بعد عام من حرب الإبادة والحصار.. رسائل صمود وألم من شمال غزة
تاريخ النشر: 18th, October 2024 GMT
الثورة / افتكار القاضي
بعد أكثر من عام من الصمود الأسطوري والثبات والاستبسال أمام حرب إبادة غير مسبوقة في تاريخ الحروب، وحصار مطبق، وجوع، وخوف، ودمار، وتلوث، وأمراض، وأهوال شديدة تتصدع لها الجبال.. لايزال الفلسطينيون في قطاع غزة، وشمالها خصوصا، صامدين وثابتين رغم الموت الذي يحدق بهم من كل مكان ..
“صمودنا في غزة وشمالها ليس قوة منا، بل هو من الله وحده، لا مقومات للصمود والثبات فيها من الجانب المادي ولا حتى المعنوي والنفسي”، بهذه الكلمات عبر الصحفي أحمد الزيتونة عن معاناة عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين وسط آلة القتل الإسرائيلية في شمال غزة.
ويضيف الزيتونة قائلا: “هل المعلبات وشوية الحاجات الأخرى صمود؟! الناس هنا في حالة كرب ومجاعة ودمار نفسي ومعنوي لأبعد الحدود، ولكن الحمد لله… لا أريد من أحد أن يحدثنا عن الصمود والثبات، تفضل عش بيننا، وقل ما تشاء”.
ورغم الحصار الإسرائيلي وانقطاع الإنترنت في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع، والمجازر المتواصلة منذ 14 يوما التي أدت لاستشهاد نحو 400 فلسطيني، فإن عددا من الفلسطينيين نشروا رسائل ممزوجة بالألم والصمود عبّروا فيها عن جزء صغير مما يعانيه أهالي الشمال.
ويزداد الوضع سوءا كل دقيقة، إذ تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي كل جسم متحرك، وتمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء إلى محافظة الشمال، وسط قصف مدفعي وجوي مكثف.
“فدا غزة وفلسطين”
ومن أبرز هذه الرسائل وفقا لـ”الجزيرة” مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام فلسطينية لجريح بعد انتشاله من تحت أنقاض منزله، وهو يقول بصوت خافت من شدة الألم “فدا غزة.. فدا المقاومة.. الروح بترخص فدا فلسطين”.
أما الصحفي محمود العامودي، فكتب على فيسبوك: “كنت أظن أن كسرة الخبز اليابسة هي فقط للروايات والكتابات، وأنها تعبير مجازي عن الفقر والجوع، لكني عشتها حرفيا في هذه الأيام وأكلت كسرة الخبز اليابسة وأطفالي، والحمد لله رب العالمين”.
وفي فيديو على يوتيوب، وجه العامودي رسالة لسكان الشمال، قال فيها “إياك تيأس وتسيء الظن بالله عز وجل، ولا تقول إن الناس متوحدين للقضاء علينا، يكفينا أننا بجانب الله”.
ويضيف “من وسط الدمار ومن وسط الموت وفي أصعب أوقات حياتنا، سنظل نحسن الظن بالله ونثق به”.
أما الداعية الفلسطيني جهاد حلس، فكتب: “والله، لو رأيتم قهر الناس في غزة، لما صدقتم أن بشرا يستطيع أن يتحمل كل هذه الأهوال ويبقى على قيد الحياة ولا يموت!! والله لو كان صخرا لتفجر، ولو كان بحرا لتبخر، ولو كان جبلا لتصدع، ولو كان حديدا لذاب!!”.
ويضيف “اخجلوا من سطحية همومكم أمام ما رأينا من عظيم البلاء، ولا تعتادوا المشهد، فالله يرى ويشهد”.
عام من الصمود والثبات
أما الناشط محمد النجار من سكان جباليا، فاختار أن يرسل رسالته عبر تويتر لوالديه قائلا: “عام من الصمود والثبات في جباليا، أفخر بأمي وأبي وأهلي الذين لم يتزحزحوا من مخيم جباليا، ولسان حالهم: نفضل الجوع على الركوع، ولن نهجّر مرتين، ولن يكون في ملك الله إلا ما كتب”.
وفي تدوينة أخرى على تويتر، كتب النجار: “ما يجري في جباليا تجاوز فكرة (خطة الجنرالات)، ولا يتوافق معها، العدو يريد تدمير جباليا بما يجعلها غير قابلة للحياة”.
