على الرغم من السعي الدائم لأولياء الأمور على تقديم الأفضل لأبنائهم، وتربيتهم بأفضل طريقة ما يُساعدهم على الاندماج في المجتمع بسهولة في كبرهم ويسهل تحقيقهم للنجاح من خلال التمتع بشخصيات سوية، فإن هناك بعض الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها الآباء أثناء تربية أبنائهم، تتسبب في إضعاف ثقتهم بأنفسهم، بل وتسلبهم الشخصية القوية.

5 أخطاء يرتكبها الآباء في تربية أبنائهم

وحسب ما رد على موقع «the new york times»، فإن هذه الأخطاء الشائعة في تربية الأبناء تتمثل في:

1- حماية الطفل الزائدة:

من الطبيعي أن يرغب الآباء في حماية أطفالهم من كل مكروه، ولكن الحماية الزائدة قد تجعل الطفل يشعر بالعجز وعدم القدرة على الاعتماد على نفسه؛ إذ عندما نحمي أطفالنا من كل صعوبة وتحدٍ، فإننا نسلبهم الفرصة لتعلم كيفية التغلب على المشاكل وبناء مرونة نفسية.

2- المقارنة بين الأبناء:

المقارنة بين الأبناء هي إحدى أخطر الأخطاء التربوية؛ فعندما نقارن بين طفل وآخر، فإننا نرسل رسالة واضحة مفادها أن أحدهم أفضل من الآخر، وهذا يؤدي إلى شعور الطفل المقارن بالدونية والحسد، كما أن المقارنة تزرع بذور التنافس بين الأشقاء وتضعف روابط المحبة بينهم.

3- عدم وضع حدود واضحة:

غياب الحدود الواضحة في التربية يجعل الطفل يشعر بالضياع وعدم الأمان؛ فعندما لا يعرف الطفل ما هو مسموح به وما هو ممنوع، فإنه يصبح أكثر عرضة للمشاكل السلوكية، كما أن عدم وضع حدود يعطي انطباعًا للطفل بأن رأيه لا يهم وأن قرارات الوالدين هي النهائية دائمًا.

4- تحمل مسؤولية مشاعر الطفل:

من الطبيعي أن يشعر الآباء بالحزن عندما يحزن أطفالهم، ولكن تحمل مسؤولية مشاعر الطفل ليس بالأمر الصحيح؛ إذ يجب على الآباء مساعدة أطفالهم في التعرف على مشاعرهم والتعبير عنها بطريقة صحية، ولكن ليس من دورهم أن يحلوا مشاكل أطفالهم أو يحموا أطفالهم من الشعور بالألم.

5- عدم الثناء على الإنجازات:

الطفل يحتاج إلى الشعور بالتقدير والإعجاب من والديه؛ ولذلك عندما لا نثني على إنجازات أطفالنا، فإننا نقوض ثقتهم بأنفسهم ونجعلهم يشعرون بأن جهودهم لا تُقدر، كما أن الثناء الصادق والمحدد على سلوكيات الطفل الإيجابية يعزز من ثقته بنفسه ويشجعه على تكرار هذه السلوكيات.

نصائح لتجنب هذه الأخطاء

ولحماية طفلك من هذه الأضرار، اتبع النصائح التالية:

امنح طفلك الفرصة لاتخاذ قرارات بسيطة وتحمّل مسؤولية أفعاله. أشيد بجهود طفلك حتى وإن لم يحقق النتيجة المرجوة. استمع إلى رأي طفلك واحترمه. ساعد طفلك على التعبير عن مشاعره بطريقة صحية. اجعل منزلك مكانًا يشعر فيه طفلك بالأمان والحب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تربية الأبناء اولياء الأمور أولياء الأمور الثقة بالنفس الشخصية القوية

إقرأ أيضاً:

