الجزيرة:
2024-10-17@22:10:13 GMT

لماذا قتل السنوار ليس نصراً لنتنياهو؟

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

لماذا قتل السنوار ليس نصراً لنتنياهو؟

حقَّقتْ إسرائيلُ للتوّ هدفًا كبيرًا آخرَ في الحرب بإعلانها قتلَ يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة. حقيقة أن السنوار هو مهندس عملية "طوفان الأقصى" والشخصية القوية، التي تزعّمت الحركة بعد اغتيال رئيس مكتبها السياسي الراحل إسماعيل هنية في طهران، تجعل من استهدافه نُقطة تحول كبيرة في مسار الحرب بين إسرائيل وحماس.

وسيكون بمقدور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الادعاء بأن إسرائيل تمضي قدمًا في تحقيق نصر في غزة. مع ذلك، فإن الآثار الهائلة، التي خلّفتها الحرب على إسرائيل نفسها، وعلى القضية الفلسطينية والشرق الأوسط عمومًا، لن تنتهي بنهاية السنوار. لا يزال نحو مائة رهينة إسرائيلية محتجزين في غزة، ولم تتمكن إسرائيل بعد من استعادتِهم على الأقل. ويُمكن أن نتوقع أن فرص استعادة هؤلاء الرهائن أحياء عبر إبرام صفقة أصبحت أكثر تعقيدًا بعد اغتيال السنوار. كما أنه من الصعب التكهن بالكيفية التي ستمضي بها الحرب على غزة بعد هذا التطور.

ولا تقل طريقة اغتيال السنوار في أهميتها عن حدث اغتياله نفسه، فمن جانب، فإن الرواية الإسرائيلية التي تقول إن اغتياله كان محض صدفة، دون تخطيط مسبق من المخابرات والجيش الإسرائيليين، تحمل في طياتها محاولة لتبرير السياسة الإسرائيلية في استهداف بنية أنفاق حماس. إذ لولا تلك السياسة لما اضطر أن يخرج من النفق، فيقتل. وهي بهذا المعنى تسعى لتغطية الفشل في قتل الرجل على مدار عام من الحرب.
ولكن إقرار إسرائيل، من جانب آخر، بوجود السنوار وسط مقاتليه خلال عملية قتله يدحض ادعاءاتها السابقة بأنه كان يتحصن في الأنفاق ويحتمي بالرهائن الإسرائيليين لديه؛ للحفاظ على حياته وللبحث عن خروج آمن له من غزة.

وينبغي التأكيد على أن الاعتقاد بأن رحيل السنوار سيؤدي على الفور إلى انهيار كامل للمقاومة الفلسطينية يتعارض مع ثلاثة مُعطيات مُهمة:

الأول: أن استمرارية النشاط المسلح للمقاومة في هذه الحرب لم يتأثر بشكل كامل باغتيال بعض القادة البارزين لحماس مع الأخذ بعين الاعتبار أن قتل السنوار سيكون أكثر تأثيرًا على الحركة، مقارنة باغتيال قادة في كتائب القسام، وباغتيال هنية، بالنظر إلى دوره الكبير في إدارة الحرب. والثاني: أن الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون بحوزة المقاومة الفلسطينية يُشكلون ورقة ضغط قوية على خيارات إسرائيل. والثالث: أن نجاحًا مُحتملًا لإسرائيل في القضاء على نشاط المقاومة بشكل كامل، لن يعني بأي حال أنها حسمت الحرب لصالحها. إن مُعضلة اليوم التالي لنهاية الحرب لا تقل تعقيدًا عن الحرب نفسها. كما أن الأهداف الأكثر أهمية لإسرائيل في الحرب والمتمثلة في تهجير سكان غزة وإخراج القطاع من معادلة الصراع لا تزال تصطدم بصمود الفلسطينيين، رغم ويلات الحرب، وبرفض المجتمع الدولي؛ لتفريغ غزة من سكانها.

علاوة على ذلك، فإن حماس لا تزال قادرة على الاحتفاظ بهيكلها التنظيمي على المستوى السياسي على الأقل حتى بعد اغتيال زعيمَين لها في هذه الحرب.

