الكتاب: مقدمة إلى وسائل الإعلام الجديدة والثقافات الإلكترونية
الكاتب: برامود كيه نايار، ترجمة جلال الدين عز الدين علي
الناشر: مؤسسة هنداوي ، ط1، المملكة المتحدة 2017
عدد الصفحات: 338 صفحة

ـ 1 ـ

قد نحتاج إلى استدعاء أكثر من معطى أو معلومة لتنزيل أثر "مقدمة إلى وسائل الإعلام الجديدة والثقافات الإلكترونية" للكاتب برامود كيه نايار في سياقه المعرفي.

فمأتى أهمية الكتاب، فضلا عن عمق مقاربته، من اتّخاذه لما يصطلح عليه ب"الثقافة الإلكترونية" موضوعا للتّفكير ولإعادة رسم علاقات الفرد بذاته وبمجتمعه.

ولأن المجال لا يزال بكرا، يمثّل المبحث في تقديرنا، إضافة معتبرة لمبحث ما فتئ يشغل الدّارسين في مجالات الفلسفة وعلم الاجتماع والتاريخ شأن إلزا غودارصاحبة أثر "أنا أوسيلفي إذن أنا موجود" الذي يجعل مدار قضيته الرئيسية على تابعية هوية المرء اليوم للتكنولوجي وللرقمي ولأجهزة الهواتف الذكية وكل أنماط الذكاء الاصطناعي أو شأن المؤرخ الأمريكي اللبناني ميلاد الدوايهي في أثره "التحوّل الرقمي الكبير" الذي "يعلن" اقتحام الإنسانية للطور الثالث من نموّها الذّهني.

فالإنسان الرقمي عنده طور جديد للإنسانية يمثّل منعرجا بمستوى المنعرج الذي أنتج الإنسان الصانع (Homo Fabians) وهو الإنسان المخترع أو الإنسان باعتباره كائنًا قادرًا على تصنيع الأدوات للإفادة منها في حياته اليومية والإنسان العاقل (Homo sapiens) وهو الإنسان الذي يحاول أن يجمع بين المعرفة والفضيلة في نفس الوقت بما يميّزه عن سائر الكائنات. وكنّا قد قدّمنا الأثرين في هذا الفضاء.

ـ 2 ـ

يبتكر برامود كيه نايار مفهوما مركزيا جديدا هو الثقافة الإلكترونية. فيذكر أنّها تتحدّد من خلال الوسائط الحديثة كالهواتف الخلوية والبريد الإلكتروني والبرمجيات التي تنتج الألعاب أو التراسل الفوري. ويؤكّد أنها السّمة المميّزة للعقود الثلاثة الأخيرة ولثقافاتها المتشابكة. ويضبط مجالها ضمن دراسات الإنترنيت ودراسة وسائل الإعلام الجديدة، خاصّة الرقمية منها وكل ما يتعلّق بالمجتمعات الرقمية.

ومن خصائص الثقافات الإلكترونية:

يعيد الفضاء الإلكتروني تشكيل الفضاء العام لأنه يسمح بأشكال جديدة من النقاش والتعبير وصياغة الآراء. ولكن، كما تستخدم جماعات أنصار البيئة شبكات الإنترنت لنشر الوعي، وكما تنشد النسوية الإلكترونية تطويع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لمقاومة الأيديولوجيا الذكوريةـ تستخدمها جماعات اليمين الراديكالية لنشر الكراهية. لذلك لا يمكن أن يترك الفضاء الإلكتروني بلا رقابة. ومع مضاعفة ضغط الدول أو المؤسسات ذات الشأن، يحتاج بعض المستخدمين إلى الالتجاء إلى "الهويات الزائفة" لتحقيق اختراق إلكتروني.ـ اجتماع التطبيقات المتنوعة على أشكال متعددة من الوسائط أو المنصّات أو واجهات التفاعلية المشتركة.

ـ انخراطها ضمن الثقافة الاستهلاكية إنتاجا وترويجا.

ـ عملها على إلغاء الوساطة والعمل على ترسيخها في الآن نفسه، ومن ثمة فهي موطن للتناقض. فالتكنولوجيا فيها تسعى إلى أن تجعل الجمهور يشعر وكأنه هناك بالفعل في المشهد المعروض وأنه يتواصل معه على نحو مباشر، دون أي تكنولوجيا وسيطة. ومن الجهة الأخرى تعمل على جذب الانتباه إلى الوسيط نفسه.

