الأسواق قلقة من تهديد إسرائيل بضرب إيران
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
قد يكون فك رموز سلوك الأسواق العالمية في أوقات الحرب مهمة معقدة، وهي الظاهرة التي أطلق عليها الباحثون في معهد التمويل السويسري “لغز الحرب”، حيث تسلط الضوء على السلوك المتناقض ظاهرياً لأسعار الأسهم خلال زمن الحرب.
وتشير الدراسة إلى أن أسعار الأسهم تميل إلى الانخفاض مع تصاعد احتمالات الحرب قبل حدوثها فعلياً.
ولكن من المفارقة أن اندلاع الحرب يتسبب في ارتفاعها، وذلك بسبب المضاربات وتجّار الحرب. ولكن المؤكد حتى الآن هو أن الحرب أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار لأنه عملة الملاذ الآمن في أوقات الأزمات والحروب، كما رفعت أسهم شركات النفط والدفاع في أسواق المال. وكانت توقعات سابقة نشرتها “بلومبيرغ إيكونومك” قد ذكرت أن توسع الحرب ليشمل إيران قد يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار.
وحتى الآن، تم التركيز على سيناريوهات ارتفاع أسعار النفط في حال توسع الحرب في منطقة الشرق الأوسط وضربت إسرائيل المنشآت النفطية أو منشآت الطاقة النووية الإيرانية. ويأتي هذا التركيز على النفط ومشتقاته لأنه يدخل في معظم المواد المصنعة والمنتجة سواء كانت المواد الغذائية أو غيرها وعمليات النقل ويعرقل خطوط الشحن البحري، خاصة وأن الممرات المائية بمنطقة الشرق الأوسط تربط بين آسيا وأوروبا.
ولاحظ محللون غربيون أن الحرب في الشرق الأوسط تتزامن مع إضراب الموانئ الأميركية ومشاكل قناة بنما، وبالتالي فإن تأثير الحرب سيمتد إلى أميركا. وبالتالي، فإن توسع الحرب لتشمل إيران ربما يقود إلى اضطراب عمليات الشحن في كل من مضيق هرمز وقناة السويس وزيادة الاضطراب في البحر الأحمر. وهذا يعني ارتفاعاً في أسعار التأمين على السفن والشحن وكذلك خلق أزمة في سلاسل الإمداد في الأسواق العالمية. وبالتالي ستؤثر الحرب على أسعار السلع في الأسواق ومعدلات التضخم، مما يخلق أزمة في الصادرات، خاصة بين أوروبا وآسيا.
وغالباً ما يشكل ارتفاع أسعار النفط رياحاً معاكسة لسوق الأوراق المالية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تهدد بالتأثير على الإنفاق الاستهلاكي ومعدل التضخم وارتفاع أسعار الشحن وتعطل الإمدادات وتزيد من التوترات الجيوسياسية التي تعطل حركة التجارة.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة كان التأثير الأكبر على الأسواق العالمية هو تكلفة نقل البضائع التي تتحملها الشركات، حيث واجهت شركات الشحن التي تمر عبر البحر الأحمر ارتفاعاً في كلف التأمين بينما واجهت الشركات التي اختارت طريق رأس الرجاء الصالح زيادة في كلف الوقود وطولاً في الرحلة بين آسيا وأوروبا، قدرها خبراء لصحيفة “ذا غارديان” البريطانية في تقرير الثاني من أكتوبر الجاري بنحو 40% في تكاليف الوقود، فيما ارتفعت كذلك أسعار الحاويات.
ووفقًا لشركة زينيتا لخدمات الشحن البحري في أوسلو بالنرويج، فقد بلغت الأسعار الفورية لحاويات الشحن مقاس 40 قدمًا والتي تنقل السلع بين شرق آسيا وشمال أوروبا 8587 دولارًا للحاوية عندما بلغ السوق ذروته في يوليو/ تموز الماضي، وهذا أعلى بنسبة 468% مما كان عليه في ديسمبر/كانون الأول 2023، قبل تصاعد هجمات الحوثيين. كما أثرت إضرابات الموانئ الأميركية بالفعل على أسعار الحاويات من شمال أوروبا إلى الساحل الشرقي لأميركا، حيث بلغ متوسط تكلفة الحاوية 40 قدمًا 2861 دولارًا في أكتوبر الجاري مقارنة بـ 1836 دولارًا في نهاية أغسطس/آب.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال مصنعون وتجار التجزئة إن تحويل مسار السفن حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر قد أضاف أربعة أسابيع إلى مواعيد التسليم. واضطرت شركات صناعة السيارات مثل فولفو وتسلا إلى تعليق خطوط الإنتاج بسبب نقص الأجزاء المكونة للصناعة.
ومنذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا ارتفعت أسعار النفط والغاز، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 10% في أوروبا وأميركا، مما أدى إلى غلاء أسعار الغذاء وكلف فواتير الطاقة المنزلية بالدول الغربية. ولكن منذ ذلك الحين، تراجع التضخم في أوروبا وأميركا. والآن يتخوف خبراء من عودة التضخم مرة أخرى بسبب الحرب في الشرق الأوسط خاصة إذا تحقق السيناريو الأسوأ لأسعار النفط وضربت تل أبيب إيران ودخلت إيران والمجموعات التابعة لها في الحرب.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال مصنعون وتجار التجزئة إن تحويل مسار السفن حول أفريقيا لتجنب البحر الأحمر قد أضاف أربعة أسابيع إلى مواعيد التسليم. وعلى مستوى أسعار أسهم الشركات النفطية، حتى الآن رفعت التهديدات الإسرائيلية بضرب منشآت النفط الإيرانية أسعار أسهم شركات الطاقة والمصافي والشركات الدفاعية في الأسواق الأوروبية والأميركية وخفضت أسعار أسهم شركات الطيران.
