الحرة:
2025-05-01@18:25:25 GMT

لبنان.. أمومة غير مكتملة وأطفال يولدون نازحين

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

لبنان.. أمومة غير مكتملة وأطفال يولدون نازحين

رضيع قضى في غارة إسرائيلية على بلدة أيطو في زغرتا شمال لبنان ليل الاثنين الماضي وآخر انتشل حيا من بين الركام في البقاع الثلاثاء، حادثان يعيدان إلى الواجهة معاناة الأمومة والطفولة في زمن الحرب. 

وفي إقليم الخروب في جبل لبنان أمثلة أخرى لحوامل وأمهات جدد هربن من منازلهن ولجأن إلى مناطق يعتبرنها أكثر أمانا، فما هي أكثر التعقيدات التي يواجهنها في رحلة النزوح والتهجير وداخل مراكز الإيواء؟ 

غزة ولبنان.

. هروب متكرر وشح في "الأساسيات" يفاقم معاناة النازحين مع استمرار الحرب في غزة، وتواصل التصعيد في جنوب لبنان، يعاني النازحون المدنيون في القطاع الفلسطيني و"بلاد الأرز" أوضاعا إنسانية صعبة، وفقا لمنظمات إغاثية وإنسانية. "أمومة غير مكتملة"

في غرفة بمستشفى سبلين الحكومي في إقليم الخروب، سيدة لبنانية فقدت جنينها وهي في الشهر السابع من الحمل. النازحة من الجنوب اللبناني تعرضت للإصابة في غارة إسرائيلية استهدفت السبت الماضي، المبنى الذي تسكنه في منطقة برجا الواقعة على ساحل الشوف. 

هذه السيدة من ضمن 14 شخصا أصيبوا في تلك الغارة التي أدت في حصيلة أولية لوفاة 4 أشخاص.

وخارج جدران المستشفى في إقليم الخروب، حوامل خضن رحلة نزوح شاقة هربا من الموت. هؤلاء يختبرن معاناة مضاعفة، حيث " يؤثر نقص الغذاء والماء بالإضافة إلى المخاطر المباشرة على الحياة، سلبًا على عملية الحمل من خلال نقص المعادن والفيتامينات، مما قد يؤدي إلى تشوهات خلقية ومضاعفات الحمل الأخرى"، حسب المكتبة الأميركية الوطنية للطب (National Library of Medicine) . 

هذا الخوف يدفع زهراء حسن لتمني "عدم الإنجاب" وهي التي تترقب ولادة ابنتها الأولى خلال أسابيع معدودة. وخاضت زهراء حتى الساعة النزوح مرتين، مرة من بلدتها "ياطر في النبطية بجنوب لبنان ومرة ثانية من البازورية في رحلة طويلة بالسيارة وانتظار لمدة 12 ساعة في الشارع بلا طعام ولا دواء لتخفيف التشنجات قبل الوصول إلى شحيم في الإقليم". وتتحضر زهراء للولادة وهي لا تعلم إن كان بيتها الذي دخلته عروسا في يناير الماضي لا يزال قائما.

وفي القرية نفسها، تقيم فاطمة علي أحمد مع رضيعها في غرفة متواضعة بعد أن هربت من جحيم الحرب التي دمرت منزلها في الضاحية الجنوبية لبيروت. خاضت رحلة صعبة منذ زهاء شهر وكانت لا تزال تحمل جنينها في بطنها. 

تروي فاطمة لموقع "الحرة": "غادرنا على عجل بعد أن تلقينا إنذارا بالإخلاء، لم أتمكن حتى من تأمين أوراقي الثبوتية أو ملابس طفلي. وفي الطريق، لا أذكر أي شيء سوى أصوات القصف والصراخ. شعرت بألم يمزقني وبتشنجات زادها الخوف حدة فوضعت يدي على بطني وصليت ألا يصاب الجنين بأي مكروه".

أنجبت فاطمة ولدها بعد أيام معدودة على وصولها القرية. ومذاك، بدأت رحلة معاناة جديدة، بعد أن أنجبت في مستشفى خاص في منطقة إقليم الخروب. 

تقول بحرقة: "على الرغم من كل المساعدات، اضطررت للاستدانة لدفع فاتورة المستشفى بعد أن خضعت لعملية قيصرية. وحاولت أن أسير منذ اليوم الأول وأن استجمع قواي تفاديا لتكبد تكاليف أكبر. وحين عدت إلى مكان إقامتي، نمت على الأرض وطفلي بجانبي". وتعتمد فاطمة اليوم على أصحاب الأيادي البيضاء لتأمين الحليب والحفاضات والدواء لطفلها. 

