تسريع وتيرة الانسحاب الأممي يشعل الصراع في مالي مجددا
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
سيتم انسحاب حوالى 11600 جندي و1500 شرطي من عشرات الجنسيات، كانوا موجودين في مالي بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر
أعلنت بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) الأحد (13 آب/أغسطس 2023) أنها انسحبت قبل الموعد المحدد من معسكر في شمال البلاد يثير توترات بين الانفصاليين الطوارق السابقين والمجلس العسكري، "بسبب تدهور الوضع الأمني" في المنطقة.
تتولى ألمانيا رئاسة تحالف منطقة الساحل المؤسس في عام 2017 من قبل ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي لدعم دول المجموعة، التي تضم موريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد ومالي، في مكافحة الإرهاب والتنمية.
ألمانيا تعلن تسريع سحب قواتها من مالي بحلول نهاية العامأعلن وزير الدفاع الألماني، بعد محادثات مع نظيره المالي، أن الجيش الألماني سينهي انتشاره في دولة مالي الواقعة في غرب إفريقيا بحلول نهاية العام الجاري، وذلك بدلا من عام 2024.
لماذا ترفض دول أفريقية وجود قوات حفظ السلام الدولية على أراضيها؟أنهى مجلس الأمن مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي بناء على طلبها. فرغم دورها في تعزيز الأمن في بلدان في القارة السمراء والتحذيرات من المخاطر الأمنية، ترغب بعض الحكومات الأفريقية في خروج قوات حفظ السلام الدولية!
وقالت البعثة على موقع "إكس" (تويتر سابقاً) "استبقت مينوسما انسحابها من بلدة بير بسبب تدهور الأمن في المنطقة والمخاطر الكبيرة التي يشكلها ذلك على جنودنا" بدون أن تحدد تاريخ الانسحاب وعدد الجنود المعنيين. ودعت "مختلف الأطراف الفاعلة المعنية إلى الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه أن يزيد من تعقيد العملية".
ويندرج رحيل جنود بوركينا فاسو المشاركين في البعثة عن معسكر بير الذي كانوا يتمركزون فيه، في إطار انسحاب مينوسما بحلول نهاية العام من هذا البلد، بعد أن سلمت معسكر أوغوساغو (وسط) في 3 آب/أغسطس.
وبهذا، تبدأ البعثة تطبيق قرار مجلس الأمن الذي اتخذ في نهاية حزيران/يونيو الماضي بإنهاء مهمة البعثة الأممية استجابة لرغبة باماكو. وسيطر العسكريون على السلطة في مالي في انقلاب عام 2020.
سيتم انسحاب حوالى 11600 جندي و1500 شرطي من عشرات الجنسيات، كانوا موجودين في مالي بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر.
وقال مسؤول أمني محلي كبير لوكالة فرانس برس الأحد إن "مينوسما غادرت بير. والمعسكر باتت تشغله بالكامل القوات المالية، بدون وقوع حوادث". ولم يصدر المجلس العسكري أي تعليق.
العودة إلى مالي البلد المدمروتشهد منطقة بير توترات بين الجيش المالي ومجموعة فاغنر الروسية من جهة، و"تنسيقية حركات الأزواد"، وفق هذا التحالف الذي يضم في غالبيته مجموعات من الطوارق تسعى لحكم ذاتي أو للاستقلال عن الدولة المالية.
والتنسيقية هي أحد الأطراف التي ابرمت اتفاق سلام وقّع في الجزائر مع الحكومة المالية في 2015.
والخميس أعلن انفصاليون طوارق سابقون مغادرة جميع ممثليهم باماكو لأسباب "أمنية" ما عمّق الهوة مع المجلس العسكري الحاكم الذي تتّهمه التنسيقية بالسعي إلى نسف اتفاق الجزائر. كما تتّهم التنسيقية العسكريين بأنهم أصدروا في حزيران/يونيو دستورا جديدا يقوّض الاتفاق.
وأعلن الجيش المالي السبت مقتل ستة من جنوده في هجوم جهادي وقع الجمعة في في بير (شمال).
واعتبر أحد مسؤولي الانفصاليين الطوارق، "عطاي أغ محمد"، أن مينوسمايتعين عليها "مجرد المغادرة (من بير) وعدم التنازل" عن المعسكر لكيان آخر.
تدهورت علاقات مالي مع الأمم المتحدة بشكل حاد منذ أتى انقلاب عام 2020 إلى السلطة بنظام عسكري أوقف أيضاً التعاون الدفاعي مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة. وتحالف المجلس العسكري مع روسيا واستعان بمجموعة مرتزقة فاغنر الروسية.
ومنذ عام 2012، تشهد مالي أزمة أمنية عميقة بدأت في الشمال وامتدت إلى وسط البلد وإلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.
