صحف أميركية: هل يمثل قتل السنوار نقطة تحول في الصراع؟
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
حظي خبر إعلان إسرائيل -أمس الخميس- قتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار باهتمام كبير من الصحف الأميركية، فحذرت إحداها من تضخيم الحدث، في حين رأت أخرى أنه قد يمهد الطريق لاتفاق يوقف إطلاق النار، بينما استبعدت ثالثة أن يمثل نقطة تحول.
فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا للكاتب المعروف توماس فريدمان حذر فيه من تضخيم أهمية الحدث، معربا عن اعتقاده أن مقتل السنوار يشي بإمكانية المضي في "خطوة أكبر" نحو حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ معاهدة أوسلو.
ورغم أنه وصف مقتل السنوار بأنه حدث كبير، فإنه استدرك قائلا إن موته ليس وحده شرطا كافيا لإنهاء حرب غزة ووضع الإسرائيليين والفلسطينيين على طريق مستقبل أفضل.
وزعم أن السنوار وحركة حماس لطالما رفضا حل الدولتين وكانا ملتزمين بتدمير "الدولة اليهودية"، مضيفا أن ما من أحد دفع ثمنا أكبر من الفلسطينيين في غزة.
ورغم أنه يرى أن القضاء على السنوار كان ضروريا من أجل أن يكون تنفيذ الخطوة التالية ممكنا، فإن وفاته لا تعني أبدا كل شيء، فالشرط المُرضي -باعتقاده- هو أن يكون لإسرائيل قائد وائتلاف حاكم مستعد لاغتنام الفرصة التي حدثت الخميس.
وتساءل فريدمان: "هل يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يرقى إلى مستوى صورته التشرشيلية ويتماشى مع شيء كان يرفضه في السابق؟"، في إشارة إلى ونستون تشرشل، الذي يعده كثيرون أنه أعظم من تولى رئاسة الحكومة في بريطانيا مرتين الأولى خلال الحرب العالمية الثانية بين عامي 1940 و1945 والثانية بين عامي 1951 و1955.
ونقل عن مصادر دبلوماسية أميركية وعربية وإسرائيلية -لم يكشف تفاصيل عن هوياتها- أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن و3 زعماء عرب بحثوا خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك، أفكارا تتعلق بما يجب القيام به في "اليوم التالي" لإنهاء الحرب ولإعادة إعمار غزة "ما بعد حماس".
وكشف عن أن الفكرة العامة تتلخص في أن يوافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تعيين الاقتصادي ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض -الذي يصفه فريدمان بأنه يتمتع بسمعة ممتازة في النزاهة- لقيادة حكومة تكنوقراط جديدة وإصلاح السلطة الفلسطينية، واجتثاث الفساد وتحديث حوكمتها وقواتها الأمنية.
وقال إن من شأن السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها أن تطلب رسميًا -وتشارك في- قوة دولية لحفظ السلام تضم قوات من الإمارات ومصر، وربما من دول عربية أخرى وحتى دول أوروبية، لتحل محل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.
ومع ذلك، يدرك نتنياهو أن العرب لن يشاركوا في قوة حفظ سلام عربية أو دولية "لتنظيف الفوضى" في غزة إلا إذا كان ذلك جزءا من عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، حسب فريدمان.
أما صحيفة واشنطن بوست، فقد اتفقت مع فريدمان في أن استشهاد السنوار قد يمهد الطريق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى "الذي طال انتظاره".
فقد ادعت هيئة تحرير الصحيفة أن يدي السنوار كانتا "ملطختين بدماء الفلسطينيين والإسرائيليين"، وأن وفيات المدنيين نجمت هي الأخرى عن قراراته، حسب تعبيرها.
غير أن ما لا يبدو جليا أكثر -برأيها- هو إذا ما كان مقتله سيعجل بنهاية الصراع، ومع ذلك فهي تعتقد أن مقتل السنوار يمكن أن يخلق فرصة لتجديد المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى.
