عربي21:
2025-04-14@22:02:16 GMT

هل يتكرر نموذج الأقدام السوداء في حيفا ويافا؟

تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT

في مقالته المعنونة "ما الذي خسرته إسرائيل.. وكيف يمكنها استعادة تفوقها الاستراتيجي" المنشورة على صفحات مجلة فورين أفيرز الأمريكية (Foreign Affairs) في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، نبه الباحث والكاتب الإسرائيلي أري شافيت إلى خطورة الاعتماد المتزايد على الولايات المتحدة؛ على نحو ما حدث مع حكومة سايغون الفيتنامية الجنوبية التي أطيح بها في العام 1975 على يد القوات الشمالية وثوار الفيتكونغ الفيتناميين، مؤكدا على أن رئيس حركة المقاومة الفلسطينية حماس الراحل، يحيى السنوار، كان يعول على السيناريو الفيتنامي بحسب زعم، شافيت منذ لحظة إطلاق هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (طوفان الأقصى).



النموذج المقترح يعكس قدرا كبيرا من التفاؤل لدى شافيت، فالفيتناميون الجنوبيون ينتمون إلى فيتنام ثقافيا وعرقيا وجغرافيا خلافا للإسرائيليين الذين لا تربطهم صلة بفلسطين أو بالمنطقة العربية، فمن رحل مع القوات الأمريكية في فيتنام ومن قبل في أفغانستان العملاء فقط، وبقي الأفغان والفيتناميون في بلادهم. وفي الحالة الإسرائيلية فإن مواطني الكيان الإسرائيلي وجلهم مستوطنون قدموا من أوروبا وأنحاء متعددة من العالم، وينطبق عليهم واقع المستوطنين الفرنسيين والأوروبيين في الجزائر الذين عرفوا باسم الأقدام السوداء (pieds noirs).

النموذج الجزائري هو الحاضر الحقيقي في المعركة الدائرة بين الشعب الفلسطيني صاحب الأرض ومن يسنده من الشعوب العربية والإسلامية التي تمثل عمقا للفلسطينيين؛ وبين الكيان المحتل وداعميه، وهي مقاربة تزداد واقعية مع توسع الاشتباك نحو لبنان واليمن والعراق وإيران
النموذج الجزائري هو الحاضر الحقيقي في المعركة الدائرة بين الشعب الفلسطيني صاحب الأرض ومن يسنده من الشعوب العربية والإسلامية التي تمثل عمقا للفلسطينيين؛ وبين الكيان المحتل وداعميه، وهي مقاربة تزداد واقعية مع توسع الاشتباك نحو لبنان واليمن والعراق وإيران. فدعم المقاومة بات ظاهرة مشابهة لما قامت به مصر بدعم الثورة الجزائرية في العام 1954 ليكلفها عدوانا ثلاثيا في 29 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1956 من قبل فرنسا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي.

رحل المستوطنون الأوروبيين والفرنسيين الذين عُرفوا بالأقدام السوداء (pieds noirs) من الجزائر في العام 1962، بعد هزيمة وفشل ساحق للمحتل الفرنسي الذي أرهقته الحرب الممتدة لأكثر من عشر سنوات؛ والكيان الإسرائيلي يسير على ذات الخطى التي سارت عليها الأقدام السوداء الفرنسية في الجزائر.

فالنموذج الإسرائيلي الاستيطاني الأنجلوسكسوني (البريطاني- الأمريكي) في فلسطين بات أقرب للنموذج الاستعماري الفرنسي في الجزائر؛ من الفيتنامي الذي وصفه شافيت، فالاستعمار الفرنسي كان شعاره "ليكن الاحتلال فرنسيا، لكن الاستيطان يجب أن يكون أوروبيا"؛ وهو الحال ذاته الذي انتهى إليه المشروع الاستيطاني الأنجلوسكسوني في فلسطين، فالاحتلال بات أمريكيا والاستيطان أوروبيا أمريكيا، يهودي الديانة إنجيلي الغايات والمآلات العقدية، وهو خليط يستحق بأن يوصف بالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds noirs israéliens).

