دخل المواطنة بين إيطاليا والأحزاب
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
ما زالت الحكومات عالميا تمارس دورها في محاولة امتصاص صدمة الأوضاع الاقتصادية العامة سعيا لضمانات مستقبل أفضل، وما زال الشباب هم ميدان أوراق الضغط متى ما قدّرت الحكومات ترشيد الإنفاق أو دفع ضرائب انهيار الاقتصاد أو ضعفه، ولا بدّ هنا من تدخلات سياسية اجتماعية لصنع مبررات تبدو في ظاهرها نبيلة للعموم درءا لأي احتجاج أو امتصاصا لأي غضب شعبي محتمل.
إحدى أوراق الضغط الاقتصادي الاجتماعي ما أعلنت عنه حكومة إيطاليا في مايو الماضي إذ تقرر إلغاء دخل المواطنة، وهو شكل من أشكال الدعم الاقتصادي للأسر والأفراد في إيطاليا، دخل المواطنة هو الإجراء الأكثر أهمية بالنسبة للإيطاليين خصوصا العائلات الفقيرة، وهو الدعم الذي اقترحته «حركة 5 نجوم» خلال الحملة الانتخابية لعام 2018، وبدأ فعليا في 2019، وكما جاء في العقد الحكومي «فإن مبلغ دخل المواطنة هو 780 يورو للشخص الواحد» بشرط أن لا يكون الشخص عاملا أو أن يكون دخله الشهري أقل من هذا المبلغ بحيث يكون هذا الدخل هو الحد الأدنى لمعيشة الفرد في إيطاليا، ويزيد هذا المبلغ إن تضمنت الأسرة أشخاصا غير عاملين، أو أطفالا بحاجة إلى رعاية، أو أفرادا من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفقا لموقع ميديا بارت الفرنسي فإن الرسائل النصية التي بعثها المعهد الوطني للرعاية الاجتماعية أخبرت الأسر أنها لن تحصل بعد الآن على «دخل المواطنة» وسيبقى الدعم لمن يتمكنون من إثبات «حالة ضائقة اجتماعية قوية» وحتى هؤلاء سيحصلون على تمديد استثنائي حتى نهاية العام فقط، في حين أن 88 ألف عائلة مكونة من أفراد يعدّون «قادرين على العمل» لن يتمكنوا من تلقي هذه المساعدة بعد الآن، والنتيجة أن دخل المواطنة سيتوقف نهائيا في يناير 2024، وسيُستبدل «ببدل التضمين» الذي سيكون الحصول عليه أكثر صعوبة، ولن يشمل الأشخاص الذين يعدّون «قابلين للتوظيف، ويرى الموقع أن هذا الإجراء يشبه ما جرى تنفيذه في فرنسا، من أجل ممارسة ضغط إضافي على الفئات الأكثر هشاشة لإجبارهم على قبول الوظائف التي يوفرها السوق مهما كانت ظروفهم ومهما كانت الوظائف.
لم تصمت المعارضة الإيطالية طبعا عن الاعتراض على هذا القرار الذي وجدته حربا على الفقراء، وكانت في أقوى أشكالها من قبل حزب «إم 5 إس» الذي ندّد زعيمه جوزيبي كونتي -الذي كان رئيس الوزراء الذي قدم برنامج دخل المواطنة- بشدة بإجراءات الحكومة. وشدد كونتي على أن «قرار قطع الدعم عن الجزء الأكثر فقرا من السكان بين عشية وضحاها يثير كارثة معلنة» قبل أن يثير «حربا على الفقراء بدلا من الفقر الذي يسبب أيضا ضررا لاقتصاد البلاد».
في حين يرى حزب الرابطة المشارك في الائتلاف الحاكم على لسان رئيسه ماتيو سالفيني إن «كل من لا يستطيع العمل يجب أن يستمر في الحصول على المساعدة، ولكن من يبلغ من العمر 30 عاما وليس لديه معاقون أو قاصرون معالون ويرفض العمل؛ فمن الصواب ألا يدعمه دافعو الضرائب الإيطاليون».
وبين هؤلاء وأولئك والمستفيدين من دخل المواطنة، أو بين المخادعين الكسالى أو الفقراء المحتاجين فإن الهدف المعلن من هذا الإجراء هو توفير 3 من أصل 8 مليارات يورو يكفلها دخل المواطنة للدولة، وليس لمحاربة أزمة الاتكالية والخمول كما بررت بعض الأحزاب، وإلا لكان الأولى هو العمل على اقتراح برنامج لخلق البدائل الوظيفية الإلزامية للقادرين على العمل دون إعلان وقف البرنامج الداعم.
مع كل ما نتابعه لا في إيطاليا وحسب، بل في مختلف دول العالم من إجراءات تقليص الإنفاق وترشيد الاستهلاك- سعيا لتوفير ضمانات اقتصادية واجتماعية مستقبلية أفضل للشعوب- فإن المؤمل في هذا السياق هو وضع الإنسان محورا رئيسا لكل ذلك، دون قتل إنتاجيته بأشكال من الدعم تسلمه للدعة والكسل، ولا قتل روحه ووأد طموحه بالتضييق في الحصول على تعليم يضمن له وعيا نقديا ومعرفة تخصصية، أو وظيفة تشعره بالأمان الاقتصادي والتقدير الاجتماعي كما ينبغي له، وهذه هي المواطنة الحقة وفقا لخطط رئيسة تدعي مصلحة مواطنيها، ويجدر بها اعتماد إنسانها في التطوير، شريكا في التنمية شريكا في المسؤولية، دون أن اقتصار وتقييد مشاركته ومساهمته في المغرم دون المغنم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جيشنا يقول: [ممنوع الخروج] !!
