم لم يكونوا قبلها ركبوا
بحرا ولا قطعوا سهلا ولا جبلا
ولو أتينا إلى العصر الأيوبي نجد الشاعر الجزار السرقسطي يذكر هذا النجم فـي أحد قصائده فـيقول:
كَأَن سُها النُجوم بِها عَليل
يُنازع ما يَبينُ مِن السقام
كَأَن الحوت حينَ بَدا غَريقٌ
بِآذيٍّ مِن الأَمواج طام
ولا يزال هذا النجم يلهم الشعراء فـي العصر الحديث ويترك أثره فـي قصائدهم فهذا الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذكر هذا النجم فـي أكثر من قصيدة ففـي ديوانه الرائع « كزهر اللوز أو أبعد» كتب قصيدة تفعيلة أسماها «هي لا تحبك أنت» وقال فـي آخر مقطع منها:
صارت تحبُّكَ أَنتَ مُذْ أَدخلتها
فـي اللازورد، وصرتَ أنتَ سواك
فـي أَعلى أعاليها هناك
هناك صار الأمر ملتبسا
على الأبراج
بين الحوت والعذراء