"القطرية" بالداخل تقرر إضرابًا إنذاريًا ومظاهرة وعدم افتتاح العام الدراسي
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
الداخل المحتل - صفا
تظاهر عدد من رؤساء وأعضاء وموظفي السلطات المحلية العربية في الداخل الفلسطيني المحتل، اليوم الأحد، أمام مكتب وزارة المالية الاسرائيلية في القدس المحتلة، وبمشاركة وفد من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الفلسطينية، احتجاجاً على سياسة حكومة الاحتلال في مواجهة العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني بالداخل.
كما جاءت التظاهرة احتجاجًا على عدم قيام حكومة الاحتلال بالحدِّ الأدنى من مسؤولياتها، ورفضاً للقرارات والإجراءات الحكومية الأخيرة، والتي ترمي إلى إجراء تقليصات حادَّة في عدد من الميزانيات المُخصَّصَة والمُسْتَحَقَّة للمجتمع الفلسطيني بالداخل.
ورفع المشاركون في المظاهرة لافتات كتبت عليها شعارات تطالب الحكومة ووزير المالية الاسرائيلية، بإلغاء قرار تجميد الميزانيات، بالإضافة إلى ضرورة عمل الشرطة وتحرك الحكومة ضد الجريمة المنظمة في المجتمع الفلسطيني، وكتب على بعض اللافتات "الشاباك هو المشكلة لا الحل"، و"بدنا نعيش".
وبعد التظاهرة، عقدت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية اجتماعاً استثنائياً، في خيمة الاعتصام الاحتجاجي أمام مكتب نتنياهو في القدس وفي يومها الأخير، كإحدى الإجراءات الاحتجاجية، وامتداداً لقرارات الاجتماع الأخير للمجلس العام للجنة القطرية، واتخذت سلسلة قرارات وإجراءات احتجاجية تصعيدية وتصاعُدية، ومن أبرزها:
.إعلان الإضراب الاحتجاجي والإنذاري الشامل في جميع السلطات المحلية العربية في الداخل، وذلك يوم الإثنين المقبل، وتنظيم مُظاهرة احتجاجية قطرية، في صباح اليوم نفسه، أمام مكتب رئيس الحكومة في القدس.
• إعلان عدم افتتاح السنة الدراسية الجديدة في المدارس العربية بالداخل وفي جميع المؤسَّسات التعليمية في المدن والقرى العربية، في بداية شهر أيلول المقبل، يتزامن مع إعلان الإضراب المفتوح في جميع السلطات المحلية العربية، في حال عدم تجاوب الحكومة مع مطالب اللجنة القطرية.
• تنظيم سلسلة تظاهرات احتجاجية مُتزامِنة، عند العديد من مفترقات الطرق الرئيسية في جميع أنحاء الداخل.
• توجيه التحيَّة والتقدير لكل الأطراف والأحزاب والحركات والمُنظمات التي دعمت وأيّدت وزارت خيمة الاعتصام الاحتجاجي في القدس، ودعمت النضال العادل للسلطات المحلية العربية بقيادة اللجنة القطرية، ودعوة لجنة المُتابعة العليا للجماهير العربية، بكلِّ مُركّباتها، إلى رفد هذه الإجراءات الاحتجاجية بمزيد من الدعم والمُشاركة الشعبية والسياسية الفاعلة، لا سيّما أنها ليست معركة السلطات المحلية العربية وحدها، بل معركة وقضية جميع فِئات وأبناء الجماهير العربية.
. مُطالبة مركز السلطات المحلية بدعم وتأْييد مواقف ومطالب وإجراءات اللجنة القطرية، في هذا الصَّدد، واتخاذ الإجراءات العملية لدعم النضال العادل والشرعي للسلطات المحلية العربية.
• التوجُّه إلى نقابة العمال العامة (الهستدروت) ومطالبتها باتخاذ موقف واضح يدعم مطالب ونضال السلطات المحلية العربية، في هذا السِّياق، دفاعاً عن حقوق موظفي وعمال هذه السلطات، الذين قد لا يتلقون رواتبهم بسبب سياسة التقليصات الحكومية وعدم تحويل الميزانيات للسلطات المحلية العربية.