ويضيف أن ثبات السكان في جباليا ينهي أحلام جيش الاحتلال بتفريغها من أهلها، فضلا عن الهزيمة المعنوية لقادة الجيش أمام صمود سكان عزّل إلا من الإرادة.
وتعني “خطة الجنرالات” فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه وحصار وتجويع الناس لدفعهم إلى الاختيار بين الموت والاستسلام.
رسالة ألم
ولم تخلُ كثير من رسائل المحاصرين من نبرة الألم والشعور بالخذلان، كما جاء في رسالة الصحفي كرم حسّان، التي قال فيها ليشهد العالم بعد الله أنهم يشعرون بالجوع والبرد “أمام عالم صامت متخاذل، أغلبه يعلم مصابنا ووجعنا ولا يهتم لأمرنا، لا عفا الله ولا سامح كل من كان بإمكانه الوقوف بجانبنا وامتنع”.
بدوره، كتب الصحفي أحمد وائل حمدان، معبرا عن معاناة عشرات الآلاف من الفلسطينيين المحاصرين في شمال غزة قائلا: “لا يغرنكم مظهرنا الخارجي، إن أرواحنا قد شابت، وظهورنا قد قُصمت، وأجسادنا قد ذبلت من هذه الحـرب، وليس لنا إلا الله”.
ويضيف “حتى وإن لم تجدوا ما تقدمونه لنا، قفوا وشاركونا الحزن والبكاء، مُدُونا بالدموع فإن محيطات مآقينا قد جفت”.
وفي السياق نفسه، تقول الصحفية جنات نوفل “نحن سكان جباليا في شمال غزة نحسد سكان هيروشيما على طريقة موتهم الرحيمة جدا، فنحن نموت قهرا وذلا وجوعا ورعبا منذ سنة وأكثر وهذا هو الموت البطيء”.
الصحفي حسام شبات وجه رسالة يقول فيها إن “ما نعيشه من ألم وصعوبات لا يمكن للعقل أن يتخيله: حصار، وقتل، وجوع، وتشريد، وقصف”.
الخوف والقلق يحاوطاننا من جميع الجهات، فلا أمن ولا أمان لأحد، الكل في خطر مستمر الدماء والجثث تملأ الشوارع والأزقة والمستشفيات، فالاحتلال يسعى لتدميرنا ومحو وجودنا.
وكتب الصحفي أنس الشريف تدوينة عبر حسابه على منصة “إكس”، “نحن، أبناء غزة والشمال، متجذرون في أرضنا كأشجار الزيتون، لن تقتلعنا رياح التهجير والتدمير، سنبقى هنا، صامدين، ثابتين ولن نرحل. وهينا قاعدون”.
وكتب المدون إبراهيم، أحد أهالي مدينة غزة، في تغريدة رد فيها على طلب الاحتلال بالمغادرة ” صامدون طوال كل هالاشهر وتحملنا الجوع والعطش والتلوث والخوف والموت والنزوح أكثر من عشر مرات وكل المصائب إلي عشنا فيها وما طلعنا واليوم بدكم نسيب بلدنا وبيوتنا ونطلع، لا مش طالعين وهينا قاعدين بستشهد في داري وبلدي أشرف صامدين لآخر نفس بإذن الله”.
وعلّق آخر بقوله “بهذه الإرادة وهذا التصميم والثبات والصمود والتحدي سنهزم العدو المعتدي ونطرده من أرضنا”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المجتمع الدولي يعرّي إسرائيل ويفضح جريمة التجويع والحصار
◄ "العدل الدولية" تستمع لمرافعات 38 دولة على مدى أسبوع
◄ المحكمة تستعرض مرافعات خطية وشفوية من دول ومنظمات عالمية
◄ إسرائيل تمنع نهائيًا دخول الغذاء والعلاج منذ الثاني من مارس الماضي
◄ السفير الفلسطيني للمحكمة: الاحتلال يستخدم الغذاء كسلاح حرب
◄ مستشارة أممية: إسرائيل عليها التزام واضح بالسماح بوصول المساعدات
◄ مرافعة مصر: الاحتلال يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع بضم الأراضي الفلسطينية
◄ "حماس": مداولات "العدل الدولية" كشفت فظاعة التجويع وضرورة محاسبة الاحتلال
الرؤية- غرفة الأخبار
وقفت إسرائيل، الإثنين، مُتهمة أمام محكمة العدل الدولية بانتهاك القانون الدولي ورفض دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وذلك في أولى الجلسات العلنية للنظر في التزامات إسرائيل القانونية تجاه نشاط المُنظمات الدولية ووجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واستمعت المحكمة في اليوم الأول إلى كلمة ممثل الأمم المتحدة، وكلمات ممثلي فلسطين ومصر وماليزيا، على أن تستمر جلسات الاستماع لمدة أسبوع يشهد تقديم 38 دولة مرافعاتها، منها الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي.