وفي مدرسة شحيم الرسمية الثانية، حوامل ينتظرن الإنجاب بقلق. تروي لنا مديرة المدرسة مايا الحاج شحادة عن وضعهن المأساوي على الرغم من الجهود التي تبذل في هذا الصدد. وتقول: "استضاف أهالي البلدة إحدى الأمهات الجدد في منزل، بعد أن نقلناها بعد إنجابها حرصا على صحتها وصحة الجنين ولتأمين بيئة أكثر ملاءمة لهما. ونتابع حاليا حوامل في الشهر الربع وفي الشهر الثامن ونحاول منذ اللحظة تأمين المتابعة الطبية اللازمة عن طريق الطبيب النسائي والقابلة القانونية. كما نحاول تأمين كل ما قد يحتجنه لاحقا عند الإنجاب وقدر المستطاع، من سرير وملابس وأدوية". 

"ذكريات تحت الركام".. لبنانيون يروون مأساتهم بعد دمار منازلهم "هي خسائر لا تقدر بثمن".. هكذا عبرت ليلى عن فقدان منزلها في الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي دُمّر جراء غارة إسرائيلية، موضحة أن الألم لم يكن فقط لفقدان الجدران، بل للذكريات التي كانت محفورة في كل زاوية من المنزل، بالإضافة إلى الأغراض الشخصية التي لم تتمكن من أخذها معها حين رحلت على وقع القصف العنيف. المؤسسات تستنزف إمكاناتها

تستضيف منطقة إقليم الخروب حسب تقديرات نائب المنطقة ورئيس لجنة الصحة البرلمانية، بلال عبد الله، زهاء الـ150 ألف نازح. ويعتبر عدد النساء الحوامل/الأمهات الجدد كبيرا نسبة لعدد النازحين إلى جبل لبنان الجنوبي، وفقا لد. عبد الله الذي أكد لموقع "الحرة" أن "هناك مئات الحوامل الذين يحظين انطلاقا من قرار وزير الصحة بتغطية الفروقات، بالرعاية الصحية المطلوبة، والحال ينطبق على مراكز الرعاية الصحية في المنطقة والتي تشرف على مراكز الإيواء وتتابع أوضاع النساء اللاتي لا يزلن في طور الحمل". 

وبهدف تسجيل السيدات النازحات الحوامل، اعتمدت آلية تنص على تسجيل النازحة الحامل في مركز الإيواء أو لدى البلدية التي تتواجد في نطاقها، وإعلام الفرق المكلفة بالمتابعة في غرفة إدارة الكوارث عن عدد الحالات واماكن تواجدها ليصار الى إيداع اللجنة المركزية العدد الإجمالي. ويتم توجيه الحامل، حسب ما أكدت لنا قائمقامية جبل لبنان، إلى مركز الرعاية أو المستشفى التابع لمركز الإيواء وفقا للجدول الصادر عن وزارة الصحة، بعد استحصالها على إفادة تسجيل نازح من مدير المركز أو من البلدية. كما يتم وضعت لوزارة الصحة خطا ساخنا للشؤون الصحية (الرقمين 1214 و1787).

وأكد عبد الله على متابعة الموضوع عن كثب وتسجيل عدد من الولادات دون مشاكل وعلى التعاون بين المستشفيات وخلية الأزمة. أما عن أهم العوائق فتبقى مادية، حيث حذر من "أن المراكز الاستشفائية ومراكز الرعاية الصحية الاولية بدأت تستنزف إمكاناتها وتحتاج لدعم أكبر. وهذا يتطلب تدخل المؤسسات الدولية مثل اليونيفيل ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات المعنية بالإغاثة خصوصا في ما بشبكة المرض والأمومة." 

وتوقع مركز "الإقليم للتشخيص الطبي" (IDMC) "زيادة ملحوظة في عدد الحوامل اللاتي يحتجن للرعاية الصحية في إقليم الخروب. وتتراوح الزيادة وفقا لتقديرات غير رسمية ما بين 20 و3% نتيجة النزوح وتدهور الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية". 

وأشار مدير المركز الدكتور رباح أبو عقل في مقابلة مع "الحرة" إلى أن "الضغط على الكادر الطبي قد يؤثر سلبا على جودة الرعاية المقدمة، وهذا يستدعي توزيع الأعباء بين المساعدين وتوظيف ممارسين صحيين إضافيين مثل الممرضات والنساء ومتخصصين في التوليد للتعامل مع زيادة الحوامل، وتوفير الدعم اللوجستي والمالي واستقطاب المتطوعين ونشر الوعي والبحث عن التمويل من الوكالات الدولية أو المؤسسات المحلية".