ـ 3 ـ

من هذه الثقافة الإلكترونية اكتسبت عناصر ومفاهيم وأشياء صفة الإلكتروني. فالفضاء الإلكتروني وفق الباحث يرد مقابل الفضاء العام أو الحقيقي. ويتخذ تقريبا دلالة مصطلح "الفضاء الافتراضي" المعتمد على نطاق واسع دون أن يتماثل معه. ويتمثل في العوالم والمجالات الناشئة عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الرقمية أو هو "منظومة من العلاقات والأفعال داخل فضاء الأجهزة الإلكترونية". والأنشطة الإلكترونية هي تلك التي تتحقّق ضمن هذا الفضاء بدل تحققها في الأفضية العامة. ومن هنا كان مدخل الباحث للحديث عن النضال الإلكتروني أو النسوية الإلكترونية، بل عن الإرهاب الإلكتروني كذلك. فهذه الأنشطة كلّها تتحقّق ضمن البيئات الرقمية المتصلة فيما بينها ضمن ما يصطلح عليه الباحث بالاندماج الإلكتروني. وهي بيئات أقرب إلى ما يصطلح عليه اليوم بالمجتمع الرقمي أو "مجتمع المعلومات الذي يتحقق اليوم في  عالم معولم".

ـ 4 ـ

تنتمي المقاربة إذن إلى الدراسات الثقافية. والثقافة الإلكترونية، وفق الباحث، نتاج لتفاعل بين ثلاثة عناصر حاسمة هي "العتاد الصلب"، ويتمثل في الأجهزة كالآلات والكمبيوترات وشبكات الكوابل، والعتاد المرن، ويتمثّل في البرمجيات والعتاد الرطب، ويتمثّل في البشر الذين يستعملون العتاد الصلب والمرن معا. فتكون العناصر الثلاثة مدمجة بعمق في السياقات الاجتماعية والتاريخية. وتتمثل أطروحته التي تميّزه عن غيرها من الكتابات في هذا الموضوع في أنّ هذه الثقافات الإلكترونية وعوالمها الافتراضية مرتبطة ارتباطا تكراريا بالعالم المادي الواقعي ومتجذرة فيه ومشكلة منه. والعتاد الصلب والمرن هما  مصنوعان من أجساد ومدن وخرسانة، وكوابل.. ومشاعر أيضا. بمعنى أنها مشكلة من عالمنا المادي ومرتبطة به ومتأثرة به مؤثرة فيه، نتيجة لكثير من البنى والأنظمة. منها الاقتصادي والقانوني والسياسي.

وهذه الأطروحة مضادة لفهم العالم السيبراني اليوم باعتباره عالما افتراضيا، أي محض أخيلة وتهيؤات تتلاشي بالضغط على زر إغلاق الحواسيب وانطفاء الشاشات. ولعلّ هذا الاختلاف الجوهري في الصلة بين العوالم الفعلية والعوالم السيبرانية ما يجعل الباحث يعزف عن وصف عالمه بالافتراضي ويستعمل بدلا من ذلك صفة الإلكتروني.

ـ 5 ـ

ما الذي يطرأ على الجسد؟ وكيف نتمثله بعد انخراطنا في هذه الثقافة الإلكترونية؟ تشغل الأجساد الموصولة بالشبكات مناطق زمنية وأفضية متعدّدة. فحينما ينخرط المستخدمون في عوالم الفضاء الإلكتروني "يخلّفون" أجسادهم وراءهم. عندئذ يظهر "الكائن ما بعد البشري". والمراد هنا ظهور أشكال جديدة من الأجساد البشرية الموصولة بالشبكات والمتصلة والمترابطة إلكترونيا، والمعدلة بحيث لا تتناسب بأي شكل دقيق مع تعريف البشر. ففي هذا الفضاء الإلكتروني  يُجرد الجسد من جسديته، ويحدث الاندماجي الإلكتروني، أي اندماج العتاد الرطب الممثل في الجسد العضوي والعتاد المرن (الدوائر الإلكترونية) وهذا ما يتولّد عنه ظهور شكل جديد من البشر نفسه. ومن أمثلة هذا الشكل الجديد يلحّ الباحث على أنّ:

ـ التواصل مع مواقع الخدمات في أنحاء مختلفة ومتباعدة من العالم التي يختلف توقيتها الاختلاف الكبير يُحدث تغييرا في الساعة البيولوجية للمستخدمين.

ـ التقنيات الإلكترونية تعتمد في عمليات التجميل أو معالجة بعض العاهات الجسدية. فيتمّ تعديل الجسد بالتكنولوجيا المتطوّرة تعديلا جوهريا.

ـ الجسد يُترجم إلى صيغة رقمية ومعلوماتية ويختزل في جملة من القواعد والبيانات.

ـ الجسد يزود بوسائط التكنولوجيا كالشرائح الرقمية التي تعوض البصر أو المستشعرات التي تعوّض السمع:  وتصبح التكنولوجيا نفسها امتدادا للجسد. وتأثير مثل هذه العمليات يمتدّ إلى الهوية نفسها.

ـ الخبرة ما بعد البشرية تجرّد الجسد من جسديته. ولكنها تعيد جسدنته ضمن ما يصطلح عليه الباحث بالنشوء الاندماجي الإلكتروني). فبعد أن يتحوّل إلى قاعدة بيانات يعاد تجسيده بانتقال الذاتية إلى الخارج من الجسد إلى داخل دارة التحكم الإلكتروني.

ـ في مرحلة ما بعد البشري تتحقّق علاقة تكافلية، مع التكنولوجيا، فلا تظل التكنولوجيا مجرد أداة وظيفية أو تداولية، ولكنها تكون مكونا، من مكونات الهوية ما بعد البشرية نفسها. فنحن لا نشعر بأنّ بأن هواتفنا المحمولة أو كمبيوتراتنا كيانات مختلفة، ولكننا نحس بأنها ، امتداد لذواتنا.

ـ 5 ـ

كان تمثلنا للفضاء بدوره موضوعا للمراجعة في الأثر بفعل هذه الثقافة الرقمية الزاحفة. فالنشوء الاندماجي الإلكتروني ما بعد البشري يوحي بأن الهوية لم تعد مرتبطة بجسد أو عقيدة. ومع صحّة هذا الأمر إلى حدّ كبير يوجد تناقض في قلب الثقافات الإلكترونية. فنحن في عصر لكل شيء فيه بعد فردي. فيمكن للناس أن يتسوّقوا وأن يعملوا ويلعبوا أو يحكموا دون أن يخطوا خارج منازلهم. ولكن في الآن ذاته يمكن أن يكون الفرد نظريا موصولاً بالعالم على مدار اليوم. فالأفضية الإلكترونية هي في النهاية توسيع للأفضية العامة القائمة. ومنه  تغيّر تصورنا للفضاء، للمنزل والمدينة والوطن فكل الأفضية الافتراضية تعود بنا دأبا إلى الأفضية الواقعية ولا تنقطع عنها نهائيا.

يعرّف الكتاب "المجال التدويني" بكونه عالما مشكّلا من قبل المستخدمين يتحقّق عبر نشر تكنولوجيات المعلومات والاتصال، ويمكن أن يتحوّل إلى عنصر فاعل في تشكيل المجتمع. ويشمل تكنولوجيات التمثيل الذاتي كاميرات الويب. واستخدام النساء لكاميرات الويب مثلا يحول الشأن اليومي إلى فرجة وتصبح أسلوبا للتحكم في العالم."وعن أشكال حضورنا في هذه الأفضية وعن إنشاء المجتمعات والشبكات على الإنترنيت تنشأ هويات جديدة.  فعن الالتقاء مع الآخر البعيد في الفضاء الفعلي ماديا وثقافيا والاحتكاك به تنشأ أشكال جديدة من ممارسات المواطنة منها المواطنة المرنة. وهي مواطنة ثقافية عمادها الروابط العاطفية ومختلف أنواع التواصل. فتتحول شاشة الجهاز إلى "فضاء للظهور"، بحيث يصبح هذا الآخر البعيد مرئيا. فتكسر الوسائط صلابة الفضاء الفعلي ويصبح الشخص الآخر والفضاء الآخر هنا وتكتسب المواطنة بذلك صفة المرونة. فيتجاوز الكثير من الأفراد خلفياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية ليلتقوا بوصفهم مجتمعا يوحده مشتركٌ قد لا يمتّ بصلة إلى مجتمعهم الحقيقي. وغالبا ما يتجاهلون الانتماءات الأخرى القائمة على الهوية والعرق والمكان ونظم المعتقدات ليشكلوا مجتمعا مبنيا على أساس ذوق أو تفضيل أو اشتراك في رؤية الأشياء.

ـ 6 ـ

 مواطنة الاختلاف

يعتبر التدوين عاملا مهما لتشكّل الذات  تمثّلها لذاتها في عصر وسائل الإعلام الجديدة. فتخلق ذاتا اتصالية ويصبح النشر في الفضاء الإلكتروني وسيلة الحوار مع العالم. وعليه يعرّف الكتاب "المجال التدويني" بكونه عالما مشكّلا من قبل المستخدمين يتحقّق عبر نشر تكنولوجيات المعلومات والاتصال، ويمكن أن يتحوّل إلى عنصر فاعل في تشكيل المجتمع. ويشمل تكنولوجيات التمثيل الذاتي كاميرات الويب. واستخدام النساء لكاميرات الويب مثلا يحول الشأن اليومي إلى فرجة وتصبح أسلوبا للتحكم في العالم."

