عربي21:
2024-10-18@12:25:30 GMT

هل يتكرر نموذج الأقدام السوداء في حيفا ويافا؟

تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT

في مقالته المعنونة "ما الذي خسرته إسرائيل.. وكيف يمكنها استعادة تفوقها الاستراتيجي" المنشورة على صفحات مجلة فورين أفيرز الأمريكية (Foreign Affairs) في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، نبه الباحث والكاتب الإسرائيلي أري شافيت إلى خطورة الاعتماد المتزايد على الولايات المتحدة؛ على نحو ما حدث مع حكومة سايغون الفيتنامية الجنوبية التي أطيح بها في العام 1975 على يد القوات الشمالية وثوار الفيتكونغ الفيتناميين، مؤكدا على أن رئيس حركة المقاومة الفلسطينية حماس الراحل، يحيى السنوار، كان يعول على السيناريو الفيتنامي بحسب زعم، شافيت منذ لحظة إطلاق هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (طوفان الأقصى).



النموذج المقترح يعكس قدرا كبيرا من التفاؤل لدى شافيت، فالفيتناميون الجنوبيون ينتمون إلى فيتنام ثقافيا وعرقيا وجغرافيا خلافا للإسرائيليين الذين لا تربطهم صلة بفلسطين أو بالمنطقة العربية، فمن رحل مع القوات الأمريكية في فيتنام ومن قبل في أفغانستان العملاء فقط، وبقي الأفغان والفيتناميون في بلادهم. وفي الحالة الإسرائيلية فإن مواطني الكيان الإسرائيلي وجلهم مستوطنون قدموا من أوروبا وأنحاء متعددة من العالم، وينطبق عليهم واقع المستوطنين الفرنسيين والأوروبيين في الجزائر الذين عرفوا باسم الأقدام السوداء (pieds noirs).

النموذج الجزائري هو الحاضر الحقيقي في المعركة الدائرة بين الشعب الفلسطيني صاحب الأرض ومن يسنده من الشعوب العربية والإسلامية التي تمثل عمقا للفلسطينيين؛ وبين الكيان المحتل وداعميه، وهي مقاربة تزداد واقعية مع توسع الاشتباك نحو لبنان واليمن والعراق وإيران
النموذج الجزائري هو الحاضر الحقيقي في المعركة الدائرة بين الشعب الفلسطيني صاحب الأرض ومن يسنده من الشعوب العربية والإسلامية التي تمثل عمقا للفلسطينيين؛ وبين الكيان المحتل وداعميه، وهي مقاربة تزداد واقعية مع توسع الاشتباك نحو لبنان واليمن والعراق وإيران. فدعم المقاومة بات ظاهرة مشابهة لما قامت به مصر بدعم الثورة الجزائرية في العام 1954 ليكلفها عدوانا ثلاثيا في 29 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1956 من قبل فرنسا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي.

رحل المستوطنون الأوروبيين والفرنسيين الذين عُرفوا بالأقدام السوداء (pieds noirs) من الجزائر في العام 1962، بعد هزيمة وفشل ساحق للمحتل الفرنسي الذي أرهقته الحرب الممتدة لأكثر من عشر سنوات؛ والكيان الإسرائيلي يسير على ذات الخطى التي سارت عليها الأقدام السوداء الفرنسية في الجزائر.

فالنموذج الإسرائيلي الاستيطاني الأنجلوسكسوني (البريطاني- الأمريكي) في فلسطين بات أقرب للنموذج الاستعماري الفرنسي في الجزائر؛ من الفيتنامي الذي وصفه شافيت، فالاستعمار الفرنسي كان شعاره "ليكن الاحتلال فرنسيا، لكن الاستيطان يجب أن يكون أوروبيا"؛ وهو الحال ذاته الذي انتهى إليه المشروع الاستيطاني الأنجلوسكسوني في فلسطين، فالاحتلال بات أمريكيا والاستيطان أوروبيا أمريكيا، يهودي الديانة إنجيلي الغايات والمآلات العقدية، وهو خليط يستحق بأن يوصف بالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds noirs israéliens).

المشروع الاستيطاني الإسرائيلي يخوض معركته منذ السابع من تشرين الأول/ كتوبر 2023 بيأس، وهو يوسع المعركة دون أفق لحسم عسكري أو سياسي، وهو خيار يقود للاستنزاف ويُسهم في تآكل قدراته الاقتصادية والمؤسسية. فالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds israéliens) التي عولت عليها أمريكا وأوروبا لفرض السيطرة على المنطقة تحولت إلى عبء مكلف، كحال الأقدام السوداء الأوروبية (Pieds Noirs) في الجزائر
التورط العسكري الأمريكي بات مكشوفا على نحو غير مسبوق عبر جنود على الأرض وفي السماء والبحر، وعبر أداء سياسي يقدم الغطاء السياسي والعسكري للإبادة الجماعية للفلسطينيين بنزع الإنسانية عنهم وعن داعميهم؛ كان آخره ما قام به وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستين ضرورة بإعطاء الاحتلال فرصة لشحذ سلاح التجويع المستخدم ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

المشروع الاستيطاني الإسرائيلي يخوض معركته منذ السابع من تشرين الأول/ كتوبر 2023 بيأس، وهو يوسع المعركة دون أفق لحسم عسكري أو سياسي، وهو خيار يقود للاستنزاف ويُسهم في تآكل قدراته الاقتصادية والمؤسسية. فالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds israéliens) التي عولت عليها أمريكا وأوروبا لفرض السيطرة على المنطقة تحولت إلى عبء مكلف، كحال الأقدام السوداء الأوروبية (Pieds Noirs) في الجزائر، والتي استنزفت فرنسا في حرب تحرير طويلة ومكلفة بعد أن كانت تعول عليها لتبيت نفوذها في الجزائر لتشكيل عمق استراتيجي لها في القارة الأفريقية، بما يحفظ عظمتها ومكانتها كقوة عالمية.

