الأزمة الإنسانية تشتدّ: المنظمات المحلية طوق نجاة السودانيين
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
تصاعد القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم ومدن أخرى ينذر بالأسوأ. ومع مغادرة منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية السودان، باتت المنظمات المحلية طوق نجاة المدنيين..
التغيير: وكالات
شهدت مدن سودانية عديدة تصاعداً في القتال بين قوات الجيش من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى خاصة في الخرطوم الخاضعة أجزاء منها لسيطرة الدعم السريع.
وقال متطوع في مبادرة “غرف الطوارئ” إن العشرات قُتلوا خلال الأسبوع الماضي فقط في سوق بالخرطوم. و”غرف الطوارئ” واحدة من المبادرات التي أطلقها مجموعة من الشباب بهدف توفير الخدمات الأساسية للمواطنين الذين يواجهون خطر الموت والجوع والمرض.
وفي الثالث من أكتوبر 2024، أعلن معهد أبحاث السلام في أوسلو، عن ترشيح غرف الطوارئ السودانية لجائزة نوبل للسلام للعام 2024، واصفاً إياها بأنها “رمز للأمل والصمود” في وقت تمر فيه البلاد بأزمة إنسانية حادة.
ومنذ منتصف أبريل العام الماضي، مازال القتال مستمراً بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و قوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو المعروف بـ “حميدتي” على وقع الخلاف حول تقاسم السلطة في أعقاب انقلاب عام 2021. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص مع ترجيحات بأن الحصيلة النهائية أكبر في ضوء صعوبة الوصول إلى كافة المناطق مع استمرار القتال وانهيار النظام الصحي.
وبات السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم مع تشرد أكثر من 11 مليون شخص إلى مخيمات اللاجئين والدول المجاورة. وأفادت الأمم المتحدة مطلع الشهر الجاري بتفشي المجاعة وأمراض مثل الكوليرا مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد.
مخيم أبو شوك.. “وضع كارثي”
وفي دارفور، اشتدت وتيرة أعمال القصف في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. وفي مقابلة مع DW، قال صلاح آدم، أحد سكان مخيم أبو شوك للنازحين وعضو في مبادرة “غرف الطوارئ”، إن القصف “بات أكثر شدة خلال الأيام العشرة الماضية”. وأضاف “ذهبت إلى السوق في الساعة التاسعة صباحاً لشراء بعض المواد الغذائية، وبينما كان السوق مزدحماً، بدأت قوات الدعم السريع في الهجوم. هرع الناس للنجاة. ورغم ذلك، قُتل ثلاثة وأصيب عشرة”.
وشدد على صعوبة الوضع في المخيم، قائلاً: “لا يمكن للمرء تخيل وضعنا الكارثي. لا توجد منظمات تدعم أو تقدم المساعدات، نحن فقط الوحيدون من يعمل على الأرض، لكن نفتقر إلى كل الوسائل”. وحذر من خطورة تفاقم الوضع، قائلاً: “كل يوم أرى أمام عيني أطفالاً تُزهق أرواحهم. هذه اللحظات هي الأشد مرارة”.
وأفادت رويترز بان العصابات الموالية لقوات الدعم السريع باتت تستهدف منظمات إنسانية دولية.
بدورها، قالت ميشيل دارسي، مديرة منظمة “المساعدات الشعبية” People’s Aid النرويجية في السودان، إنه يتعين حماية المنظمات المحلية مثل غرف الطوارئ. وفي مقابلة مع DW، أضافت: “هذه المنظمات تواجه الآن تهديدات وتعمل في بيئة ينعدم فيها الأمن”.
مخيم زمزم.. خسائر مروعة بين المدنيين
وقبل شهر، حذر مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، من وقوع “خسائر مروعة بين المدنيين” في مخيمي أبو شوك وزمزم. وأضاف أن “النازحين معرضون لخطر مواجهة هجمات انتقامية على أساس هويتهم القبلية، تحت زعم أنهم ينتمون إلى نفس المجتمعات التي ينتمي إليها زعماء الحركات المسلحة المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية”.
ويحذر مراقبون من خطورة تفاقم الوضع في مخيم زمزم، الذي يقطنه أكثر من 80 ألف شخص.
وقبل أيام، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها اضطرت إلى تعليق عملها في مخيم زمزم في أعقاب عرقلة المساعدات قرب مدينة الفاشر من قبل قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة منذ أشهر، فضلاً عن عرقلة الجيش السوداني لوصول المساعدات إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرته.
وقالت كلير سان فيليبو من أطباء بلا حدود إنه “بسبب عرقلة الإمدادات اضطرت منظمة أطباء بلا حدود إلى وقف دعم مخيم زمزم وترك خمسة آلاف طفل يعانون من سوء التغذية، منهم 2900 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، دون دعم. من المحزن أن نضطر إلى تعليق أنشطتنا”.
