القاهرة، مصر (CNN)-- أثارت التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، مخاوف المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، إذ انضم البنك الدولي لقائمة المؤسسات الدولية التي خفضت من توقعاتها لنمو اقتصاد البلاد هذا العام، جراء تأثير الأحداث بالمنطقة على إيرادات الدولة خاصة من قناة السويس، في حين أكدت الحكومة المصرية جاهزيتها لأية سيناريوهات حال تفاقم الأوضاع بالمنطقة، وتأمين كافة احتياجات المواطنين بصورة كبيرة.

وخفض البنك الدولي، من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي إلى 3.5%، مرجعًا السبب إلى تراجع موارد مصر من بعض القطاعات وعلى رأسها قناة السويس بسبب تفاقم المخاطر في البحر الأحمر، مقدرًا أن تنخفض إيرادات قناة السويس لنحو النصف خلال العام المالي الحالي لتصل إلى 4.8 مليار دولار مقارنة بإيرادات بلغت 8.8 مليار دولار مسجلة خلال العام المالي الماضي، وسبق هذه التوقعات تقرير لصندوق النقد الدولي خفض توقعات نمو الاقتصاد المصري بنسبة 0.3% ليصل إلى 4.1%.

وهذه هي المرة الثالثة التي يخفض فيها البنك الدولي، من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري، ففي المرة الأولى في يناير الماضي خفض البنك من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري للعام المالي 2024/2025 إلى 3.9% قبل أن يعاود رفع توقعاته إلى 4.2% بفضل صفقة رأس الحكمة، وفي المرة الثانية في يوليو الماضي وخفض من توقعاته إلى 4.1%.

وتأتي تقديرات البنك الدولي، أقل من مستهدفات الحكومة المصرية للعام المالي 2024/2025، والتي تستهدف تحقيق نموًا بنسبة 4%، وفق بيان سابق لوزارة المالية.

أرجع رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، السبب الرئيسي لحفض البنك الدولي من توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي 2024/2025 إلى تراجع عوائد البلاد من قناة السويس، والتي انخفضت من 9.4 مليار دولار عام 2022/2023 إلى 7.2 مليار دولار في العام المالي 2023/2024، ويتوقع أن تستمر في مسار الهبوط خلال العام الحالي في ظل التوترات في البحر الأحمر، مشيرًا لأهمية عوائد قناة السويس سواء في المساهمة في تدفقات النقد الأجنبي للبلاد أو المساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر.

وفي تصريحات صحفية، لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فأن مصر فقدت أكثر من نسبة 60% من الإيرادات المتوقعة لقناة السويس خلال العام الحالي، بمعدل 550-600 مليون دولار.

وأشار الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى عامل آخر وراء خفض توقعات نمو الاقتصاد المصري وهو ارتفاع أسعار الفائدة، ولكنه يؤدي إلى انكماش معدل النمو؛ لأنه يحجم الشركات بمختلف أحجامها عن الاقتراض البنكي للتوسع في حجم أعمالها بسبب ارتفاع تكلفة التمويل، ولكن هذا العامل مؤقت للسيطرة على معدل التضخم، لافتًا في هذا الصدد إلى أن البنك المركزي قد يتخذ قرارًا ببدء دورة التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة حال الوصول لمستهدفه بخفض معدل التضخم.

وللمرة الرابعة على التوالي، أبقى البنك المركزي المصري، على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب، كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.

وذكر فخري الفقي، أن السبب الثالث وراء خفض معدلات نمو الاقتصاد المصري، وهو وضع سقف للاستثمارات العامة لمنح فرصة أكبر للقطاع الخاص للمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في حين يواجه القطاع الخاص تحديات في التوسع في استثماراته أبرزها ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة سعر الدولار أمام الجنيه مما يرفع من تكلفة الاقتراض واستيراد المعدات والآلات من الخارج، غير أنه أكد أن البنك الدولي قد يعاود تعديل توقعاته لنمو الاقتصاد المصري الفترة المقبلة بعد التحسينات التي شهدها مؤخرًا من صفقات استثمارية ضخمة وزيادة في تحويلات العاملين بالخارج.