ختاما.. الجزائر باتت النموذج الفعلي للمواجهة، وأمريكا باتت فرنسا، والإسرائيليون باتوا أقداما سوداء (Pieds Noirs) يعدون أنفسهم للرحيل تارة، وللحرب تارة أخرى، يبحثون عن خلاصهم بتوسعة الحرب وضم أمريكا إليها، وفي الآن ذاته البحث عن جنسية ثانية وموطئ قدم في أوروبا وأمريكا. فهل ينجح خيار الحرب وتوسعتها في إنقاذ الكيان، أم يفاقم أزمته كما فاقم أزمة المستوطنين الأوروبيين في الجزائر؟ انه سؤال أجاب عنه التاريخ من قبل في الجزائر، ويبدو أنه قادر على الإجابة عليه مرة أخرى بذات الكفاءة في حيفا ويافا.

x.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل المقاومة الفلسطينية أوروبا الجزائر إسرائيل امريكا فلسطين الجزائر أوروبا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول فی الجزائر

إقرأ أيضاً:

ماذا نعرف عن المسيرة التي قصفت قاعدة جولاني؟ .. أربكت الاحتلال الإسرائيلي

خلال الأيام الماضية، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي التحقيق في كيفية نجاح حزب الله في قصف قاعدة جولاني في منطقة بنيامين بجنوب حيفا مساء الأحد الماضي، بطائرة دون طيار، وأسفرت عن مقتل 4 جنود، وإصابة أكثر من 90 آخرين، ومن بينهم 12 في حالة خطيرة وهو ما أدى إلى غضب في الأوساط الإسرائيلية، حيث قالت وسائل إعلام عبرية، أن المتحدث باسم جيش الاحتلال عليه أن يجيب على الكثير من الأسئلة، وفق ما نقلت قناة القاهرة الإخبارية.

مسيرة انتحارية في قصف قاعدة جولاني

وكشفت صحيفة واينت العبرية نقلا عن رون بن يشاي خبير الشؤون الأمنية، إن في الغالب، أن المسيرة التي أطلقها حزب الله وأصابت قاعدة جولاني بدقة شديدة، هي من طراز «صياد 107» وهي طائرة بدون طيار محلية الصنع يصنعها حزب الله بنفسه أيضا في لبنان بالعشرات.

وأضاف التقرير إن طائرة صياد 107 يمكن مراوغة أنظمة الدفاع، حيث يمكنها تغير ارتفاعها واتجاهتها، لذلك يصعب اكتشافها أو حتى متابعتها، وهي قادرة على الطيران لمسافة تصل إلى 100 كيلو متر.

ويُعرف عن تلك المسيرة أنها صغيرة الحجم، وتصدر صدى رادار ضعيف جدا، على عكس المسيرات الأخرى الضخمة والمصنوعة من المعدن ويتم الكشف عن طريق الحرارة التي تصدر على المحرك.

وأكثر ما يميز طائرة الصياد 107، هو أنه من الصعب رويتها بالعين المجردة.

جيش الاحتلال يفشل في إسقاط الصياد 107

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن الطائرة الانتحارية أثبتت قدرتها التي أصابت هدفا حساسا، وأوقعت إصابات كثيرة، بل أثبت قدرة حزب الله في التشويش على أجهزة الكشف لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال رشقة مختلطة من الصواريخ ومسيرتين أطلقت تجاه شمال الأراضي المحتلة.

وشهد الهجوم إطلاق مسيرتين إلى منطقة البحر أمام شواطئ الشمال، وإحداهما اعترضتها القبة الحديدية، فيما وقعت ثانية في البحر، ما أتاح الفرصة للطائرة الانتحارية للهجوم على القاعدة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • 18 تشرين الأول 2011 – إتمام عملية تبادل 477 أسيراً فلسطينياً في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي بجندي الاحتلال جلعاد شاليط
  • قائد الثورة يكشف الهدف الحقيقي وراء جرائم الاغتيالات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي
  • عدلي: “هدفي تمثيل فرنسا ولن أجعل الجزائر خيارا احتياطياً احتراما لها”
  • عدلي: “هدفي تمثيل فرنسا ولن أجعل الجزائر خيارا بديلا احتراما لها”
  • عدلي:”هدفي تمثيل “الديكة” ولن أجعل الجزائر خيارا بديلا إحتراما لها”
  • الجنون النووي: ما هي التهديدات التي تشكلها مناورات الناتو على روسيا؟
  • ماذا نعرف عن المسيرة التي قصفت قاعدة جولاني؟ .. أربكت الاحتلال الإسرائيلي
  • مسابقة توظيف بالمركز الثقافي لجامع الجزائر
  • بعد هجوم حزب الله على قاعدة غولاني.. إليكم القرار الذي اتّخذه الجيش الإسرائيليّ