ولكنّ الهامشيين الذين يتمرّدون على القيم المشتركة يحاصرون في الفضاء العامّ. ويلفظهم المجتمع الرسمي لجرأتهم على ضوابطه وتبشيرهم بثقافات "هامشية" أو "بديلة" أو "هدامة". أما في الفضاء الإلكتروني فتجد هذه "الثقافات الفرعية" هامشا واسعا من الأمن لالتقاء أصحابها بنظرائهم ممن يتقاسمون معهم القناعات نفسها بلا خوف. فتجد الميول الهامشية والممارسات غير المعترف بها أو التي تعتبر غير قانونية في نظر الدولة أو ثقافة المؤسسة، السّبل للإفصاح والتعبير ونشر الأعمال وكل الأنشطة الملائمة. منها النضال السياسي للأقليات الانفصالية أو الأنشطة الإرهابية أو الشذوذية.

 ـ 7 ـ

 الاختراق والهويات الزائفة

يعيد الفضاء الإلكتروني تشكيل الفضاء العام لأنه يسمح بأشكال جديدة من النقاش والتعبير وصياغة الآراء. ولكن، كما تستخدم جماعات أنصار البيئة شبكات الإنترنت لنشر الوعي، وكما تنشد النسوية الإلكترونية تطويع تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لمقاومة الأيديولوجيا الذكورية ـ تستخدمها جماعات اليمين الراديكالية لنشر الكراهية. لذلك لا يمكن أن يترك الفضاء الإلكتروني بلا رقابة. ومع مضاعفة ضغط الدول أو المؤسسات ذات الشأن، يحتاج بعض المستخدمين إلى الالتجاء إلى "الهويات الزائفة" لتحقيق اختراق إلكتروني.

يحدد الباحث النشاط الاختراقي بكونه متصلا بالحركات الاجتماعية الجديدة في القرن العشرين وبكونه شكلا من أشكال مرور أصحاب الثقافة الفرعية أو تنكرهم لتخطّي الوسائط المانعة. ولا يخلو هذا الاختراق من الخطورة. فغالبا ما يكون المستخدمون من نشطاء الإرهاب الإلكتروني أو المهوسين بالأطفال جنسيا أو من مهربي الآثار أو المتّجرين بالمخدّرات. فيستعملون الوسائط الجديدة بوصفها شكلا من الدعاية أو الحشد أو الاستدراج. فالإرهاب الإلكتروني يستخدم شبكات الكمبيوتر للتخريب. وهكذا ما يحوّل الفضاء الإلكتروني إلى مجال عام متنازع عليه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب النشر بريطانيا كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وسائل الإعلام الجدیدة تکنولوجیات المعلومات الثقافة الإلکترونیة الفضاء الإلکترونی الفضاء العام فی الفضاء ل الفضاء

إقرأ أيضاً:

جائزة نوبل 2025 التنظيم: سرّ الأناقة في جهاز المناعة

سعد صبّار السامرائي -

تخيّل أنّك تستيقظ غدًا وأنت تشعر بتوعّكٍ خفيف: أنفٌ يسيل، وسعالٌ متقطّع. كلّ ذلك لا يدفعك إلى التغيُّبِ عن عملك، هكذا تظن وأنت تدخل الحمّام متجهمًا من بداية يومٍ ثقيل. ومع أنك لا تعير الأمر اهتمامًا كبيرًا؛ فإن جهازك المناعيّ يخوض في تلك اللحظة معركةً شرسة ليُبقيك على قيد الحياة لتعود إلى التذمّر في يومٍ آخر. وبينما يمرح المتسلّلون داخل جسدك، ويقضون على مئات الآلاف من خلاياك ينظّم جهازك المناعي دفاعاتٍ معقّدة، ويتواصل عبر مسافاتٍ بعيدة، ويفعّل شبكاتٍ دفاعية دقيقة، ويقضي على ملايين، وربما مليارات الأعداء. وكلّ ذلك يحدث بينما أنت تغسل وجهك بكسل.