من جانبه، قال محمد عثمان، الباحث المتخصص في الشأن السوداني بمنظمة هيومن رايتس ووتش، إن “القوات المسلحة السودانية لا تزال تمنع وصول المساعدات الحيوية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع التي تستمر هي الأخرى في نهب الإمدادات والمساعدات التي تصل إلى بعض المدنيين في مناطق سيطرتها”. وفي مقابلة مع DW، أضاف “لا يوجد اهتمام دولي بالقدر الكافي حيال ما يحدث هنا. هذه أزمة منسية”.
وفي السياق ذاته، ترى هاجر علي، الباحثة في “المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية” (GIGA)، أن الوضع يتسم بالتعقيد. وأوضحت في حديث إلى DW أنه مع بدء القتال، كان الصراع بين الجيش وقوات الدعم منحصراً على السلطة، لكن “الآن أصبح التحزب أمراً مقلقاً. لقد اتسع خط المواجهة”.
وأضافت: “هذا الوضع دفع الجيش والدعم السريع إلى تجنيد عناصر جديدة والاستعانة بمصادر خارجية خاصة قوات الدعم التي عمدت إلى تجنيد عناصر جديدة بشكل سريع، ومن المحتمل أن هذه العناصر لم تخضع لتدريب حقيقي”. وتابعت: “هذا الوضع يضعف منظومة الإدارة والسيطرة التي تصدر الأوامر، خاصة إذا شككت هذه العناصر في السلطة المحلية لقوات الدعم السريع”. وشددت على وجود علامات ترجح أنطرفي القتال لم يعدا يسيطران بشكل كامل على قواتهما في البلاد.
ومع تفاقم الوضع الإنساني، دعا صلاح آدم، أحد سكان مخيم أبو شوك للنازحين وعضو في مبادرة “غرف الطوارئ”، المنظمات الإنسانية والنشطاء الحقوقيين “إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ سكان الفاشر”. وقال “إذا لم يتغير شيء، فإن الأمل في تحسن الوضع سوف يتلاشى إلى الأبد”.
نقلا عن DWعربية
الوسومأطباء بلا جدود الجوع في السودان حرب الجيش والدعم السريع غرف الطوارئالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجوع في السودان حرب الجيش والدعم السريع غرف الطوارئ قوات الدعم السریع غرف الطوارئ تفاقم الوضع مخیم زمزم أبو شوک
إقرأ أيضاً:
12 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر
الخرطوم - أعلن الجيش السوداني ونشطاء محليون مقتل 12 شخصا على الأقل في ضربة شنتها قوات الدعم السريع على الفاشر، آخر مدينة خارج سيطرتها في إقليم دارفور في غرب البلاد.
هذه الضربة الدامية هي الأحدث في النزاع المستمر منذ نحو عامين بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
ووقع القصف في اليوم نفسه الذي دعت فيه السعودية والولايات المتحدة طرفي النزاع إلى استئناف محادثات السلام.
وقال الجيش في بيان الأربعاء إن "المليشيا تقصف مدينة الفاشر بمدفعية ثقيلة أسفرت عن استشهاد 12 مواطنا وإصابة 17 بإصابات بالغة".
بدورها، أكدت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر المكونة من متطوعين مقتل 12 شخصا وإصابة 17 آخرين في هجوم الأربعاء.
أدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح أكثر من 12 مليونا.
وأعلنت المجاعة في أجزاء من البلاد، من بينها مخيمات نازحين حول الفاشر، ومن المرجح أن تنتشر أكثر، وفق تقييم مدعوم من الأمم المتحدة.
تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في غرب السودان، وهي تحاصر الفاشر منذ أشهر مع تصاعد القتال في المنطقة.
وحذّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الأربعاء من أن الأوضاع في دارفور تتدهور بسرعة.
وقال "أوتشا" على موقعه الإلكتروني "في ولاية شمال دارفور، نزح أكثر من 4 آلاف شخص خلال الأسبوع الماضي وحده بسبب تصاعد العنف في الفاشر، وكذلك في مخيم زمزم للنازحين جنوب المدينة ومناطق أخرى".
تسيطر قوات الدعم السريع أيضا على أجزاء من جنوب البلاد. واستعاد الجيش العاصمة الخرطوم أواخر آذار/مارس، كما يسيطر على الشرق والشمال، ما يجعل ثالث أكبر دولة في إفريقيا منقسمة عمليا إلى نصفين.
وفي وقت مبكر من الحرب التي بدأت في 15 نيسان/أبريل 2023، قامت الولايات المتحدة والسعودية بوساطة، لكن العديد من اتفاقات وقف إطلاق النار انهارت.
إلى ذلك، التقى وزيرا الخارجية الأميركي والسعودي في واشنطن الأربعاء.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان عقب الاجتماع إنهما "اتفقا على ضرورة عودة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى محادثات السلام وحماية المدنيين وفتح الممرات الإنسانية والعودة إلى الحكم المدني".