طبيعيٌّ بطريقته الخاصة

يحل بعد أيام؛ وتحديدًا في الثاني من أبريل، اليوم العالمي للتوعية بطيف التوحّد؛ الذي يتزامن هذا العام مع الاحتفال بعيد الفطر السعيد، وقد أغرتني هذه المناسبة بقراءة كتاب قصير، قليل الصفحات (لا يتجاوز 64 صفحة من القطع الصغير) لكنه شديد الأهمية من ناحية تذكيرنا بأن ثمة فئة من الأطفال تحتاج إلى فهم مختلف، واحتواء خاص، ونظرة إنسانية عميقة تتجاوز الأحكام السطحية والمظاهر العامة. هذا الكتاب هو «طبيعيٌّ بطريقته الخاصة: في الدمج التعليمي والاجتماعي لذوي الإعاقة» للكاتبة العُمانية زهراء حسن؛ الصادر عن دار نثر في مسقط عام 2024.

بتنا نعرف اليوم أن التوحد اضطراب نمائي عصبي يؤثر على طريقة تفاعل الطفل مع الآخرين، وتواصله، وسلوكه، ويظهر غالبًا في السنوات الثلاث الأولى من العمر، وتختلف حدّته من حالة إلى أخرى، وقد أُطلِق عليه «طيف» لأنه يشمل مجموعة واسعة من الأعراض والقدرات والتحديات. وأهمية كتاب زهراء حسن تكمن في أنه يحمل تجربتها الشخصية مع طفلها «القاسم»؛ المصاب بالتوحّد، التي خاضتها منذ بدايتها، تشخيصًا وتأهيلا ودمجًا، وسعت من خلال سرد حكايتها إلى مشاركة دروسها العملية مع أسر مشابهة. ولأنها حاصلة على شهادة دراسات عليا في الدمج والاحتياجات التعليمية الخاصة من جامعة برمنجهام بالمملكة المتحدة عام 2020 فإن هذا يمنح الكتاب ميزة إضافية، ويجعله مرجعًا للأسر والمربين والمتخصصين.

في المقدمة تخبرنا زهراء أن حكايتها مع التوحد بدأت بملاحظتها المبكرة لانطوائية القاسم وهدوئه غير المعتاد، ورغم تطمينات الأطباء في البداية، إلا أن حدسها كأم دفعها إلى المضي في البحث والتقييم المبكر، وهو ما تَعُدُّه اليوم نعمة كبيرة. وقد واجهت هي ووالد القاسم تحديات عديدة، من بينها استبعاد الطفل من دور الحضانة، والنظرة المجتمعية للمصابين بالتوحد التي «تركّز عليهم كمشكلة تحتم على المحيطين البحث عن حل لعلاجها»، إضافة إلى الأحكام المسبقة والنصائح الفضولية غير المبنية على فهم حقيقي للواقع. ومع ذلك، خاضت الأسرة تجربة شاملة في التأهيل، تضمنت جلسات علاجية وأنشطة متنوعة، وسعت لفهم القاسم ودعمه، لا تغييره. تقول زهراء بثقة إن المصابين بطيف التوحد «يمتلكون إمكانات غير محدودة في هذه الحياة، تمامًا كالآخرين»، وأن «كل طفل في العالم هو طفل طبيعي بطريقته الخاصة».

وبما أننا مقبلون على أيام عيد فإن السؤال الذي قد يتبادر إلى الأذهان: «كيف نجعل الاحتفال بالعيد ملائما وصديقا للتوحديين وأسرهم؟»، وهو ما لَمْ يَفُتْ المؤلفة التطرق إليه في فصل خاص. تقول زهراء حسن: إن التحديات الحسية التي تواجه المصابين بالتوحد، والتي قد تسبب لهم ردات فعل مختلفة تجاه الأصوات، أو الملامس، أو الأصوات، أو الأضواء، قد تجعل العيد مصدر قلق بدلًا من الفرح، ولذلك تتطلّب هذه المناسبة استعدادًا خاصًا يبدأ بشرح معنى العيد للأطفال منذ الصغر باستخدام القصص، والأنشطة، والمقاطع المصورة. وتشدد على أهمية اختيار ملابس للعيد مريحة ومألوفة، وتجنب فرض أزياء تقليدية إذا كانت غير مقبولة من الطفل. وتتحدث عن التجمعات العائلية، التي قد تكون مرهقة لهؤلاء الأطفال بسبب الروائح والأصوات، لذا تنصح بإبلاغ العائلة مسبقًا عن احتياجات الطفل، وتوفير غرفة هادئة يستطيع الطفل استخدامها في حال أراد الانسحاب من التجمع وقضاء بعض الوقت مع أمه أو أبيه، وتحديد أوقات قصيرة للزيارات، مؤكدة على ضرورة احترام قرار الأسرة في حال فضّلت قضاء العيد في المنزل. وتختم هذا الفصل بفقرة مهمة يمكن عَدُّها من أهم نصائح الكتاب، وهي أن «الأفراد التوحديين - بعكس ما يشاع عنهم - يشعرون بالفرح والحب والألفة كغيرهم، ولكنهم يختلفون في طريقة التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، لذا من الضروري النظر في إشراكهم في المناسبات الاجتماعية قدر المستطاع، مع مراعاة أن تكون احتفالاتنا وتجمعاتنا مراعية لاختلافاتهم الحسية والنفسية».