خ.س/ أ.ح (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: مالي انقلاب النيجر فاغنر فرنسا المجلس العسكري بوركينا فاسو الجزائر قتال الإرهاب مالي انقلاب النيجر فاغنر فرنسا المجلس العسكري بوركينا فاسو الجزائر قتال الإرهاب فی مالی
إقرأ أيضاً:
ترامب وحقبة الشرق الأوسط الجديد
تتردد شائعات حول انسحاب الولايات المتحدة من سوريا منذ سنوات في أجندة الرأي العام الدولي. وفي فبراير الماضي، كشفت تقارير استخباراتية أن واشنطن تعمل هذه المرة على تسريع العملية بشكل جاد. ورغم أن الانسحاب يتم بشكل تدريجي بحجة مخاوف أمنية تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلا أن السبب الحقيقي مرتبط مباشرة بالمخاطر والضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي في أمريكا. فالكيان الصهيوني يخشى من التزام قسد بالاتفاقيات مع حكومة دمشق، ويشعر بقلق بالغ من تزايد نفوذ تركيا، التي تُعتبر الفاعل الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في سوريا.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان على دراية بالخطط القذرة، فقد كان مصمما على عدم الانجراف لهذه اللعبة. فاللوبي الصهيوني يسعى إلى تحريك مسلحي «داعش» والميليشيات الشيعية، وتنظيم وحدات حماية الشعب (YPG) والأقليات الدرزية، أو العلوية في المنطقة، لتحويل سوريا إلى «لبنان جديدة»، ثم جر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) إلى هذه الفوضى. لكن يبدو أن إدارة ترامب تقاوم هذا السيناريو بقوة.
حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع
فعندما أراد ترامب الانسحاب من سوريا في 2019 خلال ولايته الرئاسية الأولى، تمت إعاقة هذه الخطوة من قبل المحافظين الجدد الموالين للكيان الصهيوني، واللوبي اليهودي المؤثرين في الدولة العميقة الأمريكية. وشملت الضغوط على ترامب حججا عدة مفادها، أن الانسحاب سيعود بالنفع على إيران وروسيا، ويعرض أمن الكيان الصهيوني للخطر، بالإضافة إلى مخاطر تدخل تركيا، ضد أي «دولة إرهاب» قد تقام في المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب. في ذلك الوقت، لم يكن ترامب يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة هذه الضغوط، فلم يستطع تنفيذ استراتيجية الانسحاب، لكن اليوم، اختفت معظم المبررات التي حالت دون الانسحاب، فقد تم احتواء تهديد «داعش»، وأقامت تركيا توازنا جديدا على الأرض عبر عملياتها العسكرية، كما أصبحت مكاسب إيران وروسيا في سوريا قابلة للتوقع، ولم يتبق سوى عامل واحد، وهو استراتيجيات الكيان الصهيوني المعطلة. حتى الآن، تشكلت خطة «الخروج من سوريا» لصالح ترامب سياسيا داخليا وخارجيا، وقد أضعف ترامب بشكل كبير نفوذ المحافظين الجدد، واللوبي الصهيوني مقارنة بفترته الأولى. كما أن مطالب الكيان الصهيوني المفرطة، يتم تحييدها بفضل الدور المتوازن الذي يلعبه الرئيس أردوغان.
وهكذا، حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع تتماشى مع الاستراتيجية العالمية الجديدة للولايات المتحدة. لأن «الاستراتيجية الكبرى» لأمريكا تغيرت: فالشرق الأوسط والكيان الصهيوني فقدا أهميتهما السابقة. يعتمد ترامب في سياسة الشرق الأوسط للعصر الجديد على نهج متعدد الأقطاب، لا يقتصر على الكيان الصهيوني فقط، بل يشمل دولا مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات ومصر وحتى إيران. وهذا النهج يمثل مؤشرا واضحا على تراجع تأثير اللوبي اليهودي، الذي ظل يوجه السياسة الخارجية الأمريكية لسنوات طويلة. وإلا، لكانت الولايات المتحدة قد تخلت عن فكرة الانسحاب من سوريا، وعززت وجودها على الأرض لصالح الكيان الصهيوني، ما كان سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتفتيتها إلى خمس دويلات فيدرالية على الأقل. لكن ترامب، خلال الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض في 7 أبريل بحضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، أعلن للعالم أجمع أن تركيا والرئيس أردوغان هما فقط الطرفان المعتمدان في سوريا. كانت هذه الرسالة الواضحة بمثابة رسم لحدود للكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في أمريكا.
ينبغي عدم الاستهانة بخطوات ترامب، ليس فقط في ما يتعلق بالانسحاب من سوريا، بل أيضا في تحسين العلاقات مع إيران بالتنسيق مع تركيا وروسيا. هذه الخطوات حاسمة، وقد تم اتخاذها، رغم الضغوط الشديدة من اللوبي اليهودي الذي لا يزال مؤثرا في السياسة الأمريكية. ولهذا السبب، يتعرض ترامب اليوم لانتقادات حادة من الأوساط الصهيونية والمحافظين الجدد، سواء داخل أمريكا أو خارجها.
المصدر: القدس العربي