المشروع الاستيطاني الإسرائيلي يخوض معركته منذ السابع من تشرين الأول/ كتوبر 2023 بيأس، وهو يوسع المعركة دون أفق لحسم عسكري أو سياسي، وهو خيار يقود للاستنزاف ويُسهم في تآكل قدراته الاقتصادية والمؤسسية. فالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds israéliens) التي عولت عليها أمريكا وأوروبا لفرض السيطرة على المنطقة تحولت إلى عبء مكلف، كحال الأقدام السوداء الأوروبية (Pieds Noirs) في الجزائر
التورط العسكري الأمريكي بات مكشوفا على نحو غير مسبوق عبر جنود على الأرض وفي السماء والبحر، وعبر أداء سياسي يقدم الغطاء السياسي والعسكري للإبادة الجماعية للفلسطينيين بنزع الإنسانية عنهم وعن داعميهم؛ كان آخره ما قام به وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستين ضرورة بإعطاء الاحتلال فرصة لشحذ سلاح التجويع المستخدم ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

المشروع الاستيطاني الإسرائيلي يخوض معركته منذ السابع من تشرين الأول/ كتوبر 2023 بيأس، وهو يوسع المعركة دون أفق لحسم عسكري أو سياسي، وهو خيار يقود للاستنزاف ويُسهم في تآكل قدراته الاقتصادية والمؤسسية. فالأقدام السوداء الإسرائيلية (Pieds israéliens) التي عولت عليها أمريكا وأوروبا لفرض السيطرة على المنطقة تحولت إلى عبء مكلف، كحال الأقدام السوداء الأوروبية (Pieds Noirs) في الجزائر، والتي استنزفت فرنسا في حرب تحرير طويلة ومكلفة بعد أن كانت تعول عليها لتبيت نفوذها في الجزائر لتشكيل عمق استراتيجي لها في القارة الأفريقية، بما يحفظ عظمتها ومكانتها كقوة عالمية.

ختاما.. الجزائر باتت النموذج الفعلي للمواجهة، وأمريكا باتت فرنسا، والإسرائيليون باتوا أقداما سوداء (Pieds Noirs) يعدون أنفسهم للرحيل تارة، وللحرب تارة أخرى، يبحثون عن خلاصهم بتوسعة الحرب وضم أمريكا إليها، وفي الآن ذاته البحث عن جنسية ثانية وموطئ قدم في أوروبا وأمريكا. فهل ينجح خيار الحرب وتوسعتها في إنقاذ الكيان، أم يفاقم أزمته كما فاقم أزمة المستوطنين الأوروبيين في الجزائر؟ انه سؤال أجاب عنه التاريخ من قبل في الجزائر، ويبدو أنه قادر على الإجابة عليه مرة أخرى بذات الكفاءة في حيفا ويافا.

x.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل المقاومة الفلسطينية أوروبا الجزائر إسرائيل امريكا فلسطين الجزائر أوروبا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول فی الجزائر

إقرأ أيضاً:

بالاتفاق مع قسد.. الجيش السوري يدخل منطقة سد تشرين في ريف حلب

أفادت “الإخبارية السورية” بأن قوات من الجيش السوري وقوى الأمن العام دخلت إلى منطقة سد تشرين في ريف حلب الشرقي،  بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، تنفيذًا للاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية. 

وفي تفاصيل العملية، قالت"الإخبارية السورية" أن طائرة مروحية تابعة لوزارة الدفاع السورية هبطت بالقرب من السد، في حين انتشرت القوات الأمنية والعسكرية في المنطقة. 

وأوضح بيان صادر عن "إدارة العمليات العسكرية" على "تلغرام" أن الهدف من دخول القوات هو فرض الأمن، وإعادة الاستقرار، فضلاً عن تمكين الأهالي من العودة إلى منازلهم.

 وأشار البيان إلى الإعلان عن وقف شامل لإطلاق النار بين قوات "قسد" والحكومة السورية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار تنفيذ الاتفاق بين "قسد" والسلطات السورية، الذي بدأ يتجسد على الأرض مؤخرًا، حيث انسحبت قوات "قسد" من بعض أحياء شرق حلب، في حين تم الحديث عن تسليم سد تشرين وبدء أعمال صيانة فيه، استعدادًا لإعادة تشغيل محطة التحويل الكهربائية بشكل آمن وكامل. 

مقالات مشابهة

  • من حيفا 1948م إلى غزة 2025م: التهجير القسري مستمر.. والمقاومة لا تنكسر
  • قيادي بحماس للجزيرة: المقترح الذي نقلته مصر لنا يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق
  • أمريكا تستعد لمغادرة الصومال وتحذيرات ترامب من تمدد الحوثيين: هل يتكرر سيناريو صنعاء؟
  • وزارة الخارجية: المملكة تدين بأشد العبارات الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها المستشفى المعمداني في قطاع غزة
  • هذه هي الموانئ التي ستستقبل شحنات الأغنام المستوردة إلى الجزائر
  • خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة
  • بالاتفاق مع قسد.. الجيش السوري يدخل منطقة سد تشرين في ريف حلب
  • دمشق تنشر قوات بمحيط سد تشرين بالاتفاق مع قسد
  • تأكيداً لشفق نيوز.. القوات السورية تدخل سد تشرين
  • تنفيذاً لاتفاق قسد .. الأمن العام السوري يدخل سد تشرين