• توجيه رسالة إلى ممثلي السَّفارات ومختلف الدول، حول تعامل وسياسة التمييز الحكومية تجاه الفلسطينيين وسلطاتهم المحلية.
ودعت اللجنة القطرية جميع رؤساء وأعضاء وموظفي وعمال السلطات المحلية العربية إلى الالتزام بهذه القرارات الوحدوية، والمشاركة الفاعلة والمُنظَّمة والواسعة في هذه الإجراءات، دِفاعاً عن الحقوق الطبيعية للسلطات المحلية والجماهير العربية، على الرغم من كل الصعوبات والظروف العامة والمُركَّبة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: القطرية الداخل اضراب مظاهرة السلطات المحلیة العربیة اللجنة القطریة فی القدس فی جمیع
إقرأ أيضاً:
الوساطة العُمانية.. الدور والمُمكِّنات
د. محمد بن خلفان العاصمي
جولة المُفاوضات التي عقدت قبل أسبوع في العاصمة مسقط بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية حول الملف النووي بوساطة عُمانية، ليست الأولى، فقد سبق أن احتضنت سلطنة عُمان سلسلة من اللقاءات بين مسؤولي البلدين وأطراف أخرى حول ذات الملف، الذي يُعد من أخطر الملفات في الشرق الأوسط؛ لما يُمثِّله من دور في نقل الصراع في المنطقة إلى مرحلة الاحتواء وضبط النفس وإعطاء الفرصة لجهود السلام وتقريب وجهات النظر، بدلًا عن مرحلة اللاعودة أو دخول الأطراف في مواجهة عسكرية تفضي إلى ضرب المفاعلات النووية؛ مما يعني الدمار الشامل وتعريض حياة الناس وجميع الكائنات الحيَّة في المنطقة للفناء وحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة.
لقد لعبت سلطنة عُمان دورًا كبيرًا في احتواء العديد من الأزمات السياسية وساهمت في نزع فتيل التوترات بين العديد من القوى السياسية المتصارعة؛ سواء كدول أو كقوى سياسية داخل الدولة نفسها. ومن بين أهم جهود السلام التي رعتها سلطنة عُمان قضية الصراع بين القوى السياسية في جمهورية اليمن الشقيقة منذ الثمانينيات من القرن الماضي وإلى يومنا هذا، كذلك ساهمت جهود سلطنة عُمان الدبلوماسية في احتواء تداعيات الأزمة الليبية التي شهدتها الجمهورية الليبية بعد سقوط نظام الرئيس الراحل مُعمَّر القذافي، ناهيك عن جهود الوساطة لإطلاق سراح المُحتجزين من رعايا عدد من الدول، وهذه جهود مُستمرة، ولا تكاد تمر فترة زمنية إلّا وقوافل الفرقاء تحج إلى عاصمة السلام، رغبةً في الوصول إلى تسويات سياسية تُنهي حالة الصراع.
الدور الذي تُؤديه سلطنة عُمان في المفاوضات بين الأطراف المتنازعة- أيًّا كانت- هو دور المُيسِّر والمُمهِّد والمُقرِّب؛ فالهدف الأساسي يتمثل في جعل الأطراف ذات العلاقة يجلسون على طاولة المفاوضات والحوار، وهذه مرحلة ليست بالسهلة إطلاقًا؛ ففي كل أزمة يتولد شعور لدى الجميع بأنَّ جميع الطرق مسدودة، والجميع يتمسك برأيه بدرجة كبيرة. ومن أجل إقناع الأطراف بأن الحل يكمن في الحوار، تبدأ سلسلة غير مرئية من اللقاءات والاتصالات والإقناع، قد تستمر لفترات طويلة، وهذا دور تميَّزت به السياسة العُمانية على مر التاريخ؛ بل هو جزء من تكوين الشخصية العُمانية التي تميل إلى (السدة) في جميع القضايا الخلافية في المجتمع.