ورأت أن الفرصة سانحة أمام نتنياهو، وعليه أن يغتنمها ويقاوم نزعته "المتغطرسة" والنصائح التي يسديها له أعضاء اليمين المتطرف في حكومته.
ووجهت الصحيفة نصيحة للرئيس الأميركي جو بايدن بضرورة المثابرة في دفع إسرائيل نحو تنفيذ صفقة لوقف إطلاق النار، واحتواء حرب الصواريخ المتبادلة مع إيران، مشيرة إلى أن "حجته باتت الآن أقوى من ذي قبل لحمل إسرائيل على التوقف عن تأجيل خطة إستراتيجية لمرحلة ما بعد حماس، وما بعد الحرب على غزة".
ليست نقطة تحول
وبدورها، أوردت مجلة فورين بوليسي تحليل دانييل بايمان، الأستاذ بجامعة جورج تاون، الذي أكد أن "اغتيال إسرائيل للسنوار لا يمثل نقطة تحول".
ورغم أن بايمان، وهو كذلك زميل بارز في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ذكر أن وفاة زعيم حماس قد تمثل انتصارا سياسيا لنتنياهو، فإنه شدد على أن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن التوصل إلى خطة واقعية لحكم غزة.
"ولكن أي نوع من حماس سوف ينهض بعد السنوار؟" يتساءل بايمان، ليجيب بأنه يعتقد أن "الحملة الإسرائيلية المدمرة ضد الحركة وغزة ستمثل درسا لزعمائها المستقبليين حول مخاطر مواجهة عدو أقوى وأكثر تصميما"، لكنه أبرز أن حماس ستستفيد من الوقت لإعادة تجميع صفوفها وإعادة بناء منظمتها.
وتنبأ الكاتب بأن يضاعف قادة حماس في المستقبل جهود المقاومة، إذ تمكنت المنظمة -في ظل قيادة السنوار- من توجيه ضربة قوية لإسرائيل، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة السياسية، وألحقت الضرر بسمعة إسرائيل الدولية، وعليه فإن حماس ستعتبر إنهاء الصراع بمنزلة تراجع لهذه المكاسب.
أما إسرائيل، فإنها لا تُظهر من جانبها أي إشارة على أنها ستخفف من حدة هجماتها على غزة، ذلك أن التزامها الخطابي بتدمير حماس تقابله أفعال على الأرض، لكن حماس صامدة، والمنظمة تعافت من خسائر قيادية كبيرة في الماضي، حسب الكاتب.
ولا يرى بايمان أن إسرائيل ستجنح للسلم، مما يعني أن القتال بين الطرفين سيستمر، وربما يحول غزة إلى "بلد فاشل"، وفي مثل ذلك المناخ فإن حماس، حتى لو كانت ضعيفة وغير منظمة، سوف تكون قادرة على الصمود وربما حتى الازدهار، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات إطلاق النار نقطة تحول
إقرأ أيضاً:
الإمارات تدعو إلى خريطة طريق لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
نيويورك (الاتحاد)
دعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووضع خريطة طريق ثابتة لا تراجع عنها على أساس حل الدولتين، لإنهاء الحرب على غزة وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشددةً على أنه لا يمكن القبول بالعودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل السابع من أكتوبر، والبقاء محاصرين في دوامة الدمار والإعمار.
وقالت الإمارات، في بيان ألقاه السفير محمد أبو شهاب، المندوب الدائم للدولة لدى الأمم المتحدة، خلال إحاطة مجلس الأمن بشأن الحالة في الشرق الأوسط، إن الأولوية الآن تكمن في التوصل لوقف إطلاق نار فوري وعاجل في غزة ولبنان، ورفع العراقيل أمام الجهود الإنسانية للسماح بإدخال المساعدات على نطاق واسع، إلى جانب حماية المدنيين، والعاملين في المجال الإنساني، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، فضلاً عن ضرورة احترام جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والقرارات ذات الصلة، بما فيها القرار 1701.