 وفي سياق الوضع الطارئ أيضا، سطر المركز ضرورة تنظيم الدورات التدريبية لتحسين مهارات الكادر الطبي وتمكينه من التعامل مع الحالات الخاصة تحديدا في صفوف النازحات اللاتي يعانين من تعقيدات.

يواجه أكثر من مليون شخص نازح في لبنان، بينهم نساء حوامل، مخاطر كبيرة بسبب نقص خدمات الولادة الآمنة. نعمل على تعزيز الدعم لضمان تلبية احتياجاتهن الصحية.#الصحة_للجميعhttps://t.co/0KjnMiEWcd pic.twitter.com/zFUyGdAVFp

— UNFPA Arabic (@UNFPA_Arabic) October 8, 2024 "إسعافات نفسية أولية"

وفي ظل هذا الوضع المأساوي، تفتح المبادرات الفردية والجماعية بابا للأمل وتصب في محاولة تلبية الحاجات المادية والنفسية أيضا. وتعمل جمعية "مفتاح الحياة" على القيام بما تسميه "الإسعافات النفسية الأولية" في قرى بإقليم الخروب مثل السعديات والدبية وسواها. 

وتتمحور المساعدات حول الدعم النفسي للأطفال (PSS) وهذا يشمل للمفاجأة، الأجنة أيضا، حيث يلتقط الجنين على حد تعبير الإختصاصية النفسية لانا قصقص، كل الضغط النفسي الذي تعيشه الأم "من خلال الزيادة في مستويات هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي قد تصل إلى الجنين عبر المشيمة. وقد يترك ذلك تأثيرات سلبية على نمو الجنين وتطوره، ويضاعف نسبة الإصابة بتعقيدات الحمل مثل الولادة المبكرة أو انخفاض الوزن عند الولادة". 

كما شددت قصقص على ضرورة التعاطي مع "المشاعر الطبيعية إزاء أحداث غير طبيعية"، ومساعدة الأمهات الجدد على الحصول على مساحة لوحدهن وخلق بيئة مريحة للجنين أو الرضيع".

بدورها، تحاول الطبيبة نرمين دغمان التي تعمل عن قرب مع النازحات الحوامل في كترمايا طمأنة الحوامل على سلامتهن وسلامة أطفالهن. 

وتسرد من أهم المصاعب، "نقص الموارد في العيادات، وعدم كفاية أعداد الأطباء والمعدات، بالإضافة الضغط النفسي الكبير حيث تعاني النساء من القلق والاكتئاب بسبب فقدان المنازل والأمان. 

بالإضافة إلى سوء التغذية حيث يصعب الحصول على الغذاء الكافي والضروري للأمهات الجدد." 

ومن المبادرات أيضا، مبادرة لمؤسسة "بريدج" لذوي الاحتياجات الخاصة والتي وسعت مروحة المساعدات لتشمل الحوامل والأمهات في قرى مثل دلهون وكترمايا ومزبود، من خلال تأمين بعض اللوازم كالحفاضات والفوط الصحية والحليب وأدوات النظافة الشخصية، على حد قول الناشطة سهير سعد التي تعمل باسمها في الإقليم.
ويبرز العنصر الشبابي بقوة في مبادرات مثل "إقليم الخير" حيث تجول مجموعة من الشبان والشابات على مراكز الإيواء للمساعدة في إحصاء اللوازم وجمعها وتأمين ما يلزم على الرغم من العوائق الإقتصادية. ونقل الحقوقي حسن عبد الله صاحب المبادرة من ضمن المشاهدات، صور التعاضد كما في برجا حيث احتفل القائمون على أحد المراكز بولادة طفل نازح  بتحضير حلوى "المغلي" التقليدية، وصور لمعاناة تنذر بالأسوأ مع الإقتراب من فصل الصقيع وعدم توفر التدفئة أو حتى الملبس. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی إقلیم الخروب عبد الله بعد أن

إقرأ أيضاً:

«إقليم باثيريتيس في مصر».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب

أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن إصدارات سلسلة تاريخ المصريين، كتاب بعنوان «إقليم باثيريتيس في مصر إبان العصر البطلمي» من تأليف سهام فتحي محمد.

يمثل هذا الكتاب دراسة أكاديمية عميقة لإقليم "باثيريتيس"، وهو أحد الأقاليم الإدارية في صعيد مصر خلال العصرين البطلمي والروماني، أنجزته الباحثة سهام فتحي محمد ونالت به درجة الماجستير في التاريخ القديم (اليوناني والروماني)، وتعتمد الدراسة على منهج وثائقي تحليلي استند إلى عدد كبير من الوثائق الأصلية المكتوبة باللغتين اليونانية والديموطيقية، مثل أوراق البردي، والأوستراكا، والألواح الخشبية.