يمتلك جهازنا المناعي منظوماتٍ متشابكةً ومتداخلةً لاكتشاف الأعداء المتسلّلين من الخارج — مثل البكتيريا، والفيروسات، والفطريات، والطفيليات — ومواجهتهم بدقّةٍ محسوبة؛ فلديه الأسلحة المناسبة لإزالة الديدان الخيطية الطويلة من الأنسجة، ومحاربة الفيروسات الصغيرة القابعة داخل الخلايا وقتلها، ومطاردة البكتيريا المتسلّلة وابتلاعها. كما يواجه التهديدات الداخلية المتمثّلة في تمرّد الخلايا السرطانية وكبحها، وإصلاح الطفرات الجينية. ومع ذلك فإن للجهاز المناعي ثلاثة وجوه: وجهٌ جيّد، ووجهٌ سيّئ، ووجهٌ قبيح. ومن الواضح أن الوجه الجيّد هو ما يُبقينا أصحّاء، أمّا الوجه السيّئ فهو الثغرات التي ينفذ منها أعداء الخارج أو المتمرّدون من الداخل ليعيثوا فسادًا في الجسد. وأمّا الوجه القبيح فهو مهاجمة الخلايا المناعية لخلايا الجسم ذاته، فيحدث ما يُعرف بالأمراض المناعية الذاتية. لذلك ينبغي أن يخضع الجهاز المناعي القوي في أجسامنا لرقابةٍ صارمةٍ وتنظيمٍ دقيق؛ إذ إنّ انفلاته قد يجعله يهاجم أعضاء الجسد نفسه. ولهذا مُنِحت ماري برونكو، وفريد رامسديل، وشيمون ساكاغوتشي جائزة نوبل في الطبّ أو علم وظائف الأعضاء في 7 أكتوبر 2025 تقديرًا لاكتشافاتهم الرائدة المتعلّقة بمبدأ التحمّل المناعيّ المحيطيّ الذي يمنع الجهاز المناعي من الإضرار بالجسد الذي وُجد لحمايته. ومن الجدير بالذكر أن موضوعات المناعة حصدت جائزة نوبل 21 مرة منذ 1901 الأمر الذي يدّل على أهمية فهم هذا الجهاز الأنيق والمعقد. ولفهم أحد أسرار المناعة التنظيمية دعونا نتعرف على سلاح المناعة المتخصص في أجسامنا.

- مستقبلات كشف الغزاة

ينتمي هذا النوع من الدفاع المناعي إلى ما يُعرف بالذراع المناعي التكيفي- الخلوي، وهي منظومة متقدمة من الجيش المناعي لا تكتفي بالاستجابة الفورية، بل تتعلّم وتُخزّن الذاكرة لتستجيب بدقّة في كل مواجهة لاحقة. تقوم هذه المناعة على الخلايا التائية، وهي جنودٌ ذات أدوار متنوّعة تتكامل فيما بينها لحماية الجسد من الغزاة. وتقسم الخلايا التائية إلى أربعة أنواع رئيسة حسب وظيفتها ونوع المستقبلات التي عليها: الخلايا التائية المساعدة.

CD4 التي تؤدي دور القائد الميداني؛ تُصدر الأوامر وتُفعّل بقية وحدات المناعة عبر الإشارات الكيميائية. والخلايا التائية السامّة CD8، وهي القوة الضاربة التي تتعقّب الخلايا المصابة بالفيروسات أو المتحوّلة إلى خلايا سرطانية، فتقضي عليها بدقةٍ متناهية. والخلايا التائية المُنظمّة، وهي موضوع حديثنا في هذا المقال؛ إذ تعمل بصفة حارسٍ للنظام المناعي تُهدّئ من اندفاعه، وتحول دون تحوّله إلى طغيانٍ ذاتيّ ضد أنسجة الجسد. وأخيرًا خلايا الذاكرة التائية التي تستقرّ في مواقع الالتهاب القديمة بعد شفاء الإصابة؛ تبقى على أهبة الاستعداد، فإذا حاول الغازي العودة اندفعت بسرعة مذهلة؛ لتُعيد إشعال الدفاع، وتمنع العدوى من التوغل. تحمل جميع هذه الخلايا على سطحها بروتيناتٍ دقيقة تُسمّى مستقبلات الخلايا التائية T- وهي بمثابة حسّاسات ذكية تمكّنها من تفحّص الخلايا الأخرى واكتشاف العلامات التي تُشير إلى وجود غزوٍ ميكروبي. تُبنى هذه المستقبلات بطريقةٍ فريدة أشبه بتجميع قطع الأحجية؛ إذ تتكوّن من مقاطع جينية متعدّدة تُدمَج عشوائيًا أثناء نضوج الخلية، فتنتج عنها تركيبات لا حصر لها من الأشكال والوظائف. وبفضل هذا التنويع الجيني المذهل يستطيع الجسم «نظريًا» إنتاج أكثر من 10¹⁵ نوعًا مختلفًا من مستقبلات الخلايا التائية، أي ما يكفي لتغطية كل الاحتمالات الممكنة لمسبّبات الأمراض على الأرض. هذا التنوع يضمن وجود خلايا قادرة على التعرف إلى أي غازٍ جديد، حتى وإن كان فيروسًا لم يسبق أن رآه الإنسان من قبل، مثل الفيروس الذي أطلق جائحة كوفيد-19 عام 2019. لكن لهذه العبقرية الجزيئية وجهًا مقلقًا أيضًا؛ فالعشوائية التي تمنح الجهاز المناعيّ قدرته الخارقة على التعرّف قد تُنتج مستقبلاتٍ تائهة تتعرّف إلى خلايا الجسد نفسه كما لو كانت عدوًّا. وهنا يبرز السؤال الجوهري الذي حرك عقول العلماء لعقود: كيف تفرّق الخلايا التائية بين خلايا العدوّ وخلايا الذات؟ وكيف يمنع الجسد هذه الحساسات من الانقضاض على خلاياه وأنسجته؟