وتمنع إسرائيل منذ الثاني من مارس الماضي، دخول كل الإمدادات لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ونفدت تقريباً كل المواد الغذائية التي دخلت إلى القطاع خلال سريان اتفاق وقف إطلاق النار في بداية العام الجاري.
وتستعرض المحكمة مرافعات خطية وشفوية تقدمت بها دول ومنظمات دولية بشأن مدى احترام إسرائيل للمعاهدات الدولية، لا سيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وضمان حرية عمل وكالات الإغاثة والبعثات الأممية في الأراضي المحتلة.
وقال السفير الفلسطيني عمار حجازي لمحكمة العدل الدولية، إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة كـ"سلاح حرب"، وذلك بعد أكثر من 50 يوماً على فرضها حصاراً شاملاً على دخول المساعدات.
وقال حجازي، لقضاة أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، "أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في غزة على إغلاق أبوابها".
وأضاف أن "تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة، ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة"، مؤكدا: "نحن أمام عملية تجويع تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب".
من جهتها، قالت المستشارة القانونية للأمم المتحدة، إلينور هامرخولد، إنّ إسرائيل عليها التزام واضح "بوصفها قوة احتلال" بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها إلى الشعب في غزة.
وأضافت: "في السياق المحدد للوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستوجب هذه الالتزامات السماح لجميع كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة بتنفيذ أنشطة لمصلحة السكان المحليين".
وأشارت إلى أن قرار منع عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يشكل توسعا لسيادة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية ويعني عدم امتثالها لالتزاماتها.
وفي مرافعته الشفوية، شدد الوفد المصري خلال المرافعة على أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، تمثل جزءًا من إجراءات واسعة النطاق وممنهجة وشاملة تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع وتحقيق ضم فعلي للأراضي الفلسطينية.
ولفت الوفد إلى أن هذه السياسة مُثبتة بالتصريحات العلنية الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين وكذلك تشريعات الكنيست، فضلًا عن الإجراءات الإسرائيلية المستمرة لتقويض دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتجفيف مصادر تمويلها، بهدف عرقلة حق العودة للشعب الفلسطيني، والذي يشكل ركنًا أساسيًا من حقهم في تقرير المصير المكفول بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح الوفد المصري أن ذلك تزامن مع مواصلة إسرائيل تنفيذ عمليات الإخلاء القسري والتهجير المتكرر تحت ذريعة ما يسمى بـ"أوامر الإخلاء"؛ مما أدى إلى نقل الفلسطينيين قسرًا إلى مناطق لا تتمتع بالمقومات الأساسية للمعيشة، وعرقلة وصول الإمدادات والخدمات الأساسية اللازمة للحياة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة لخلق ظروف تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للحياة.
وأشار الوفد المصري خلال المرافعة إلى أن إسرائيل دأبت منذ أكتوبر 2023 على استخدام سياسة التجويع والحصار الكامل على غزة كسلاح موجه ضد المدنيين بالقطاع، وأمعنت إسرائيل في استخدام ذلك السلاح بإغلاقها كافة المعابر إلى غزة بشكل متعمد وتعسفي؛ مما حال دون دخول الغذاء والمياه الصالحة للشرب والوقود والإمدادات الطبية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
رحبت حركة حماس، بانعقاد جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية لمناقشة التزامات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، وتجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأكدت الحركة في بيان، أهمية هذه المداولات كخطوة نحو محاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة، مشددة على أن مداولات كشفت فظاعة التجويع الإسرائيلي وضرورة محاسبة الاحتلال.