إنّ الهدف، الذي أعلنه نتنياهو في بداية الحرب، وهو القضاء على حماس، لم يكن واقعيًا أصلًا؛ لأن الحركة تستمدّ قوتها أولًا من قدرتِها على التكيّف مع التكاليف الكبيرة التي تكبّدتها على مستوى القادة منذ تأسيسها وحتى اليوم. وثانيًا من كونها حركة تحرر وطني تستمد شرعيتها الفلسطينية من مقاومة الاحتلال. وقد أثبتت تجارب العقود الطويلة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أن جميع الحركات الفلسطينية لم تنتهِ رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها على المستوى التنظيمي. وثالثًا من حقيقة أن حركة حماس تحظى بحيثية فلسطينية واسعة، وستبقى كذلك. وحتى مع التقديرات الإسرائيلية، التي تتحدث عن قتل أكثر من خمسة عشر ألف مقاتل من حماس خلال العام الماضي من الحرب، فإن الحركة لا تزال تحتفظ على الأقل بما يقرب من ضُعف هذا العدد من المقاتلين.

من المرجح أن تظل حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في غزة قادرة على مواصلة القتال على الأرض لفترة طويلة حتى مع اغتيال شخصية قوية ومؤثرة مثل السنوار.  وأي رهان إسرائيلي على أن تصفية السنوار ستؤدي إلى انهيار القدرة القتالية للمقاومة الفلسطينية، لن يؤدي سوى إلى تعقيد التصورات الإسرائيلية لليوم التالي في غزة بعد نهاية الحرب.

لا شك أن تصفية السنوار تمنح نتنياهو نصرًا معنويًا جديدًا في الحرب بعد اغتيال هنية والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله وجيل كامل من القادة الكبار في الحزب، لكنّ ترجمة هذا النصر إلى نصر إسرائيلي إستراتيجي في الحرب سواء على جبهة غزة أو على جبهة لبنان أكثر صعوبة.

كما أن هذه الاغتيالات، وإن تُساعد إسرائيل في احتواء التداعيات الكبيرة لحرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول عليها، لن تُغير من حقيقة أن الوضع الجديد، الذي أفرزته الحرب على مستوى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى مستوى الشرق الأوسط، يجعل من الصعب على إسرائيل تجاهل هذه الإفرازات وكأن شيئًا لم يحدث، أو اعتبار حدث مثل اغتيال السنوار نصرًا، هو أبعد عن ذلك بكثير.

وفي المحصلة، توضح المكاسب التي حققتها إسرائيل في الحرب بعد مرور أكثر من عام عليها الهوة بين النصر التكتيكي والنصر الإستراتيجي. ولا تزال إسرائيل بعيدة عن النصر الإستراتيجي، ليس فقط بسبب استحالة القضاء على حماس كتنظيم فلسطيني، وعلى حزب الله كتنظيم لبناني، بل أيضًا بسبب أنها تُدير الحرب من منظور اعتقادها بأنها قادرة على تغيير الشرق الأوسط، وتصفية القضية الفلسطينية.

وما يُعمّق من هذه الهوّة أن إسرائيل لم تستفد من واقع ثابت تكرس في تجربة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المُمتد لعقود طويلة، وهو أنّ غطرستها في إدارة الصراع لم تجلب لها قطُّ استقرارًا أمنيًا طويل الأمد، ولم تُحوّلها إلى دولة طبيعية في محيطها.

وفي هذه الحرب، فإنَّ الغطرسة لم تؤدِ في الواقع سوى إلى تعميق صورتها كدولة متمردة على القانون الإنساني والدولي، ومُهددة للاستقرار الإقليميّ.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بعد اغتیال إسرائیل فی فی الحرب لا تزال فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد اغتيال السنوار .. بايدن يقر بدعم إسرائيل في تتبع قادة حماس

سرايا - أقر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس، بدعم إسرائيل استخباراتيا في تتبع قادة حركة حماس.

ودعا بايدن، للتركيز على "اليوم التالي" لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

جاء ذلك في بيان لبايدن، نشره البيت الأبيض على موقعه الالكتروني، عقب إعلان إسرائيل اغتيال يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فيما لم يصدر تعقيب من الأخيرة حتى الساعة 21:20 (ت.غ).