في ثمانينيات القرن الماضي أخذت صورة جديدة تتشكّل عن الطريقة التي يتعلّم بها الجهاز المناعيّ التمييز بين «الذات» و«الغريب». فقد اكتشف الباحثون أنّ الخلايا التائية -وهي إحدى الركائز الرئيسة للمناعة التكيّفية- تمرّ خلال نضوجها في الغدة الزعترية بسلسلةٍ من الاختبارات الدقيقة تُشبه آلية الانتقاء الطبيعي داخل الجسد. تُعرض على هذه الخلايا نماذج من بروتينات الجسم نفسه،؛ فإذا تعرّفت إليها أو أبدت ميولًا للهجوم عليها تُقصى فورًا وتُدمَّر قبل أن تغادر الغدة. هذه العملية تُعرَف باسم التحمّل المناعي المركزي، وهي خط الدفاع الأول ضد احتمال أن يتحوّل الجسد إلى ساحة حربٍ داخلية. لكنّ العلماء كانوا يدركون أنّ هذه المصفاة المركزية ليست محكمة الإغلاق؛ فبعض الخلايا التائية -رغم عيوبها- تنجو من هذا الاختبار، وتصل إلى الدورة الدموية. ومن هنا بدأ يتبلور سؤال مقلق: كيف لا يتحوّل وجود هذه الخلايا إلى كارثةٍ مناعية؟ كان لابدّ من وجود آليةٍ أخرى تضبطها بعد خروجها إلى «الأطراف» — أي في الأنسجة وسائر أعضاء الجسد. فظهرت في سبعينيات القرن الماضي فرضيةٌ مثيرة عن وجود فئة خاصة من الخلايا التائية تُسمّى الخلايا التائية الكابحة وهي قادرة على تهدئة النشاط المناعي الزائد، ومنع الخلايا الأخرى من التمادي في هجومها.

بدت الفكرة في البداية واعدة، بل إنّ بعض التجارب المبكرة أوحت بأنّها قد تفسّر أمراض المناعة الذاتية والحساسية. إلا أنّ الحماسة الزائدة والمبالغة في تفسير النتائج قادتا إلى فوضى علمية: لم يكن أحد قادرًا على تحديد هوية هذه الخلايا على وجه الدقة، أو وصف علاماتها الجزيئية، فانهارت الفرضية تحت وطأة الشكّ والتجارب المتناقضة. وبحلول مطلع الثمانينيات صار الحديث عن «الخلايا الكابحة» يُعدّ شبه هرطقةٍ علمية، وتوقّف معظم الباحثين عن الخوض فيه.

في هذا المناخ المفعم بالتجربة والخطأ ظهر باحثٌ يابانيّ شابٌّ عنيد يُدعى شيمون ساكاغوتشي يعمل في مركز أبحاث السرطان في آيتشي بمدينة ناغويا. كان ذا نظرةٍ مختلفة يمتلك مزيجًا من الجرأة والفضول يجعله يسبح عكس التيار العلميّ السائد. لم يقبل ساكاغوتشي أن تُغلق الفكرة لمجرّد ضعف الأدلة؛ فالملاحظات التي رآها في تجاربه على الفئران كانت تُشير بوضوحٍ إلى أنّ هناك قوّة خفيّة تُبقي الجهاز المناعي في حالة اتزان.

حتى بعد إزالة الغدة الزعترية. استلهم ساكاغوتشي فكرته من تجربةٍ بسيطةٍ في ظاهرها، لكنها زعزعت المفاهيم السائدة عن المناعة. فقد أزال زملاؤه الغدة الزعترية من فئرانٍ حديثة الولادة لدراسة دورها في بناء الجهاز المناعي. كانوا يتوقعون أن يؤدي غيابها إلى ضعفٍ مناعيٍّ عام، باعتبارها المدرسة التي تنضج فيها الخلايا التائية وتتعلم التمييز بين الذات والغريب. بيد أن النتيجة جاءت معاكسة تمامًا للتوقّع: حين أُزيلت الغدة بعد ثلاثة أيام فقط من الولادة، لم تضعف الفئران، بل أصابها فرطٌ مناعيٌّ حادّ. بدأت خلاياها تهاجم أنسجتها، وظهرت عليها أعراض أمراض مناعيةٍ ذاتية — التهاب المفاصل، وتلفٌ في الجلد، وتضخّمٌ في الطحال.