وأكد البيان الحاجة الماسة لبلورة رؤية واضحة، وحلول مستدامة، ليس لوضع حدٍ للحرب في غزة فحسب، بل لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي ككل، مشيرةً إلى أنه لا يمكن البقاء في دوامة الإعمار والدمار، أو القبول بالعودة للوضع الذي كان قائماً قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي، وبالأخص بعد الخسائر الهائلة في الأرواح جرّاء الحرب، مشيراً إلى أن التوقعات بأن يستغرق التعافي منها عقوداً طويلة، بما في ذلك التعافي من الآثار النفسية على الذين عاشوا ويلات هذه الحرب وفقدوا أحباءهم وكل ما يملكون.
وقال البيان: «تضعنا هذه التطورات الخطيرة أمام مسؤولية تاريخية، فإما أن نحول هذه المأساة إلى نقطة انتقال للمنطقة من الصراعات والحروب إلى السلام والازدهار، أو نسمح لها بأن تعمق دوامة العنف وعدم الاستقرار».
وأضاف: «يتطلب إنهاء هذا النزاع رؤية شاملة تتجاوز الخطوات العاجلة، وسبق أن طرحت الإمارات رؤيَتَها في هذه المسألة، والتي تقوم على إنشاء بعثة دولية مؤقتة، بدعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، لتعمل هذه البعثة على الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية في غزة، وإرساء دعائم القانون والنظام، مع ضرورة حدوث إصلاح حقيقي للسلطة الفلسطينية، وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت تلك السلطة الفلسطينية، وسيتطلب كل ذلك انخراطاً بنّاءً وفعالاً من إسرائيل، وأهم الشركاء الإقليميين والدوليين، وفي طليعتهم الولايات المتحدة».
وأشار البيان إلى أنه لتحقيق هذه الرؤية، يجب إنهاء الاحتلال، ووضع مسار سياسي واضح وخارطة طريق شفافة وملزمة لا يمكن التراجع عنها، على أساس حل الدولتين، بما يقود إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل.
ورحب البيان في هذا الإطار بإنشاء تحالف حل الدولتين، وانعقاد اجتماعه الأول في الرياض، مؤكداً أهمية منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة كخطوة أساسية نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال: «لن يأتي الحل فقط من الخارج، فالسلام يحتاج أيضاً لمن يناصرهُ في الداخل ويعمل جاهداً من أجله، ويتجاوب مع المبادرات المطروحة من المجتمع الدولي، كما يتطلب ذلك نبذ خطاب الكراهية».
وحول دور وكالة «الأونروا»، قال البيان، إن دور الوكالة محوري ولا غنى عنه طالما استمرت محنة اللاجئين الفلسطينيين، مشيراً إلى أن التشريعات الإسرائيلية الأخيرة التي تستهدف عمل الوكالة لا تهدد الاستجابة الإنسانية العاجلة فحسب، بل أيضاً الاستقرار في المنطقة.
وفي ختام البيان، أكدت الإمارات مواصلة جهودها الدبلوماسية والإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقِّه في تقرير مصيره، والدفع قدماً بجهود تحقيق السلام والأمن لشعوب المنطقة كافة.
وفي سياق متصل، أعربت دولة الإمارات عن عميق أسفها لعدم تمكن مجلس الأمن مرة أخرى، من اعتماد قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، مشيرةً إلى أنه بعد مرور أكثر من 400 يوم من الوضع الكارثي في غزة، وتوسع رقعة النزاع ليطال جميع أنحاء المنطقة، فإن وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط والدائم، قد طال انتظاره، مؤكدةً أنه لا يمكن لمن يعاني على الأرض أن يحتمل أكثر.
وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت أمس، حق النقض «الفيتو» لمنع صدور قرار بمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.