وعندما تصل الأطراف إلى قناعة أن الحوار هو الحل أو أنه من المُستحسَن إعطاء الحوار فرصة كأحد الطرق التي قد تُسهم في حل الأزمة تبدأ الترتيبات لهذه المفاوضات، مع تهيئة المناخ المناسب للحوار وفق استراتيجيات محددة تُسهم في إنجاح المفاوضات من جولة واحدة أو عدة جولات، وفي أحيان أخرى تلجأ أطراف النزاع لسلطنة عُمان لتكون وسيط مفاوضات، وفي بعض المفاوضات تطلب الأطراف وجود سلطنة عُمان على طاولة الحوار كوسيط لتقريب وجهات النظر وهذه حالات محددة، والسياق الذي تفضله سلطنة عُمان في الوساطة هو دور المُيسِّر.
لم تصل سلطنة عُمان إلى هذه المرحلة من الموثوقية والإجماع الدولي حول قدرتها على قيادة المفاوضات إلّا من خلال مُمكِّنات، ساهم في وجودها، جهدٌ دبلوماسيٌ كبيرٌ، وسياسة ثابتة لا تتغير، ورؤية واضحة لترسيخ مبادئ السلم والأمن الدوليين، واحترام مُطلق للقوانين الدولية والتشريعات المنظمة للعلاقات بين الدول، مع الحرص على تعزيز ذلك في وسط منطقة مُلتهبة تستوجب التعامل معها بحذر شديد.
وقد اكتسبت سلطنة عُمان هذه المكانة لما توافر لديها من ممكنات جعلتها في هذا الدور المُهم، ومن بين هذه الممكنات:
علاقات الصداقة التي تجمع سلطنة عُمان بأغلب دول العالم، وهذه الرؤية الثاقبة التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عندما سعى منذ بداية مسيرة النهضة الحديثة لبناء علاقات صداقة مع جميع الدول، وقد نجح في ذلك، ومضى على هذا النهج حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- أبقاه الله- بحكمة واقتدار. الخلفية التاريخية السياسية التي تتمتع بها سلطنة عُمان، والتي لم تكن يومًا ذات أطماع وطموحات سياسية؛ بل كانت مصدر أمان لجيرانها واحد دعاة السلام في العالم، وحتى عندما تم التعدي عليها وبعد انتهاء الأزمة كانت سلطنة عُمان أول من يمد يد الصفح للمعتدي. الحنكة السياسية والدبلوماسية العُمانية، وهذه الميزة لم تتحقق صدفة؛ بل هي نتاج جهد كبير ونهج أسس على أساس قوي ومنهجية واضحة الأهداف بنيت لتتوافق مع الشخصية العُمانية التي كانت وما زالت تمتاز بالحكمة والفراسة والقدرة على تقدير الأمور وتدبيرها. البُعد عن الصراعات الدولية والتحالفات التي تهدف إلى تحقيق مصالح وغايات سياسية واقتصادية مُعينة مغلفة بظاهر المصلحة العامة وهي في حقيقتها ذات أبعاد خاصة، وهو ما جنَّب سلطنة عُمان الصراعات السياسية على مر السنين.هذه بعض المُمكِّنات التي جعلت من سلطنة عُمان وسيط سلام معتمد وموثوق بين دول العالم، وعندما نجد أن دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تضع كامل ثقتها في قدرة سلطنة عُمان على إيجاد مسار سلام في ملف شائك مثل الملف النووي الإيراني؛ فهذا بحد ذاته دليل على ما تملكه سلطنة عُمان من مُقومات، خاصةً وأنَّ مثل هذه الدول اعتادت على أن يكون صوت القوة هو الأعلى دائمًا، وأن التفاوض منطق الضعفاء ولغة العجز، فكيف استطاعت سلطنة عُمان تغيير هذا المفهوم، وكيف نجحت في جعل الفرقاء يتوافدون على مسقط رغبةً في التفاهم والتعاون والحوار البناء؟!