كانت المفارقة مذهلة: كيف يتحوّل جهاز المناعة إلى عدوٍّ للجسد عند إزالة عضوٍ يُفترض أنه يقوّيه؟ عندها أدرك ساكاغوتشي أنّ الغدة الزعترية لا تُخرّج مقاتلين فحسب، بل تُنتج أيضًا خلايا مهدِّئة تحفظ النظام وتمنع الانفجار المناعي. وللتحقق من فكرته، عزل ساكاغوتشي خلايا تائية ناضجة من فئرانٍ سليمةٍ متطابقةٍ وراثيًا مع الفئران التي استُؤصلت منها الغدة الزعترية، وحقنها فيها. وكانت المفاجأة: انحسرت الأعراض تدريجيًا، واستعادت الفئران توازنها المناعي. بدا وكأن الجهاز المناعي استعاد رشده بفضل مجموعةٍ من الخلايا التي تعمل كـحرّاسٍ داخليين، يكبحون المقاتلين المنفلتين ويعيدون الهدوء إلى ساحة الجسد. كان ذلك أولَ دليلٍ تجريبيٍّ على أنّ المناعة تملك آليةَ ضبطٍ ذاتيٍّ داخلية، لا تعتمد على الأدوية أو التدخّل الخارجي. ومع ذلك، ظلّ السؤال مفتوحًا: ما طبيعة هذه الخلايا الغامضة؟ أهي خلايا منهكة فقدت قدرتها على القتال، أم سلالةٌ جديدة مبرمجةٌ وراثيًا لمهمة التنظيم والكبح؟ كرّس ساكاغوتشي عقدًا كاملًا من البحث الدقيق ليعثر على الجواب، وفي عام 1995 توصّل إلى أنّ هذه الفئة تمتاز بوجود البروتينين CD4 وCD25 على سطحها، وأطلق عليها اسم الخلايا التائية المنظِّمة.

طفرة تُشعل تمرّدًا في الجهاز المناعي

في أربعينيات القرن الماضي، وأثناء الدراسات الجينية التي رافقت مشروع مانهاتن في أوك ريدج – تينيسي، لاحظ الباحثون ظهور سلالة غريبة من الفئران الذكور تمتاز بجلدٍ متقشّر، وتضخّمٍ في الطحال والعقد اللمفاوية، وموتٍ مبكّر خلال أسابيع قليلة من الولادة. أطلقوا عليها اسم Scurfy، أي «الفأر المتقشّر». بدا واضحًا أن وراء هذه الأعراض خللًا وراثيًا، وتبيّن لاحقًا أن الطفرة المسببة تقع على الكروموسوم .X مرّت عقود قبل أن يتساءل أحد عن طبيعة هذه الطفرة. وفي التسعينيات، أعاد الباحثون فحص هذه الفئران الغامضة ليكتشفوا أنّ أجهزتها المناعية لا تضعف كما ظنّوا، بل تتمرّد. إذ تهاجم أنسجتها الداخلية وكأنها أجسامٌ غريبة. كان الأمر أشبه بانقلابٍ داخليّ في مملكة الجسد - تمرّد مناعي شامل ناشئ من خطأٍ جيني واحد. في تلك الفترة، كان فريد رامسديل وماري برونكو يعملان في شركة Celltech Chiroscience في ولاية واشنطن على تطوير أدوية لعلاج أمراض المناعة الذاتية. لفت انتباههما أنّ فئران Scurfy تمثل نموذجًا مثاليًا لهذه الاضطرابات، فقرّرا تتبّع الجين المسؤول عن المرض. لم تكن المهمة سهلة، فالكروموسوم X لدى الفأر يحتوي على ما يقرب من 170 مليون زوجٍ قاعدي من الـ DNA، أي ما يعادل مكتبةً جينية ضخمة تزدحم بالاحتمالات. لكنّ التصميم والبحث المنهجي قادا الفريق خطوةً بعد أخرى إلى تضييق نطاق البحث، حتى حصروا الطفرة في منطقة صغيرة تضمّ نحو عشرين جينًا مرشّحًا. وأخيرًا، عند الجين العشرين، وجد الباحثان ما كانا يبحثان عنه. كان الجين جديدًا بالكامل، لم يُوصَف من قبل، لكنه ينتمي إلى عائلةٍ معروفة تُسمّى Forkhead box (FOX)، وهي مجموعة من الجينات تنظّم عمل غيرها من الجينات داخل الخلية عبر بروتيناتٍ تُدعى «عوامل النسخ» أطلقا عليه اسم Foxp3، أي Forkhead box protein P3.