إعتاد الناسُ علی رٶية اللافتات التحذيرية، وأشهر تلك اللافتات هی التی تقول [ممنوع الدخول] لكن لم نسمع بلافتة تقول، [ممنوع الخروج] غير أن جيشنا كتبها أو بالأحریٰ فعلها بالمتحركات والمسيَّرات، وأغلق بوابات الخروج من العاصمة المثلثة إغلاقاً محكماً، بعد سلسلة راٸعة من الإنتصارات في فاشر أبو زكريا، ومدني وساٸر ولاية الجزيرة، والنيل الأزرق وسنار، وشرق النيل، ولم يكتفِ الجيش بذلك، ولكنه زحف بجحافله علی وسط الخرطوم من كل إتجاه، وقال للمتمردين:-{ أمرقوا كِنْ تقدروا .
وبما أنه ما في (طيارة سغييرة) من النوع الذی ذكره الأهطل وهو يصف خروج البرهان من القيادة المحاصرة وقال هو طلع لابس (سفنجة) !! أو إنَّه ليس هناك مايكفي من نوع هذه (الطاٸرات السغييرة) لإجلاء كل الإرهابيين من وسط الخرطوم، فإن ذلك يجعل (البرهان يكسب الرهان)؛ فليس أمام المليشيا المتمردة غير (تِتّين بس، الإستسلام أو الموت الزُٶَام!!) فلينظروا أيُّهما الأقرب، ولمن سمع منهم بقول إبن الرومي، ولا أظُن، نهديه البيت التالی:-
أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهجُ.
** طريقان شَتَّىٰ مُستقيمٌ (وأعوجُ).
وقد نهجت مليشيا آل دقلو (الأعوج)، فما وجدت غير الخسارة والبوار.
ومن دلاٸل بشاٸر النصر أن بلغتني دعوة كريمة لحضور حفل تكريم تقيمه منطقة (مِدينِي) بولاية نهر النيل لابنها الباسل العميد الركن حسن خالد حاج الحسن،الذی ظلَّ مرابطاً فی القيادة العامة مع إخوته من الضباط والرتب الأخریٰ طوال مدة حرب الكرامة، وهذه الدعوة التي تَنادَیٰ لها اْهل محافظة المتمة فی وادي بُشارة والحقنة وود حامد وحجر ود سالم وأبو رغيوة والثورة كبوتة وحجر الطير بالإضافة إلیٰ مديسيسة ومَدِيني وغيرها من مدن وقری محافظتي المتمة وشندي، يحضرها قادة المنطقة، ودفعة المحتفی به من شندي وعطبرة ووادي سيدنا، ولما كانت ظروفي بوجودي خارج البلاد لن تسمح لي بالحضور لمشاركة الأخ القريب، وابن العم الكريم، والصديق الوفي العزيز، والمريخابي العتيد، العميد الركن حسن خالد الرجل البطل، الذی أكرمه الله بحب أهله وكل من عرفه، وهاهو اليوم يُزَفَّ بطلاً تُنحر له الذباٸح، وتُهبَّك له الدلوكة، ويُخلَف له الشَتَم، وتنطلق فرحاً به الزغاريد، فتشيع الفرحة فی تلك الديار الحبيبة التی لها فی النفس أكثر من أثرٍ ومعنیٰ.
الربط بين حصار الجيش للمليشيا، ووضعها أمام خيارَي الإستسلام أو الموت الزُٶام، وبين تكريم البطل العميد الركن حسن خالد حاج الحسن، يُبَيِّن البونَ الشاسِع بين وضع الجيش المنتصر، والمليشيا المتمردة المنهزمة هزيمةً مُدَمَّرة، ولم يتبق لها أی شٸٍ لتفعله، سویٰ ما فرضه عليها الجيش عنوةً واقتداراً بلا مقررات جدة ولا أمبدة، فقد بات [الخروج ممنوعاً] يعنی (تاباها مملحة تاكلا قَرُوض).
هنيٸاً لك يا (أبو الحُسْن) من علی البُعد بهذا التكريم المستحق والذي هو تكريم لكل الجياشة من قاٸدهم العام إلیٰ أحدث مُسْتَجِد، ممثلاً فی شخص (الحَسَنْ صاقِعْتَ النَّجِمْ البِيَحَمي الشِهادة والنَّضِم) وعبركم التحية لدفعتكم البطل نجم بابنوسة العميد حسن درموت ولكل البواسل، وكدت أن أكتب(الأشاوس) لولا إن مليشيا آل دقلو أفرغت كلمة الأشاوس من محتواها فأصبحت رديفاً للخيانة والخيابة والخسة والغدر.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لاْعداٸنا، وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب