هذا ما تفعله 8 ساعات من العزلة الاجتماعية بعقلك وجسدك
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
في السنوات الأخيرة بدأ النقاش يتسع حول أسباب تفضيل مزيد من الأشخاص قضاء معظم الوقت بمفردهم، فقد لوحظ في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- انخفاض الوقت الذي يقضيه الشخص مع الأسرة والأصدقاء والزملاء والجيران، من 15 ساعة إلى 10 ساعات فقط في الأسبوع، في الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، وفقا لمسح أجراه مكتب الإحصاء الأميركي.
لكن اللافت للنظر أن "تأثيرات هذا الميل المتصاعد للعزلة الاجتماعية على أجسامنا وأدمغتنا"، لم تلق ما تستحقه من الاهتمام والنقاش، حيث يتم الاكتفاء بإلقاء اللوم على الهواتف الذكية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو جائحة كوفيد، أو انخفاض الثقة بالمجتمع، أو كل ما سبق، "مع أن الافتقار إلى التفاعل البشري له نفس التأثير الكبير على مستويات الطاقة، مثله مثل الافتقار إلى الطعام"، كما تقول الكاتبة المتخصصة في مجال الأعمال جيسيكا ستيلمان، في مقالها على موقع "آي إن سي".
العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مختلفانأثرت العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة على الناس من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم (وفقا لمراجعة نُشرت عام 2022، وشملت 113 دولة)، "وشهدت العقود القليلة الماضية، انخفاض عدد الأشخاص الذين أفادوا بوجود شخص مقرب في حياتهم". وفقا لما ما ذكره الجراح العام السابق للولايات المتحدة، فيفيك مورثي، في مقال على موقع "هارفارد بيزنس ريفيو" نُشر في سبتمبر/أيلول 2017.
ورغم أن مصطلحي "العزلة الاجتماعية" و"الشعور بالوحدة" يُستخدمان غالبا باعتبارهما شيئا واحدا، "لكنهما مختلفان"، كما يقول الدكتور مورثي.
فكما يمكن للشخص أن "يعيش بمفرده، دون أن يشعر بالوحدة أو العزلة الاجتماعية"، يمكن لأي شخص أيضا "أن يشعر بالوحدة، حتى أثناء وجوده مع أشخاص آخرين".
فالعزلة الاجتماعية هي "الافتقار لوجود عدد من الأشخاص للتفاعل معهم بانتظام"، أما الشعور بالوحدة، فمن الممكن أن يحدث "حتى في وجود التواصل الاجتماعي".
العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يُقصّران عمر الشخص بما يصل إلى 15 عاما (بيكسابي) العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة كلاهما سيئوفقا للأبحاث، فإن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يُقصّران عمر الشخص بما يصل إلى 15 عاما، كما أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية أو الوحدة، قليلا ما يمارسون التمارين الرياضية، وغالبا لا ينامون جيدا، مما قد يزيد من خطر إصابتهم بالسكتة الدماغية (بنسبة 32%) وأمراض القلب (بنسبة 29%) والاكتئاب (بنسبة 26%) والوفاة المبكرة (بنسبة 26%).
كما أشار باحثون في جامعة كاليفورنيا إلى أن بقاء الشخص منفردا معظم الوقت، قد يساهم في انخفاض القدرة على أداء المهام اليومية، "حيث وجد 59% من المشاركين صعوبة في القيام بمهام مثل المشي وصعود السلالم". أيضا، قد تكون العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة سيئين لصحة الدماغ، حيث يرتبطان بضعف الوظيفة الإدراكية وارتفاع الإصابة بألزهايمر (بنسبة 50%).
العزلة تعادل تدخين 15 سيجارة في اليوميوضح دكتور مورثي كيف أن التواصل الاجتماعي جزء أساسي متأصل في نظامنا العصبي، يؤدي غيابه إلى ارتفاع هرمون التوتر (الكورتيزول) في الجسم، ومن ثم رفع مستويات الالتهاب، مما قد يلحق الضرر بالأوعية الدموية، ويزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض المفاصل والاكتئاب والسمنة.
ويحذر مورثي من أن "الشعور بالوحدة وضعف الروابط الاجتماعية، يرتبط بانخفاض في متوسط العمر المتوقع، ويعادل هذا التأثير تدخين 15 سيجارة في اليوم، ويتجاوز تلك التأثيرات المرتبطة بالسمنة"، وفقا لمراجعة نشرت عام 2010 بعد جمع بيانات من 148 دراسة، شملت أكثر من 300 ألف شخص.
الشعور بالوحدة وضعف الروابط الاجتماعية، يرتبط بانخفاض في متوسط العمر (بيكسلز) 8 ساعات فقط من العزلة الاجتماعية لها التأثير نفسهحذر الخبراء من أن الشعور بالوحدة، قد يشكل خطرا طويل الأمد، ليس فقط على الصحة العقلية، ولكن أيضا على الصحة الجسدية. حيث تُظهر أبحاث -نُشرت عام 2023- أن "تراكم الآثار السيئة للوحدة قد لا يحتاج لسنوات لجني ثماره، بل إن 8 ساعات فقط من العزلة الاجتماعية، لها التأثير المباشر والسلبي نفسه على مستويات الطاقة والمزاج، مثل قضاء 8 ساعات بدون طعام".
وأشارت البيانات الواقعية والقياسات المعملية أن "أجسادنا وعقولنا تتأثر بعدم وجود اتصال اجتماعي، بالطريقة نفسها التي تتأثر بها لعدم وجود طعام".
وقال مؤلفا الدراسة آنا ستيجوفيتش وبول فوربس "لقد وجدنا أوجه تشابه مذهلة بين العزلة الاجتماعية والحرمان من الطعام، حيث تسببت كلتا الحالتين في انخفاض الطاقة وزيادة الشعور بالتعب". فإذا نسيت تناول الطعام طوال اليوم، فسوف تجد نفسك منهكا وغاضبا وغير منتج، وهو نفس ما ينتظرك عندما تهمل التفاعل الاجتماعي.
توصيات لكسر الحلقة المفرغةلكسر هذه الحلقة المفرغة، حيث نجد أنفسنا "غير اجتماعيين، لأننا مُتعبون معظم الوقت"، ثم نشعر بأننا "مُتعبون، لأننا غير اجتماعيين". يوصي دكتور مورثي بمزيد من التفاعل البشري، الذي يمكن أن يساعد في بناء علاقات صحية، ويُحسّن مستويات الطاقة، في 3 خطوات:
التفاعل البشري يمكن أن يساعد في بناء علاقات صحية ويُحسّن مستويات الطاقة (بيكسابي) بناء روابط اجتماعية قوية وعالية الجودةفالروابط الاجتماعية القوية ليست بعدد من تعرفهم وتتعامل معهم بشكل روتيني من حين لآخر فحسب، بل إن جودة هذه الروابط هي الأهم.
فقد تكون محاطا بالعديد من الأشخاص ولديك آلاف الاتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنك لا تزال تشعر بالوحدة، وفي المقابل، قد يكون لديك عدد قليل من الأشخاص الذين تتفاعل معهم وتشعر بارتباط كبير بهم.
فالروابط الاجتماعية القوية عالية الجودة يجب أن تكون مبنية على الحب ومستنيرة باللطف والمشاعر الإيجابية التي تعزز الأداء والمرونة، وتتميز بالتجارب المشتركة ذات المغزى، والعلاقات ذات المنفعة المتبادلة، حيث يعطي الأفراد ويتلقون.
إشاعة التواصل ومساعدة الآخرين وقبول المساعدة منهمفمع أنه قد يبدو من غير المنطقي مساعدة الآخرين عندما تشعر بالوحدة، لكن تقديم المساعدة للآخرين والسماح لنفسك بتلقي المساعدة منهم، يبني علاقة متبادلة متينة ومؤكدة.
ويؤكد دكتور مورثي أن تقديم المساعدة وتلقيها بأريحية "هو أحد أكثر الطرق الملموسة التي نُقيم بها علاقتنا مع بعضنا بعضا".
تقديم المساعدة للآخرين والسماح لنفسك بتلقي المساعدة منهم، يبني علاقة متبادلة متينة ومؤكدة (بيكسلز) إيجاد الفرص للتعرف على الظروف الشخصية لأصدقائكتزداد الروابط الاجتماعية الحقيقية قوة عندما يشعر الناس بالفهم والتقدير كأعضاء في المجتمع، يعيشون حياة سليمة، كأمهات وآباء وأبناء وبنات وأفراد لديهم شغف التواصل، ويتمتع كل فرد منهم بالقدرة على إيجاد مساحات للمشاركة في التحديات الشخصية، "بدلا من الانسحاب إلى زوايا الوحدة والغضب، ومن ثم الاكتئاب والمرض"، كما يقول دكتور مورثي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الروابط الاجتماعیة التواصل الاجتماعی مستویات الطاقة الشعور بالوحدة من الأشخاص
إقرأ أيضاً:
باحثة بمرصد الأزهر: التخبيب الإلكتروني خطر يهدد العلاقات الاجتماعية والأسرية
أكدت الدكتورة سامية صابر، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن ظاهرة "التخبيب الإلكتروني" تمثل تهديدًا حقيقيًا لعلاقات الأفراد، سواء كانوا أزواجًا أو أصدقاء أو حتى زملاء عمل، مشيرة إلى أن هذه الظاهرة تتجسد في محاولات تشويه العلاقات بين الأشخاص من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعرض الاستقرار الأسري والاجتماعي للخطر.
وأشارت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج "كلام إيجابي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، إلى أن التخبيب الإلكتروني يتخذ عدة أشكال، مثل التفاعل الافتراضي المستمر من أشخاص لا يعرفون المرأة شخصيًا، مما يخلق لديها شعورًا بالاهتمام الذي قد يغيب عنها في حياتها اليومية، ويؤدي إلى إشعال الشكوك والغيرة بين الأزواج.
وأشارت إلى أن الرسائل المجهولة التي يتم إرسالها للزوجات على منصات التواصل الاجتماعي، وتحمل تحذيرات من سلوك الأزواج أو ادعاءات حول خيانات، يثير القلق ويؤدي إلى تفكك العلاقات.
كما أكدت على أن التخبيب الإلكتروني قد يتخذ شكل إرسال صور أو فيديوهات مفبركة تهدف إلى إثارة الغيرة والشكوك بين الأزواج، بالإضافة إلى التعليقات المغرضة على المنشورات الشخصية التي قد تتسبب في انهيار العلاقات بسبب كلمات لطيفة تحمل نوايا خفية.
وأشارت إلى أن هذه الظاهرة تستدعي تفعيل الوعي المجتمعي بمخاطرها، مؤكدة ضرورة تعزيز الثقة بين الأزواج والأصدقاء، وحثت الجميع على تبني سلوكيات إيجابية وأخلاقية عند التعامل عبر الإنترنت، بعيدًا عن التصرفات التي قد تضر بالآخرين وتدمر العلاقات الإنسانية.