ووفق بيانات رسمية، فأن حجم الاستثمارات الكلية لخطة العام المالي الجاري تم وضع سقف للاستثمارات العامة بإجمالي تريليون جنيه (20.6 مليار دولار)، فيما يبلغ إجمالي الاستثمارات بالخاصة 987 مليار جنيه (20.3 مليار دولار).

وحول جاهزية الحكومة لتفاقم الأوضاع في المنطقة، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري، إن الحكومة تتبنى "اقتصاد تحوطي" من خلال تجهيز عدة سيناريوهات حال تفاقم الأوضاع في المنطقة، ومنها وضع سقف للاستثمارات العامة لحوكمة الإنفاق العام، وإطلاق حزمة من التسهيلات الضريبية واستثمارية لتشجيع زيادة استثمارات القطاع الخاص لدفع معدلات النمو.

من جانبها قالت رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير، إن البنك الدولي عدل توقعاته لمعدلات نمو اقتصاد العديد من بلدان الشرق الأوسط، التي تأثرت بالأوضاع الجيوسياسية والتذبذبات في سعر النفط، وتؤثر هذه العوامل بشكل سلبي على اقتصادات المنطقة ككل ومنها مصر، مشيرة في هذا الصدد إلى تأثير التوترات الجيوسياسية على عوائد البلاد من قناة السويس، والتي تعد موردًا للنقد الأجنبي.

وأشارت زهير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن هناك عوامل إيجابية يشهدها الاقتصاد المصري في الفترة الحالية ومنها زيادة تحويلات العاملين بالخارج، وزيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغيرة المباشرة بعد خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، وإتمام صفقات استثمارية ضخمة.

وبلغت تحويلات المصريين المقيمين بالخارج حوالي 15.5 مليار دولار خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي، وفق بيانات البنك المركزي، منها 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو، وهو أعلى رقم سجلته تحويلات العاملين بالخارج خلال شهر.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري البنك الدولي نمو الاقتصاد المصری خلال العام المالی أسعار الفائدة البنک الدولی ملیار دولار قناة السویس

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: 19.8 مليار جنيه استثمارات عقود «المشاركة مع القطاع الخاص» خلال العام المالي الماضي

أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن استثمارات عقود المشاركة مع القطاع الخاص «P.P.P» خلال العام المالي الماضي تبلغ ١٩،٨ مليار جنيه، فى مجالات تحويل المخلفات الصلبة والموانىء الجافة ومحطات المحولات وشبكات توزيع الكهرباء والتعليم الفني ومستودعات السلع الاستراتيجية، ونستهدف خلال العام المالى الحالى ٦ مشروعات جديدة بالمشاركة مع القطاع الخاص بتكلفة استثمارية تتجاوز ٢٧ مليار جنيه، ويجرى دراسة طرح عدد من المشروعات لإنشاء محطات محولات الكهرباء ومعالجة الصرف الصحي والمدارس الفنية والمستودعات وأسواق الجملة.

قال الوزير، إن نظام المشاركة مع القطاع الخاص «P.P.P» يوفر فرصًا تنافسية لمجتمع الأعمال المحلي والأجنبي للاستثمار في مصر، ويُعد إطارًا بديلًا للاستثمارات العامة، يسمح بتدفق الاستثمارات الخاصة فى الاقتصاد المصرى، فى إطار حرص الدولة على تهيئة بيئة أعمال جاذبة تستهدف زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص فى الأنشطة الاستثمارية، على نحو يساعد فى دفع مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، والإسهام الفعال فى الارتقاء بمستوى معيشة المواطنين؛ أخذًا فى الاعتبار قدرة القطاع الخاص على التمويل والإدارة الأكثر كفاءة وتوفير خدمات ذات جودة عالية.