وتستعد الأسواق الآن لما يمكن أن يتبع الانتقام الإسرائيلي المحتمل ضد إيران رغم أن خبراء يستبعدون أن تنفذ إسرائيل ضربة موجعة لمنشآت النفط الإيرانية أو منشآت الطاقة النووية، إلا إذا وافقت الولايات المتحدة على دخول الحرب ضد إيران، وهو أمر مستبعد في ظل ظروف الانتخابات الحالية التي تشهدها واشنطن ويأمل الحزب الديمقراطي الحاكم في كسبها ضد الرئيس السابق دونالد ترامب.
ولاحظ تحليل في صحيفة ذا إيكونومك تايمز الهندية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أن الأسهم الأميركية تراجعت بعد ضربة إيران الصاروخية لإسرائيل وخسر مؤشر ناسداك أكثر من 1%، مع تزايد حذر المستثمرين من مستقبل الحرب في الشرق الأوسط. كما أدت تطورات الحرب كذلك إلى ارتفاع أسهم شركات الدفاع الأميركية، بما في ذلك شركات نورثروب التي ارتفع سهمها بنسبة 3%، ولوكهيد مارتن، بنسبة 3.6% في بداية الشهر الحالي كما ارتفع مؤشر S&P 500 لقطاع الطيران والدفاع إلى مستوى قياسي. وذلك لأن الشركات الدفاعية بالولايات المتحدة مزود رئيسي لإسرائيل بالأسلحة. كما انخفضت أسهم شركات الطيران بسبب إغلاق المجال الجوي في إسرائيل وتعليق عدة شركات طيران.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الشرق الأوسط البحر الأحمر أسعار النفط أسهم شرکات الحرب فی
إقرأ أيضاً:
وقف إطلاق النار في غزة: نتنياهو بين تهديد الائتلاف ومستقبل السياسة الإسرائيلية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بينما يستعد مجلس الوزراء الإسرائيلي للتصويت على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معركة سياسية تهدد استقراره. فالاتفاق الذي يُنتظر أن يُنفذ على مرحلتين ويستمر 12 أسبوعاً، يضع نتنياهو في مأزق بين مطالب شركائه من اليمين المتطرف وضغوط الرأي العام لإنهاء الصراع.
تحديات داخلية وتحالف هشرغم توافر أغلبية في مجلس الوزراء لدعم الاتفاق، فإن أحزاب اليمين المتطرف بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن جفير تعارض بشدة، مهددة بالانسحاب من الائتلاف إذا استمر نتنياهو في تنفيذ هدنة دائمة. ووصف بن جفير الاتفاق بأنه "استسلام"، داعياً إلى استئناف الحرب فور انتهاء المرحلة الأولى.
اتفاق مرحلي وآمال مشروطةالمرحلة الأولى: تتضمن وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، إطلاق سراح 33 رهينة مقابل مئات السجناء الفلسطينيين، وإعادة انتشار القوات الإسرائيلية بعيداً عن المناطق المأهولة.المرحلة الثانية: تمتد لـ6 أسابيع أخرى وتشمل الإفراج عن بقية الرهائن، بعضهم قتلى، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.رهانات نتنياهو السياسيةمع اتهامات الفساد التي تلاحقه، يرى محللون أن نتنياهو يواجه خياراً مصيرياً:
الحفاظ على الائتلاف: عبر استئناف القتال، ما قد يُرضي شركاءه المتشددين.المضي في الاتفاق: وتحمل مخاطر انهيار الائتلاف والدعوة لانتخابات مبكرة.ضغوط محلية ودوليةعائلات الرهائن: ناشدت نتنياهو وضع السياسة جانباً وتنفيذ الاتفاق لإنقاذ أحبائهم.إدارة ترامب: تطمح لإنهاء الصراع، مع احتمالات لتعزيز علاقات إسرائيل مع السعودية في ظل ولاية ترامب الثانية.خيارات نتنياهو: سلام أم حرب؟في الوقت الذي يطالب فيه شركاء اليمين المتطرف باستمرار الحرب وتمهيد الطريق للاستيطان في غزة، يرى محللون أن نتنياهو قد يختار تحقيق إنجاز دبلوماسي مع السعودية والذهاب إلى انتخابات يروي فيها "قصة الحرب والسلام". كما أشار الخبير موشيه كلوغهافت: "قد يراهن نتنياهو على صفقة كبرى مع السعودية بدلاً من الاستمرار في الحرب لإرضاء شركائه".
المشهد المقبلبين تهديدات اليمين المتطرف وضغوط إنهاء الحرب، يبقى مستقبل السياسة الإسرائيلية معلقاً على قرارات نتنياهو خلال الأسابيع المقبلة، فهل ينجح في تجاوز هذه الأزمة؟ أم أن التحديات الداخلية ستطيح باستقراره السياسي؟.