تكمن أهمية هذا الكتاب في تسليطه الضوء على إقليم قلما تناولته المصادر الكلاسيكية، وهو إقليم باثيريتيس، الذي لم يُذكر ككيان إداري واضح إلا في عهد بليني الأكبر في القرن الأول الميلادي، قبل أن يندمج لاحقًا في إقليم هيرمونئيتيس (Eopovoirms)، ورغم هذا التجاهل، استطاعت الباحثة من خلال الوثائق أن تعيد تشكيل صورة واضحة للإقليم في عصر البطالمة، مستفيدة بشكل خاص من المصادر البردية التي تُعد من أثمن الأدلة على الحياة اليومية والإدارية في مصر القديمة.

ينقسم الكتاب إلى مقدمة وتمهيد وأربعة فصول رئيسية، تتدرج فيها الباحثة من البناء الإداري إلى التفاصيل الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

تناول الفصل الفصل الأول، الهيكل الإداري للإقليم، مشتملاً على الحامية العسكرية وطبيعة النظام الأمني، كما عرضت الباحثة للمراسلات الرسمية بين القادة، ولعب الموظفون المحليون دورًا بارزًا في إدارة الإقليم على مختلف المستويات: الأمنية، المالية، والقضائية. وقد اعتمدت الباحثة على الوثائق اليونانية لفهم المهام والمسؤوليات التي أسندت إلى هؤلاء الموظفين.

وسلّط الفصل الثاني، الضوء على ثلاثة مكاتب أساسية داخل الإقليم: مكاتب التوثيق والتسجيل بإشراف الأجورانوموس، مخازن الغلال تحت إدارة السيتولوجوس، مع توثيق دقيق للأدوات والمكاييل، والبنوك، والتي كانت تُدار من خلال هيكل وظيفي معقّد يتضمن مديري بنوك ووكلاء ومراجعي حسابات.

كما استعرضت الباحثة الصيغ المتداولة في الوثائق، مما يعكس مهنية دقيقة في التعامل مع المصادر.

وغطّى الفصل الثالث، الجوانب الاقتصادية في الإقليم، من أنواع الأراضي الزراعية وقنوات الري والمحاصيل والضرائب، إلى وسائل النقل والتجارة، كما خُصصت أقسام منه لوثائق القروض، وضمانات الأراضي، وعمليات البيع والإيجار، مما يرسم صورة واضحة للاقتصاد المحلي في العصر البطلمي.

وتناول الفصل الرابع، التركيبة السكانية والعائلات التي استوطنت الإقليم، مع عرض لوصف المنازل، ومكانة المرأة، ووثائق الزواج والطلاق والوصايا. أما القسم الديني، فركز على العبادة الرسمية للبطالمة، والكهنة المرتبطين بكل ملك، إلى جانب عبادة الآلهة المصرية، خاصة إيزيس، موضحًا دور الكهنة ومنازلهم.

بيّن الكتاب بوضوح كيف كانت اللغة اليونانية تُستخدم في الوثائق الرسمية، بينما استمرت الديموطيقية في الحياة اليومية، لا سيما في العقود والزواج والإيصالات الضريبية، مع استخدام بعض الوثائق الثنائية اللغة، مما يعكس التفاعل الثقافي بين المصريين والبطالمة.

طباعة شارك الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين سلسلة تاريخ المصريين «إقليم باثيريتيس في مصر

مقالات مشابهة

  • إقليم الشوف الكتائبي: للتصويت للائحة دير القمر 2030
  • عامل إقليم الحوز يشارك في المناظرة الجهوية للتشجيع الرياضي استعداداً للاستحقاقات الكروية الكبرى التي تشرف عليها المملكة المغربية
  • 35 ألف امرأة عاملة في إقليم كوردستان
  • استهداف المهاجرين الأفارقة في مركز الإيواء جريمة حرب مكتملة الأركان
  • 6 شهداء في قصف خيام نازحين بمنطقة المواصي غرب خانيونس
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • عطلة في إقليم كوردستان يوم الخميس
  • شهداء بقصف خيام نازحين ومستشفيات غزة تناشد العالم
  • «إقليم باثيريتيس في مصر».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
  • وهبي: لا يمكن توفير طبيب شرعي لكل إقليم بسبب ضعف أجور التشريح التي لا تتجاوز 100 درهم