أشار الوزير، إلى أننا نعمل على تحفيز القطاع الخاص للمشاركة في تنفيذ مشروعات الخدمات العامة والبنية التحتية، خاصة فى ظل وضع سقف ملزم لإجمالي الاستثمارات العامة للدولة، ومن ثم وجود مساحة كبيرة ومتنوعة لمشاركة القطاع الخاص فى ضخ المزيد من الاستثمارات التنموية فى القطاعات ذات الأولوية الوطنية، موضحًا أن نظام «المشاركة مع القطاع الخاص» يفتح آفاقًا واعدة لتنفيذ أهداف وثيقة سياسة ملكية الدولة، التى تتسق وتتكامل مع سياسات مالية وإجراءات ومبادرات تحفيزية وإصلاحات مؤسسية أخرى داعمة لمجتمع الأعمال.

أوضح الوزير، أن نظام المشاركة مع القطاع الخاص «P.P.P» يوفر عقودًا متوازنة وجاذبة للمستثمرين، وجهات التمويل المحلية والدولية، بما يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا فى إتاحة فرص تمويلية محفزة للقطاع الخاص المصرى، تجعله أكثر قدرة على الدخول فى شراكات متعددة الأطراف تخدم المسار التنموي المصرى.

أكد عاطر حنورة رئيس وحدة «المشاركة مع القطاع الخاص» بوزارة المالية، أننا مستمرون في مسيرتنا للتوسع في مشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» وتحقيق التنمية وتخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة، فى ظل ما تفرضه التوترات «الجيواقتصادية» من تحديات داخلية وخارجية.

قال إننا لدينا نماذج ناجحة لمشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» في مختلف المجالات، ونستهدف التوسع في الشراكة مع المستثمرين من خلال قطاعات جديدة، أخذًا فى الاعتبار أن مصر هى الدولة المرجعية لنظام المشاركة مع القطاع الخاص «P.P.P» بإفريقيا والدول العربية، وقد استقبلت وزارة المالية خلال العامين الماضيين وفودًا من السودان وليبيا وبوروندى وجنوب إفريقيا، طلبت الاستفادة من الخبرات المصرية والدعم الفني فى تنفيذ مشروعاتهم بهذا النظام «P.P.P» والممولة من الاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمم المتحدة.

أوضح أن أوزباكستان طلبت أيضًا، على هامش اجتماعات البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية، التعاون مع وحدة «المشاركة مع القطاع الخاص» بوزارة المالية فى دفع هذا المسار التنموى المحفز للاستثمارات الخاصة، والتوظيف الأمثل للخبرات المصرية الممتدة فى تذليل أي عقبات أو تحديات بحلول مبتكرة وعملية.

مقالات مشابهة

  • البنك المركزي المصري يبحث اليوم مصير أسعار الفائدة وسط توقعات بالتثبيت
  • وزيرة التخطيط تستعرض أبرز مؤشرات الأداء الاقتصادي: 2.4% مُعدل نمو الاقتصاد المصري في العام المالي 2023/2024.. التوترات الجيوسياسية أثرت على نشاط مرور السُفن بقناة السويس
  • وزيرة الخطيط: 2.4% مُعدل نمو الاقتصاد المصري في العام المالي 2023/2024
  • وزيرة التخطيط: 2.4 % معدل نمو الاقتصاد في العام المالي 2023/ 2024
  • عاجل| السعودية تضخ 15 مليار دولار في الاقتصاد المصري
  • بنمو 120%.. شركة كيما تحقق أرباح 2.5 مليار جنيه خلال العام المالي الماضي
  • البنك الدولي: تكلفة الدمار في غزة تقدر بين 14 و20 مليار دولار
  • تجاوزت 20 مليار دولار.. البنك الدولي يكشف قيمة دمار الممتلكات في الشرق الأوسط
  • وزير المالية: 19.8 مليار جنيه استثمارات عقود «المشاركة مع القطاع الخاص» خلال العام المالي الماضي