وإذا كانت قد خصصت فصلًا عن العيد، فقد خصصت زهراء حسن أيضًا فصلًا مماثلًا للحديث عن اليوم العالمي للتوحد انتقدت فيه ترَكُّزَ الاهتمام بهذه الفئة على يوم وحيد فقط في العام فيما يعانون من اللا اكتراث بهم بقية أيام السنة، مشددة على أنهم بحاجة إلى «مدارس ومراكز تعليمية تساعد على دمجهم مع أقرانهم»، وإلى فرص من المؤسسات الحكومية والخاصة للتدريب والعمل في قطاعات مختلفة، وإلى تأهيل لمخرجات التعليم العالي في تخصصات تتعامل مع هؤلاء لتساعد في سد العجز في الأخصائيين والممارسين العُمانيين الذين قد يغطّون النقص في الكثير من المدارس، والمراكز التأهيلية، والمستشفيات. وأفتح هنا قوسًا لأقول: إن سلطنة عُمان واحدة من الدول التي تولي هذه الفئة عناية خاصة في مؤسساتها الرسمية والخاصة، فهنالك الجمعية العُمانية للتوحد التي أُشهِرتْ عام 2014، وهناك المركز الوطني للتوحد في الخوض الذي افتتحته السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم في فبراير 2023، وكذلك مركز صحار للتوحد، ومركز الجودة للتوحد في صلالة، وغيرها من المؤسسات التي تستهدف رعاية هذه الفئة المجتمعية.

تبعث المؤلفة في نهاية الكتاب برسالة مباشرة لابنها المتوحِّد تخبره فيها أنها ممتنة لوجوده، وللسكينة التي أدخلها في حياتها، وللرحلة العميقة التي أخذتها معه لفهم المعنى الحقيقي للحياة، في حين أن الرسالة الأهم في نظري، والتي يتشربها القراء بشكل غير مباشر، هي إعادة النظر لمفاهيمهم حول الاختلاف، الذي لا يعني أن المختلِف عنهم غير طبيعيّ. بل هو طبيعيٌّ جدًّا، ولكن بطريقته الخاصة.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • عفو ملكي عن الشخصية اللغز عبد القادر بلعيرج المحكوم بالمؤبد
  • رسالة إلى كل مَن يحمل قلباً مثقلاً باللوم!!
  • إنجي كيوان: خشيت من تقديم الشخصية الشريرة في وتقابل حبيب
  • صحيفة: الحل العسكري بعيد المنال في غزة و”إسرائيل” تكرر أخطاء الماضي والفلسطينيون لا يرون بديلا لوطنهم
  • الطلبة يحتج على الأخطاء التحكيمية في دوري نجوم العراق
  • نادي الطلبة يلوح بالانسحاب من دوري نجوم العراق
  • طبيعيٌّ بطريقته الخاصة
  • باسيل: اللبنانيون يتخوفون وكل شخص يشعر بأزمة وجود
  • الموقف الدبلوماسي الهندي تجاه بنغلاديش: بين العلاقات الرسمية والمواقف الشخصية
  • قبليون يثأرون لأحد أبنائهم ويقتلون قياديًا حوثيًا في الجوف