وأضاف بايدن: "بمساعدة استخباراتنا، طارد جيش الدفاع الإسرائيلي بلا هوادة قادة حماس، وأخرجهم من مخابئهم، وأجبرهم على الفرار"، وفق ادعائه.

وادعى أن "هناك الآن فرصة لليوم التالي في غزة بدون حماس في السلطة، ولتسوية سياسية توفر مستقبلًا أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".

ورغم موافقة الحركة على مقترحات سابقة له لوقف إطلاق النار بغزة ورفضتها إسرائيل، ادعى بايدن أن "السنوار كان عقبة لا يمكن التغلب عليها لتحقيق كل هذه الأهداف".

وقال: "لم تعد هذه العقبة موجودة، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل".

بايدن، الذي يعتبر أكبر داعم لتل أبيب عسكريا ودبلوماسيا في حرب الإبادة على غزة، أكد أنه "سيتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لبحث إنهاء الحرب، وإعادة المحتجزين الإسرائيليين"، دون تحديد التوقيت.

وفي وقت سابق الخميس، أعلن نتنياهو اغتيال السنوار، قائلا إن "الحرب لم تنته بعد".

وفي كلمة مسجلة تابعتها الأناضول، ادعى نتنياهو أن "اغتيال السنوار، يمثل مرحلة مهمة في الحملة العسكرية ضد حركة حماس".

واستدرك: "لكن المهمة التي أمامنا لم تكتمل، الحرب لم تنته بعد، وهو أمر صعب، ويفرض علينا أثماناً باهظة".

وتابع: "مستمرون حتى عودة جميع المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين بغزة)".

وقبل أن يلقي نتنياهو كلمته بفترة قصيرة، أعلن الجيش الإسرائيلي اغتال السنوار في جنوب قطاع غزة، بينما أفاد إعلام عبري أن زعيم حماس قتل "صدفة" خلال اشتباك بالميدان.

وقبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي رسميا اغتيال السنوار، قال الجيش في بيان أولي، إنه "يفحص احتمالية اغتيال السنوار خلال نشاط للجيش في غزة تم اغتيال خلاله على 3 فلسطينيين".

من جانبها، قالت إذاعة الجيش إن القوات الإسرائيلية تمكنت من اغتيال السنوار خلال اشتباك بمنطقة تل السلطان في محافظة رفح جنوبي غزة، وكان يرتدي سترة عسكرية.

ولم يوضح بيان الجيش الإسرائيلي ولا ما نشرته إذاعته ملابسات أخرى عن اغتيال السنوار ولا توقيته، لكن وسائل إعلام عبرية، بينها صحيفة "هآرتس"، تحدثت عن أنه "لم يكن لدى إسرائيل معلومات استخبارية مسبقة عن وجوده بموقع قتله، وأن ما حدث جرى عن طريق الصدفة".

وهو ما يشير إلى أن السنوار، المطلوب الأول لإسرائيل، كان في الميدان يقاتل مع مقاتلي "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحماس، وليس كما روج الجيش الإسرائيلي بأنه يختبئ منذ شهور وسط الأسرى الإسرائيليين بأنفاق القطاع.


مقالات مشابهة

  • بعد اغتيال السنوار .. بايدن يقر بدعم إسرائيل في تتبع قادة حماس
  • هل يؤثر اغتيال السنوار على مجريات الحرب في غزة؟ .. خبراء يجيبون
  • ماكرون: اغتيال السنوار فرصة للإفراج عن المحتجزين وإنهاء الحرب
  • هاريس: اغتيال السنوار فرصة لإسدال الستار على الحرب في غزة
  • نتنياهو: تم اغتيال السنوار.. والحرب لم تنته بعد
  • خبير : اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية لا يعتبر نصرا لإسرائيل
  • اللواء إبراهيم عثمان: اغتيال قادة المقاومة لا يعتبر نصرا بالنسبة لإسرائيل
  • عاجل- أول تعليق من إسرائيل بعد تأكيد اغتيال يحيى السنوار
  • إعلام عبري: الجثة التي يزعم أنها للسنوار وجدت في رفح الفلسطينية