خلال أبحاثهما الدقيقة، لاحظ فريد رامسديل وماري برونكو أن الأعراض التي تُظهرها فئران Scurfy مثل الالتهابات المنتشرة وتضخّم الغدد اللمفاوية واضطراب المناعة - تُشبه إلى حدٍّ لافت أعراض مرضٍ بشريٍّ نادر مرتبط بالكروموسوم X يُعرف باسم متلازمة اختلال المناعة، واضطراب الغدد الصمّاء المتعدّد، واعتلال الأمعاء المرتبط بالكروموسوم X. تُصيب متلازمة IPEX الصبيان في الأشهر الأولى من حياتهم، ويتسبب في تهابٍ معويٍّ حادّ واضطراباتٍ غدّية وتخريبٍ ذاتيٍّ شامل لأنسجة الجسم، وغالبًا ما يكون مميتًا في غياب العلاج. انطلق الباحثان من هذه الملاحظة ليختبرا فرضيتهما الجريئة: أن يكون FOXP3 هو الجين المشترك الذي يربط بين مرض الفئران ومرض الإنسان. وبالتعاون مع أطباء أطفال من مراكز طبية حول العالم، جمعا عينات من دم صبيان مصابين بـ IPEX، وقاما بتحليل تسلسل الجينوم بدقةٍ متناهية. وكانت النتيجة حاسمة: جميع المرضى تقريبًا يحملون طفراتٍ مدمّرة في جين FOXP3 تؤدي إلى فقدان قدرته على إنتاج البروتين المنظِّم لوظائف الخلايا التائية.  

الخلايا التائية المنظمّة:

حرّاس الجهاز المناعي

بعد عامين فقط من اكتشاف الجين FOXP3، أثبت شيمون ساكاغوتشي وعدد من الباحثين أنّ هذا الجين هو المفتاح الجزيئيّ الذي يوجّه تكوّن الخلايا التائية المُنظمّة ويمنحها هويتها الفريدة. هذه الخلايا تعمل بصفة حارس أمين للجهاز المناعيّ، إذ تكبح نشاط الخلايا التائية الأخرى وتمنعها من مهاجمة أنسجة الجسد، محافظةً بذلك على حالة التوازن الحيويّ التي تُعرف باسم التحمّل المناعيّ المحيطي. فهي لا تكتفي بإخماد النزاعات الداخلية، بل تؤدّي أيضًا دور «قوة حفظ السلام» بعد انتهاء المعركة، تُعيد الهدوء إلى الجهاز المناعي كي لا يواصل هجومه في غياب العدوّ، وتمنع الضرر الناجم عن استمرار الالتهاب. ومن هذه الرؤية انطلقت تطبيقات طبية واسعة استلهمت جوهر الاكتشاف. ففي موضوع السرطان، أظهرت الدراسات أن الأورام الخبيثة تجنّد أعدادًا كبيرة من الخلايا التائية المنظمة لتبني حولها جدارًا منيعًا يحجبها عن هجوم المناعة. لذلك يسعى الباحثون إلى تفكيك هذا الحاجز المناعي كي يستعيد الجسم قدرته على التعرّف إلى الورم ومهاجمته بفاعلية. وفي أمراض المناعة الذاتية، حيث يثور الجهاز المناعيّ ضد خلاياه، يعمل العلماء على تعزيز إنتاج الخلايا التائية المنظمة لتهدئة الهجوم. وقد أظهرت تجارب مبكرة أن إعطاء المرضى الإنترلوكين-2 (IL-2) بجرعات صغيرة يساعد هذه الخلايا على النمو، مما يعيد التوازن إلى الجهاز المناعيّ من دون تعطيله كليًّا. أما في زراعة الأعضاء، فقد فُتحت آفاق جديدة للوقاية من رفض الأنسجة المزروعة. تُجرى اليوم تجارب تعتمد على استخدام الإنترلوكين-2 أو الخلايا المنظمة نفسها لتعليم الجهاز المناعي كيف يتقبّل العضو المزروع. بل إنّ بعض المراكز البحثية طوّرت استراتيجيات أكثر طموحًا تتمثل في عزل الخلايا التائية المنظمة من المريض، وزراعتها في المختبر، ثم إعادتها إليه لتعمل بحكمة منضبطة تُعيد للنظام المناعي توازنه الطبيعي. 

سعد صبّار السامرائي جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالرستاق

مقالات مشابهة

  • اندماج المهاجرين.. الهوية والتنوع الثقافي من زاوية جديدة.. قراءة في كتاب
  • الثقافة: الدولة بكامل مؤسساتها تدعمنا في بناء الإنسان المصري
  • وزارة الثقافة: الدولة تدعمنا في بناء الإنسان المصري
  • البابا تواضروس: كلمة الله تُنقي الإنسان وتُشبعه بالحلاوة الروحية
  • 500 فعالية فنية وثقافية في احتفالات أكتوبر.. و10 آلاف كتاب لأطفال غزة
  • قراءة وكتابة الجينوم
  • جائزة نوبل 2025 التنظيم: سرّ الأناقة في جهاز المناعة
  • داليا البيلي: قمة الاتحاد الأوروبي ومصر ببروكسل تؤكد دبلوماسية السيسي وعبور جديد لمصر نحو أوروبا
  • هيئة قصور الثقافة تصدر كتاب أكتوبر 73.. حرب مصر العظمى لأحمد السرساوي
  • سمو الأمير : رأس المال البشري هو الثروة الحقيقية لأي دولة